بعد سقوط الأسد.. ماذا ينتظر الاقتصاد السوري؟ الليرة تنهار وتكلفة إعادة الإعمار تقترب من التريليون دولار
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
45% تراجعا فى قيمة الليرة بعد سقوط الأسد
15 مليون سورى الأكثر فقرًا.. والبطالة تتجاوز 25%
سعر صرف الدولار يصل إلى 36 ألف ليرة فى بعض المناطق
تشهد منطقة الشرق الأوسط حالة من الارتباك عقب سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وسيطرة الميليشيات المتطرفة على أجزاء واسعة من سوريا، ويتسم المشهد الحالي بضبابية حول كيفية إدارة شئون البلاد فى ظل هذه الأزمة المستمرة، وسط محاولات النظام الجديد لتسيير حياة الشعب الذى يعاني من تداعيات الحرب، حيث تشير بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة إلى وجود نحو 7 ملايين لاجئ سوري موزعين على 130 دولة.
فعلي مدار العقد والنصف الماضيين والتي بدأت في 2011؛ يواجه الاقتصاد السوري أزمات متلاحقة لم يكد يتعاف منها نظرا للحرب الأكثر عنفا واجهتها البلاد مع ميليشيات داعش بمختلف المناطق السورية وتسببت فى تدمير مقدراته ومصادره.
الليرة تنهار
مع سقوط النظام السورى؛ استمر انهيار العملة الرسمية «الليرة السورية» بأكثر من 45% من قيمتها ليسجل سعر صرف الدولار مقابل الليرة في دمشق نحو 22 ألف ليرة و مناطق أخرى في مدينة حلب بنحو 36 ألف ليرة في الوقت الحالي.
ويتزايد الضغط على الليرة السورية منذ اندلاع الحرب قبل نصف عقد على الأقل وتحديدا منذ 2011؛ لتهوى بأكثر من 140% وسط ارتفاع معدلات التضخم في جميع أنحاء البلاد، حسبما كشفته تقارير دولية.
ومع استمرار الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد السوري بفعل الحرب وسوء الإدارة، بالتزامن مع نضوب التمويل والمساعدات الانسانية، بعد سلسلة العقوبات الدولية خصوصا الأمريكية، المفروضة على سوريا .
الهروب من الجحيم
تسببت تلك الإجراءات في التأثير على الشعب السوري؛ الذي يواجه بمفرده ارتفاع معدلات التضخم التي كسرت حاجز الـ90% بنهاية العام الماضي ودخول آلاف الأسر في دائرة الفقر المدقع بنسبة ارتفعت عن 90% قبل عامين لنحو 15 مليون مواطن سوري؛ وفقا لتقارير صادرة عن مجموعة البنك الدولي و الأمم المتحدة.
وكشفت التقارير عن أنه يبلغ أكثر من نصف الفقراء في سوريا في مدن حلب وحماة ودير الزور بخلاف حالات النزوح الداخلية للأسر بسبب تفاقم الأوضاع ونقص حاد في المواد الغذائية والأدوية ووسائل الإعاشة بشكل كامل.
تسبب النزوح الكبير للسكان في زحف الفقر والتشرد في جميع أنحاء البلاد، مع تفكك الأسر وانعدام الأمان الذي يجبر الناس على البقاء في ظروف قاسية ومحتملة للخطر، حيث تزيد تلك الظروف السيئة منوتيرة المعاناة الإنسانية، حيث يجد الكثيرون صعوبة في توفير سبل العيش الكريمة للمواطنين وأسرهم وجعلهم في حالة للإغاثة الإنسانية العاجلة والدعم الدولي أيضا.
وحاولت السلطات السورية على مدار الأشهر السابقة حتى مع ارتفاع موجات العنف وسقوط بعض المناطق المحلية في يد الميليشيات المسلحة؛ في تحسين أوضاع الأجور للعسكرين بنسبة 100% والموظفين بالدولة لمواجهة الأعباء المعيشية التي تعاني منها سوريا وما تلاه من هبوط حاد في معدلات النمو وتضرر القطاعات الاقتصادية خصوصا مع رفع الدعم على المحروقات.
ارتفاع البطالة
تسببت تلك الأوضاع حسبما كشفه تقرير مرصد الاقتصاد السوري الصادر عن العام الجاري في ارتفاع معدلات البطالة بنسب كبيرة نظرا لتضرر القطاعات الإنتاجية والتجارية بمعدل تراجع سنوي يقدر بـ1.25% على أساس سنوي.
قالت التقارير إن تداعيات الحرب على سوريا منذ العقد والنصف الماضيين تسببت في اعتماد سوريا على الواردات الغذائية وتدهور إنتاجها الزراعي والصناعي محليا بعد تضرر المدن الصناعية السورية في حلب على وجه التحديد، وعدم قدرات البلاد على امتصاص الصدمات الاقتصادية الأكثر شدة وصعوبة الحصول على المساعدات الإنسانية بفعل التداعيات الإقليمية.
وتسببت الحرب حسبما كشفته التقارير في ارتفاع معدلات الهجرة والنزوح للعائلات السورية إما قسريا بسبب سوء الأوضاع في مناطق الصراع و الهروب للبحث عن فرصة أفضل للحياة خارج البلاد، وهو مارفع نسب البطالة في سوريا إلي أكثر من 25% بواقع 5.7 مليون سوري متعطل عن العمل حسبما قالت بيانات مجموعة البنك الدولي، بالإضافة لما أقره المكتب المركزي للإحصاء السوري في أغسطس الماضي والذي أقر بإرتفاع نسب البطالة في البلاد إلى 23.7% وانخفاض قوة العمل لـ 5.9 مليون طالب عمل.
تكلفة إعادة الإعمار
وأدي استمرار الحرب على مناطق سيطرة الميليشيات والنظام السابق في تدهور البنية التحتية وتدمير كامل لبعض المدن والمناطق السورية خصوصًا مناطق الشمال الغربي في سوريا من بينها حلب وأدلب وحماة.
وكشفت تقارير دولية عن أن تكلفة إعادة إعمار سوريا قد تقترب من تريليون دولار نظرًا للتضرر الذي لحق بجميع أرجاء البلاد، سواء المباني والقطاعات الاقتصادية بسبب الحرب حيث ستكون مخططات إعادة الإعمار على مدى 3-5 سنوات.
أسباب السقوط
وفي تقرير سابق لمجموعة البنك الدولي، وتحديدا في مارس قبل الماضي، والذي تضمن تكلفة إعادة إعمار تصل لنحو 8 مليارات دولار على مدى 3 سنوات، لكن مجموعة البنك استبعدت قدرات سوريا على تحمل تلك التكلفة في ظل اقتصاد متدهور وغير قادر على العودة لمعدلاته الطبيعية على الأقل.
وأرجعت تقارير دولية، أسباب سقوط النظام السابق في سوريا، إلى تدهور أوضاع الاقتصاد السوري على مدار الـ13 عاما الماضية، نظرًا لإفتقاره للتخطيط السليم والكفاءة في إدارته في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والعسكرية للبلاد مما جعل المدن السورية فريسة سهلة للميليشيات والجماعات المسلحة وتضرر المواطنين البسطاء ومستقبل أسرهم بوجه عام.
وأوضحت التقارير أن الأداء الاقتصادي خلال الـ13 الماضية شهد تدهورًا كبيرًا في الإنفاق الحكومي؛ ليصبح 2.5 مليار دولار في العام الجاري بعد أن كان 14.6 مليار في 2010، وارتفاع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 85% وانخفاض الإنفاق على المشروعات الانتاجية والتنموية وهو ما رفع من معدلات عجز الموازنة المتوقع لأكثر من 700 مليون دولار خلال العام الجاري.
تغيير الليرة
وفي سياق متصل تردد أنباء في الوقت الحالى لاعتزام الميليشيات المسلحة القائمة على مقاليد الحكم؛ العمل على تغيير العملة السورية «الليرة» لتحل محلها أخرى، بالتزامن مع تعطيل العمل بالدستور الحالى واستبدال علم الجمهورية السورية .
لكن وزير التجارة وحماية المستهلك، لؤى المنجد؛ قال في تصريحات صحفية إن تغيير العملة المحلية «الليرة» هو أمر سياسي في الوقت الحالي مؤكدا أنه مع الانتقال السلمي للسلطة وتأمين مقدرات المواطنين واحتياجاتهم باعتباره التزاما على الحكومة الانتقالية.
وتواجه الليرة السورية في الوقت الحالي، أزمة هبوط غير مسبوقة إذ هوت بمعدلات غير مسبوقة اقتربت من 50% تراجعًا أمام الدولار مع سقوط نظام بشار الأسد.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاقتصاد السوري نظام الأسد الحرب علي الليرة السورية الميليشيات في سوريا الاقتصاد السوری ارتفاع معدلات فی سوریا فی الوقت
إقرأ أيضاً:
ماذا ينتظر الأقصى فيما يسمى يوم خراب الهيكل؟
سيكون المسجد الأقصى المبارك يوم الأحد المقبل على موعد جديد من الانتهاكات الصاخبة، مع إحياء المتطرفين لما يسمى ذكرى "خراب الهيكل" الذي يعتبره اليهود يوم حزن وحداد على ما يسمونه تدمير "الهيكلين" الأول والثاني.
ففي العام الماضي اقتحم المسجد في المناسبة ذاتها 2958 متطرفا ومتطرفة، وتحشد الجماعات المتطرفة أنصارها هذا العام لتنفيذ اقتحام وانتهاكات مماثلة، في حين يرى مراقبون أنها ستتصاعد في ظل الصمت العربي والإسلامي المطبق، وفي ظل تربع الأحزاب المتطرفة على عرش الحكومة الإسرائيلية الحالية.
ويدّعي اليهود أن البابليين دمروا "الهيكل الأول" عام 586 قبل الميلاد، وأن الرومان دمروا "الهيكل الثاني" عام 70 للميلاد، وبالتالي يجب تلاوة نصوص من "سِفر المراثي" يوم التاسع من أغسطس/آب حسب التقويم العبري من كل عام داخل الكنس.
وتتناول هذه المرويات "احتلال البابليين للقدس وتهجير اليهود من بلادهم إلى أرض بابل (جنوب العراق) حيث مكثوا 70 عاما حتى أذن لهم ملك فارس كورش بالعودة إلى القدس وإقامة الهيكل الثاني الذي دمره الرومان لاحقا".
ويصر المتطرفون على اقتحام المسجد الأقصى المبارك في هذه المناسبة، ويرفضون إحياءها في كنسهم فقط، وكان إدخال لفائف "الرثاء" وقراءتها داخل المسجد الأقصى من بين الانتهاكات التي سُجلت في الأعوام السابقة.
كما سُجّل في المناسبة ذاتها من العام المنصرم انتهاكات عدة أبرزها رفع العلم الإسرائيلي، وأداء طقس السجود الملحمي (الانبطاح الكامل واستواء الجسد على الأرض ببسط اليدين والقدمين والوجه بالكامل) جماعيا، والرقص والغناء، إضافة إلى اقتحام عدد من أعضاء الكنيست والوزير إيتمار بن غفير.
وتحلّ الذكرى هذا العام بعد أسابيع من إصدار بن غفير تعليمات لضباط الشرطة بالسماح للمستوطنين بالرقص والغناء في الساحات، وبعد إعلانه -خلال اقتحام نفذه للمسجد في مايو/أيار المنصرم- أيضا أنه "أصبح من الممكن الصلاة والسجود في جبل الهيكل".
الأكاديمي ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المسجد الأقصى سابقا عبد الله معروف قال للجزيرة نت إن الذكرى هذا العام ستكون من أخطر أيام السنة على المسجد، في ظل الاقتحامات التي ستنفذها جماعات المعبد المتطرفة حيث تعمل على أن يكون هذا اليوم هو يوم الاقتحام الأكبر.
إعلانوبالتالي -يضيف معروف- تنبع خطورة الحدث ابتداء من أنه يحل في ظل اصطفاف الحكومة الإسرائيلية بكل أذرعها مع جماعات المعبد المتطرفة في صف واحد باتجاه تغيير الوضع القائم في الأقصى، وهو ما قام به بالفعل الوزير بن غفير.
فالوضع القائم لم يعد موجودا -وفقا للأكاديمي المقدسي- بعد أن سمح هذا الوزير المتطرف للمستوطنين بأداء الصلوات داخل الساحات في عام 2024 المنصرم، وبعد سماحه خلال العام الجاري بالرقص والغناء في أولى القبلتين.
"ستحاول جماعات المعبد المتطرفة هذا العام أن يكون اقتحامها نوعيا بشكل كبير، وتكمن خطورته في أنه سينفذ في ظل تخاذل غير مسبوق من العالمين العربي والإسلامي، وصمت مطبق على ما يجري من انتهاكات غير مسبوقة في ظل المطالبات العلنية لإقامة كنيس داخل أولى القبلتين" أضاف معروف.
انتهاكات خطيرة لم يشهدها الأقصى منذ احتلاله.. كيف مرت ذكرى "خراب الهيكل" على المسجد الأقصى المبارك؟ pic.twitter.com/9J4QJg6fUF
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) August 13, 2024
خطر متصاعد وصمت مطبقوبالنظر إلى ما جرى خلال الأشهر الماضية وخاصة فيما يسمى "يوم القدس" أكّد الأكاديمي المقدسي أن الجماعات المتطرفة ستعسى لتسجيل رقم قياسي جديد في إحياء لهذه الذكرى، وستكون هناك محاولة للانتقال إلى مرحلة جديدة في الأقصى قد يكون عنوانها محاولة تنفيذ طقوس لا علاقة لها بالمناسبة التي يقتحم المستوطنون المسجد لأجلها.
فعلى سبيل المثال "لا يرتبط طقس ذبح القرابين الحيوانية بخراب الهيكل، لكن قد يُقدم المتطرفون على تنفيذه، كما فعلوا في عيد الفصح الصغير، وكما أدخلوا القرابين المذبوحة خلال عيد الأسابيع اليهودي في الشهر المنصرم".
ويرى معروف أن ذلك ممكنا لأن الجماعات المتطرفة ترى أن الوقت الحالي هو الوقت المناسب لبدء إقامة كنيس داخل المسجد، لأن الجو العام يساعد على ذلك من صمت عربي وإسلامي على ما يجري في كل من غزة والخليل والقدس.
وختم الأكاديمي المقدسي حديثه للجزيرة نت بالقول إن الاحتمالات كلها مفتوحة، ولا أحد يستطيع أن يتوقع إلى أين يمكن أن تسير الأمور في مدينة القدس، طالما أن جماعات المعبد وتيار الصهيونية الدينية على رأس حكومة الاحتلال، خاصة أن "هذا الظرف الذي نمر به الآن يأتي في ظل انعدام احتمالية سقوط حكومة نتنياهو بسبب دخول الكنيست في الإجازة الصيفية التي تستمر 3 أشهر".
وبالتالي مستوى الوحشية لدى تيار الصهيونية الدينية وجماعات المعبد المتطرفة قد يكون غير مسبوق في الأقصى، "وهنا أحذر وأقول إن الرادع الوحيد للمستوطنين هو التأزيم الشعبي، وما دام الاحتلال لا يشعر أن هناك أزمة قد تحدث بسبب أفعاله ولا ثمن يدفعه، فإنه سيقوم بأي شيء باتجاه الوصول لهدفه وهو إقامة كنيس داخل المسجد في الفترة الحالية".