جدّة- ميتر لرصد الانتهاكات في السودان
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
زوايا
حمّور زيادة
جدّة– ميتر لرصد الانتهاكات في السودان
بينما تضرب الخلافات تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدّم) حول تكوين حكومة موازية، في المنفى أو داخل السودان، تزداد معاناة المواطنين من الآثار غير المباشرة للحرب، ومن الانتهاكات المباشرة من طرفي الصراع.
ظل تاريخ القوى السياسية المدنية دوماً هو تاريخ الخصام، والبحث عن نقطة تلاقٍ.
كانت الضغوط الدولية والمحلية قد نجحت في دفع المتقاتلين للتفاوض عبر منبر جدّة في الأسابيع الأولى للحرب. ما أنتج بعد أقل من شهر إعلان جدّة للالتزام بحماية المدنيين. لكن الاتفاق ظل كسيحاً، لرفض الطرفين في “جدّة 2” التوافق على آليات لتنفيذ ومراقبة ما اتفقا عليه سابقاً.
ورغم انهيار “جدّة 2” في ديسمبر/ كانون الأول 2023، لكن “الدعم السريع” وقع لاحقاً، في يناير/ كانون الثاني (بعلم الجيش)، إعلان أديس أبابا مع تنسيقيّة القوى الديمقراطية والمدنية. وتالياً، رفض الجيش أي تفاهم مع المدنيين، ورفض العودة إلى أي تفاوض، واكتفى باختزال إعلان جدّة في إخلاء “الدعم السريع” لمنازل المواطنين.
في متاهة المفاوضات والتوقيعات هذه، يمكن للقوى المدنية أن تستند إلى إعلان جدة لرصد الانتهاكات اليومية التي يرتكبها المسلحون. فبين القصف المدفعي واحتجاز المدنيين رهائن مقابل فدية مالية ونهب الممتلكات وتهجير السكان وغيرها من “الدعم السريع” وبين قصف الطيران الأسواق والتجمعات المدنية والاعتقال التعسفي والتعذيب وغيرها من الجيش يجد المواطن نفسه بلا سند لمواجهة الويلات اليومية.
ورغم رفض سابق لبعض قيادات “التنسيقية” المدنية لرصد الانتهاكات، بحجّة أنهم تحالف سياسي وليسوا جهة حقوقية، يظل الاحتكام لإعلان جدّة أنجع السبل الحالية لرصد جدّية (أو للدقة: عدم جدّية) طرفي القتال في حماية المدنيين. رصد الانتهاكات ومحاكمتها بمرجعية إعلان جدّة يساعد على توسيع دائرة رؤية الفاعلين السياسيين، ما قد يعينهم على إيجاد تصور قابل للتنفيذ يساعد على تقصير مدّة الحرب التي تواصل إعادة تشكيل نفسها وحمولاتها. … تبدو هذه الوظيفة الوحيدة التي يمكن للقوى المدنية أن تقوم بها لتكون صوت المواطنين، بعدما تعقّد مسار الحرب وتعدّد فاعليها الدوليين، مع صعوبة (إن لم يكن استحالة) ممارسة القوى المدنية للعمل السياسي داخل السودان، سواء في مناطق سيطرة الجيش أو مناطق سيطرة “الدعم السريع”.
لعلّ القوى المدنية السودانية تحتاج للاعتراف بأنها في أضعف حالاتها في تاريخ السياسة السودانية. وأنها تعرّضت لعملية شيطنة غير مسؤولة من الأصدقاء قبل الأعداء، تضافرت مع أخطاء وضعف وارتباك ظاهر في الأداء نتجت عنه حالة سوء ظن وتشكّك في أحسن الأحوال، واتهامات بالخيانة والعمالة والعنصرية في أغلب الأحوال. ربما بهذا الاعتراف يمكنها البحث عن وسيلةٍ لإعادة التموضع في ظل صراع مسلّح لا تبدو نهايته قريبة، رغم تحديد الجيش مراراً مواعيد النصر النهائي، جديدها أخيراً شهر ديسمبر/ كانون الأول الحالي. ويبدو الانشغال برصد الانتهاكات، والقبول بدور “الصوت المعبّر عن ضحايا الحرب”، قد يكون وسيلة إنقاذ السياسة والسياسيين في مستقبل البلاد الذي تحدّده البنادق في هذه اللحظة.
* نقلا عن العربي الجديد
الوسومإعلان جدة السودان العربي الجديد تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية- تقدم ثورة ديسمبر حمور زيادةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إعلان جدة السودان العربي الجديد تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم ثورة ديسمبر حمور زيادة ة القوى الدیمقراطیة القوى المدنیة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
"الكوليرا في زمن الحرب".. ألف حالة يوميا بالخرطوم وتحذيراتٌ من كارثة محقّقة
تواجه السودان أزمة كوليرا متفاقمة مع تسجيل أكثر من 1000 حالة يوميًا في الخرطوم، البؤرة الرئيسية للوباء. وسط دمار الحرب، انهيار البنية التحتية، وشح المياه النظيفة، يحذر الأطباء من انتشار سريع للمرض بين النازحين والمناطق المكتظة. اعلان
وسط دمار شامل ناجم عن الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، يواجه السودان واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية التي تهدد حياة الملايين. ففي ظل تدهور الخدمات الأساسية وتوقف أكثر من 80% من المستشفيات، تتفاقم جائحة الكوليرا بسرعة مذهلة، لتتحول العاصمة الخرطوم إلى بؤرة رئيسية للوباء.
وأفادت السلطات الصحية بأن عدد حالات الإصابة بالكوليرا في الخرطوم تجاوز 1000 حالة يوميًا، مما يجعلها البؤرة الرئيسية لانتشار المرض.
وقال نيكولا جان، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود (MSF) في السودان : "الوضع الحالي لوباء الكوليرا سيء جدًا، خاصة في الخرطوم التي أصبحت بؤرة تفشي المرض. لقد شهدنا موجة كوليرا ارتفعت بشكل سريع خلال أيام قليلة، حتى بلغ عدد الإصابات المئات، بل وحتى تجاوزت ألف حالة يوميًا في الخرطوم."
وأرجع جان سبب التفشي إلى "آثار الصراع على نظام المياه وعلى النظام الصحي وعلى نظافة المواطنين"، مشيرًا إلى أن "الكثير من الناس تشردوا مرارًا وتكرارًا، ولم يجدوا ملجأ أو حتى منزلًا، واضطروا للعيش في مراكز إيواء مكتظة. هذا الاختلاط، ونقص المياه، وسوء النظافة، وعدم الوصول إلى الرعاية الصحية كلها عوامل ساعدت على انتشار المرض وجعلت من الصعب السيطرة عليه."
Relatedالكوليرا تعصف بالسودان: 172 حالة وفاة خلال أسبوع وسط انهيار صحيالسودان: الدعم السريع تقصف مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان ومليون طفل معرض للكوليرارئيس وزراء السودان الجديد يرفع السقف: لا أمن بلا إنهاء التمرّدوسجلت وزارة الصحة السودانية حالات في مدينة أم درمان، وكذلك في ولايات كردفان الشمالية وسنار والجزيرة والنيل الأبيض والنيل. وقد كانت كلتا المدينتين الخرطوم وأم درمان ساحتي قتال طوال الحرب، ما أدّى إلى نزوح معظم السكان.
مع استعادة الجيش السيطرة على المنطقة من قوات الدعم السريع في نهاية مارس الماضي، بدأ نحو 34 ألف شخص في العودة إلى ديارهم، لكنهم وجدوا مدنًا مدمرة، ومنازل مهترئة، وبنية تحتية منهارة.
وقال أحد سكان الخرطوم العائدين بعد الهجرة : "منذ عودتنا إلى هنا، لم نجد طريقة للحصول على مياه الشرب سوى من النهر. نستخدم شاحنات لجلب المياه، ثم نملأ بها الحاويات أو البراميل، ونتركها لفترة قصيرة، ثم نضعها في أواني الشرب ونشرب منها."
وروت إحدى السيدات: "بعد شهرين أو ثلاثة من الحرب، توقفت إمدادات المياه تمامًا، والكهرباء تنقطع ثم تعود، لكن المياه توقفت بشكل كامل. الأمر يفوق أي جهد، وفي الوقت الحالي هناك الكثير من المعاناة."
وأرجعت اليونيسيف سبب نقص المياه النظيفة إلى تدمير محطات توليد الكهرباء، مما أدى إلى تعطل مضخات المياه. كما تعرضت أنظمة الصرف الصحي لأضرار بالغة، مما زاد من خطر انتشار الأمراض.
ويشير الدكتور سيد محمد عبدالله من اتحاد الأطباء السودانيين إلى أن "أكثر من 80% من المستشفيات غير قادرة على العمل، بينما تعاني تلك التي ما زالت تعمل من نقص المياه والكهرباء والأدوية." وهو ما يجعل الاستجابة الطبية للوباء صعبة للغاية.
ووصفت منظمة الصحة العالمية الكوليرا بأنها "مرض الفقر"، إذ تنتشر في المناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية الصحية ونقص المياه النظيفة. وهو مرض إسهالي ينتج عن تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا الفيبريو كوليرا، ويمكن علاجه بسهولة باستخدام محلول إعادة الترطيب والمضادات الحيوية.
ويواجه العالم اليوم نقصًا حادًا في اللقاحات، حيث انخفض مخزون منظمة الصحة العالمية العالمي من لقاح الكوليرا الفموي دون الحد الأدنى البالغ 5 ملايين جرعة، مما يزيد من صعوبة السيطرة على الجائحة.
ويرزح السودان تحت وطأة الحرب الأهلية منذ أبريل 2023، عندما تحولت التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى معارك عنيفة منتشرة في جميع أنحاء البلاد. أُبلغ عن مقتل 24 ألف شخص على الأقل، رغم أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير. وتم تهجير أكثر من 14 مليون شخص من منازلهم، بما في ذلك أكثر من 4 ملايين فروا إلى الدول المجاورة. وأُعلنت مجاعة في خمس مناطق على الأقل، وكان مركزها الرئيسي هو إقليم دارفور المدمّر.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة