بعد سقوط نظام الأسد.. كيف سيكون شكل سوريا الجديدة؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
في تطور غير مسبوق، شهدت سوريا سقوط نظام الرئيس بشار الأسد بعد أكثر من عقد من الصراع الدامي الذي بدأ في عام 2011، ومع هذا الحدث التاريخي، يبرز سؤال محوري يشغل الأوساط السياسية والشعبية ما هو مصير سوريا بعد انهيار النظام؟
تعددت الآراء حول مستقبل البلاد في ظل التحديات الهائلة التي تواجهها، بدءًا من حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي، مرورًا بالتدخلات الخارجية، وصولًا إلى خطر تصاعد نفوذ الجماعات المسلحة المتطرفة، هذا التقرير يعرض أبرز الآراء والتحليلات التي قدمها الخبراء حول المشهد السوري الراهن ومستقبله.
نهاية المعاناة
وصفت فرح الأتاسي، المتحدثة السابقة باسم قوى الثورة والمعارضة السورية، سقوط نظام بشار الأسد بأنه "نقطة تحول تاريخية ونهاية لمعاناة الشعب السوري، مشيرة إلى أن هذا الحدث يمثل استعادة القرار الوطني المستقل لسوريا.
وأكدت الأتاسي أن انهيار النظام يعني طي صفحة ولاية الفقيه في سوريا، وتراجع نفوذ الميليشيات الموالية لإيران التي كانت أحد أبرز داعمي الأسد خلال سنوات الصراع.
وأوضحت أن المرحلة المقبلة تتطلب توحيد الجهود الوطنية والدولية لإعادة بناء سوريا على أسس جديدة، قائلة: "يجب أن يرتكز المشروع الوطني القادم على إعادة الإعمار، وتحقيق المصالحة الوطنية، وإرساء دعائم الاستقرار السياسي والاجتماعي لضمان مستقبل أفضل للسوريين".
وأضافت الأتاسي أن الشعب السوري، بعد سنوات من المعاناة، أمام فرصة حقيقية لطي صفحة الماضي وبناء دولة مستقلة، متماسكة، وخالية من التدخلات الخارجية.
من جانبه قال طلعت طه، المتخصص في الشؤون الدولية، إن سوريا مقبلة على مرحلة غير مسبوقة من الوحدة والتنوع مشيرًا إلى أن سوريا الجديدة ستكون وطنًا يتسع للجميع، دون أي انتماءات سياسية أو حزبية أو طائفية، والهدف الأساسي الآن هو بناء دولة ديمقراطية شاملة تحت راية وطنية واحدة.
أضاف طه في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أنه في ظل هذه التحولات الكبرى، يبدو أن سوريا تسير نحو مستقبل جديد يتطلب جهودًا جماعية لإعادة بناء الدولة وتحقيق المصالحة الوطنية.
أكمل أن تشكيل الحكومة الانتقالية، يظل الشعب السوري هو العامل الحاسم في صياغة مستقبل البلاد.
مستقبل سوريا غامض
من جهة أخرى يري عمرو حسين، الباحث في العلاقات الدولية، أن سوريا تشهد مرحلة بالغة الخطورة والحساسية بعد سقوط نظام بشار الأسد والانسحاب المفاجئ للجيش السوري من مدن رئيسية مثل حلب، وحماة، وحمص، ودخول الميليشيات المسلحة إلى العاصمة دمشق.
أضاف حسين في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن سوريا تمر بمنعطف خطير يتطلب تضافر الجهود الدولية لضمان وحدة الأراضي السورية وسلامتها، خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار الأمني التي تعيشها سوريا منذ عام 2011 بسبب هجمات الميليشيات الإرهابية مثل "داعش" و"القاعدة" و"النصرة".
وأشار حسين إلى أن المرحلة الانتقالية في سوريا يجب أن تُدار وفق خارطة طريق واضحة، لتجنب تكرار سيناريوهات الفوضى التي شهدتها ليبيا واليمن، وضمان عدم انقسام الميليشيات إلى فصائل متناحرة قد تدفع البلاد إلى مزيد من الاضطرابات.
أكمل أن جبهة تحرير الشام، على وجه الخصوص، تمتلك توجهات أصولية متشددة، مما يزيد من خطورة الوضع، خاصة أن هذه الجماعات المسلحة تضم مقاتلين أجانب قد يعمقون الأزمة ويدفعون سوريا نحو حرب أهلية.
وأكد الباحث أن المسؤولية الدولية تحتم على المجتمع الدولي التدخل لضمان وحدة سوريا وحماية المدنيين من أي اعتداءات محتملة. وأوضح أن نجاح المرحلة الانتقالية يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف الدولية والمحلية على تحقيق توافق سياسي يمنع تصاعد التوترات ويحافظ على استقرار البلاد.
سوريا.. أفغانستان جديدة
كما أكد منير أديب، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، أن مستقبل سوريا يبدو غامضًا في ظل سيطرة عدد كبير من التنظيمات الاسلاموية على الأرض، خاصة تلك التي قادت العمليات العسكرية وسيطرت على معظم المحافظات السورية، موضحًا أن هذه التنظيمات أصبحت تدير العمليات في الداخل السوري، مما يعكس مشهدًا سوداويا قد يُهدد أمن سوريا والمنطقة العربية.
أضاف أديب في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن العديد من هذه التنظيمات كانت ترتبط في السابق بتنظيمي "داعش" و"القاعدة"، على الرغم من إعلان بعضها فك ارتباطها رسميًا، إلا أنها ما زالت تتبنى أفكارًا متطرفة تتقاطع مع تلك الجماعات، لافتًا إلى أن هيئة تحرير الشام، التي تُعد من أبرز الفصائل المسلحة، قد تتحول إلى نموذج مشابه لحركة طالبان في أفغانستان، مما يجعل سوريا خزانًا جديدًا لجماعات العنف والتطرف.
وأكمل أن الولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى بعض الدول الإقليمية، استفادت من هذا الوضع، حيث عمدت إلى "أفغنة" الواقع السوري وإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط بما يتناسب مع مصالحها.
واعتبر أديب أن الوضع الحالي لا يشكل خطرًا على أمن سوريا فحسب، بل يمتد ليهدد استقرار المنطقة العربية بأكملها، مشددًا على أن ما يحدث في الداخل السوري يُستخدم كورقة لتحقيق أجندات دولية وإقليمية.
وختم الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، بالتحذير من أن غياب رؤية واضحة لمعالجة هذه التحديات قد يؤدي إلى ترسيخ سوريا كمنطلق لجماعات العنف، مما يعزز حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: سوريا سوريا بشار الأسد بشار الأسد سقوط نظام الأسد مصير سوريا سوريا الجديدة افغانستان داعش اسرائيل سقوط نظام أن سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
120 ألف لاجئ سوري عادوا من الأردن إلى بلادهم منذ سقوط الأسد
صراحة نيوز – ارتفع عدد اللاجئين السوريين العائدين من الأردن إلى سوريا إلى نحو 120 ألف لاجئ مسجّل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وذلك منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول 2024 وحتى 19 تموز الحالي.
وأكدت المفوضية أن وتيرة العودة شهدت تباطؤًا واضحًا منذ 17 تموز، تزامنًا مع تصاعد التوترات الأمنية في محافظة السويداء جنوب البلاد. وقالت في بيان لها إن “التدهور الأمني في السويداء أثار مخاوف كبيرة بين اللاجئين، ما دفع نسبة منهم إلى تأجيل خططهم في ظل الغموض الذي يحيط بالوضع الأمني هناك”.
وبحسب البيانات الأممية، انخفض المعدل اليومي للعائدين خلال الأسبوع الماضي إلى 840 لاجئًا تقريبًا، بعد أن كان بحدود 1,200 لاجئ يوميًا في الأسبوع الذي سبقه، رغم استمرار حركة العبور عبر معبر جابر الحدودي، بما في ذلك لاجئون وصلوا إلى الأردن قادمين من مصر.
وأوضحت المفوضية أن النساء والفتيات يُشكّلن قرابة 48% من العائدين، في حين تبلغ نسبة الأطفال نحو 43%، أما الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا فيمثلون نحو 20%. وبيّنت أن عمليات النقل التي جرت بين 22 و24 تموز شملت نحو 530 لاجئًا من مناطق عمّان، وإربد، ومخيم الأزرق.
وكشفت المفوضية أن قرابة 20% من اللاجئين الذين كانوا يعتزمون العودة خلال هذا الأسبوع طلبوا تأجيل سفرهم بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، مشيرة إلى أنها دعمت عودة نحو 6,300 لاجئ منذ بدء عمليات النقل المنظمة في 20 كانون الثاني من العام الجاري.
وأظهر “مسح النوايا الإقليمي” الذي أُجري مطلع عام 2025، أن 40% من اللاجئين السوريين في المنطقة ينوون العودة إلى بلادهم، فيما كانت النسبة في الأردن عند حدود 27%. وتوقعت المفوضية أن يصل عدد العائدين من الأردن بنهاية العام إلى نحو 200 ألف لاجئ.