تعرض الاقتصاد المصري خلال السنوات العشرة الأخيرة، لضغوط متزايدة وصدمات متتالية من الداخل والخارج، إلا أن القرارات والإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية في هذه الفترة، كانت داعمة للاقتصاد بشكل واضح، وأصبح معها الاقتصاد قادرًا على مواجهة هذه الصدمات والعبور من الأزمات التي كانت أغلبها عالمية.

بناء اقتصاد قوي يستطيع مواجهة التحديات

ودائمًا ما يوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، المسئولين بتوجيهات محددة وواضحة، تركز على بناء اقتصاد قوي يستطيع مواجهة التحديات وأية طوارئ أو ظروف استثنائية تتعرض لها مصر، أساس هذه التوجيهات هو إعادة هيكلة وبناء الاقتصاد المصري.

مواجهة تحديات فيروس كوفيد

واستطاعت مصر مواجهة تحديات فيروس كوفيد -19 في عام 2020، بدعم من توافر الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، ليأتي بعد ذلك وفي أقل من عامين حرب روسيا على أوكرانيا في فبراير 2022، ثم أحداث السودان، وبعد عام ونصف وتحديداً في أكتوبر 2023 حرب إسرائيل على غزة والأحداث المتصاعدة في البحر الأحمر.

تحرير سعر صرف الجنيه المصري

وجاءت بداية الإصلاحات الاقتصادية، بقيام البنك المركزي في 14 مارس 2016، بتحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، مما ترتب عليه رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض؛ للحد من آثار التضخم، وواصل الدولار رحلة صعوده أمام الجنيه حتى بلغ ذروته في سبتمبر 2016 ووصل سعره في السوق الموازية 20 جنيهًا في الوقت الذي كان يباع في البنوك بـ 8.85 جنيه، وهنا كان لابد من استمرار الدولة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، ليأتي بعد ذلك قرار البنك المركزي المصري، بتحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية في 3 نوفمبر 2016، ليمثل طوق نجاة للجنيه المصري والحفاظ على الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية وزيادته.

القضاء على السوق السوداء للدولار

وساهم قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية في 3 نوفمبر 2016، في القضاء على السوق السوداء للدولار وتقليص الضغط على العملة الأجنبية، وتزامن معه بدء تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي ساهم في تخفيض الواردات المصرية من الخارج بقيمة تجاوزت 120 مليار دولار، فضلاً عن زيادة تدفقات النقد الأجنبي والتي تجاوزت 200 مليار دولار.

تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي

واتجهت الدولة المصرية، إلى تنفيذ عدد من الإجراءات بهدف السيطرة على سوق الصرف، وتوصلت الحكومة المصرية خلال الشهور الأخيرة من عام 2022، لإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي لتنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي يتضمن إصلاحات هيكلية للاقتصاد المصري، واتباع سعر صرف مرن يحكمه العرض والطلب، بجانب تشديد السياسة النقدية، وتشجيع القطاع الخاص وتحسين بيئة الأعمال، وزيادة برامج الحماية الاجتماعية، وخفض الدين المحلي، وتسريع برنامج الطروحات الحكومية.

تنفيذ صفقة رأس الحكمة

ونجحت مصر، في تنفيذ صفقة رأس الحكمة، وهى أكبر صفقة تم تنفيذها باستثمارات أجنبية مباشرة تتجاوز الـ35 مليار دولار لحدوث انتعاشة في الأسواق المحلية، ومع توافر السيولة من العملات الأجنبية سواء الدولار أو غيره من العملات الأجنبية في القنوات الرسمية من خلال البنوك أو شركات الصرافة، تم القضاء بشكل كبير على السوق السوداء للعملة، خاصة بعدما أصبح سعر السوق الرسمي نفس السعر في السوق السوداء.

تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر

وشهد صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، تطورًا ملحوظا على مدار السنوات الماضية، ليسجل نحو 10 مليارات دولار خلال العام المالي 2023 / 2022 بنسبة ارتفاع بلغت نحو 12.4%، مقارنة بنحو 8.9 مليار دولار خلال العام المالي 2022 / 2021، وفي العام المالي 2016 / 2017 كانت عند مستويات 7.9 مليار دولار، وفي العام المالي 2017 / 2018 بلغت نحو 7.7 مليار دولار، بينما في العام المالي 2018 / 2019 بلغت نحو 8.2 مليار دولار، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

ووفقًا لبيانات البنك المركزي، بلغ حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، نحو 7.5 مليار دولار فى العام المالي 2019/2020، ثم انخفض إلى 5.2 مليار دولار في العام المالي 2020/2021، وعاد إلى الصعود خلال العام المالي 2021 / 2022 ليصل إلى 8.9 مليار دولار ثم 10 مليار دولار في العام المالي 2022 / 2023.

جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة

وفيما يخص الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية، اتخذت الحكومة المصرية عدة قرارات لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحفيز الاستثمار، من بينها خفض تكلفة تأسيس الشركات، والحد من القيود المفروضة على التأسيس وتسهيل تملك الأراضي، والتوسع في إصدار الرخصة الذهبية، وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.

تعديل بعض مواد اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار

ومن أبرز قرارات الحكومة، لدعم الاستثمار، الموافقة على مشروع قرار بدراسة تعديل بعض مواد اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار للسماح بالترخيص لمشروعات الصناعة القائمة على الغاز الطبيعي كأحد مدخلات الإنتاج، للعمل بنظام المناطق الحرة، كما حددت الحكومة مدى زمني 10 أيام لموافقات التأسيس، وإنشاء منصة إلكترونية لتأسيس وتشغيل وتصفية المشروعات بما يعمل على خفض الحواجز البيروقراطية وتبسيط الإجراءات.

التوسع في إصدار الرخصة الذهبية

ومن بين الإجراءات التي اتخذتها الدولة، لتحفيز جذب الاستثمارات المباشرة، التوسع في إصدار الرخصة الذهبية، وعدم اقتصارها على الشركات التي تؤسس لإقامة مشروعات استراتيجية أو قومية فقط، وتعديل المواد رقم 40 و41 و42 للرخصة الذهبية بما يضمن جواز منحها للشركات المنشأة قبل قانون الاستثمار لعام 2017، والموافقة على إجراء تعديلات على بعض المواد القانونية التي تمنح معاملة تفضيلية للشركات والجهات المملوكة للدولة، بهدف تعزيز الحياد التنافسي في السوق المصرية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: التنمية المصرية العاصمة الجديدة مشروعات التنمية سعر صرف الجنیه المصری من العملات الأجنبیة فی العام المالی البنک المرکزی السوق السوداء ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق

 قال الدكتور محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، إن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ببدء شراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة 40 مليار دولار شهريًا يمثل «تحركًا استثنائيًا يتجاوز كونه إجراءً فنيًا»، مشيرًا إلى أن الخطوة تعكس رغبة واضحة في تعزيز مستويات السيولة داخل النظام المالي بعد فترة مطوّلة من التشديد الكمي.

وأوضح عبد الوهاب أن هذه العمليات، المقرر انطلاقها في 12 ديسمبر الجاري، تأتي عقب خفض ميزانية الفيدرالي من نحو 9 تريليونات دولار إلى 6.6 تريليون دولار خلال السنوات الماضية، وهو ما ترك البنوك تحت ضغوط ملحوظة داخل أسواق التمويل قصيرة الأجل.

وأضاف: «ورغم أن الفيدرالي لا يعلن رسميًا عن تغيير في مسار سياسته النقدية، فإنه يبعث برسالة واضحة مفادها أنه يسعى لتفادي أي اضطرابات مفاجئة في أسواق الفائدة أو عمليات الريبو».

وأشار إلى أن ضخ 40 مليار دولار شهريًا قد يُنظر إليه في الأسواق باعتباره نوعًا من التيسير غير المعلن، وهو ما قد ينعكس في صورة:

تحسين شروط الإقراض قصير الأجل،و دعم محدود لأداء أسواق المال،تقليل احتمالات حدوث قفزات مفاجئة في أسعار الفائدة قصيرة الأجل.

ووصف عبد الوهاب هذه الخطوة بأنها مزيج بين «التفاؤل والحذر»، موضحًا: «الفيدرالي يسعى لتهدئة الأسواق قبل فترة نهاية العام التي تشهد عادة تقلبات مرتفعة، لكنه في الوقت نفسه لا يريد الإيحاء بأنه بدأ دورة تحفيز جديدة قد تُفسر في غير سياقها، خصوصًا في ظل الضغوط التضخمية».

وأكد أن «الحكم على ما إذا كانت هذه الخطوة مقدمة لانتعاش اقتصادي عالمي ما يزال مبكرًا»، لافتًا إلى أن الأمر يتعلق بإجراء استباقي يهدف لتأمين الاستقرار أكثر مما يمثل توسعًا نقديًا فعليًا، وأن تأثيره النهائي سيعتمد على تطورات الاقتصاد العالمي وحركة الطلب خلال الأشهر المقبلة.

واختتم عبد الوهاب تصريحاته بالقول إن هذه الخطوة «قد تُمهّد لتحولات إيجابية إذا تزامنت مع تحسن في مؤشرات النمو»، لكنها «لا تكفي وحدها للإعلان عن انطلاق دورة اقتصادية صاعدة».

مقالات مشابهة

  • الصادرات المصرية تواصل التقدم
  • مايكروسوفت تعلن استثمار 5.4 مليار دولار في كندا لتعزيز بنية الذكاء الاصطناعي
  • سجن مؤسس منصة لتداول العملات الرقمية 15 عاما بعد تسببه في خسارة 40 مليار دولار
  • 15 عاما سجنا لقطب العملات الرقمية دو كوون بعد تسببه بخسارة 40 مليار دولار
  • خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق
  • قيادي بمستقبل وطن: فائض الـ179 مليار جنيه يعكس صلابة الاقتصاد المصري
  • وزير الاستثمار: 11 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين مصر والمغرب
  • 1.2 مليار دولار من أموال شركات الطيران محتجزة لدى الحكومات| ما القصة؟
  • الطاهري: "شغلني" نجحت في تحويل التوظيف إلى عمل مؤسسي
  • مدبولي: الشركات الكبرى تثق في السوق المصري بناءً على دراسات دقيقة لمناخ الاستثمار