الأردن – تستضيف مدينة العقبة الأردنية اليوم السبت اجتماعات عربية ودولية لبحث تطورات الأوضاع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وتولي المعارضة السورية مقاليد الحكم.

ويعقد وزراء خارجية لجنة الاتصال العربية الوزارية المعنية بسوريا والمشكّلة بقرار من جامعة الدول العربية اجتماعا للجنة التي تضم في عضويتها المملكة الأردنية الهاشمية والسعودية والعراق ولبنان ومصر وأمين عام جامعة الدول العربية، والتي من المقرر أن يشارك في أعمالها وزراء خارجية الإمارات وقطر والبحرين الرئيس الحالي للقمة العربية.

ومن المقرر أن يعقد وزراء الخارجية العرب المشاركون في اجتماع لجنة الاتصال العربية اجتماعات مع وزراء خارجية تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى المبعوث الأممي حول سوريا.

وبحسب بيان للخارجية الأردنية تبحث الاجتماعات “سبل دعم عملية سياسية جامعة” يقودها السوريون لإنجاز عملية انتقالية وفق قرار مجلس الأمن 2254، تلبي طموحات الشعب السوري، وتضمن إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية وتحفظ وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وحقوق جميع مواطنيها.

وتحدث خبراء ومختصون في العلوم السياسية والعلاقات الدولية عن أهمية اجتماعات العقبة وما يمكن أن تقدمه لدعم العملية السياسية في سوريا، والدور العربي المنتظر لدعم سوريا.

يقول أستاذ العلاقات الدولية في الأردن الدكتور الحارث الحلالمة إن الدعوة الأردنية للاجتماعات جاءت حرصا من المملكة الأردنية على “أمن واستقرار سوريا ووحدة وسلامة أراضيها”، وهي دعوة للمجتمع الدولي “لبلورة صيغة معينة لتقديم الدعم والمساندة للأشقاء السوريين في مرحلتهم الانتقالية” القائمة على إعادة بناء مؤسسات الدولة، بما يستعيد الثقة وإعادة البناء والتي فقدت بعد سنوات طويلة من العهد السابق.

ويرى المحلل السياسي في حديثه أن المشاركة الواسعة في تلك الاجتماعات تؤكد حرص الدول العربية والصديقة على “مساندة سوريا وحمايتها من الانزلاق في فخ الفوضى والتقسيم” كما تحمل الاجتماعات رسالة واضحة لـ “كف أيدي أي جهة خارجية تحاول العبث بأمن واستقرار سوريا وحل كافة المشاكل العالقة التي تهدد أمن واستقرار سوريا”.

الحفاظ على الدولة السورية

ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية أن الدول العربية المشاركة في اجتماعات العقبة لديها قناعة “أن بناء دولة سورية قوية وموحدة هي مصلحة عربية مشتركة” ولدى تلك الدول قناعة أن تقسيم سوريا والإخلال بأمنها “لا يستفيد منه أحد سوى أعداء سوريا” لذلك سيكون هناك اتفاق على تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 وإعلان قرار بيان جنيف الصادر عام 2012 وبيانات فيينا لعام 2015 الصادرة بدعوة كافة الأطراف للحوار و”إنهاء كافة حالات الاقتتال وبناء مستقبل يستحقه الشعب السوري”.

وتحدث المحلل السياسي الأردني عن معاناة الأردن مع النظام السوري السابق، وأنه “لم يتعاط إيجابيا مع الأردن ولم يتعاون في العديد من الملفات أهمها قضية الحدود” من خلال زيادة محاولات تهريب المخدرات ومحاولة جعل سوريا ممرا للدول العربية المجاورة وعدم اتخاذه اجراء فعلي لحماية الحدود مع الأردن.

ويشير إلى أن مسألة اللاجئين السوريين التي “أثقلت كاهل الاقتصاد الأردني وعمقت جراحه” خاصة في ظل ما يعانيه من قلة الموارد، وهو ما يجعل لدى الأردن قناعة بأهمية التكاتف الدولي لدعم بناء دولة قوية قادرة على فتح “حضنها الدافئ لأبنائها في الشتات ودول اللجوء” للعودة والمشاركة في بناء وطنهم بما يعود بالخير على الجميع.

بينما يرى أستاذ العلاقات الدولية الأردني الدكتور حسن المومني أن اجتماعات العقبة هي “استمرار للزخم الدبلوماسي واستجابة لتطورات الحالة السورية” في ظل حالة التعقيدات التي توصف والتي من بينها تعقيدات في السياق الإقليمي و”تدخلات خارجية من دول إقليمية خاصة إيران وتركيا”.

مقاربة عربية واشتباك دبلوماسي

ويضيف أستاذ العلوم السياسية في حديثة أن هذا الاجتماع من الأهمية بمكان “للمساهمة في خلق مقاربة وموقف متوافق عليه بين الدول المعنية العربية والإقليمية حول الحالة السورية” والتي بحسب رأيه تتطلب “اشتباكا دبلوماسيا معقدا” مما يستلزم معه وجود دور عربي فعال خاصة عند الحديث عن الاشتباك الأمريكي التركي في الملف السوري وكذلك في ظل “التجاوزات الإسرائيلية” في حق الدولة السورية.

ويؤكد المحلل السياسي على وجود فرصة كبرى للدول العربية “لتعزيز دورها في الملف السوري” وأن يكون لها دور أكبر خاصة الدول العربية المستقرة والتي تستطيع عمل إحداث تغيير إيجابي لصالح الدولة السورية وفي مقدمته “مصر والأردن والسعودية ودول الخليج ودولة العراق التي بدأت تستعيد عافيتها.

ويشدد المومني على أن الملف السوري يستلزم ضرورة وجود “دور عربي أكثر نشاطا وفاعلية” لمساعدة السوريين على إنتاج عملية سياسية تؤدي الى الاستقرار وتبعد سوريا عن شبح الاستقطابات الإقليمية والتدخلات الخارجية.

المصدر: RT

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الدولة السوریة الدول العربیة

إقرأ أيضاً:

تجسيد "روح باندونغ" في العلاقات الصينية العربية

 

 

ووي وي يانغ **

قبل سبعين عامًا، عقدت دول آسيا وإفريقيا مؤتمرًا تاريخيًا في باندونغ بإندونيسيا؛ حيث طُرحت "المبادئ العشرة لباندونغ" الشهيرة، التي أكدت على المساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعايش السلمي، والتعاون المتبادل المنفعة. وقد شكلت هذه المبادئ راية روحية للدول النامية من أجل التضامن والتقوية الذاتية، والسعي من أجل الاستقلال الوطني والتنمية.

إن روح باندونغ، التي تتمحور حول " التضامن، التعاون، التنمية"، لم تقتصر على توحيد إرادة دول آسيا وإفريقيا خلال فترة الحرب الباردة، بل لا تزال تتجلى بأشكال جديدة في التفاعلات والتعاون بين الصين والدول العربية في هذا العصر الجديد الذي يشهد تغيرات متسارعة على الساحة الدولية.

عند انعقاد مؤتمر باندونغ، كانت غالبية الدول العربية في المرحلة المفصلية من كفاحها للتخلص من الاستعمار وتحقيق الاستقلال. وقد كانت الصين من أوائل الدول الكبرى التي دعمت نضال الشعوب العربية ضد الاستعمار، ووقفت بثبات في الجانب الصحيح من التاريخ، مما شكل نقطة انطلاق للصداقة الصينية العربية على أساس التجربة المشتركة في مقاومة الاستعمار والرغبة في التنمية.

حتى اليوم، ما زالت المبادئ التي نادت بها روح باندونغ، مثل الاستقلال الذاتي، والاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والمساواة والمنفعة المتبادلة، متجذرة بعمق في العلاقات الصينية العربية. سواء كان ذلك في ظل الاضطرابات الإقليمية أو في ظل تباطؤ الانتعاش الاقتصادي العالمي، فإن الجانبين الصيني والعربي يلتزمان دائمًا بالحوار أولًا، والتعاون أساسًا، والتنمية أولوية، ويدافعان معًا عن الحقوق المشروعة للدول النامية، ويصونان التعددية والعدالة الدولية.

بالنسبة إلى الدول العربية، فإن الالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ورفض الهيمنة يشكل ضمانة مهمة لاستقلالية القرار الدبلوماسي. أما بالنسبة إلى الصين، فإن تعزيز التضامن والتعاون مع العالم العربي في هذه المرحلة الحرجة من إعادة تشكيل النظام الدولي، يشكل مسارًا واقعيًا للمساهمة في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.

في السنوات الأخيرة، تعمقت الثقة السياسية المتبادلة بين الصين والدول العربية. في مواجهة القضايا الساخنة في المنطقة والاهتمامات المتعلقة بالسيادة والأمن، تلتزم الصين دائمًا بالموقف العادل، وتدافع عن الدول العربية في المحافل المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، وتعارض التدخلات الخارجية، وتدعو إلى حل النزاعات من خلال الحوار والمفاوضات. وفي ظل تصاعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتطور أزمة السودان، وتدهور الأوضاع في اليمن وليبيا، لعبت الصين دور الوسيط النشط، وطرحت "الحلول الصينية"، التي حظيت بالإشادة الواسعة من العالم العربي.

إن قوة التضامن لا تظهر فقط في المجال الدبلوماسي، بل تتجلى أيضًا في بناء الآليات المتعددة الأطراف. فمنذ انعقاد القمة الصينية العربية الأولى في الرياض عام 2022، تم إدراج مفهوم "مجتمع المصير المشترك الصيني العربي" في الوثائق السياسية المشتركة، مما منح التضامن الصيني العربي بُعدًا استراتيجيًا أوضح.

وفي الوقت الراهن، دخل التعاون الصيني العربي فترة "الازدهار الذهبي". ومع التوافق العميق بين مبادرة "الحزام والطريق" الصينية ورؤى التنمية مثل رؤية "عُمان 2040" في سلطنة عُمان، توسعت مجالات التعاون في البنية الأساسية والطاقة والاقتصاد الرقمي والطاقة الجديدة، لتصبح محركًا جديدًا لتنمية المنطقة.

تشير الإحصاءات إلى أن الصين ظلت لأعوام عديدة الشريك التجاري الأكبر للدول العربية. وفي عام 2024، تجاوز حجم التجارة الثنائية 400 مليار دولار أمريكي. وتشارك الشركات الصينية بنشاط في مشاريع كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، ومدينة نيوم في السعودية، وشبكات الطرق السريعة في الجزائر، مما يساهم في خلق فرص العمل ونقل التكنولوجيا محليًا.

وفي الوقت نفسه، يشهد التعاون الرقمي والأخضر بين الصين والدول العربية نموًا قويًا. فشركات مثل هواوي وعلي بابا تتعاون مع العديد من الدول في الدول العربية لبناء مدن ذكية وتطوير تقنيات الحوسبة السحابية. وفي مجالات الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية في الصحراء وطاقة الرياح، تتعاون الإمارات والسعودية والمغرب مع الصين لتقاسم ثمار التكنولوجيا، ودفع عجلة التنمية المستدامة.

ومن الجدير بالذكر أن الجانبين الصيني والعربي يُوليان أهمية كبيرة للتعاون في مجالات معيشة الشعوب، مثل الصحة والتعليم والزراعة. حيث ترسل الصين فرقًا طبية وخبراء زراعيين إلى العديد من الدول العربية، للمساعدة في تحسين المحاصيل الزراعية وبناء منصات التعليم عن بُعد. ويجسد هذا المفهوم التنموي المرتكز على الشعب جوهر روح باندونغ في العصر الحديث.

رغم مرور سبعين عامًا وتغير العالم جذريًا، فإن روح باندونغ لا تزال حية ونابضة. فهي ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل قوة تمهد الطريق نحو المستقبل.

وأمام حالة التوتر في الوضع الدولي وتعقيد التحديات الإقليمية، يجب على الصين والدول العربية أن تتمسك بروح باندونغ بثبات أكبر، وتمارس زمام المبادرة الاستراتيجية، وتعزز التعاون المتعدد الأطراف، وتوسيع آفاق التنمية، لتقديم دفعة جديدة نحو نظام دولي أكثر عدالة وإنصافًا.

وقد طرحتْ الصين مبادرات التنمية العالمية، والأمن العالمي، والحضارة العالمية، ولقيت هذه المبادرات استجابة واسعة ومشاركة نشطة من الدول العربية، مما يشكل تقاطعًا حيًا بين روح باندونغ ومتطلبات العصر. وعلى طريق الازدهار المشترك، تسير الصين والدول العربية يدًا بيد نحو مستقبل واعد.

"الصديق وقت الضيق." ومهما تغيرت الظروف الدولية، فإن تمسكنا بروح الوحدة والتعاون والتنمية، كفيل بأن يجعل روح باندونغ تتألق من جديد في العصر الحديث، ويكتب فصلًا جديدًا في سجل الصداقة والتعاون الصيني العربي.

** باحث في قسم دراسات الدراسات الإقليمية والدولية بجامعة "صون يات سين" الصينية

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: تلقينا 1345 شكاية من الجالية المغربية والمؤسسة المحمدية ستقدم خدمات سريعة مستقبلاً
  • وزير العمل السوريّة لنظيرها اللبناني: نعمل على إعادة السوريين للمشاركة في عملية بناء بلدهم
  • وزير الخارجية: مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال دولة بنين
  • رفع العقوبات عن سوريا.. هل يطلق نظامًا إقليميًا جديدًا؟
  • خبراء يكشفون عن نظام غذائي يحمي من أمراض القلب
  • مراسل سانا في حلب: بدء عملية تبادل الموقوفين بين مديرية الأمن الداخلي في حلب وقوات سوريا الديمقراطية، وذلك بعد استئناف تنفيذ بنود الاتفاق الموقع مع رئاسة الجمهورية العربية السورية
  • المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية الدكتور باسل أسعد: افتتاح سوق دمشق يوم تاريخي مهم لسوريا، ونحن متأهبون للعودة وممارسة دورنا خلال الفترة القادمة حيث ستكون الاستثمارات أكبر وأوسع في سوريا الجديدة
  • الشرع في الكويت... زيارة رسمية للرئيس السوري تعيد رسم خريطة العلاقات السورية | تقرير
  • كلمة السيد الرئيس أحمد الشرع بالاجتماع الدوري لمجلس وزراء الجمهورية العربية السورية بحضور عدد من مسؤولي الهيئات
  • تجسيد "روح باندونغ" في العلاقات الصينية العربية