أزمة تعديل قانون الانتخابات: غياب الإجماع السياسي يعمّق الانقسامات
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
16 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: في الوقت الذي تستمر فيه الخلافات داخل الإطار التنسيقي حول تعديل قانون انتخابات مجلس النواب العراقي، يبدو أن القضية أبعد من مجرد نقاش قانوني، بل تعكس تناقضات عميقة بين أطراف القوى السياسية التي تقود المشهد السياسي في البلاد.
النائب عن الإطار التنسيقي، مختار الموسوي، أشار في تصريحاته الأخيرة إلى “عدم وجود إجماع سياسي ما بين قوى الإطار”، مما يوحي بأن الحراك لتعديل القانون لا يزال يراوح مكانه، رغم الضغوط المتزايدة من جهات مختلفة.
قانون الانتخابات الذي عُدّل في العام 2023، لم يكن مجرد نصوص قانونية، بل جاء كرد فعل مباشر على تحولات سياسية فرضتها احتجاجات 2019. حينها، أطاحت الاحتجاجات بحكومة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، وأسفرت عن مطالب بتغيير قواعد اللعبة السياسية التي كانت تمنح الأفضلية للأحزاب التقليدية. التعديلات الجديدة، التي اعتمدت نظام الدوائر المتعددة، مكنت المستقلين والأحزاب الناشئة من اقتحام المشهد السياسي، ما شكل تهديداً مباشراً للمصالح الراسخة للأحزاب الكبرى.
ولكن مع إعادة العمل بنظام الدائرة الواحدة، عادت الهيمنة للأحزاب التقليدية التي تملك القدرة على حشد الأصوات الجماهيرية لصالح قوائمها الانتخابية.
وبينما يؤيد بعض أعضاء الإطار التنسيقي الإبقاء على القانون الحالي لضمان استمرارية نفوذهم السياسي، يطالب آخرون بتعديلات تعيد التوازن للقوى الناشئة والمستقلين. مواطنة تدعى سارة الكعبي علّقت على منصة فيسبوك قائلة: “أي تعديل يأتي من تحت قبة البرلمان الحالي لن يكون لصالح الشعب، بل لصالح الأحزاب نفسها”.
أحد الاقتراحات التي بدأت تتداولها الأوساط السياسية هو تشكيل لجنة من القضاة المستقلين لصياغة تعديلات قانون الانتخابات، بعيداً عن تأثيرات الكتل الكبيرة. هذا المقترح، رغم واقعيته، قوبل بشكوك من بعض المحللين الذين اعتبروا أن أي محاولة لإضعاف سيطرة الأحزاب الكبرى ستواجه مقاومة شديدة من هذه الأطراف. الباحث الاجتماعي أحمد الجبوري أشار في مداخلة له قائلاً: “هناك حاجة إلى إرادة سياسية حقيقية لإحداث تغيير، ولكن هذه الإرادة تصطدم بتشابك المصالح داخل قبة البرلمان”.
تغريدات على منصة “إكس” كشفت عن مواقف متباينة بين النخب السياسية والشعبية. مغرد عرّف نفسه بـ”ناشط من بغداد” كتب: “القانون الحالي لعبة مكشوفة لضمان بقاء الكبار على الكراسي، ولكن إلى متى سيبقى الشعب خارج اللعبة؟”. بينما رد عليه آخر قائلاً: “القانون الجديد لن يُصلح شيئاً إذا لم تتغير العقلية التي تدير المشهد السياسي”.
وفقاً لتحليلات متخصصة، فإن غياب الإجماع داخل الإطار التنسيقي قد يعكس صراعات داخلية أعمق بين الأجنحة المختلفة، التي تتنافس على توجيه السياسة الانتخابية وفقاً لمصالحها. وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن التحركات الجدية لتعديل القانون ما زالت مؤجلة، وربما تُرحَّل إلى ما بعد الدورة الحالية. أحد السياسيين المستقلين من محافظة بابل، فضل عدم الكشف عن اسمه، صرح قائلاً: “الأحزاب الكبيرة لن تسمح بتمرير قانون جديد يهدد مكتسباتها، ولكن الضغط الشعبي قد يغير المعادلة مستقبلاً”.
التوقعات تشير إلى أن الفترة القادمة ستشهد تصاعداً في النقاشات حول القانون، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة. ومع استمرار حالة الجمود الحالية، يبقى السؤال: هل ستتمكن القوى السياسية من الوصول إلى صيغة توافقية تعكس مصلحة الجميع، أم ستبقى الأمور مرهونة بالتحالفات والمصالح؟
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الإطار التنسیقی
إقرأ أيضاً:
سفن الكهرباء تعود للعراق بعد غياب 17 عاما.. ماذا نعرف عن “بواخر الطاقة” التي ستتعاقد عليها بغداد؟
شبكة انباء العراق ..
ضمن العمليات والقرارات الحكومية المتسارعة لضمان تجهيز طاقة كهربائية بمختلف الحلول قبل حلول الصيف، اعلن مجلس الوزراء يوم امس الثلاثاء خلال جلسته الاعتيادية، الموافقة على التعاقد مع “كار بوَر” لاضافة ط\اقة مقدارها 650 ميغا واط عن طريق نشر بواخر توليدية.
القرار يأتي كاجراء سريع ومستعجل ومؤقت لسد العجز في الطاقة خلال موسم الذروة، ويتلخص المشروع بأن ترسو سفن عملاقة تحمل محطات كهربائية وتقوم بربط الطاقة الكهربائية بالمنظومة الوطنية للعراق، كمشروع سريع لا يحتاج الى انشاء محطات واستيراد وقود وغيرها من العمليات التي تحتاج لفترات زمنية طويلة.
من هنا، تبحث السومرية نيوز في اصل قصة “السفن الكهربائية”، حيث يتضح ان الشركة “كار بور” هي شركة تركية، وهي الشركة الوحيدة في العالم ضمن هذا المشروع المعروف باسطول السفن الكهربائية.
وتملك الشركة حوالي 33 سفينة، تولد طاقة إنتاجية تبلغ 6 الاف ميغا واط، ما يعني ان العراق سيأخذ حوالي 10% من اجمالي انتاج هذه الشركة في الصيف المقبل.
user