#خطر #الغلو في #الصالحين
الكاتبة #إحسان_الفقيه
قال الله تبارك وتعالى {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213]، قال ابن عباس وغيره في ظلال هذه الآية: “كَانَ بَيْنَ نُوحٍ وَآدَمَ عَشَرَةُ قُرُونٍ، كُلُّهُمْ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْحَقِّ.
فالله جل في علاه قد فطر الناس على توحيده، وظلت البشرية على تلك الفطرة الشاهدة على الوحدانية إلى أن طرأ عليها الشرك، وأول حدوثه كان في قوم نوح، عندما اتخذوا أصناما آلهة يعبدونها من دون الله.
جريمة الشرك لم تحدث بين يوم وليلة، بل مهد لها الشيطان أمدًا طويلا، آخذًا الناس بمبدأ التدرج، وذلك عندما مات بعض الصالحين من قوم نوح، فسول لهم الشيطان أن ينصبوا في مجالسهم أصناما لتذكرهم بهؤلاء الصالحين فينشطوا للتأسي بهم، ففعلوا، ومع طول الأمد وتناسي العلم سوّل لهم عبادتها فعبدوها، فأرسل الله إليهم نوحا عليه السلام لردّهم إلى الصراط السوي.
قال تعالى {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23].قال ابن عباس رضي الله عنها: “أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنْ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ”.
دخل إليهم الشيطان من هذا المدخل لعلمه أن النفوس المؤمنة تأبى مجرد التفكير في عبادة غير الله، لكنه زحف إليهم هذا الزحف الناعم، ومن هنا ندرك أن الغلو في الصالحين والمبالغة في تعظيمهم وإنزالهم مكانة ليست لهم، هو أبرز الطرق الموصلة إلى الشرك.
ولذلك حرص النبي صلى الله عليه وسلم مع عظم جنابه، على تربية جيل الصحابة على النأي عن الغلو فيه ذاته، فكان يقول: (لاَ تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ) أي لا تبالغوا في مدحي فتنزلوني منزلة لم ينزلنيها الله تعالى.
وعندما رجع معاذ بن جبل من الشام، سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، والذي استنكر ذلك بقوله: (ما هذا يا معاذ؟ قال:أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تفعلوا فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها).
فمعاذ لم يكن يقصد بسجوده للنبي صلى الله عليه وسلم أن يعبده، وإنما لإظهار الاحترام والتوقير، ولكن منعه النبي صلى الله عليه وسلم حفاظا على عقيدة التوحيد، امتثالا للتشريع الذي نسخ ما كانت عليه بعض الشرائع السابقة التي كانت تتيح السجود للبشر على سبيل التحية كما في قصة نبي الله يوسف عندما سجد له أبواه.
كما أكد القرآن الكريم على كون النبي صلى الله عليه وسلم بشرا، مغلقا الباب على أتباعه حتى لا يغالوا فيه، وبهذا التأكيد ينسف كل ادعاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور وجه الله، أو أنه يعلم الغيب من دون الله، فهو بشر يوحى إليه، ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
فإذا كان هذا يقال بحق أحب خلق الله إلى الله، وأكثر الناس إيمانا وتقوى، فكيف يُغالى فيمن هو أقل منه شأنا!
من ينظر إلى واقع أمتنا، يرى بوضوح مآلات الغلو في الصالحين وتقديسهم، فهناك من هذه الأمة من يسجدون لشيوخهم في الحياة وأمام قبورهم بعد الممات، ويطلبون منهم ما لا يقدر عليه إلا الله من قضاء الحوائج والشفاء ونحوه، بل هناك من يعتقد أن إمامه يعلم الغيب من دون الله، وكل ذلك سببه تقديس هؤلاء والغلو فيهم.
مهما ظهر الصلاح على الإنسان فصلاحه لنفسه، يُجزى به، لكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن نبالغ فيمن رأينا عليه الصلاح أو نغالي في تعظيمه، فهو بشر، لا يملك لنفسه الضر ولا النفع، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
مقالات ذات صلةالمصدر: سواليف
كلمات دلالية: الغلو الصالحين النبی صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
لماذا نصوم يوم الإثنين في ذي القعدة؟.. اغتنمه من الآن لـ10 أسباب
لماذا نصوم يوم الإثنين كل أسبوع في ذي القعدة ؟، ذلك السؤال يفتح إحدى بوابات الأسرار الخفية عن هذا اليوم خاصة وأنه يتعلق بعبادة من أفضل العبادات وكذلك بإحدى السُنن النبوي التي حرص عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضلاً عن زمن مبارك وهو شهر ذي القعدة الذي هو من الأشهر الحُرم حيث مضاعفة الفضل والثواب، فإذا كان الجميع يعرفون بحكمها إلا أنه لا يزال لماذا نصوم يوم الإثنين في ذي القعدة كل أسبوع في ذي القعدة ؟، من أسرار هذه النافلة التي حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على اغتنامها، وحيث إنه إذا عُرف لماذا نصوم يوم الإثنين كل أسبوع في ذي القعدة ؟، فيه دلالة على فضل صيام يوم الإثنين ، ومن ثم قد يزيد الحرص عليه ومن ثم اغتنامه، من هنا يصبح البحث عن لماذا نصوم يوم الإثنين كل أسبوع في ذي القعدة ؟، ومعرفته ضرورة لا ينبغي التهاون فيها.
ورد في مسألة لماذا نصوم يوم الإثنين في ذي القعدة ؟، فعن عائشة - رضي الله عنها-: «إن رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ كانَ يتحرَّى صيامَ الاثنينِ والخميسِ» وفي شرح الحديث أن الصوم من أفضل العبادات التي يمكن أن يتقرب فيها المرء من الله - سبحانه وتعالى- لهذا كان الرسول كثير الصيام.
وورد أن الرسول عندما سئل عن سبب صيامه ليومي الإثنين والخميس بأن الأعمال ترفع إلى الله - سبحانه وتعالى- في هذين اليومين، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: «ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ».
وجاء السبب في لماذا نصوم يوم الإثنين في ذي القعدة ؟، لأن الرسول صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ كانَ يصوم يومي الإثنين والخميس شكرًا لله - تعالى-لأن يوم الإثنين هو اليوم الذي ولد فيه الرسول وهو اليوم الذي أنزلَ عليه القرآن، وتوفي النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" يوم الإثنين، فقال: فيه ولدتُ، وفيه أُنْزِل عليَّ)، رواه مسلم، والبيهقي . ورواه ابن خُزيمة بلفظ: (بينما نحن عند رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أقبل عليه عمر، فقال: يا نبيّ الله، صومُ يومِ الإثنين؟ قال: يومٌ ولدتُ فيه، ويومٌ أموت فيه)، وحيث إن شهر ذي القعدة الذي نشهده الآن هو أحد الأشهر الحُرم الذي يتضاعف فيها الأجر والثواب ، فيمكن القول بأن مضاعفة الفضل كذلك تصلح أن تكون إجابة استفهام لماذا نصوم يوم الإثنين في ذي القعدة ؟.
أسباب صيام يوم الإثنينورد من أسباب صيام يوم الإثنين ، أن الأعمال تُعرَض على الله -تعالى- يومَي الإثنين والخميس فيستحب الصوم فيهما كي تعرض أعمال العبد فيهما وهو صائم، كما ثبت ذلك فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يَومِ خَمِيسٍ واثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ في ذلكَ اليَومِ، لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، إلَّا امْرَءًا كانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ، فيُقالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا، ارْكُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا)، فالملائكة تُظهر أعمال العباد، وترفعها إلى الله -تعالى-؛ لتكون أعمالهم شاهدةً عليهم يوم القيامة، قال -تعالى-: (اقرَأ كِتابَكَ كَفى بِنَفسِكَ اليَومَ عَلَيكَ حَسيبًا).
وورد أنه حرص النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على صيامهما كما ورد عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه-: (يا رسولَ اللَّهِ! إنَّكَ تَصومُ حتَّى لا تَكادَ تُفطرُ، وتُفطرُ حتَّى لا تَكادَ أن تَصومَ! إلَّا يَومَينِ إن دَخلا في صيامِكَ وإلَّا صُمتَهُما، قالَ: أيُّ يومينِ؟ قُلتُ: يومَ الاثنينِ ويومَ الخَميسِ، قالَ: ذانِكَ يومانِ تُعرَضُ فيهما الأَعمالُ على ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُعرَضَ عمَلي وأَنا صائمٌ)؛ ولذلك يجدر بالمسلم صيام يومَي الاثنين والخميس؛ تأسِّياً برسول الله -صلّى الله عيه وسلّم-، واتِّباعاً لسُنّته، ممّا يدلّ على حرص الرسول -عليه الصلاة والسلام- على صيام هذين اليومَين.
وثبت أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وُلِد يوم الاثنين فقد ورد في صحيح مسلم أنّ النبيّ: (سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ؟ قالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ)، ومن أسباب صيام يوم الإثنين ، أن اغتنام صيام يوم الاثنين حَمْداً لله، وشُكراً له على نِعَمه ومنها بَعْث النبيّ محمدٍ، وبيانه لرسالة الإسلام، ودعوة الناس إلى الخير والحقّ.
وورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «أنَّ رَجلًا سأَلَ عائشةَ عنِ الصيامِ، فقالت: إنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كان يصومُ شَعبانَ، وكان يتَحَرَّى صيامَ يومِ الخَميسِ والاثنَيْنِ»، مما يدل على حرص الرسول -عليه الصلاة والسلام- على صيام هذين اليومين، ويُراد بالتحري: القَصد، وطلب أفضل الشيء، والبحث عنه.
فضل صيام يوم الإثنينورد فيه أن صيام يوم الإثنين هو نوع من التطوع الذي هو طاعة الله -تعالى-وتقرب منه بإخلاص العبادات له، ومن هذه العبادات التي تُقرب العبد من ربه، وتُكفر ذنوبه وخطاياه صيام النافلة، والتي منها الاثنين والخميس، لأن الصيام من الأعمال التي يسعى إليها الكثير من المسلمين؛ طَمَعًا في الأجر والثواب العظيم من الله -تعالى-.
كما ورد عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حث على صيام التطوع، ورغب فيه، قائلًا: «مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا»، ويُراد بسبعين خريفًا: سبعين سنة، كما حث الرسول -عليه الصلاة والسلام- على صيام الكثير من أيام السنة تطوعًا، كصيام الاثنين والخميس، والأيام البيض، ويوم عرفة، والست من شوال، وغيرها، وقال الإمام النووي -رحمه الله- في شرح الحديث السابق: "فيه فضيلة الصيام في سبيل الله، وهو محمول على من لا يتضرر به، ولا يفوت به حقًّا، ولا يختل به قتاله، ولا غيره من مهمات غزوه، ومعناه المباعدة عن النار والمعافاة منها".
ومن الأدلة الواردة في بيان فضل صيام النفل أو صيام التطوع كالاثنين والخميس قوله -تعالى-: «التّائِبونَ العابِدونَ الحامِدونَ السّائِحونَ الرّاكِعونَ السّاجِدونَ الآمِرونَ بِالمَعروفِ وَالنّاهونَ عَنِ المُنكَرِ وَالحافِظونَ لِحُدودِ اللَّـهِ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ»، فالسائحون هم: الصائمون، وقَوْله -تعالى-: «وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، وقَوْله أيضًا: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ».
ورد أيضا أن الآية السابقة نزلت في الصائمين الذين ينالون الخير الكثير في الجنة؛ لما قدموه في حياتهم الدنيا، وما تركوه من شهوتي البطن والفرج في سبيل نيل أجر الصائمين، والفوز بالجنة، ونيل رضى الله -تعالى-، قال الإمام ابن رجب -رحمه الله-: "مَن ترك لله طعامه وشرابه وشهوته، عوَّضه الله خيرًا من ذلك: طعامًا وشرابًا لا ينفد، وأزواجًا لا تموت".
ورد فضل الصيام يوم الإثنين ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «تعرضُ الأعمال يوم الإثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم»، وقال عندما سأله الصحابة عن صوم الاثنين: «فيه ولدت، وفيه أنزل علي».
جدير بالذكر أن الأعمال ترفعُ في عدة أوقات، حيثُ ترفع أعمال المسلم في شهر شعبان، كما ترفعُ الأعمال كل يوم وليلة وهذا لا يتعارض مع رفع الأعمال يوميْ الإثنين والخميس، وعندما ينقضي أجل المسلم فإن أعماله جميعها ترفع وتطوى صحيفة أعماله ليحاسب عليها يوم القيامة.
ويعد من أهم أسباب الصيام تكفير الذنوب عن المسلم، وهذا كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يقول: « الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ».
وجاء من فضل صيام يوم الإثنين ، كما أن الصيام سبب من أسباب استجابة الدعاء، ووعد الله تعالى الصائم بفرحتيْن، فرحة عند الإفطار وفرحة عند لقاء ربه، ويدخل الصائمون يوم القيامة من باب خاص يسمى باب الريان، كما يكون الصوم شفيعًا لصاحبِه يوم الحساب، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبدِ يوم القيامة...»، وحماية المسلم من الوقوعِ في المعاصي والآثام، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطعْ فعليه بالصوم فإنّه له وجاء».
هل يجوز صيام يوم الإثنين بدون نيةقال الشيخ عويضة عثمان، مدير الفتوى الشفوية بدار الإفتاء المصرية، إنه عند صيام الفريضة فذهب العلماء إلى تبييت النية من الليل ، فيما أن النية لصيام النافلة يصح من الليل وهذا أفضل، منوهًا بأن هناك من العلماء من قال أنه إذا كان الصيام نفلًا أو فرضًا فإن النية تكون من الليل، لكنه ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه نوى نهارًا ، عندما دخل بيته فسأل عن طعام، فلم يجد ، فقال إني إذا صائم وأنشد الصيام من ساعته وكان نهارًا، أي بعد الفجر .
صيام يوم الإثنينيستحب صيام يوم الإثنين في كل أيام السنة ما لم تأتي في الأيام التي نهى الله فيها الصيام مثل الأعياد وأيام التشريق، وكان الرسول -عليه الصلاة والسلام -يكثر من الصيام في الأشهر الحرم، ويجوز الاقتصار على صيام يومي الإثنين والخميس في هذه الأشهر، واختلفَ أهل العلم في صيام النصف الثاني من شهر شعبان لمن لم يصم النصف الأول وذهب البعض من العلماء إلى منع الصيام في النصف الثاني دونَ صيام النصف الأول والصحيح في الأمر هو جوازه.
فضل الصيامأولا: خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها: أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».
ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
رابعًا: إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»
سادسًا: إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».