بقلم / عمر الحويج

لقد مثلتم خير تمثيل ، الدور المسرحي التراجيكوميدي ، لمسرحية "ديك المسلمية" المعروفة قصته وخاتمتها المأسوية ، فأنتم المبتهجون مثله ، قبل قَليكم ومن بعد طبخكم يتم إكلكم ، وارفقتم مسرحيتكم ، بتمثيل متمكن لدور "ديك العدة" الفوضوي التهريجي . وأنتم بفعل كل ذلك ، ما أنتم إلا كمن يلعب خارج "الشبكة الطاشة" كما يكثر قولها هذه الأيام .


فمسرحياتكم هذه ما فيها وما على خشبتها ، كله ضائع في كوم قش ، وأنتم باحثون عنها ، في صوت انصرافيكم وجوقة لايفاتيه ، ومجندي جداده الإلكتروني ، وكلها يديرها عميان لا يبصرون ، وآذانهم صماء ، في بلاد يقطنها أسوياء لا أغبياء .
فأستواء أمر النظر السليم للثورة السورية بلد التغيير الجذري القادم بقوة . هي بلا فكاك ، ولا بطولة لسان ، من وجود الإرتباط الوثيق ، بين الهروب الكبير لبشار الأسد ، ومعادلها الموضوعي ، الهروب الآتي للمدعو عبد الفتاح البرهان ، يعادلها في جانبها المأسوي الخياني الآخر ، الهروب الواضح والصريح ، لداعميه وداعميكم من الروس حماته وحماتكم ، حتى إمتدَّ ووصل الحامي الأول والأصيل دولة إيران الملالي ، التي تغلغلت داخل عظام نظام بشار الأسد ، وإن لم تجدوا أنتم منها إلا الخيانة المسبقة في حربكم ، غير الدفع المقدم لشراء المعدات العسكرية ، وكثير صمت وتجاهل ، وأنتم كما يصور لكم خيالكم المريض والمتعطش للسلطة والجاه ، أن معادلكم الذي أسستم عليه آمالكم وابتهاجاتكم ، وإرسال برقيات تهنياتكم ، في قياس إنتصار الثورة السورية ، هو دخول الداعشي الجولاني وجنده المستنفرة ، وأقتحامه دمشق وإستلامه القصر الجمهوري ، ونسيتم ما يخص معادلتكم المعقدة ( جيش سوريا يحارب ثورة وطنه ، وانتم تحاربون ثورة وطنكم بجيشها الوطني المختطف ) فتأمل ..!!
وطالت حجتكم وبهجتكم تلك ، حين كانت بداية التنوير لقائدهم أحمد الشرع "الجولاني" في خطبة المسجد الأموي ، وفرحاً هللتم وكبرتم ، هذا هو الإسلاموي الجديد ناصر ظهرنا وحربنا ..!! ، وزاد تهليلكم حين وصل نظركم وسمعكم ذلك الفيديو ، الذي تجمَّع فيه مسلحين من أنصار الجولاني وجمعكم مبتهجبن فرحين ، حين كانوا في تسجيل الفيديو ، يرددون ذات هتافكم من بدايته حتى خاتمته العدمية تحفظونها عن ظهر قلب ، وكم من آلاف المرات رددتموها في صحو مظاهراتكم ، وفي يقظة أحلامكم ، تذكرونها ، فقد رددوها بضبانتها ، وكأنهم في الساحة الخضراء يرقص على أنغامها ، المخلوع البشير ، ونصها كما سمعناها منكم "في سبيل الله قُمنا/ نبتغي رفع اللواء.. لا لدنيا قد عملنا/ نحن للدين فداء.. فليعُد للدين مجده/ أو ترق منَّا دماء.. أو ترق منهم دماء.. أو ترق كل الدماء" .
هذا كان مدخلكم الإبتهاجي الرنان ، وتصورتم بكل بساطة ، أن داعشكم الأسلاموي ، هو المنتصر ، وهو الذي سيكون نصيركم في حربكم العبثية .
هو قد يكون شبيهكم أو ليس شبيهكم ، قد يخرج فتواكم ، من فقه الضرورة والتقية ، وإستخدامه لنصرتهم كما فعلتم وفعل عرابكم ، أذهب أنت إلى القصر رئيساً ، وأنا إلى السجن حبيساً ، ربما ينخدع فيهم العالم حين التخفي قليلاً وربما لا ، لإعطاء الفرصة للمسكنة لتعمل عجلة التمكين في بلادهم ، كما أنخدعت فيكم المخابرات المصرية ، التي جعلت رئيسها حسني مبارك ، يقدمهم للعالم ، أنهم خرجوا من تحت جلبابه وثنايا عباءته . وردكم لجميله ، أنه كان على وشك أن يصبح الرئيس السابق ، حين قررتم إغتياله بيدكم لابيد عمرو ولكن الله ستر ، فكانت تنتظره التسميه بيد شعبه سبحان الله .
كل هذا في ذهن العالم ومخابراته ، تجارب ، تحفظها الشعوب بما فيها ، الشعب السوري ، كما يحفظها الجولاني " وهيئة تحرير الشام " التي يرأسها ، وكان هذا إسمه الحركي ، وتنظيمه السابق ، حامل إسم "النصرة " المصنف عالمياً كجماعة إرهابية ، وحتى لا تسكبوا مياه رؤيتكم لسراب البقيعة ، أو تتكلوا ظهركم على حوائط مائلة ، فالشعوب ما عادت نفس الشعوب ، والعالم ما عاد ذات العالم ، وحتى الجولاني ليس هو ذات الجولاني ، وقد فهم فقه الضرورة بغير فهمكم العدمي ، و( لاحظوا قرارته المقبولة من شعبه والعالم من حوله ، أكانت فقه ضرورة أو حقيقة) ومن ثم أحكموا له أو عليه .
وعليه سيكون مطروحاً ، في معمعة ما يحدث في سوريا الآن ، عدة سيناريوهات ، وإياً كانت متعددة ومتضاربة وربما متناقضة ، فهي لن تخرج عن غير ما أراه ويراه غيري محتملاً وقابلاً للتطبيق ، فلنحملها ونهمس بها في آذانكم الصماء وأبصاركم العمياء ، برغبة من الجميع ، لتوصيلها بطريقكم السالك إلى أذن البرهان الهالك ، النائم ديمة على وسادة حلم أبيه ، لتوقظوه من نومته الحالمة الظالمة ، برئاسة حكم السودان الذي يظنه هاملاً ، ليحكمه بجيشنا الوطني المختطف ، العائد إلى رشده ، عاجلاً لا آجلاً نراه قريباً . وصنوه الآخر الطامح مثله في سباق الرئاسة ، بجنده النهابة ، أوصلوا لهم الرسالة ، أن جهزوا حالكم بلا مالكم ، لمصيركم المرتقب ، الذي لن يكون غير مصير بشار الأسد : الهرب ، ثم إنتظار الملاحقة ، وسؤ الخاتمة .. والعقوبة .

والسيناريوهات المتوقعة لا تتعدى :
أولها :
وهو السيناريو الأسوا الذي لانتمناه عند الحدوث ، لشعب سوريا وجيرانها والإقليم ، وللعالم أجمع ، وهو ذلك الشبيه بما حدث في أفغانستان
لحظة إنسحاب الروس " السوفيت زمانها" ، وتركها لقمة سايغة في أيدي المليشات ، التي وجهت بعد حين سلاحها لبعضها البعض ، إلى أن أفنت نفسها بنفسها ، وسلمت أمرها وجبة طازجة وساخنة ، إلى طالبان صنيعة المخابرات الباكستانية ، وإلى يوم الناس هذا ، وأفغاستان غارقة في بحر التيه والتوهان والعدم ، يملأ فم شعبها الضياع والندم .
وتحت نظركم فيما مضى وقد يأتي ، حرب المليشيات الموازية للحرب داخل حرب السلطة ضد بشار ، بين النصرة التي بدلت أسمها الى هيئة تحرير الشام ( ربما فقه ضرورة كيزانية.. !! ) ، والآن كسلطة تحولت إلى هيئة العمليات العسكرية ، تقابلها في الساحة لازالت ، مليشات اخرى منها مليشيا تحت الحماية التركية ، واخرى باسم المليشيا الديمقراطية ، أما أكثرها وجوداً هي مليشيا "قسد" التي تكونت تحت الحماية الأمريكية ، وقد يكون قرار أمريكا اليوم بالبقاء في سوريا ، سبباً في تقوية هذه المليشيا ، لتحارب بها ، "كما جاء في البيان الأمريكي" الإرهاب الداعشي التي كانت تحمل لوائه "هيئة تحرير الشام " بقيادة ذات جولاني إسم الأمس وأحمد الشرعي بإسم اليوم ، بعدها قطعاً ، إذا تواصل شكل النص الأفغاني ، في التنفيذ ، ستواصل سوريا ، الغرق في سيول من دماء ليس لها من ضفاف توقفها عند حدها .

ثانيها :
هو السيناريو الأقل خطورة ، وأقل تكلفة ، ذلك التريث الذي تمارسه الدول الخارجية وأولها أمريكا ، كما يمارسه الشعب السوري وجيرانه والإقليم ، فجميعهم في حالة ترقب وإنتظار ، عبرت عنه صحفية سورية ، دخلت دمشق بعد غيبة طويلة ، وعلى مقهى ، وقف أمامها مسلحان ، سألها أحدهما ، لماذا لا تغطين شعرك ، قالها وإن كان بأدب ربما مفتعل ، وهي قبل ساعة سمعت بأذنيها بيان هيئة العمليات العسكرية ، يعلن أن لا دخل للسلطة فيما تلبسه النساء ، أمام الكاميرا سجلت موقفها قائلة ، تعرفني سورية وأهل سوريا ، أني مسيحية ، أنا في حالة إحباط قالت ، ولسان حالها يقول ، "أسمع كلامك أصدقك ، أشوف فعايلك أتعجب" ، ويظل الترقب ومتابعة السلوك التنفيذي ، في أي إتجاه تسير رياح الثورة السورية .. والجميع على أحر من جمر ينتظر .

ثالثها :
سيناريو ما حك جلدها سوريا المنكوبة مثل ظفرها ، وقد يكون ويحدث في اليوم التالي ، لإنتهاء الفترة الإنتقالية ، ومدتها أربعة أشهر ، والسؤال حينها : هل يُمَّلِك الشعب السوري ، إبان ذلك الوقت قدره وقدراته لصالح تقرير مصيره ، بمواصلة مسيرة ثورته السلمية ، أم يترك جثته تنهشها الكلاب الضالة في حروب عبثية .
ويبقى قائماً السؤال الأزلي في ظل صراع السلطة الأبدي ، في سوريا وفي غيرها ، هل يستلمها من وصلها بالسلاح لتنفيذ أغراضه وأهدافه الخاصة ، أم يستلمها وينضجها ويستلهمها ذلك الشعب ، الذي ضحى بعمر عاشه .. حرباً وقتلاً وسحقاً وتنكيلاً وتعذيباً وذلاً وتشريداً ونزوحاً ، على مدى ستين عاماً تحت حكم ، "إبن وأباه" ، خاضا في الإستبداد حتى آخر قاعه ومداه .

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بشار الأسد

إقرأ أيضاً:

وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها



وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار 2025-07-29Ali Ghaddarسابق وزير الثقافة محمد ياسين الصالح: معرض دمشق الدولي رسالة حضارية تقول إن شعبنا يعرف كيف يبني، ويعرّف الآخر على إرثه انظر ايضاًاتفاق على إنشاء مجلس تنسيقي مشترك بين سوريا والأردن

عمان-سانا اختتمت في العاصمة الأردنية عمان اليوم، اجتماعات اللجنة الوزارية الأردنية السورية المشتركة، بالاتفاق على …

آخر الأخبار 2025-07-29مندوبة الولايات المتحدة تؤكد ضرورة دعم ومساعدة الحكومة السورية للانتصار في الحرب على الإرهاب 2025-07-29هيئة الاستثمار السورية تبحث مع شركات التطوير العقاري سبل تعزيز دورها في مرحلة إعادة الإعمار 2025-07-29في يومه الثاني.. ملتقى الكتاب السوريين يجمع عصارة إبداع نخبة من المثقفين 2025-07-29الضحاك: الاحتلال الإسرائيلي يواصل محاولة ضرب الوحدة الوطنية السورية وعرقلة جهود ترسيخ الاستقرار 2025-07-28الخطوط الجوية التركية تعلن استئناف رحلاتها إلى حلب بداية آب المقبل 2025-07-28نائب وزير الاقتصاد يبحث مع غرفة تجارة ريف دمشق سبل تعزيز البيئة التجارية والاستثمارية 2025-07-28المراسلات الإدارية والقانونية والبروتوكولات الرسمية ضمن دورة تدريبية لوزارة التنمية الإدارية- فيديو 2025-07-28الهيئة العامة للمنافذ: منع استيراد 20 منتجاً حرصاً على دعم الإنتاج المحلي 2025-07-28السعودية وفرنسا تدعوان لإنهاء الحرب في غزة وتطبيق حل الدولتين 2025-07-28ترامب وستارمر يتفقان على اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء المعاناة في غزة

صور من سورية منوعات اكتشاف بصمة يد عمرها 4 آلاف عام على أثر طيني مصري 2025-07-28 رجل صيني يثير جدلاً بتحويل سيارته إلى حوض أسماك متنقل 2025-07-28
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • الواقع القضائي في سوريا والتحديات التي تواجه عمل العدليات خلال اجتماع في وزارة العدل
  • وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها
  • بعد إسقاط الحصانة: فرنسا تطلب مذكرة توقيف جديدة بحق بشار الأسد
  • أول دولة أوروبية تصدر مذكرة توقيف دولية جديدة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
  • لهجوم 2013 الكيميائي.. طلب إصدار مذكرة توقيف بحق بشار الأسد في فرنسا
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • النيابة العامة الفرنسية تطلب إصدار مذكرة توقيف جديدة بحق بشار الأسد
  • سوريا تستعد لأول انتخابات برلمانية منذ سقوط الأسد
  • سوريا.. إعلان موعد أول انتخابات برلمانية بعد الأسد
  • سبتمبر.. موعد أول انتخابات برلمانية في سوريا منذ سقوط الأسد والشرع سيعيّن ثلث المقاعد