لجريدة عمان:
2025-12-10@19:28:14 GMT

مصير مشترك

تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT

لفتني فـي الأيام الأخيرة تداول منشور لأحد الكتاب الخليجيين عن حصرية الاهتمام بالعنف الذي خلفه النظام البائد فـي سوريا، وقراءة ملف السجون الذي يجعلنا نفكر فـي سوريا كما لو أنها رواية ديستوبية لولا أننا قرأنا منذ زمن أدب السجون القادم من سوريا بشكل خاص، كرواية «القوقعة» لمصطفى خليفة مثلا، ومن العالم العربي بشكل عام كرواية «تلك العتمة الباهرة» للطاهر بن جلون.

لكنني أعتقد بأننا نقع فـي خطأ كبير إذا ما أردنا القول إننا معزولون عن النقاش الذي بدأته النخب السورية فـي اليوم التالي لسقوط النظام، التي تمثل أطيافا مختلفة فـي المجتمع السوري بتعدديته الكبيرة.

أرى أنه من الصائب علينا بصفتنا مثقفـين فـي الخليج أن نشتبك مع تلك الأطروحات وأن نشعر بمسؤوليتنا تجاهها، مسؤولية قادمة من مصيرنا المشترك أولا، ومن رغبتنا فـي أن تتحقق العدالة والسلام لكل إنسان ثانيا.

أحاول هنا ومن خلال هذه المقالة أن أوثق الموقع الذي أقف فـيه كمثقفة إزاء ما يحدث من نقاشات فـي سوريا، عسى أن يدفع ذلك لمزيد من الأطروحات التي تُقيم موقعنا والمسافة التي نقف عليها تجاه التحولات هناك.

انتبهت بشكل خاص للجدل الذي يدور حول علمانية النظام البائد، الأمر الذي يجعل العلمانية نموذجا مجربا فـي الحالة السورية، وهو ما ناقشه العديد من المثقفـين السوريين فـي الأيام السابقة، إما بتفكيك العلاقة بين الديكتاتورية والعلمانية، أو بالرغبة الجامحة نحو إلصاق صفة العلمانية على النظام السابق، التي رأى كثير منهم أن من يقف وراءها هم الإسلاميون الذين يحاولون نزع أي علمنة للدستور السوري، الذي لا يمكن إلا أن يكون مُعلمنًا بالنظر لطوائف ومكونات سوريا، ويكتب الكاتب السوري دارا عبدالله حول هذه المسألة: «‏أكيد، الأسديّة كتفكير وفكر ومخيال سياسي، يجب أن تُجرّم قانونيًا، الأسديّة كتأييد للإبادة السياسية واستملاك الشعب حتى بأطفاله، والإذابة بالحمض، التظاهر يجب أن يكون ممنوعًا لأي مؤيّد للنزعة الأسدية، الأسدية شرّ مطلق، لا خلاف أبدًا، يجب إبعاد مفهوم العلمانيّة من هذا النقاش فورًا»، وفـي سياق متصل يكتب «‏الربط بين العلمانية والأسدية خبيث، وغايته إدانة الأولى، أكثر بكثير من التذكير بالثانية».

أتذكر فـي هذا الصدد كتابة مهمة لواحد من أهم الكتاب السوريين بل والعرب أيضا «ياسين الحاج صالح» الذي ناقش وبشكل موسع فـي العديد من أطروحاته مسألة علمانية الدولة السورية، وموقف الإسلاميين منها، وكان قد نبه إلى أن الإسلاميين وحدهم كانوا الأكثر انضباطًا وكفاءة فـي مواجهة النظام السابق عسكريًا، وهو ما جعل الجميع يلتف حولهم لأنهم يحققون للسوريين هدفهم الأساسي وهو إسقاط النظام، بغض النظر عن اتفاقهم أيديولوجيًا مع الجبهات التي مثلت الإسلاميين خلال الأربع عشرة سنة الماضية، وكان قد كتب ملاحظة مهمة جدًا يمكن أن تُقرأ فـي سياقات عربية أخرى لا تخص الحالة السورية وحدها حين قال: «لا نستطيع أن نرحب بفاعلية النصرة القتالية ضد النظام ونعمى عن تكوينها وتفكيرها، ولا أن نثبِّت أنظارنا على التكوين والتفكير، ونغفل عن الدور المهم فـي مقاومة نظام مستمر منذ أعوام فـي قتل السوريين دون توقف، يركز بعضنا على أحد الوجهين دون الآخر، فـيتعذر بناء سياسة عامة فعالة»، ويخلص إلى أهمية وجود سد اجتماعي منيع، واستعداد حقيقي من قبل جماعات المجتمع المدني للتصدي لما يمكن أن يعيد سوريا إلى بلاد الصوت الواحد حصرًا، وهو ما يحدث بالفعل هذه الأيام من انخراط تام والتزام حقيقي من قبل الجميع، كما نشعر -كمتابعين- بالشأن العام، ومناقشة كل ما يتعلق بالوضع الراهن.

إحدى النقاط التي أثيرت وبشكل ملحّ، هي تسمية أتباع النظام السابق بـ«الفلول»، وهو مصطلح جرى استخدامه فـي سياقات عربية أخرى بعد الربيع العربي، ومشكلته تكمن فـي سعته وعدم القدرة على تحديد مفهومه ومعاييره، الأمر الذي يعني أن كل من يقف أو سيقف ضد النظام الجديد، هو بالضرورة تابع للنظام السابق «فلول»، وعادة ما تسعى الأنظمة الاستبدادية الجديدة إلى إيجاد نوع من «المنطق العام» كما يسميه الكاتب السوري ياسين السويحة، الذي يجعل أي من يخالفه «فلولًا»، وهذا ما لا يريده السوريون بطبيعة الحال لدولتهم التي حلموا بها؛ لا يريدون نظامًا يقمع من يفكر بعيدًا عن المنطق العام، أو يُسكته، واستخدام كلمة الفلول تمنح شرعية بهذا المعنى لهذا القمع الذي يحاول تغليب المنطق العام للسلطة على أي رأي آخر، يكتب السويحة: «فلول»، وهذا حصل عند غيرنا، ستصير بهذا المعنى إشارة لطرائق حياة «غير نمطية» وتُستخدم أداة من أدوات الضبط الاجتماعي التي لا أفهم لماذا يجب أن نسهم فـي بنائها.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

بالفيديو: هتافات مؤيدة لغزة في سوريا تستنفر إسرائيل

ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن المنظومة الأمنية في تل أبيب عقدت خلال الساعات الماضية سلسلة نقاشات شاركت فيها جهات رفيعة المستوى، وذلك لبحث دلالات مقاطع الفيديو التي نُشرت من سوريا وتُظهر عناصر من الجيش السوري وهم يرددون هتافات معادية لإسرائيل ومؤيدة ل غزة ، خلال عروض عسكرية نُظّمت إحياءً لذكرى سقوط نظام الأسد.

وبحسب الإذاعة، من المتوقع أن تُقدم إسرائيل على اتخاذ خطوات رسمية تجاه دمشق، من بينها نقل رسائل شديدة اللهجة إلى النظام السوري والمطالبة بتوضيح الموقف وإدانة الشعارات التي ظهرت في العروض العسكرية.

وفي السياق ذاته، قال مسؤول أمني إسرائيلي إن المؤسسة الأمنية تنظر إلى النظام السوري بـ"قدر عالٍ من التشكيك"، مضيفًا: "نتعامل مع النظام السوري وفق مقاربة: التشكيك ثم التشكيك بهم. ننظر إليهم بكثير من الريبة، وطبيعة هذا النظام بنظرنا جهادية متطرفة، ولا يختلط علينا الأمر في تقييمنا لهم".

وأضاف المسؤول أن إسرائيل تتابع التسجيلات وتداعياتها عن كثب، معتبرًا أن ظهور مثل هذه الهتافات في مناسبات رسمية "قد يشير إلى تغيّر في رسائل النظام أو محاولة لاستثمار الأوضاع الإقليمية".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية موقع عبري: سلسلة قرارات أميركية مهمة بشأن غزة قريبا لن نسمح بهذا الأمر - نتنياهو: حماس تخرق وقف إطلاق النار واشنطن وتل أبيب تبحثان ترتيبات "المرحلة الثانية" في غزة الأكثر قراءة استشهاد صحافي وشابين برصاص وقصف إسرائيلي في قطاع غزة الأمم المتحدة : تدمير 90% من محطات المياه في غزة يهدد آلاف العائلات هولندا: مساهمة بشرية لدعم مركز التنسيق المدني في غزة أكثر من 220 انتهاكا للاحتلال في القدس خلال نوفمبر عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • اتحاد العلويين السوري في أوروبا يعلن نواة كيان معارض
  • حقيقة إعدام أحمد حسون
  • العدالة السورية تحيل وسيم الأسد للمحاكمة في قضايا مخدرات وتجسس
  • لحظات مؤثرة لـ«الشرع».. نتنياهو يرفض التوقيع على الاتفاق الأمني مع سوريا
  • بالفيديو: هتافات مؤيدة لغزة في سوريا تستنفر إسرائيل
  • هندوراس تطلب من «الإنتربول» توقيف رئيسها السابق الذي عفا عنه ترامب
  • روبيو يشيد بالخطوات التي اتخذتها حكومة الشرع في سوريا
  • الأمم المتحدة: عودة اللاجئين يعزز آمال تحقيق السلام والاستقرار في سوريا
  • الشرع: قمنا بدمج الفرق العسكرية في جيش واحد لترسيخ الاستقرار
  • سوريا الجديدة.. نيويورك تايمز: الذي حدث يشبه المعجزة