صحيفة التغيير السودانية:
2025-12-08@17:37:00 GMT

نساء في حواضن الدعم والجيش!

تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT

نساء في حواضن الدعم والجيش!

نساء في حواضن الدعم والجيش!

بثينة تروس

يا لهول العنف الواقع على كاهل المرأة في بلاد تشهد أكبر كارثة إنسانية، حيث أصبحت أجسادهن مسرحاً لمعارك بطولاتها المتوهمة وخساراتها المبينة! تُستهدف النساء والفتيات كأدوات ضغط ميداني وإعلامي، بينما تحتفل الأمم المتحدة بحملة “16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة” تحت شعار “لا عذر” في الوقت ذاته، يجتهد المتقاتلون في السودان لاختلاق الأعذار لاستمرار الحرب تحت دعاوى “الكرامة”، التي يبدو أنها تخص الجنرالات وطلاب السلطة وحدهم، إذ لا كرامة للمرأة فيها.

لم تجد النساء خياراً سوى الفرار من مناطق سيطرة وحواضن مليشيات الدعم السريع، التي ولغت في الانتهاكات الإنسانية، من اغتصاب وعنف وتشريد ونهب وتهجير. كيف لا؟ وهناك تاريخ طويل لاستخدام سلاح الاغتصاب لحسم المعارك وإذلال الرجال عبر إذلال نسائهم. كانت نساء دارفور أول ضحايا هذه الظاهرة، وما كانت نساء المركز بمأمن من هذا العنف. فقد شاطر الجنرالات- أشقاء الأمس وخصوم اليوم- أدوات القمع ذاتها، ملاحقين النساء بسبب مطالبتهن بالحقوق، ورفع التمييز، والدفاع عن المهمشات والمستضعفات، مثل بائعات الشاي والنازحات من مناطق النزاعات.

أثناء الحرب، تصاعد مدّ عسكرة الدولة وويلات العنف الجنسي، ما دفع الأمهات للتضحية بأنفسهن لحماية بناتهن من الاغتصاب، واختيار الموت على وصمة العار المجتمعي التي لا ترحم الناجيات. فررن بحثاً عن الأمان لهن ولأطفالهن، مشياً على الأقدام لأيام، محفوفات بالرعب والمجهول وخطر الاختطاف. تشتتت الأسر وانقطعت السبل، كأنهن في يوم الحشر: (يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه) سورة عبس: 34-36

ما إن يحططن الرحال في مكان اعتقاداً منهن بأنه آمن، حتى تطاردهن المليشيات بلا رحمة من قرية إلى أخرى، فلا يجدن بدًّا من مواصلة الهروب. وبينما يُقدر لبعضهن اللجوء خارج البلاد، فإنهن يواجهن هناك شقاءً آخر، بلا دعم مادي أو معنوي، ما اضطر الكثيرات منهن إلى التسول في شوارع عواصم الغربة، بعدما دفعتهن حرب “الكرامة”، وهن الكريمات، إلى هذه المهانة.

أما المواطنات اللواتي لجأن إلى مناطق الجيش بحثاً عن الأمان، فقد واجهن قدراً لا يقل قسوة. استُقبلن بالشكوك والاتهامات من مليشيات الجيش والفلول وأجهزة الاستخبارات، التي مارست عليهن قانون “الوجوه الغريبة” والانتماء القبلي، موجهة إليهن تهماً واهية بالخيانة الوطنية لمجرد صور أو تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تخص معارك الدعم السريع أو قياداته. وُضعن في السجون ليواجهن أحكاماً بالإعدام، بينما يُطلق سراح قادة الدعم السريع ويُستقبلون كفاتحين في مؤسسات الجيش. استبدلت هؤلاء النساء رعب القصف الجوي بأزيز الطائرات المسيرة، مجهولة المصدر.

حتى المدافعات عن حقوق الإنسان والقانونيات لم يسلمْنَ من الاختطاف والضرب والتهديد في مناطق سيطرة الجيش، بسبب دفاعهن عن المظلومين المسجونين بتهم واهية كالخيانة الوطنية فقط لانتمائهم العرقي. وفي محاكم بورتسودان، تنحاز السلطة القضائية الفاسدة إلى منطق القوة، مغلقة أعينها عن إقامة العدالة.

أعباء الحرب على النساء

أولئك الذين يروجون لاستمرار الحرب، ويستخدمون النساء كأدوات إرهاب، لا يكترثون لمعاناتهن. هؤلاء النساء يتحملن بشجاعة كلفة الحياة الباهظة، ويحافظن على أبنائهن، حتى وهن يقفن لساعات في صفوف “التكية” ومطابخ الدعم للحصول على وجبة قد تنقطع قبل أن يصل دورهن. في معسكرات اللاجئين، لا يجدن إلا انتهاكات إضافية لإنسانيتهن، في ظروف تفتقر لأدنى مقومات العيش الكريم. يواجهن الجوع، والأوبئة مثل الكوليرا وحمى الضنك، في غياب الرعاية الصحية والنفسية التي لا تتوفر إلا في ظل سلام يعيد لهن جزءاً من كرامتهن ويتيح التعافي من تلك الانتهاكات المريرة.

النساء عماد التغيير

رغم هذه المآسي، فإن النساء السودانيات يمتلكن تاريخاً مشرفاً من النضال النسوي، مقارنة بنظيراتهن في دول الإقليم. لديهن رصيد ضخم من التجارب في العمل المدني والتوعوي، ما يؤهلهن لقيادة مسيرة التغيير وانتزاع الحقوق، مستندات إلى ثقافاتهن وأديانهن وعاداتهن. لهن دور مشهود في فض النزاعات وتحقيق السلم والتعايش المجتمعي، إذ أنهن، في جوهرهن، داعيات للحياة ومبدعات في صنع واقع جديد، مهما كان المحيط قاسياً.

بالرغم من كل المعوقات، تعرف السودانيات جيداً كيفية تحقيق أهدافهن. لن تعجزهن الحروب عن الوقوف مجدداً كـ”كنداكات” لهزيمة القبح والمساهمة في إعادة إعمار هذا الوطن، إذا حافظ أبناؤه على وحدته وأعلوا قيمة السلام!

[email protected]

الوسومالأمم المتحدة التكية الجيش الحرب الدعم السريع السودان العنف ضد المرأة النساء بثينة تروس حقوق الإنسان حملة 16 يوماً عسكرة الدولة كنداكات

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأمم المتحدة التكية الجيش الحرب الدعم السريع السودان العنف ضد المرأة النساء حقوق الإنسان حملة 16 يوما عسكرة الدولة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

بعد تعثر جهود وقف إطلاق النار .. أمريكا تدرس فرض عقوبات أوسع على الجيش السوداني و الدعم السريع

 

تدرس الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات أوسع على الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مع تعثر جهود وقف إطلاق النار غي البلاد في وقت فشل فيه مبعوث ترامب مسعد بولس في تأمين اتفاق بينما تستعد النرويج لاستضافة محادثات حول كيفية استعادة الحكومة المدنية في السودان.

التغيير _ وكالات

وفي الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن العمل بدأ لإنهاء الحرب في السودان بعد طلب شخصي للتدخل المباشر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

لكن بولس، حمُو ابنة ترامب تيفاني، يحاول في الواقع منذ أشهر إقناع الجيش السوداني ومنافسه، قوات الدعم السريع شبه العسكرية، بدعم وقف إطلاق النار، ولكن دون جدوى.

وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال اجتماع وزاري في البيت الأبيض يوم الأربعاء إن ترامب هو “الزعيم الوحيد في العالم القادر على حل الأزمة السودانية”.

فيما قال دبلوماسي عربي: “ترامب يُعطي زخمًا لعمليات السلام. المهم هو ما نفعله بها”.

و بحسب صحيفة الغارديان فأن الأطراف المتحاربة قيل لها إنه من المرجح للغاية أن يستخدم ترامب مجموعة أوسع بكثير من العقوبات العقابية على الجماعات التي يعتبرها تقف في طريق وقف إطلاق النار.

خارطة طريق

و تستعد وزارة الخارجية النرويجية لدعوة مجموعة واسعة من المجتمع السوداني إلى أوسلو في الأسابيع المقبلة لوضع خريطة للمعايير التي يمكن من خلالها استعادة الحكومة المدنية في حال انتهاء الصراع، و بحسب الأمم المتحدة، أسفرت الحرب عن مقتل 40 ألف شخص – على الرغم من أن بعض جماعات حقوق الإنسان تقول إن عدد القتلى أعلى بكثير – كما خلقت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع نزوح أكثر من 14 مليون شخص.

و دعمت السعودية ومصر الجيشَ دعمًا واسعًا، بينما دعمت الإمارات قوات الدعم السريع . قد تكمن فعالية تدخل ترامب في إقناع الإمارات سرًا بأن موقفها – الذي تنفيه الإمارات، رغم الأدلة التي جمعتها الأمم المتحدة وخبراء مستقلون ومراسلون – يأتي بنتائج عكسية. وقد يتطلب ذلك أيضًا من السعوديين تخفيف إصرارهم على استمرار “المؤسسات الشرعية” في السودان – وهو نهج دبلوماسي يهدف إلى الحفاظ على الجيش الحالي الخاضع لتأثير الإسلاميين.

وجاء التحرك المتأخر للسودان على أجندة الولايات المتحدة في الوقت الذي حذر فيه المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة من أنه منذ 25 أكتوبر، عندما استولت قوات الدعم السريع على مدينة بارا في شمال كردفان، كان هناك ما لا يقل عن 269 قتيلاً مدنياً نتيجة للضربات الجوية والقصف المدفعي والإعدامات بإجراءات موجزة.

و بعد تدخل ولي العهد السعودي، من المرجح أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لتوسيع نطاق العقوبات على الأطراف المتحاربة، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات لتطبيق وتمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على دارفور، والذي يُساء استخدامه على نطاق واسع. حتى الآن، اقتصرت العقوبات الأمريكية على قيادات قوات الدعم السريع والجيش، ومجموعة صغيرة من الإسلاميين السودانيين المرتبطين بالجيش، وبعض الشركات الإماراتية.

سبتمبر، طرحت ما يسمى بالرباعية – التي تضم  الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر – خطة لهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر تؤدي إلى عملية سياسية مدتها تسعة أشهر وتؤدي إلى حكم مدني

حيث تظاهرت قوات الدعم السريع بقبولها ، لكنها واصلت القتال، ورفض الجيش خارطة الطريق بغضب، متهمًا الرباعية بالتحيز، مما أثار غضب بولس. وقال الجيش إن الاقتراح يستلزم حل الجيش، الذي يُعدّ حجر الزاوية في قاعدته.

و كان نائب وزير الخارجية النرويجي، أندرياس موتزفيلد كرافيك، في بورتسودان الأسبوع الماضي للقاء قيادة الجيش. وقال كرافيك: “بدون وقف إطلاق النار، ستستمر البلاد في التفكك، مع عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها”. وأضاف: “تأمل النرويج في الأسابيع المقبلة أن تجمع المجتمع المدني في أوسلو لمناقشة كيفية إعداد حكومة مدنية”.

وفي الوقت نفسه، فإن تهديد ترامب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية، والذي دعمته هذا الأسبوع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، قد يضعف الجيش لأنه متهم في كثير من الأحيان بوجود روابط واسعة النطاق مع الحركة .

ولا شك أن اهتمام البيت الأبيض بالأزمة السودانية قد تزايد بفعل التقارير المتجددة التي تشير إلى أن الجيش ربما يكون على استعداد لتأجير ميناء لروسيا على مدى فترة طويلة، فضلاً عن مزاعم بأنه منع سلطات الأمم المتحدة من الوصول إلى الموقع لتقييم مزاعم استخدامه للأسلحة الكيميائية.

وتقول الإمارات العربية المتحدة، التي تعارض نفوذ الإسلام السياسي، إن القضاء على جماعة الإخوان المسلمين يجب أن يظل العامل الرئيسي في نهج الغرب تجاه المنطقة.

و في حديثها بمركز تشاتام هاوس للأبحاث هذا الأسبوع، قالت لانا نسيبة، وزيرة الدولة الإماراتية، إن حل النزاع يكمن في إعادة السودان إلى حكومة مدنية واسعة النطاق. وأضافت: “لا نرى أي إعادة تأهيل سياسي لأيٍّ من الطرفين المتحاربين. لقد ارتكبت قوات الدعم السريع وهيئة بورتسودان (كما تصف نفسها) انتهاكات جسيمة، وتعرضتا للعار، وفي نظر المجتمع الدولي، ليس لأي منهما الحق الشرعي في تشكيل مستقبل السودان”.

و أصدر المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم الخميس، تحذيرًا شديد اللهجة بشأن السودان، معربًا عن خشيته من “موجة جديدة من الفظائع” وسط تصاعد القتال العنيف في إقليم كردفان. وحثّ فولكر تورك “جميع الدول ذات النفوذ على الأطراف على اتخاذ إجراءات فورية لوقف القتال، ووقف تدفق الأسلحة الذي يؤجج الصراع

الوسومأمريكا الجيش السوداني الدعم السريع الرباعية بعد تعثر الجهود ترامب فرض عقوبات أوسع مسعد بولس وقف إطلاق النار

مقالات مشابهة

  • سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق النفط.. متغيرات جديدة في حرب السودان
  • الجيش السوداني يكشف عن دولة إقليمية تدعم قوات الدعم السريع
  • «الدعم السريع» السودانية تسيطر على مناطق واسعة.. مقتل 114 شخصاً في كردفان
  • قوات الدعم السريع تسيطر على حقل هجليج الاستراتيجي.. ما دلالات الخطوة على الحرب في السودان؟
  • الجيش السوداني ينسحب من حقل هجليج النفطي والدعم السريع تهاجم
  • معارك طاحنة تشتعل في جنوب كردفان والجيش يعلن التقدم .. ضربة دامية تهزّ الدعم السريع وحشود ضخمة حول هجليج وكادوقلي
  • معارك محتدمة بين الجيش والدعم السريع وعقار يؤكد أن الدولة لم تخسر
  • السودان.. الجيش يقصف شرياناً حيوياً للمساعدات و«الدعم السريع» يدعو للتحرك فوراً
  • الدعم السريع: استهداف الجيش السوداني لـ «معبر أدري» يعيق تدفق المساعدات الإنسانية
  • بعد تعثر جهود وقف إطلاق النار .. أمريكا تدرس فرض عقوبات أوسع على الجيش السوداني و الدعم السريع