اعترف مقاتلون ممولون ومدربون من الولايات المتحدة وبريطانيا في سوريا، بأنهم تلقوا «تنبيهًا مسبقًا» قبل حوالي ثلاثة أسابيع من بدء الهجوم بأنه «ستتم الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد». وبحسب صحيفة «التليجراف» البريطانية: «تم إبلاغ مقاتلي ما يسمى بجيش الكوماندوز الثوري - RCA- بتعزيز قواته والاستعداد لهجوم قد يؤدي إلى نهاية نظام الأسد.

هذه هي لحظتكم».

وبحسب «التليجراف»: يُظهر ذلك أن الولايات المتحدة لم تكن فقط على علم مسبق بالهجوم الذي قادته هيئة تحرير الشام (HTS) وأطاح بنظام الأسد في 8 ديسمبر، بل كانت تملك معلومات دقيقة حول تفاصيله. وشملت أهداف العملية، التي حظيت بدعم أمريكي، مدينة تدمر ذات الآثار اليونانية الرومانية الشهيرة، الواقعة على بعد 150 ميلًا شمال غرب دمشق، كنقطة استراتيجية.

جيش الكوماندوز الثوري (RCA) دربته الولايات المتحدة وبريطانيا للسيطرة على الأراضي القريبة من الحدود السورية مع العراق والأردن، وشمالًا إلى جزء من محافظة حماة شرق البلاد.تمت التدريبات في القاعدة العسكرية الأمريكية بـ«التنف» بعدما تأسست الميليشيا في 20 مايو 2015، وشهدت في ديسمبر 2016 إعادة هيكلة، بينما تُتهم عناصرها بالفساد، و«لا تزال الولايات المتحدة تدفع رواتب مقاتليه، حتى الآن» بحسب «التليجراف».

تقع قاعدة التنف في جنوب شرقي محافظة حمص، على بعد 24 كيلومترًا غرب معبر التنف-الوليد، عند تقاطع الحدود السورية مع الأردن والعراق، وتشرف على طريق دمشق-بغداد الدولي. تبعد القاعدة حوالي 240 كيلومترًا عن مدينة تدمر. أُنشئت عام 1991 واستخدمت بشكل متقطع قبل أن تستعيد أهميتها الاستراتيجية عام 2016، بعد تحريرها من تنظيم داعش. تُعد القاعدة نقطة حيوية لقطع الإمدادات البرية العسكرية الإيرانية المتجهة إلى حزب الله في لبنان. تعرضت القاعدة لهجمات متعددة، شملت غارات بمسيرات روسية وإيرانية، إضافة إلى اشتباكات مع فرق حاولت الاقتراب منها.

أما ميليشيا جيش الكوماندوز الثوري، التي يُقال إنها معارضة لتنظيم «داعش»، فقد طُلب منها تعزيز قواتها والاستعداد للهجوم متعدد الأطراف الذي أطاح بنظام الرئيس الأسد.وفي هذا السياق، اعترف أحد قادة الميليشيا، بشار المشهداني، لصحيفة «التليجراف» البريطانية (من داخل قاعدة جوية سابقة للجيش السوري كانت تستخدمها روسيا على أطراف مدينة تدمر): «لم يُخبرونا كيف سيحدث ذلك. قيل لنا فقط: كل شيء على وشك التغيير. هذه هي لحظتكم، إما هو أو أنتم».

في الأسابيع التي سبقت التنبيه الموجه إلى عناصر ميليشيا جيش الكوماندوز الثوري في قاعدة التنف، أُعيدت هيكلة صفوفها، حيث جرى تعزيزها بوحدات صغيرة مستقلة انضمت تحت قيادة «بشار المشهداني». وفقًا لـ«المشهداني»، كانت الأوامر الصادرة من القادة العسكريين الأمريكيين في سوريا واضحة: التقدم وملء أي فراغ محتمل في حال سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

مع بدء الهجوم، انتشرت عناصر ميليشيا جيش الكوماندوز الثوري في الصحراء الشرقية وسيطرت على طرق رئيسية. كما انضموا إلى ميليشيا أخرى في مدينة درعا الجنوبية التي وصلت إلى دمشق قبل هيئة تحرير الشام بقيادة «أبو محمد الجولاني». ومع تقدم القوة الرئيسية جنوبًا نحو العاصمة في هجوم خاطف، تقدمت مجموعات أخرى من عناصر الميليشيا خارج منطقة التنف، لتسيطر حاليًا على نحو خمس البلاد، بما في ذلك جيوب استراتيجية في شمال دمشق.

وقبل شهر واحد من هذه التطورات، كان «المشهداني» يشغل منصب نائب قائد ميليشيا أخرى تُعرف بـ«لواء أبو خطاب»، وهي وحدة صغيرة تضم نحو 150 رجلًا. تم تشكيل هذه الوحدة من قبل القوات الخاصة الأمريكية ودُربت في الأردن بمساعدة نظرائها البريطانيين حتى عام 2016، وكانت مهمتها الرئيسية تعقب مقاتلي تنظيم داعش في محيط مدينة دير الزور شرق سوريا. إلى جانب ذلك، كانت هناك عدة وحدات صحراوية أخرى تعمل انطلاقًا من التنف، لكنها قاتلت بشكل مستقل عن قوات سوريا الديمقراطية الكردية (SDF)، التي تسيطر على معظم شمال شرق البلاد.

وفي مطلع شهر أكتوبر الماضي، بادر الضباط الأمريكيون في قاعدة التنف بجمع ميليشيا لواء أبو خطاب وميليشيات أخرى تحت القيادة المشتركة لما يُسمى بـ«الجيش الكوماندوز الثوري»، مما أدى إلى زيادة عدد مقاتليه من 800 إلى أكثر من 3000 مقاتل. واستمر جميع أفراد هذه الميليشيات في تلقي السلاح من الولايات المتحدة، إضافة إلى رواتب شهرية تبلغ 400 دولار (أي ما يعادل 12 ضعفًا مما كان يتقاضاه جنود الجيش السوري النظامي). هذا الوضع يعكس الدور التآمري الذي لعبته هذه الميليشيات، التي كانت إحدى القوى التي دفعت البلاد إلى حرب أهلية دامية تسببت على مدار أكثر من 14 عامًا في تشكيل مجموعات ضخمة من الميليشيات وقوات المرتزقة المدعومة من قوى أجنبية.

ويعترف «المشهداني» بأن «جيش الكوماندوز الثوري ومقاتلي هيئة تحرير الشام، بقيادة الجولاني، كانوا يتعاونون، وأن التواصل بين القوتين كان يتم بتنسيق من الأمريكيين في التنف»، وهو ما يكشف أكذوبة الادعاء بأن الولايات المتحدة كانت تدعم التحالف المشبوه بين هيئة تحرير الشام (التي كانت جزءًا من تنظيم القاعدة، ثم داعش لاحقًا) وجيش الكوماندوز الثوري يُزعم أن واشنطن كانت تمول هذا الجيش وتدربه لمكافحة تنظيم داعش في سوريا، لكن ما تكشفه الوقائع هو دعم أمريكي ضمني لهذا التحالف غير المعلن.

المرصد أيضًا يكشف عن تنسيق الاتصالات بين المجموعات المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة والفصائل المسلحة المدعومة من تركيا في مناطق مثل تدمر، حيث تتعاون هذه المجموعات في حين تقاتل بعضها البعض في مناطق أخرى من البلاد.وفي الأيام الأخيرة، نفذت الولايات المتحدة عشرات الضربات الجوية تمهيدًا لاستهداف تجمعات لتنظيم داعش في التلال جنوب غرب تدمر وأجزاء من الطريق السريع إلى دمشق، ما يعزز أيضًا دور التنسيق الأمريكي بين مختلف الفصائل المسلحة.

«لم أساوم على شعبي بعروض وإغراءات».. بشار الأسد يكشف اللحظات الأخيرة قبل سقوط دمشقالقاهرة الإخبارية: هل ترفع أمريكا والاتحاد الأوروبي العقوبات بعد سقوط بشار الأسد؟

عاجل| «اتفاق التنحي».. مصطفى بكري يكشف أسباب موافقة بشار الأسد على ترك الحكم بعد اجتماع الدوحة؟

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: بشار الأسد اتصالات أمريكا وبريطانيا إسقاط بشار الأسد الولایات المتحدة هیئة تحریر الشام تنظیم داعش بشار الأسد

إقرأ أيضاً:

مصر وبريطانيا نحو شراكة استراتيجية.. وعبد العاطي يطالب لامي بضغط دولي لوقف عدوان غزة

التقى د. بدر عبد العاطى وزير الخارجية والهجرة مع ديفيد لامى وزير خارجية المملكة المتحدة على هامش أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، بمقر الأمم المتحدة في نيويورك. 


أشاد الوزير عبد العاطى بالتطور اللافت فى العلاقات المصرية البريطانية خلال الفترة الأخيرة والذى سيتم ترجمته عبر ترفيع العلاقات الثنائية إلى الشراكة الاستراتيجية، مؤكداً الحرص على الاستفادة من الزخم الذى تشهده العلاقات الثنائية لتعزيز التعاون المشترك فى المجالات المختلفة وفى مقدمتها التعاون الإقتصادى والتجارى والاستثمارى بما يحقق مصلحة البلدين.

 وزير الخارجية يدعو لضغط دولي لوقف الكارثة الإنسانية في غزة ودعم حل الدولتينوزير الخارجية: مصر ترفض المساس بسيادة لبنان وسلامة أراضيه
وأطلع وزير الخارجية المسئول البريطاني على آخر المستجدات ذات الصلة بالمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، مشدداً على ضرورة مواصلة الضغط على إسرائيل للتوقف عن عدوانها الغاشم على قطاع غزة واستخدامها سياسة التجويع ضد المدنيين فى انتهاك صارخ للقانون الدولى والقانون الانسانى الدولى، مستعرضاً في هذا السياق الترتيبات الجارية لاستضافة مؤتمر التعافى المبكر وإعادة الإعمار بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية والأمم المتحدة. 


وشدد الوزير عبد العاطي على أهمية التوسع فى مسار الاعتراف بالدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين لتعزيز السلام والعدالة والاستقرار في الشرق الأوسط.

طباعة شارك بدر عبد العاطى ديفيد لامى المملكة المتحدة نيويورك حل الدولتين العلاقات المصرية البريطانية قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • إليك 10 من أفضل المدن للزيارة في الـ2025 إن كانت أمريكا وجهتك
  • الحرس الثوري يحذر الدول الأوروبية من تفعيل آلية الزناد
  • لأول مرة.. السيد الخامنئي يفصح عن 3 أسباب عداء أمريكا لإيران..فما هي؟!
  • مصر وبريطانيا نحو شراكة استراتيجية.. وعبد العاطي يطالب لامي بضغط دولي لوقف عدوان غزة
  • ضياء رشوان يدعو لعدم الانسياق وراء الحملات التي تستهدف دور مصر المحوري في دعم الشعب الفلسطيني
  • بعد إسقاط الحصانة: فرنسا تطلب مذكرة توقيف جديدة بحق بشار الأسد
  • أول دولة أوروبية تصدر مذكرة توقيف دولية جديدة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
  • لهجوم 2013 الكيميائي.. طلب إصدار مذكرة توقيف بحق بشار الأسد في فرنسا
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • النيابة العامة الفرنسية تطلب إصدار مذكرة توقيف جديدة بحق بشار الأسد