لقد تخلّق نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بأخلاق القرآن، ولما سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم قالت : كان خلقه القرآن، فديننا دين مكارم الأخلاق، ورسالة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم جاءت لإتمام مكارم الأخلاق، ويقولون : من زاد عليك فى الخلق فقد زاد عليك فى الدين.
وقد حثنا القرآن الكريم على التزام مكارم الأخلاق من الصدق ، والأمانة ، والعدل فى الرضا والغضب مع الصديق والعدو ، والوفاء بالعهود والمواثيق ، والصبر عند النوائب ، والعفو والصفح ، وبر الوالدين ، وإكرام ذى القربى واليتامى والمساكين ، والإحسان إلى الجار ، وشكر النعم ، والإنفاق فى سبيل الله، وسائر الأخلاق والقيم النبيلة .
وقد أولى القرآن الكريم الاهتمام بذوى القربى واليتامى والمساكين وإكرامهم عناية خاصة، ورتب على تلك العناية عظيم الجزاء ، حيث يقول الحق سبحانه : «فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ « ، ويقول سبحانه : «وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا»، ويقول سبحانه : «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا».
ونهى القرآن الكريم عن ضيم وقهر اليتيم أو حبس حقه أو أكل ماله كما نهى عن نهر المسكين أو إيذاء شعوره، فقال سبحانه : «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا»، وقال سبحانه: «فَأَمَّا الیَتِیمَ فَلَا تَقهَر وَأَمَّا السَّاىِلَ فَلَا تَنهَر»، ويقول سبحانه : «أَرَأَيْتَ الَّذِى يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِى يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين»، ويقول سبحانه :» كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِى جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِين مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ» .
وخص القرآن الكريم الوالدين بمزيد من الإكرام وأنزلهم منزلة عظيمة، وحذر تحذيرا شديدا من عقوقهم أو حتى مجرد إيذاء مشاعرهم ولو بلفظ يفهم منهم مجرد التأفف تجاههم بأى صورة من الصور صراحةً أو ضمنا ، حيث يقول الحق سبحانه : «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا»، ويقول سبحانه:»وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِى وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»
و أمرنا القرآن الكريم بالعدل فى الأحوال كلها : فى الصديق والعدو ، والرضا والغضب، ولو على أنفسنا أو الوالدين والأقربين، حيث يقول الحق سبحانه : «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ».
ونهانا القرآن الكريم عن الظلم وبين لنا سوء عاقبته ، فقال سبحانه: «وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ «، ويقول سبحانه :»وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ».
الأستاذ بجامعة الأزهر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أخلاق القرآن أ د محمد مختار جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر السيدة عائشة رضي الله عنها القرآن الکریم ویقول سبحانه م س ک ین
إقرأ أيضاً:
أمين الإفتاء يحذر من منصة ألعاب شهيرة: تهدد أخلاق الأطفال وتسبب أضرارا لهم
حذر الشيخ هشام ربيع، أمين الفتوى في دار الإفتاء، من تعامل الأطفال على منصة الألعاب الشهيرة (Roblox)، مشيرا إلى أن صحيفة الجارديان نشرت تقريرا كشفت فيه عن أن هذه المنصة تتضمن محتوى ليس مناسبا للأطفال، وأن الشركة المالكة للمنصة أقرّت بنفسها بأن الأطفال الذين يستخدمونها قد يتعرضون "لمحتوى ضار أو سيئ".
وكتب الشيخ هشام ربيع، أمين الفتوى في دار الإفتاء، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، مشكلة الألعاب الإلكترونية أنَّ مُدمَنها لا يعرف أنَّه مدمن، ولا يدري بخطورتها إلَّا بعد فترة كبيرة.
مخاطر منصة الألعاب الشهيرة (Roblox)وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء، أنه من الناحية الشرعية فإن جواز هذه الألعاب وحرمتها تتوقف على عدة عوامل ومنها :
تُربِّي في نفسية الطفل العنف وحب السيطرة والعدوانية.تُؤدِّي إلى الإدمان؛ بحيث تُشْغِل جميع أوقات الطفل، فلا يجد وقتًا للمذاكرة أو الدراسة.تؤدِّي إلى الاكتئاب والقلق، وقد يصل الأمر إلى الانتحار.وكشف أمين الفتوى في دار الإفتاء عن أن ممارسة الألعاب الإلكترونية تكون جائزة إذا توافر فيها الشروط الآتية:
أن تكون هذه الألعاب الإلكترونية مناسبة للمرحلة العمرية للطفل.تعود بالنفع على الطفل وتساعده في تنمية الملكات أو توسعة القدرات الذهنية.تُروِّح عن نَفْس الطفل وتُشبِع رغبته في اللعب، بشرط ألَّا يكون فيها أي محظور شرعي أو أخلاقي.لا تأخذ وقت الطفل كله بل يكون ذلك في بعض الأوقات المناسبة؛ حتى لا ينشغل الطفل بها عن أداء واجباته ومتطلباته، أو تؤثِّر على صحته وعقله.أن تكون هذه الألعاب تحت إشراف ولى الأمر؛ وذلك لمراقبة سلوك وأخلاق الطفل.حكم ممارسة الأطفال للألعاب الإلكترونيةوكانت دار الإفتاء المصرية وضّحت أن نفسية الطفل مفطورة على الميل إلى اللعب والمرح، والشرع الشريف أجاز اللعب الذي فيه فائدة تربوية تعود بالنفع على الطفل؛ ليقوم بدورٍ إيجابي في خدمة دينه ومجتمعه؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «عَلِّمُوا أَبنَاءَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرَّميَ، وَالمَرأَةَ المِغزَلَ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَلِي أَخٌ صَغِيرٌ يُكْنَى أَبَا عُمَيْرٍ، وَكَانَ لَهُ نُغَرٌ يَلْعَبُ بِهِ، فَمَاتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَرَآهُ حَزِينًا، فَقَالَ: «مَا شَأْنُهُ؟» قَالُوا: مَاتَ نُغَرُهُ، فَقَالَ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟» متفق عليه. والنُّغَرُ: البلبل.
لقاءات وخطب توعوية.. تفاصيل فعاليات قافلة الإفتاء الدعوية بشمال سيناء
حكم طلاق الغضبان عند المذاهب الأربعة .. ودار الإفتاء تحسم القول الفصل
ما حكم المرور بين يدي المصلين؟.. الإفتاء تجيب
هل أؤدي تحية المسجد أم أستمع لخطبة الجمعة؟.. الإفتاء تجيب
ما حكم قطع صلاة الفرض لأمر مهم؟.. الإفتاء تجيب
ما حكم الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة؟..الإفتاء تجيب
وأشارت دار الإفتاء إلى أن من ألعاب الأطفال في العصر الحديث هي الألعاب الإلكترونية أو ألعاب الفيديو، وقد أصبحت من أهم أنواع الألعاب بالنسبة للأطفال والمراهقين في كثير من البيئات؛ حتَّى جعلها الأطباء النفسيون عاملًا رئيسيًّا في تشخيص بعض الأمراض النفسية لدى الأطفال، وعنصرًا أساسيًّا في تحديد سلوكياتهم.
وأضاف دار الإفتاء أن بعض الدراسات العلمية الحديثة أكدت أنَّ هذه الألعاب على نوعين: الأول بعض هذه الألعاب له من الإيجابيات والفوائد ما يساعد في تربية الأطفال وتعليمهم وإكسابهم مهارات الترتيب والتنسيق وحل المشكلات بسرعة.
ونوهت دار الإفتاء بأن النوع الثاني في الألعاب الإلكترونية له تأثير سلبيٌّ وضرر بالغ على سلوك الأطفال وتصرفاتهم، وكذلك على صحتهم وأبدانهم؛ كألعاب القتال "ببجي" وألعاب المقامرات المشتملة على الإباحية، والتي تورث لدى الطفل العنف والصراع والعدوانية.