التضخم في سلطنة عمان من بين أدنى المعدلات عالميا
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
مسقط - العُمانية
ظلت ظاهرة التضخم المتفاقم عالميًّا موضع الاهتمام والمتابعة طوال السنوات الماضية لاحتواء معدلاته ضمن مستهدفات السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية لسلطنة عُمان, وتجنب تفاقمه للمعدلات التي شهدها الكثير من الدول المتقدمة والناشئة والنامية، مما أثر على نمو الاقتصاد وعلى مستويات المعيشة في هذه الدول.
وأدى تفشي الجائحة في عام 2020 وما صاحبها من إغلاقات وقيود على الحركة والأنشطة الاقتصادية إلى مشكلات في سلاسل التوريد والإمداد وحركة التجارة العالمية وارتفاع كلفة الخدمات وأسعار الغذاء، وواصلت الصعود بفعل تداعيات الأزمة في أوكرانيا وتأثيراتها على أسعار الطاقة والخدمات وكلفة الشحن والتأمين، والسلع الغذائية مثل الحبوب والبذور والزيوت النباتية والحليب، وأسفرت كافة هذه التطورات عن تفاقم التضخم عالميا ليصل إلى أعلى مستوياته خلال عام 2022.
وفي ظل هذه الأزمة، انعكست تأثيرات الارتفاعات العالمية على الأسواق المحلية مع استيراد الاحتياجات من السلع والمنتجات، وقد أسهمت التدابير والسياسات الاستباقية لسلطنة عمان في إبقاء معدلات التضخم عند مستوى معتدل حتى خلال ذروته عالميًّا في عام 2022, وكان التضخم في أسعار المستهلكين في سلطنة عُمان من بين أدنى المعدلات في العالم وضمن الحدود الآمنة المستهدفة في الخطة الخمسية العاشرة 2021-2025.
وتشير بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن متوسط معدل التضخم وفقا للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين في سلطنة عُمان سجل نحو 1.7 بالمائة خلال الفترة من 2021-2023, وانخفض إلى ما يقل عن واحد بالمائة في نهاية عام 2023, وخلال العام الجاري 2024, بلغ معدل التضخم في أسعار المستهلكين نحو 0.8 بالمائة خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر الماضي .
وتفاوتت معدلاته بين مختلف المحافظات حيث سجل التضخم أدنى المعدلات في محافظة جنوب الباطنة بنسبة 0.4 بالمائة, وبنسبة 0.6 بالمائة في محافظتي مسقط وظفار, وبنسبة 0,7 بالمائة في كلٍّ من محافظتي الظاهرة والبريمي, و0.8 بالمائة في محافظة شمال الباطنة, في حين تم تسجيل أعلى معدل للتضخم في محافظة جنوب الشرقية بنسبة 1.9 بالمائة وفي كل من محافظتي مسندم والوسطى بنسبة 1.6 بالمائة ومحافظة شمال الشرقية بنسبة 1.3 بالمائة ومحافظة الداخلية بنسبة 1.1 بالمائة, وبشكل عام يرتبط تفاوت معدلات التضخم على النطاق الجغرافي بعدد من العوامل أهمها الموقع الجغرافي ونشاط الاقتصاد المحلي في كل محافظة.
ويأتي تراجع التضخم على أساس سنوي بنهاية أكتوبر من عام 2024 مقارنة مع نفس الشهر من عام 2023 في ظل استقرار الأسعار القياسية لمجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى, ومجموعة الاتصالات, ومجموعة التبغ, وتراجع الأرقام القياسية لأسعار مجموعة النقل بنسبة 2.6 بالمائة, مع ارتفاع أسعار مجموعة السلع الشخصية المتنوعة والخدمات بنسبة 4.8 بالمائة ومجموعة المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 3.5 بالمائة ومجموعة الصحة بنسبة 3.2 بالمائة, مع زيادات محدودة في مجموعات المطاعم والفنادق, والملابس والأحذية, والأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية وأعمال الصيانة, والتعليم.
وأشار التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي إلى تراجع التضخم في سلطنة عُمان إلى 0.6 بالمائة خلال الفترة من بداية العام الجاري وحتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري 2024، مقابل نسبة تضخم بلغت 0.9 بالمائة في عام 2023, لتظل معدلات التضخم في أسعار المستهلكين عند مستويات منخفضة في سلطنة عمان.
وتتوقع وزارة الاقتصاد أن يظل معدل التضخم معتدلا وضمن المستهدفات على المدى المتوسط، كما تتابع الوزارة من خلال مؤشر تنافسية المحافظات تطورات التضخم في مختلف المحافظات بهدف تحديد تفاوتات الأسعار والعوامل المؤثرة على التغير في الأسعار للمساعدة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات تحد من هذه التفاوتات وتحقق توازن الأسواق والأسعار.
وأكدت وزارة الاقتصاد على أن تعزيز الإنفاق الاجتماعي وعلى الخدمات الأساسية من الصحة والتعليم والإسكان يمثل أولوية حافظت عليها سلطنة عُمان لتحسين مستويات المعيشة وتخفيف أعبائها وترقية الخدمات حتى إبان فترة تأثر الوضع المالي للدولة بتبعات الجائحة وتراجع أسعار النفط, حيث تم إطلاق حزمة من المبادرات الاجتماعية التي أسهمت في مساندة الفئات المتأثرة بتبعات الأزمات العالمية.
ومن المتوقع أن ينخفض التضخم الكلي عالميًّا إلى نسبة 5.8 بالمائة في 2024, مما يشير إلى أن جهود البنوك المركزية تحقق نجاحا متزايدا في احتواء التضخم, وبناء على هذه التطورات, قام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته للتضخم خلال العام المقبل, وبعد أن كانت التوقعات تشير إلى معدل تضخم متوقع يبلغ 4.4 بالمائة في عام 2025، تم خفض التوقعات إلى 3.5 بالمائة مع حلول نهاية العام القادم 2025.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ارتفاع محدود لأسعار الذهب محليا بالتزامن مع عطلة البورصات العالمية
سجّلت أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفاعًا طفيفًا خلال تعاملات اليوم السبت، بالتزامن مع العطلة الأسبوعية للبورصات العالمية، وذلك عقب المكاسب القوية التي حققتها الأوقية عالميًا خلال الأسبوع الماضي بنسبة 2.4%، في ظل تصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي واستمرار التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، بحسب تقرير منصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت بنحو 10 جنيهات مقارنة بختام تعاملات أمس، حيث سجّل جرام الذهب عيار 21 نحو 5745 جنيهًا، وبلغ عيار 24 حوالي 6566 جنيهًا، بينما سجّل عيار 18 نحو 4924 جنيهًا، في حين وصل سعر الجنيه الذهب إلى 45960 جنيهًا.
وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت أسعار الذهب بنحو 100 دولار للأوقية خلال تعاملات الأسبوع، لتغلق عند مستوى 4299 دولارًا.
ومنذ بداية العام، حقق الذهب قرابة 50 مستوى قياسيًا جديدًا، مسجّلًا ارتفاعًا تجاوز 65%، ليحقق أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979.
ورغم هذه المكاسب، فإن أداء الذهب يبدو أقل مقارنة بالفضة، إذ ورغم تراجع المعدن الأبيض عن قممه الأخيرة التي تجاوزت 64.66 دولارًا للأوقية، إلا أنه أنهى الأسبوع على ارتفاع بأكثر من 6%، مع تحقيق قفزة سنوية بلغت نحو 115%، ليتداول عند مستويات تاريخية غير مسبوقة.
ويتوقع محللون أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، حتى في ظل استمرار الضغوط التضخمية، ما يعني استمرار تراجع العوائد الحقيقية وتقليص تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب، باعتباره أصلًا لا يدر عائدًا.
في المقابل، يُرجّح أن يسهم استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي في كبح نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المقبل. ورغم التوقعات بدعم اقتصاد الذكاء الاصطناعي لأسواق الأسهم حتى عام 2026، فإن تصاعد المخاطر في سوق الأسهم يعزز من جاذبية الذهب كأداة فعالة لتنويع المحافظ الاستثمارية.
ورغم الطلب القوي وغير المسبوق على الذهب هذا العام، لا تزال حيازاته تمثل نسبة محدودة من إجمالي الأصول المالية العالمية، ما يفتح المجال أمام تدفقات استثمارية إضافية مستقبلًا.
ولا يزال عدد من المحللين يستهدفون وصول أسعار الذهب إلى مستوى 5000 دولار للأوقية خلال العام المقبل، بينما تتراوح التوقعات لأسعار الفضة بين 75 و80 دولارًا للأوقية، مع ترجيحات أكثر تفاؤلًا بوصولها إلى 100 دولار.
وتستمر أسعار الذهب في تلقي الدعم من حالة الغموض المحيطة بتوجهات الاحتياطي الفيدرالي وضعف البيانات الاقتصادية، رغم صدور تصريحات متباينة من مسؤولي البنك المركزي الأمريكي، فقد أعرب اثنان من ثلاثة أعضاء معارضين عن قلقهم من استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة، خاصة في ظل محدودية البيانات الاقتصادية، وعلى رأسها مؤشر أسعار المستهلكين.
وجاء تقرير طلبات إعانة البطالة، الذي جاء أضعف من التوقعات، ليعكس ارتفاع عدد الأمريكيين المتقدمين للحصول على إعانات البطالة، وهو ما عزز موقف البنك المركزي. ومع ذلك، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أن جانبًا من البيانات قد يكون “مضللًا” نتيجة إغلاق الحكومة الأمريكية.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، تبدو محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا متعثرة، في ظل تعبير البيت الأبيض عن استياء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من بطء المفاوضات وخيبة أمله من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لعدم توقيعه على خطة السلام الأمريكية.
وتجاهلت أسعار الذهب إلى حد كبير التصريحات الأخيرة لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، والتي تمهد لمسار أسعار الفائدة خلال العام المقبل. غير أن جيفري شميد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، خالف هذا التوجه، معتبرًا أن التضخم لا يزال مرتفعًا للغاية، وأن السياسة النقدية يجب أن تظل تقييدية بشكل معتدل، مشيرًا إلى أن الاقتصاد لا يزال يتمتع بزخم واضح.
من جانبه، دعا أوستن جولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، إلى انتظار المزيد من البيانات، خاصة المتعلقة بالتضخم وسوق العمل، مؤكدًا في الوقت نفسه أنه لا يتبنى موقفًا متشددًا حيال أسعار الفائدة في العام المقبل، ويتوقع خفضًا بنحو 50 نقطة أساس حال تحسن المؤشرات الاقتصادية.
وفي السياق ذاته، أعربت آنا بولسون، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، عن قلقها بشأن ضعف سوق العمل، مشيرة إلى إمكانية تراجع التضخم خلال العام المقبل مع انحسار تأثير الرسوم الجمركية التي كانت أحد أبرز محركات ضغوط الأسعار هذا العام.
في المقابل، شددت بيث هاماك، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، على استمرار مخاطر التضخم المرتفع، مفضلة اتباع سياسة نقدية أكثر تشددًا، معتبرة أن سعر الفائدة الحالي قريب من المستوى المحايد، مع الحاجة إلى مزيد من القيود للسيطرة على التضخم.
وبحسب بيانات وزارة العمل الأمريكية، ارتفعت طلبات إعانة البطالة الأولية للأسبوع المنتهي في 6 ديسمبر إلى 236 ألف طلب، مقارنة بـ192 ألفًا بعد تعديل بيانات الأسبوع السابق، في حين تراجعت طلبات إعانة البطالة المستمرة إلى 1.838 مليون طلب، ما يشير إلى قدر من الاستقرار في معدلات البطالة طويلة الأجل.
وتترقب الأسواق خلال الأسبوع المقبل صدور بيانات التوظيف لشهري أكتوبر ونوفمبر، إلى جانب بيانات التضخم لشهر نوفمبر، وهي عوامل مرشحة لتعزيز التقلبات في أسواق الذهب والمعادن النفيسة.