أطلقت دولة الإمارات، أمس، تحذيراً مما تقوم به إسرائيل من استباحة للأراضي السورية، ما يهدد بمزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة. فقد دانت بشدة في بيان لوزارة الخارجية استيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان، مؤكدة حرص الدولة على وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، وأكدت أن هذا الاستيلاء يعد خرقاً وانتهاكاً للقوانين الدولية، ولا سيما اتفاق فك الاشتباك عام 1974.
كذلك أعلنت الدول العربية رفضها للإجراءات الإسرائيلية، باعتبارها اعتداء صارخاً على سيادة ووحدة سوريا، وانتهاكاً سافراً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، ومحاولة لتخريب فرص استعادة سوريا لأمنها واستقرارها ووحدة أراضيها.
تبدو إسرائيل في حالة نشوة مما يجري في سوريا بعد سقوط النظام، وتولِّي الجماعات المسلحة السلطة من دون قيادة بديلة تتولى تدبير شؤون البلاد، وخروج الوضع عن السيطرة، مع تخلِّي الجيش عن دوره في حماية الوطن، وترك القواعد، والثكنات، والمطارات العسكرية، وأنظمة الدفاع الجوي، والقواعد البحرية، والمراكز العلمية سائبة من دون حماية.
استغلت إسرائيل هذه الفوضى، وعمدت إلى استباحة كل الأراضي السورية، فأطلقت العنان لآلتها العسكرية تضرب في كل اتجاه، وتدمر كل مقدرات سوريا العسكرية في مختلف المناطق، فيما تسرح قواتها «سداح مداح» في مرتفعات الجولان المحتلة، فتحتل المنطقة العازلة، وتتقدم إلى قرى وبلدات في الريف الجنوبي لدمشق، المحاذي للحدود مع لبنان، كما تقدمت إلى مقربة من مدينة قطنا التي تبعد قرابة 20 كيلومتراً عن دمشق، فيما يواصل الطيران الإسرائيلي قصفه لمناطق واسعة في العاصمة والمدن الأخرى في الشرق والغرب وصولاً إلى القاعدة البحرية في اللاذقية، ومعامل الدفاع والمطارات العسكرية في محافظتي حلب وحماه في الشمال، وذلك في أكثر من 250 غارة حتى الآن حسب الإعلام الإسرائيلي الذي نقل عن قيادة الجيش أنه «تم تدمير مقدرات الجيش السوري في أكبر عملية جوية قمنا بها في تاريخنا»، فيما نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر عسكرية أنه «تم تدمير كامل سلاح الجو السوري من طائرات ومروحيات»، ونقلت عن مسؤول كبير في سلاح الجو قوله «كنا نستعد لسنوات، لكننا لم نعتقد أن ذلك سيحدث بالفعل.. بالتأكيد ليس بهذه القدرة وبهذه الشدة».
نحن أمام عدوان واسع ومعلن من جانب دولة تنتهك كل القوانين الدولية والإنسانية، وتعلن من جانب واحد إلغاء اتفاق فك الاشتباك لعام 1974، كما يعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن هضبة الجولان «ستبقى إسرائيلية إلى الأبد»، و«أن فصلاً جديداً في تاريخ الشرق الأوسط قد فُتِح»، وهو ما يكشف حقيقة الأطماع الإسرائيلية ليس في سوريا فقط، إنما في المنطقة كلها.
لم يسبق لأي دولة أن مارست العدوان بمثل هذا المنهج، في مخالفة واضحة للقانون الدولي، وانتهاك لوحدة وسلامة دولة أخرى كما تفعل إسرائيل التي تنتهز حالة السيولة والفراغ في الدولة السورية لاحتلال المزيد من الأرض، وإلغاء اتفاقية دولية، وفرض أمر واقع جديد على الأرض.
إنه تطور خطير يؤشر إلى وجود مخطط مكشوف تسعى إسرائيل إلى تنفيذه، وقد بات واضحاً أن نتنياهو يعمل على تغيير خريطة الشرق الأوسط بما يتوافق مع أهدافه، بحيث يكون لإسرائيل القدرة على السيطرة والهيمنة على المنطقة.
نحن أمام واقع باتت فيه دولة خارجة على كل القوانين والمواثيق تمارس حروب الإبادة، من دون حساب أو عقاب، في حين لا تلقى من جانب الدول الداعمة والراعية لها مجرد لوم أو استنكار، وكأن شريعة الغاب باتت هي وحدها التي تتحكم في مصائر الدول والشعوب، في حين أصبح المجتمع الدولي والهيئات الدولية التي تمثله عاجزاً ومشلول الإرادة أمام جبروت القوة الغاشمة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الإمارات الحرب في سوريا
إقرأ أيضاً:
ماذا تريد إسرائيل من حملاتها العسكرية في الضفة الغربية؟
جنين- انتهى الفلسطيني شريف فتحي أحمد (30 عاما) من نقل أثاثه في بلدة بروقين غربي مدينة سلفيت، بعد تلقيه أمس الثلاثاء إخطارا من جيش الاحتلال بهدم منزله المكوّن من طابقين خلال 48 ساعة.
وفي البلدة الواقعة شمال الضفة الغربية، والتي يفرض جيش الاحتلال الإسرائيلي عليها حصارا مشددا منذ 8 أيام وحظرا للتجول ويدهم منازل المواطنين فيها، أعطي شريف مهلة لمدة ساعة واحدة لإخلاء المنزل بالكامل، تمهيدًا لهدمه.
يقول شريف للجزيرة نت إنه استطاع مع أهل البلدة الذين هبّوا لمساعدته أن يفرغ منزله الذي قضى 9 سنوات في بنائه وتجهيزه. وقال "60 دقيقة فقط نقلت فيها تعب عمري، وجهدي وغُرف أطفالي وملابسهم.. كنت أكافح طوال هذه السنوات كي أؤسس لأولادي مأوى يعيشون فيه، تحمّلت الديْن والقروض البنكية، وكل ذلك انتهى في 60 دقيقة".
ويصف للجزيرة نت بصوت مخنوق وحسرة كبيرة حال أطفاله الأربعة الذين صُدموا من قرار الهدم "لم أتمكن من إجابتهم عن سؤال لماذا بيتنا؟ كانت دموعهم تسبق أسئلتهم. ولولا وقوف عائلتي بجانبي ومحاولاتهم إبعاد الأطفال، حتى لا يروا المشهد لما استطعت التحمل. حلم العمر راح، تعب السنين وشقاؤها، كلفني المنزل نصف مليون شيكل".
منزل شريف واحد من 3 منازل هدمها الاحتلال في بلدة بروقين منذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية فيها وفي بلدة كفر الديك المجاورة بمحافظة سلفيت، عقب عملية إطلاق نار استهدفت سيارة إسرائيلية بالقرب من مستوطنة "أرائيل" شمال الضفة.
إعلانوبحسب بلدية بروقين، يسعى الاحتلال لتوسيع عمليات الاستيطان في المحافظة من خلال وضع اليد على مزيد من أراضي البلدات والقرى فيها، ومن بينها بروقين وكفر الديك، حيث صادر منذ اليوم الأول للعملية العسكرية في البلدة موقعين بمساحة تقدر بـ245 دونما (الدونم ألف متر مربع) وتجري جرافات الاحتلال عمليات تجريف فيها، في حين أقام المستوطنون 3 خيم في المناطق المصادرة تمهيدا لبناء بؤر استيطانية جديدة.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال رئيس بلدية بروقين فائد صبره إن الاحتلال يسعى لإقامة أمر واقع، مستغلا حجّة البحث عن منفذي عملية إطلاق النار. وأضاف "محافظة سلفيت من أكثر محافظات الضفة الغربية التي تحيط بها المستوطنات. إسرائيل تستغل كل ما يحدث لزيادة ضم الأراضي ومصادرتها، كل ذلك في ظل فرض عقوبات على الفلسطينيين وإجبارهم على العيش في ظروف صعبة وغير إنسانية".
ومع استمرار فرض حظر التجول في بروقين، دهمت قوات الاحتلال قرابة 23 منزلا في البلدة وحطّمت محتوياتها، وأجبرت أصحابها على إخلائها ثم حولتها إلى ثكنات عسكرية، بينما يمنع جنود الاحتلال الأهالي من الصلاة في المساجد ورفع الأذان، وهو ما يحدث أيضا في بلدة كفر الديك غربي سلفيت.
ويعيش في بروقين 8 آلاف نسمة. ومنذ بدء الحملة العسكرية فيها يمنع الاحتلال حتى مرضى الكلى من الوصول إلى المستشفى.
ويجثم على أراضي محافظة سلفيت 28 مستوطنة، في حين تتوسع مستوطنات "بروخين" و"أرائيل" ومستوطنة "بركان" الصناعية حول بلدة بروقين من جهاتها الشمالية والشرقية والغربية.
استهداف متكررفي ناحية أخرى، وبعد مرور شهر كامل على آخر عملية عسكرية إسرائيلية في بلدة قباطية جنوبي جنين، والتي كان هدفها اغتيال المطارد محمد زكارنة، المنفذ الثالث لعملية إطلاق النار في قرية الفندق بالقرب مدينة قلقيلية مطلع العام، عادت جرافات الاحتلال الإسرائيلي وآلياته العسكرية لاقتحام البلدة منتصف ليل أمس الثلاثاء.
إعلانووسط عمليات تجريف وتدمير للشوارع والبنية التحتية، كان جنود الاحتلال الإسرائيلي يقتحمون المنازل في البلدة ويحولونها إلى ثكنات عسكرية، ويشنون حملات احتجاز واستجواب ميداني لسكانها.
ويذكّر هذا الاقتحام بالاقتحامات المتكررة التي شهدتها قباطية منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية المسماة "السور الحديدي" في مدينة ومخيم جنين، والتي بدأتها أواخر يناير/كانون الثاني الماضي.
وقال رئيس بلدية قباطية أحمد زكارنة، للجزيرة نت، إن قوات الاحتلال نفذت منذ نهاية العام الماضي 4 عمليات اقتحام واسعة للبلدة دمرت فيها البنية التحتية وممتلكات المواطنين، كان آخرها وأكبرها في فبراير/شباط الماضي حيث وصلت الخسائر إلى 8 ملايين شيكل (أكثر من مليوني دولار)، وفق زكارنة.
وأضاف أن عدد الشهداء في البلدة وصل إلى 38 شهيدا منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبحسب زكارنة، فإن استهداف البلدات والقرى الفلسطينية بشكل عام وقباطية بشكل خاص هو عقاب جماعي لكل الفلسطينيين، "خاصة أن الوضع في البلدة هادئ، ولا وجود لمقاومين بعد اغتيال عدد كبير منهم وملاحقة أجهزة السلطة الفلسطينية لعدد كبير من أعضاء كتيبة جنين وتدمير مخيم جنين".
يرى محللون أن تكرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوسّعها في مدن الضفة وقراها بحجة ملاحقة المقاومة هو محاولة لتبرير ما يحدث من تهجير وتدمير في مخيمات الشمال، وهو غطاء للسلوك الإسرائيلي المستمر فيها.
ويرى المحلل السياسي سليمان بشارات أن إسرائيل تعتقد أن الظروف الحالية هي الأمثل للإسرائيليين لتصفية القضية الفلسطينية من خلال الاعتقالات وهدم المنازل وتهجير الناس، وتصفية المخيمات، وفرض السيطرة الإسرائيلية على أرض الواقع.
إعلانهذا كما يقول بشارات للجزيرة نت، بالإضافة إلى سعيها لتطويع الجانب النفسي والاجتماعي لدى المجتمع الفلسطيني لتقبل الوجود الإسرائيلي بشكل مستمر في الحياة العادية الفلسطينية.
ويضيف أن اسرائيل تريد إبقاء الإنسان الفلسطيني تحت الصدمة لأي عمل تقوم به في الضفة الغربية، وحتى صدمة ما يحدث من جرائم في غزة لأطول مدة ممكنة، لأنها ترى أن هذه الصدمة هي ما سيمنع الفلسطينيين من العودة للمقاومة بحسب ظنها، وهذا ما يفسر أن عمليات الاقتحام اليومية للمنازل يستخدم فيها جنود الاحتلال أسلوب الترهيب نفسه من تدمير وتكسير وحرق، سواء كان المنزل لأحد المطلوبين أو لا.
ويرجح بشارات ذلك لأن إسرائيل ترى أن حاجز المواجهة بينها وبين الفلسطيني انكسر منذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ويرى المحللون أن هدم المنازل سواء في المخيمات والقرى هو استكمال لفرض السيطرة الإسرائيلية على الأرض بالكامل وتعزيز الوجود الاستيطاني وتحويل السيادة إلى إسرائيل، سواء بمنع تراخيص البناء الفلسطيني، أو تقييد التنقل والحركة بين المدن.
وبرأي بشارات، إذا استمرت إسرائيل بهذا النهج فهذا يعني إعادة الحكم العسكري الإسرائيلي في الضفة، ليس بالشكل الذي كان موجودا قبل اتفاقية أوسلو، لكن بوجود إسرائيلي كامل في الضفة، من دون تحمّل ثمن هذا الوجود من ناحية تقديم الخدمات للسكان.
فإسرائيل، كما يقول المحلل، لا تريد أن تكون مسؤولة عن الصحة والتعليم والغذاء للمواطن الفلسطيني، لذا تسعى لفرض السيطرة بطريقة لا تكلفها ثمن هذه المسؤولية.