في ذكرى ميلاده.. أمل مصطفى محمود تكشف أسرار رحلة والدها مع العلم والإيمان
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
تحل اليوم ذكرى ميلاد الدكتور مصطفى محمود، الطبيب والمفكر الكبير، الذي شكّل علامة فارقة في الفكر العربي من خلال مؤلفاته المتنوعة وبرنامجه الشهير "العلم والإيمان"، الذي جذب اهتمام الملايين بأسلوبه الفريد في المزج بين قضايا العلم والدين.
وفي مداخلة هاتفية عبر قناة "الأولى المصرية"، تحدثت ابنته الدكتورة أمل مصطفى محمود عن جوانب خفية من حياته وشخصيته الإنسانية.
وصفت والدها بأنه كان رجلًا هادئًا وحكيمًا، يوازن بين شغفه العلمي وحياته العائلية، حيث كان يشجع أبناءه على القراءة والتثقيف، ويشاركهم اهتماماته الفكرية والموسيقية.
وأكدت أنه رغم انشغاله بكتابة مؤلفاته ومتابعة أعماله، كان حريصًا على قضاء وقت نوعي مع أسرته في مناقشات عائلية خفيفة.
وأشارت الدكتورة أمل إلى برنامج "العلم والإيمان"، الذي انطلق عام 1971 واستمر حتى 1999، مقدمًا أكثر من 400 حلقة تناولت قضايا متنوعة بأسلوب علمي مبسط.
وكشفت عن الجهد الكبير الذي بذله والدها في الإعداد لكل حلقة، بما في ذلك السفر والبحث الدقيق للحصول على المواد العلمية وتصوير الحلقات، رغم محدودية الإمكانات التقنية في ذلك الوقت.
وعن رؤية والدها للحياة، أوضحت أن الدكتور مصطفى محمود كان يؤمن بأن قيمة الإنسان تُقاس بما يضيفه للحياة بين ميلاده ووفاته.
هذه الفكرة تكررت في كتبه وبرنامجه، حيث دعا دائمًا إلى جعل الحياة فرصة لإحداث تغيير إيجابي ومستدام.
ولم يقتصر عطاء مصطفى محمود على الفكر والعلم فقط، بل امتد إلى العمل الخيري، حيث أسس مسجدًا ومؤسسات طبية تحمل اسمه، تقدم خدماتها للمحتاجين.
وأكدت ابنته أن هذا الجانب الخيري كان انعكاسًا لتأثره بوالده، الذي علّمه أهمية مساعدة الآخرين وجعل العطاء جزءًا لا يتجزأ من حياته.
اختتمت الدكتورة أمل حديثها، مؤكدة أن إرث والدها الفكري والإنساني ما زال حيًا بيننا، ملهمًا أجيالًا جديدة للسير على خطاه في نشر العلم والخير.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العلم والإيمان رحيل مصطفى محمود المزيد مصطفى محمود
إقرأ أيضاً:
رسالة تعزية إلى الدكتورة آلاء النجار
يا آلاء: لا أستطيع وضعَ نفسي مكانك، ولا الدخولَ في الغلاف الذي أفترض أنك قد أحطتِ نفسَكِ به، حمايةً لها وضمن محاولات الاستعانة بالإيمان والصبر من أجل التماسك، حتى لو أدت إلى الانفصال عن الواقع ومتطلبات استكمال رحلة الحزن حتى الاكتفاء منه، فيا لقلبك المكسور، ويا لقلب كل أُمٍ فاقدة في قطاع غزة أو أُمٍ تستشعر أن الموت يقترب من عائلتها، ولا تملك شيئاً إزاءه سوى الدعاءِ إلى الله على إبقاء أبنائها في حضنها وعدم تمكين الاحتلال من انتزاعهم منه.
وأنتِ يا آلاء الطبيبة، تعرفين أكثر من الجميع أن كل طفل في غزة قد حُكم عليه بالقتل، ففي المستشفى حيث تعملين، تشاهدين بأُم عينِكِ وتعُدّين الأرقام الداخلة إلى الثلاجات وحكاياتها.. متأكدةً من صحة ما ذهبتِ له من استخلاصِ تجربةِ الأمهات المُرّةِ ومشاهداتك المتكررة بأن على الأمهات الفلسطينيات المزيدَ من الإنجاب ما استطعنَ إليه سبيلا، وبادرتِ إلى تطبيقه على نفسك، عاملةً على تعويض الفاقد بشكل مُسبق، وقد كان لمبادرتك منطقُها الخاصُ وموضوعُها العام في غزة، لأنها البقعةُ الجغرافيةُ المُشَرَّعةُ على جميع الاحتمالات المجنونة، الممكنةِ والمستحيلة، فكان قرارُكِ بالإنجاب المفتوح على عشرة، وجيهاً من جميع الوجوه.
كنتِ حكيمةً يا آلاء وعملية، فالأبناءُ العشرة قد يصبحون في أسوأ الكوابيس نصفَهم، أقل قليلاً أو أكثر قليلاً، لكنها تعليمات الإبادة الجماعية وشهوة الاحتلال للقتل والدماء تفوقَتْ على قراءتِكِ العمليةِ وعلى خططك المُسْبقة، فطبيعتُكِ ومهنتُكِ وفطرتُكِ الانسانية، تتعارض مع طبيعة الاحتلال وغرائزه التي لا تشبع من الدماء الفلسطينية، لقد وُجدوا ليَقتلوا!
يا آلاء: لا مناصَ أو مخرجَ لحزنك الذي لا يمكن لكل مصطلحات اللغات توصيفُه أو تعريفُه، سيبقى الحزنُ ملازماً لك للأبد، ما زالت الصواريخ تنهمر كالمطر ساحقةً أجساد الأطفال تحت المنازل، وما دام الجيش الفاقد لبشريته يطرق الأبواب بالرصاص، وما زال الدخان يتصاعد من البيت الذي التصقَت بجدرانه الأشلاء.
يا آلاء الأُم: ستبقى فصول المأساة تتوالى أمام عينيكِ الزائغتين، ستتردّدين على القبرَين الصغيرَين اللذينِ احتضنا أشلاء البنات والأولاد، وتنظرين إلى صورهم التي تحتفظين بها في جيوب قلبك، مرددةً أناشيدهم العالقة على لسانكِ وفوق ما بقي من الجدران المتهالكة، ستبقى المأساة تمر أمامك كشريطٍ مُصوَّرٍ، بينما يستمر الاحتلال في تقطيع الأجساد الصغيرة وإرسالها إلى السماء، وتستمر أرواح الغزيين تهيمُ على وجهها تبحث عن مكانٍ لا يُقصف، عن مأوى لم يُدَمّر، عن كلمةِ حقٍ يتردد صداها من آخر الدنيا، تُردّدها الانسانيةُ التي ما انفكت تتظاهر في الشوارع وعلى مقربة من سفارات الاحتلال منذ الإبادة.
يا أُختي في الحزن المقيم: أنت تعلمين أكثر من أي فلسطينية أخرى، من موقعك كطبيبة في مستشفى تغص ثلاجاتُها بالجثث والأشلاء، وتواظبين على استقبال الجرحى منذ أكثر من ستمائة يوم، وتحت ناظرَيكِ تتم مراسمُ الرثاء والوداع، تعرفين تماماً أيَّ مجرمين نواجه في معركة غير متكافئة على الإطلاق، تصبح فيها خطتكِ في التعويض عن الفاقد أُمَّ الخطط الاستراتيجية.. تقابل خطط الاحتلال في اغتيال مئات ألوف الحيوات لأناس بسطاء وأطفال أبرياء وشباب واعدين كانوا يملكون آمالاً وخططاً ومواهب، كالخطط التي رسمتِها من أجل أبناء يستكملون بناء العائلة الطبيّة.. قام جيش الاحتلال المجرد من المبادئ ببترها، فاتحاً مقبرةً عملاقة غير مسبوقة تعادل مساحة غزة.
يا آلاء الأُم الجميلة: ثمةَ كلامٌ كثير حزين عن خذلان بحجم التاريخ، وثمةَ جراحٌ وأرواح لا تشفى أو تتعافى حتى تغلَق المأساة تماماً بالوصول إلى العدالة، فردياً وجماعياً.
وحتى تحين اللحظة المنتظرة لا أطلب منك النسيان، وكيف أفعلُ بينما نتبنى وعد النكبة الأولى وشهدائها: «لا ننسى ولن نغفر»، فلن يكون بمقدورك النسيان ولا نريده لك كما لا نريده لشعبنا، لكن ما أتمناه منك المسارعةُ الى تجفيف دموعك والانخراطُ في حملة عالمية تروين فيها القصة بحذافيرها، لكل ولد وبنت فيها حصة، يحيى وجبران وسيدرا ولقمان وريفال وراكان وإيف ورسلان وسيدين وآدم، ومعهم أطفال فلسطين..
تحملين رسائلهم عن مدارس مدمرة أصبحت ملاذاً للقلوب المنهكة عن الخيام التي يتم حرقها بمن يسكنها، عن دفاتر صغارِكِ وثيابهم التي ما زالت مطويةً في الأدراج مع لعبهم المهجورة، وذكرياتهم التي يتردد صداها في الغرف الصغيرة، مختلطةً مع ذكرى لم تكن عابرةً على الإطلاق.. لحظةَ تعرفتِ على أشلائهم.
الأيام الفلسطينية