في خطبة الجمعة اليوم 6 ديسمبر 2024م، الموافق 4 من جمادى الآخرة 1446هـ، والتي تحدثت عن "لغة القرآن والحفاظ على الهوية"، تم تسليط الضوء على الأهمية الكبرى التي تحتلها اللغة العربية في الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية للأمة الإسلامية.

دور الأسرة والمدارس في الحفاظ على اللغة العربية..

أوضح الخطباء أن الحفاظ على اللغة العربية يبدأ من الأسرة، حيث تلعب الأسرة دورًا محوريًا في تعليم الأطفال اللغة العربية في مرحلة مبكرة، وتعزيز استخدامها في الحياة اليومية.

وحثوا على ضرورة أن يكون للمدارس والمعاهد التعليمية دور فعال في نشر الثقافة العربية، وتعليم الطلاب أسس اللغة ومهاراتها الحياتية، إضافة إلى تعليم الأدب العربي الذي يمثل أحد ألوان الثقافة التي ساهمت في بناء الهوية العربية والإسلامية.

واختتمت الخطبة بتأكيد على أن الحفاظ على اللغة العربية هو مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود كافة المؤسسات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني. وشددت على أن الاهتمام باللغة العربية ليس فقط حفاظًا على هوية الأمة، بل هو صيانة لقيمها الدينية والحضارية في مواجهة التحديات التي تهدد من هويتها الثقافية.

 

دور الأسرة في الحفاظ على اللغة العربية:

التحدث باللغة العربية في المنزل: يجب على الأسرة أن تجعل اللغة العربية هي اللغة الأساسية للتواصل داخل المنزل، بحيث يتحدث أفراد الأسرة مع بعضهم البعض باللغة العربية بشكل مستمر. هذا يساعد الأطفال على تعزيز مهاراتهم اللغوية منذ الصغر.

تعليم الأطفال القرآن الكريم والحديث الشريف: يُعتبر تعليم الأطفال قراءة القرآن الكريم باللغة العربية أحد الأساليب الفعالة لحفظ اللغة وتعميق ارتباطهم بالثقافة الإسلامية. كما يُمكن تعليمهم الأحاديث النبوية التي تشجع على احترام اللغة العربية.

تشجيع القراءة والكتابة بالعربية: من المهم أن تشجع الأسرة أطفالها على قراءة الكتب والمجلات باللغة العربية منذ سن مبكرة، سواء كانت قصصًا أو كتبًا تعليمية. كما يُفضل أن يتم تنمية مهارات الكتابة لديهم من خلال الواجبات المنزلية التي تركز على التعبير بالعربية.

التفاعل مع المحتوى الثقافي العربي: من خلال مشاهدة البرامج التلفزيونية، الأفلام، والمسرحيات العربية، يمكن للأسرة أن تعرض على أطفالها ثقافة اللغة العربية بصورة مرئية ممتعة. يساهم ذلك في ربط اللغة بالحياة اليومية وجعلها جزءًا من التجربة الثقافية العامة.

دور المدرسة في الحفاظ على اللغة العربية..

تعليم اللغة العربية بطرق مبتكرة: يجب على المدارس استخدام أساليب حديثة وجذابة في تدريس اللغة العربية، مثل دمج التكنولوجيا والوسائل التعليمية المتطورة التي تساعد في جذب انتباه الطلاب وتعزيز مهاراتهم اللغوية.

إشراك الطلاب في الأنشطة الثقافية: يمكن للمدارس تنظيم مسابقات شعرية، عروض مسرحية، أو ورش عمل أدبية باللغة العربية، مما يعزز من فهم الطلاب للغة ويشجعهم على استخدامها في مختلف السياقات.

التركيز على التراث الأدبي العربي: من خلال تدريس الأدب العربي والتاريخ الثقافي للأمة، يمكن للمدرسة أن تساعد الطلاب في فهم أعمق للغة وعلاقتها بالهوية الثقافية. دراسة الأدباء الكبار مثل نجيب محفوظ، طه حسين، وأدباء العصر الجاهلي، تفتح أمام الطلاب نافذة لفهم كيف ساهمت اللغة العربية في بناء الفكر والحضارة.

تشجيع الكتابة والإبداع باللغة العربية: يمكن للمدارس تحفيز الطلاب على الكتابة الإبداعية بالعربية من خلال كتابة القصص أو المقالات التي تتناول قضايا حياتية. الكتابة بالعربية تساعد الطلاب على تطوير أسلوبهم اللغوي وتحسين مهاراتهم الكتابية.

تعزيز استخدام اللغة في الحياة اليومية: يجب على المدارس أن تشجع الطلاب على استخدام اللغة العربية في الأنشطة المدرسية اليومية، مثل التحدث في الصف، الكتابة في دفتر الواجبات، والمشاركة في الحوارات النقاشية.

إعداد برامج لغوية متكاملة: تطوير برامج لغوية تهدف إلى تعليم الطلاب اللغة العربية بشكل منهجي، تشمل القراءة، الكتابة، الاستماع، والمحادثة. من خلال هذه البرامج يمكن للطلاب بناء قاعدة لغوية قوية.

التعاون بين الأسرة والمدرسة:

التعاون في تعليم اللغة: يجب أن يكون هناك تواصل مستمر بين الأسرة والمدرسة لتطوير خطة مشتركة لدعم تعليم اللغة العربية. يمكن أن تتعاون الأسرة مع المعلمين لتنظيم أنشطة تعليمية خاصة تعزز استخدام اللغة في المنزل والمدرسة معًا.

التشجيع على المشاركة في الفعاليات الثقافية: تنظيم فعاليات ثقافية مدرسية تشمل دعوة الآباء للمشاركة في الفعاليات الأدبية والفنية، مثل المسرحيات أو الاحتفالات بالمناسبات الوطنية والدينية، لتشجيع الطلاب على الاحتكاك بثقافتهم وحمايتها.

باختصار، يتطلب الحفاظ على الهوية اللغوية العربية تكامل الجهود بين الأسرة والمدرسة. من خلال تعلّم اللغة العربية، وتعزيز استخدامها، وتشجيع الإبداع فيها، يمكن أن يبقى جيل المستقبل مرتبطًا بهويته الثقافية والدينية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: اللغة العربية الأسرة المدرسة الحفاظ على اللغة العربية هوية القران الكريم الحفاظ على اللغة العربیة اللغة العربیة فی الأسرة والمدرسة باللغة العربیة فی الحفاظ على الطلاب على من خلال

إقرأ أيضاً:

اللغة التي تفشل

تكتمل الكارثة بالعجز اللغوي عن وصفها. لم نعد قادرين على القول؛ لأن القول لم يعد قادرًا على ممارسة أفعاله، ولأن القول العاري من الإرادة موعود بخيانة نفسه. سولماز شريف، الشاعرة الأمريكية الإيرانية الأصل كانت قد كتبت ذات مرة:

«كل قصيدة فعل.

كل فعل عمل سياسي.

ولذا فكل القصائد سياسية». (اقرأ مقالتها «الخصائص شبه المشتركة بين السياسي والشعري: المحو» بترجمة مزنة الرحبية، على مجلة الفلق الإلكترونية).

تذكرنا شريف، فيما ننسى، بأن تسييس القصيدة ليس مسألة اختيار، بل هو شرط شعري مسبوق بشرط أول: أن تكون القصيدة فعلاً. فعل القصيدة شرط شعري لا حياد عنه. على القصيدة أن تفعل فعلها السياسي، «أن تدقَّ جدار الخزان» بتعبير غسان كنفاني كي تتحقق شعريًا. وبهذا المعنى تضع سولماز شريف شعرنا المكتوب في خضم الكارثة أمام تحدٍ وجودي يعيدنا للبحث في أزمة سابقة تتعلق بالدولة والحرية، وبالفضاء السياسي للغة عمومًا: كيف نكتب شعرًا «فاعلًا» بلغة معقَّمة معطَّلة سياسيًا من الأساس؟ فإذا كانت الخطب المنبرية الصريحة تفشل فشلها الذريع في الفعل، فكيف لإيماء الشعر أن يفعل بهذه اللغة المقهورة سياسيًا؟! يدهشني أن أقرأ عن غزيين يحاولون تعلم اللغة الإنجليزية كلغة طوارئ يترجمون بها معاناتهم للعالم. ولعل هذا الشاهد هو الأبلغ على فشل هذه اللغة، العربية، وعلى عطالتها السياسية، اللغة التي لم تعد تسعف، ولم تعد تلبي مهمة التواصل والوصول.

«قهر اللغة» هو الفصلُ الأقسى من فصول هذه الإبادة المفتوحة، حين تنتحر الكلمات على حدود السياج الخفي، الفاصل الواصل بين اللفظ ودقة المعنى. اللغة المقهورة التي ظلت عاجزة عن الفعل السياسي نكتشف اليوم، في امتحانها الأصعب، أنها مصابة بالعجز حتى أن الإيفاء بوظيفتها الأخيرة «التعبير». ولكن من منَّا الآن على استعداد ليقرَّ بعجز لغته عن التعبير، فضلاً عن الإتيان بجديد في هذا المناخ من الاستعصاء المرير، استعصاء ما بعد الصدمة؟!

سؤال الإبداع في الإبادة هو أيضًا سؤال إشكالي من ناحية أخلاقية وفلسفية في الآن نفسه: كيف لنا، قبل أي شيء، أن نبحث في الإبادة عن معنى؟ معنى جديد؟ كيف نطالب بإبداع من وحي الإبادة دون أن نجد في هذا المطلب تناقضًا فلسفيًا من قبل أن يكون أخلاقًيا؟ أوليس في هذا التسول البائس تواطؤًا يجعل من الكتابة «الجمالية» عن الإبادة تطبيعًا لها، أو توكيدًا ضمنيًا لما تسعى لاستنكاره؟ ربما تصبح مقولة أدورنو الشهيرة عن استحالة كتابة الشعر بعد «أوشفيتز» ضرورية في هذا السياق، حتى وإن بدت لنا مكابرة الكتابة في هذا الظرف، رغم قهر اللغة، مكابرةً أخلاقيةً مشروعة، بذريعة أن بديلها المطروح ليس سوى الصمت، الصمت عن الجريمة.

ما الذي يمكن فعله بهذه اللغة التي تفشل؟ على مدى عامين تقريبًا وأنا أراقب لغتي بخوف وحذر. الإبادة المستمرة هناك تمتحن لغتي هنا كما لم أعرف من قبل امتحانًا في اللغة. كيف يكتب اليوم من لم يهيئ نفسه وأدواته من قبل لاستقبال العالم بهذه الصورة؟ ثمة وحشية فاجرة، أكبر من طاقة اللغة على الاستيعاب. عنف يحشرني في زاوية ضيقة من المعجم، وهو ما يجبرني على تعلم أساليب جديدة في المراوغة والتملص للنجاة من هذا الحصار، حصار السكوت الذي لا يقترح إلا الكلام الجاهز.

أستطيع أن أحدد يوم السابع من أكتوبر 2023 تاريخًا لبداية مرحلة جديدة من لغتي. صرتُ كثير التَّفكر في اللغة باعتبارها موضوعًا موازيًا للعالم. بات عليَّ أن أُعقلن لغتي أكثر، أن أرشِّدها، وأن أتحداها في الوقت نفسه. يظهر هذا في تلعثمي وتعثري بالألفاظ كلما حاولتُ الكتابة أو الحديث عن الإبادة التي لم أعد أستطيع التعبير عنها بأي شكل من الأشكال دون الدخول في صراع مع اللغة وإمكانياتها. حتى وأنا أكتب كلمة «إبادة» الآن أصطدم بفراغ عدمي بعد الكلمة، وأدخل في متاه مفتوح لا يؤدي إلى أي شيء، عدم يحيل هذه الكلمة إلى مجرد لفظة إجرائية فقدت حوافها وحدودها من فرط الاستهلاك اليومي.

تختبر الحرب قدرة الشعر والفكر على امتصاص الصدمة واستقبال الفجيعة. حدث هذا جليًا في عقب الصدمة التي ولَّدتها النكسة سنة 1967، سنة الانقلابات الشخصية والتحولات الكبرى في صفوف الشعراء والمثقفين العرب. وهو ما يحدث اليوم وعلى مدى أشهر في صورة أكثر بطئًا وتماديًا. والحرب تأتي لتفحص جهوزية اللغة ولتعيد تشكيلها في نهاية المطاف. إنها تعبثُ بالعلاقة بين الدال والمدلول، وتبعثر الاستعارات القديمة لتأتي باستعاراتها الجديدة، وتفرض مع الوقت معجمها الموحَّد الذي توزعه على الجميع. كما تفتحُ الحرب الباب للشعراء الهواة لتقديم استقالاتهم والانصراف البيوت (لا شاعر للمهمات الصعبة اليوم)، وإن كانت في الوقت نفسه توفر مناخًا انتهازيًا لهذه الفئة من الشعراء المتسلقين على المراثي وأحصنة الحماسة.

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم: تحديث مناهج اللغة العربية من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني الإعدادي
  • وزير التربية التعليم يكشف آخر مستجدات تطوير منهج اللغة العربية برياض الأطفال والمرحلة الإعدادية
  • سفراء التطوير.. وزير التعليم يشهد انطلاق البرنامج التدريبي الموسع لمعلمي اللغة العربية عن المناهج المطورة
  • تعليم الغربية: انتظام لجان إمتحانات الدور الثاني لمراحل النقل
  • اللغة التي تفشل
  • مركز اللغة المهرية بجامعة المهرة ينظم حلقة نقاش عن أهمية الحفاظ على المخطوطات والوثائق المهرية
  • مدريد تنهي 30 سنة من التعاون الثقافي مع المغرب بسحب برنامج تعليم العربية
  • بث مباشر.. خطبة الجمعة اليوم من الحرمين الشريفين
  • «إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح».. موضوع خطبة الجمعة اليوم 25 يوليو 2025
  • أسعار العملات العربية والأجنبية اليوم.. الجمعة 25-7-2025