27 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: سوق السيارات في العراق يعكس بشكل واضح التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، حيث يسير هذا القطاع في مسار غير مستقر في ظل الركود الاقتصادي الذي يعصف بمختلف المجالات.

وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في الطلب على السيارات، لا سيما في فئة السيارات الجديدة.

وأظهرت إحصائيات حديثة تراجع مبيعات السيارات في العراق بنسبة تصل إلى 5% هذا العام مقارنة بالعام 2023.

يعزو العديد من المحللين هذا الانخفاض إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بما في ذلك انخفاض مستويات الدخل وارتفاع معدلات التضخم التي تفوق قدرة المواطن على شراء السلع، وخاصة السيارات.

تتعدد الأسباب التي تساهم في تراجع الطلب على السيارات في السوق العراقية، حيث تتزامن الأزمات المالية مع حالة من عدم الاستقرار السياسي في المنطقة.

التوترات السياسية في دول الجوار والأزمات الاقتصادية قد يكون لها دور بارز في تراجع الثقة لدى المواطنين في قدرة الحكومة على معالجة هذه القضايا، مما ينعكس على قراراتهم الاستهلاكية. وفي هذا السياق،

وأفادت مصادر اقتصادية أن التوقعات لعام 2024 تشير إلى استمرار هذا التراجع في مبيعات السيارات إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية على ما هي عليه. وذكرت تحليلات أن العوامل المرتبطة بتقلبات أسعار الصرف والضرائب المرتفعة على السيارات قد تكون من أبرز أسباب الركود.

وفي خضم هذه الأوضاع، زادت الضرائب والرسوم المفروضة على السيارات الجديدة بشكل ملحوظ، ما دفع العديد من المواطنين إلى التوجه نحو سوق السيارات المستعملة كخيار بديل.

يتراوح سعر السيارة المستعملة في العراق بين 10 إلى 15 ألف دولار، وهو ما يعد عبئًا أقل على ميزانية العائلات مقارنة بالسيارات الجديدة التي ارتفعت أسعارها بشكل حاد.

وذكر مصدر في أحد معارض السيارات أن “البحث عن سيارات مستعملة أصبح الأكثر رواجًا في الوقت الحالي بسبب ارتفاع الأسعار التي فرضتها الضرائب والرسوم، وتزايد الضغوط الاقتصادية على المواطنين”.

من جهة أخرى، فإن ضعف البنية التحتية في العراق يشكل عائقًا آخر أمام النمو في سوق السيارات. الطرق غير المعبدة والشبكة الرديئة للمواصلات العامة تعيق حركة المرور وتحد من رغبة المواطنين في شراء سيارات جديدة.

ويُظهر هذا الوضع ضعفًا في التخطيط العمراني والاهتمام بالبنية التحتية من قبل الجهات الحكومية.

من جانب آخر، تحدث باحث اجتماعي عن تأثير غزو الصناعات الصينية في العراق، حيث أشار إلى أن “السيارات الصينية أصبحت الخيار الأكثر شعبية بين المواطنين بفضل أسعارها المنخفضة وأدائها المقبول”، وهو ما أدى إلى زيادة الإقبال على هذه الفئة من السيارات.

وقال الباحث: “هناك رغبة واضحة لدى العراقيين في شراء سيارات بأسعار معقولة وسط الظروف الاقتصادية الصعبة، وأصبحت السيارات الصينية تلبي هذه الحاجة”.

فيما يتعلق بمسألة تمويل شراء السيارات، لفت تحليل اقتصادي إلى أن نظام البيع بالأقساط قد ساهم بشكل كبير في تسهيل عملية الشراء لفئات المجتمع ذوي الدخل المحدود والمتوسط. وبفضل الأنظمة الجديدة لتمويل السيارات والتي تقدم تقسيطًا مريحًا بفوائد أقل، أصبح بإمكان المواطنين من مختلف الطبقات الاجتماعية شراء سيارات بسهولة نسبية.

ولكن، بحسب رأي العديد من المستهلكين، فإن “هذه الأنظمة قد تكون محفوفة بالمخاطر إذا ما استمرت الأوضاع الاقتصادية في التدهور، مما قد يعرض المواطنين لمشاكل في تسديد الأقساط”.

من جهة أخرى، عبرت مواطنة في تدوينة لها على منصة فيسبوك عن استيائها من الحالة الاقتصادية، حيث قالت: “حتى لو حاولنا التكيف مع الأسعار، تبقى الضرائب والرسوم على السيارات عقبة أمامنا. لا أستطيع أن أشتري سيارة جديدة أو مستعملة بدون التفكير في ضغوط الأقساط والديون التي سترافقني”.

كما ذكر أحد المهتمين بالشأن السياسي في تغريدة له على منصة إكس: “الوضع الاقتصادي في العراق يتطلب حلولًا جذرية، فزيادة الرسوم والضرائب على السيارات ليست إلا حلقة في سلسلة من السياسات التي تزيد العبء على المواطنين، في وقت تزداد فيه التحديات الاقتصادية”. وأضاف أن “الركود الذي يشهده سوق السيارات هو نتيجة حتمية لعدة عوامل متشابكة تتعلق بالاقتصاد الوطني، والاستقرار السياسي، وإجراءات الحكومة”.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: على السیارات سوق السیارات السیارات فی فی العراق

إقرأ أيضاً:

الأسماك الطازجة في اليمن بفضل حلول الطاقة الخضراء!

شمسان بوست / متابعات:

في مدينة الغيضة الساحلية، الواقعة في محافظة المهرة اليمنية، لطالما كان مصنع باويزر لحفظ الثلج والأسماك يمثل حجر الزاوية في صناعة صيد الأسماك المحلية. تأسس المصنع من قبل القطاع الخاص في عام 2006، وقد تأسس بمهمة واضحة لتوفير إنتاج موثوق للثلج للصيادين المحليين، مما يضمن بقاء صيدهم طازجا وقابلا للتسويق. يقع المصنع في محافظة غنية بالموارد السمكية، ولعب دورا حيويا لسنوات في دعم سبل عيش المجتمع، والمساعدة في الحفاظ على المشاريع وإطعام الأسر.


مع مرور الوقت، واجه المصنع تحديات متزايدة. بدأ تغير المناخ وارتفاع تكاليف الوقود والنقص المتكرر للطاقة في تعثر انتاجه. لم تهدد هذه العقبات بقاء المصنع فحسب، بل هددت أيضا الاستقرار الاقتصادي لمجتمع الصيد الذي يخدمه. أصبحت الحاجة إلى حل مستدام ملحة.

تم دعم المصنع مؤخرا بمنحة من خلال مشروع التنمية المستدامة لمصايد الأسماك في البحر الأحمر وخليج عدن بتمويل من البنك الدولي وتنفيذه من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع منظمة محلية، وكالة تنمية المنشأت الصغيرة ومتناهية الصغر. لم يؤد التحول نحو الطاقة المتجددة والممارسات المستدامة بيئيا إلى تحسين الكفاءة التشغيلية فحسب، بل أدى أيضا إلى تقليل البصمة البيئية للمصنع بشكل كبير، مما جعله نموذجا محليا للابتكار الواعي بالمناخ في قطاع مصايد الأسماك.

تحويل التحديات إلى فرص


في عام 2023، أجرى فريق مشروع التنمية المستدامة لمصايد الأسماك تقييما شاملا لمصنع باوزير، وحدد تحدياته وإمكانات نموه. في وقت لاحق من ذلك العام، شارك عبد الله باوزير، رجل الأعمال المحلي الذي أسس المصنع في البداية، في برنامج تدريبي لمدة خمسة أيام في مدينة الغيضة، حيث اكتسب المهارات الأساسية في إدارة الأزمات ومراقبة الجودة وممارسات الأعمال المستدامة. زوده هذا التدريب بالأدوات اللازمة للتغلب على تحديات المصنع والتخطيط لمستقبل مرن.


تعاون عبد الله بشكل وثيق مع مستشاري مشروع التنمية المستدامة لمصايد الأسماك لتطوير خطة قوية لاستمرارية مشروعه. كان أحد المكونات الرئيسية لهذه الخطة هو اعتماد الطاقة المتجددة، وتحديدا الطاقة الشمسية، لتقليل اعتماد المصنع على مولدات الديزل المكلفة وغير الموثوقة. كان عبد الله مترددا في البداية، وسرعان ما أدرك إمكانات هذا النهج المبتكر. من خلال منحة مالية وقدرها 12 ألف دولار أمريكي من مشروع التنمية المستدامة لمصايد الأسماك، تمكن من الاستثمار في نظام طاقة شمسية لتشغيل المصنع.

تسخير الطاقة الشمسية لتحقيق نموٍ مستدام


بحلول أكتوبر 2023، نجح مصنع باويزر في تركيب منظومة طاقة شمسية بقدرة 125 كيلو فولت أمبير، مما يمثل علامة فارقة في رحلته نحو الاستدامة. توفر المنظومة التي تم تركيبها 25٪ من إجمالي احتياج المصنع من الطاقة، مما يترك آثارا فورية وملموسة:


الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري: لم يؤد الانتقال إلى الطاقة الخضراء في مصنع باويزر للحفاظ على الثلج والأسماك إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية فحسب، بل قلل أيضا بشكل كبير من بصمتها البيئية. من خلال التحول إلى نظام الطاقة المتجددة، يحقق المصنع الآن انخفاضا سنويا يقدر ب 46.9 طنا من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بشكل أساسي في شكل ثاني أكسيد الكربون. يؤكد هذا الإنجاز على دور المصنع في التخفيف من آثار تغير المناخ ويعزز مكانته كنموذج للممارسات المستدامة في قطاع مصايد الأسماك في اليمن.


تخفيضات كبيرة في التكاليف: أدى التحول إلى الطاقة المتجددة إلى خفض التكاليف الشهرية لمصنع باويزر بمقدار 875 دولارا أمريكيا، مما أدى إلى خفض نفقات الطاقة الإجمالية بنسبة 25٪. تساعد هذه المدخرات في تعزيز الاستدامة التشغيلية والمرونة المالية.


تحسين المرونة التشغيلية: أدى انخفاض الاعتماد على مصادر الوقود الخارجية إلى تقليل اضطرابات الإنتاج، مما يضمن إمدادات مستقرة ومستمرة من الثلج لدعم الصيادين المحليين.

التمكين الاقتصادي وخلق فرص العمل:


لقد أدى تطوير المصنع إلى توفير ثلاث فرص عمل جديدة، اثنين فنيي صيانة وضابط أمن الموقع، مما ساهم في النمو الاقتصادي المحلي. بالإضافة إلى ذلك، أصبح الصيادون من المناطق المحيطة يعتمدون على إنتاج الثلج في المصنع للحفاظ على جودة صيدهم. ساعدهم توافر الثلج على نقل الأسماك دون تلف، وإطالة مدة صلاحيتها، وفي النهاية الحفاظ على سبل عيشهم بشكل أكثر فعالية.


نموذج للابتكار المستدام


اليوم، يعد مصنع باويزر لحفظ الثلج والأسماك مثالا على كيف يمكن للابتكار والاستدامة أن يقودا التقدم، وكيف تكمل تدخلات القطاعين العام والخاص بعضها البعض. من خلال استغلال الطاقة الشمسية، أمّن المصنع مستقبله وألهم الشركات الأخرى في صناعة صيد الأسماك لاستكشاف حلول الطاقة المتجددة.


يفكر عبد الله في هذا الإنجاز بكل فخر: “كان الدعم المقدم من مشروع التنمية المستدامة لمصايد الأسماك الممول من البنك الدولي لا يقدر بثمن. بفضل توجيهاتهم والتدريب الذي تلقيناه، أصبحنا أول شركة في المهرة تتبنى الطاقة الشمسية. لم يخفض هذا تكاليفنا فحسب، بل عزز أيضا قدرتنا على الصمود “

رؤية مجتمعية تتحقق


كان لتطوير المصنع تأثير مضاعف في جميع أنحاء المجتمع. يمكن للصيادين المحليين الآن الاعتماد على إمدادات مستقرة من الثلج للحفاظ على صيدهم، مما يضمن جودة أعلى وأسعار أفضل في السوق. بالإضافة إلى ذلك، أدى التحول إلى الطاقة الشمسية إلى تقليل البصمة الكربونية للمصنع، مما ساهم في الاستدامة البيئية في منطقة معرضة بشدة لآثار تغير المناخ.

ما بدأ كمنشأة متواضعة لإنتاج الثلج في عام 2006 تطور إلى نموذج للممارسات المستدامة في المهرة. وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بفضل تمويل البنك الدولي، حول عبد الله التحديات إلى فرص، مما مهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقا واستدامة لأعماله والمجتمع الذي تخدمه.

مقالات مشابهة

  • الصواريخ الإيرانية تعبر فوق مطعم في الأردن والمواطنون يواصلون تناول طعامهم.. فيديو
  • مصدر يكشف طبيعة الأصوات التي سمعت في العراق: ليست قصفا
  • رئيس مركز نجع حمادي يتفقد مجمع مواقف الأجرة ويستجيب لشكاوى المواطنين بشأن نقص السيارات
  • بعد القبض عليه في الإمارات.. ما مصير مستريح السيارات المتهم بالنصب على المواطنين
  • الأسماك الطازجة في اليمن بفضل حلول الطاقة الخضراء!
  • مصر وعمان وإيران يبحثون خفض التوترات في المنطقة
  • من الخرطوم إلى كريت اليونانية..لاجئو السودان يبحثون عن حياة آمنة في أوروبا
  • 68 في المائة من تجار الجملة في قطاع التجارة يتوقعون استقرار المبيعات (مندوبية التخطيط)
  • عمال مصر وسوريا يبحثون التعاون في مجالات التدريب والتأهيل
  • الزعاق يفسر ظاهرة الانفجار التي حدثت بسماء المملكة وشغلت المواطنين.. فيديو