رغم التحديات العالمية التي شهدها عام 2024 من حروب وأزمات اقتصادية، نجحت الأسواق المالية في تحقيق أداء قوي ومفاجئ، متفوقة على التوقعات التي كانت تشير إلى تراجعها، حيث سجلت مكاسب بنسبة 16% للسنة الثانية على التوالي، ليأتي هذا النمو مدفوعا بالارتفاع القياسي لأسهم شركات الذكاء الاصطناعي، مما عزز من قوة الأسواق.

وكانت أسواق الأسهم الأمريكية، وبخاصة أسهم «وول ستريت»، المحرك الرئيس لهذا النمو، حيث ساهمت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والنمو الاقتصادي القوي في جذب رؤوس الأموال العالمية إلى الأصول الأمريكية، مما أدى إلى ارتفاع الدولار بنسبة 6.6% مقابل العملات الأخرى خلال عام 2024، وفقا لتقرير شبكة «ياهو فاينانس» الأمريكية.

كما ارتفعت مشاعر التفاؤل في الأسواق الأمريكية بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر، حيث ركز المستثمرون على خطط الرئيس المنتخب الخاصة بتخفيض الضرائب وتخفيف القوانين التنظيمية، وهو ما أدى إلى مكاسب كبيرة في أسواق العملات المشفرة مثل «بيتكوين» التي سجلت ارتفاعا سنويا بنسبة 122%.

لكن مع اقتراب عام 2025، أصبحت الأسواق العالمية أكثر تعرضا لتوجهات الولايات المتحدة، وهو ما أضحى عاملا محفزا للمخاطر بعد أن أثار الفيدرالي الأمريكي قلق الأسواق في وقت سابق من الشهر الجاري، بالإشارة إلى تقليص عدد تخفيضات الفائدة في العام المقبل.

وبعد صدور بيانات ضعيفة لسوق العمل الأمريكي، وأخرى مفاجئة في اليابان بزيادة أسعار الفائدة، شهدت الأسواق العالمية حالة من التقلبات الكبرى، بما في ذلك تراجع حاد في الأسواق في أغسطس.

على جانب آخر، بدأت المخاوف تتزايد بشأن المقترحات التجارية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب التي قد تؤدي إلى زيادة التضخم، بالإضافة إلى القلق من اقتراض الحكومة الأمريكية المفرط الذي قد يؤدي إلى اضطراب سوق السندات الأمريكية البالغة قيمته 28 تريليون دولار.

وفيما يخص أسواق الأسهم الأمريكية، سجل مؤشر «S&P 500» ارتفاعا بنسبة 24% في عام 2024، وهو ما يمثل أقوى أداء له في عامين منذ 1998.

كما شهدت أسهم شركات التكنولوجيا مثل «نفيديا» ارتفاعا بنسبة 178%، في حين شهدت أسهم شركة تسلا ارتفاعا بنسبة 68%.

من ناحية أخرى، عانت الأسواق الأوروبية من ضعف ملحوظ، حيث انخفض اليورو بنسبة 5.7% مقابل الدولار، كما سجلت أسواق الأسهم الأوروبية أداء أقل مقارنة بنظيرتها الأمريكية.

ورغم ذلك، فإن هناك بعض التوقعات المتفائلة بشأن انتعاش الاقتصاد الأوروبي في عام 2025، خاصة بعد سلسلة من تخفيضات الفائدة من البنك المركزي الأوروبي التي ساعدت على تراجع وتيرة التباطؤ الاقتصادي.

أما بالنسبة للأسواق الناشئة، فقد كانت عملات هذه الأسواق أكثر تأثرا بتقلبات الدولار الأمريكي، فعلى سبيل المثال، انخفضت قيمة عملة نيجيريا بنسبة 70% تقريبا مقابل الدولار بعد تخفيضات قيمة عملاتها، في حين سجل الريال البرازيلي انخفاضًا بنسبة 27% بسبب المخاوف من زيادة الديون الحكومية.

وفي الصين، شهدت الأسواق تقلبات كبيرة، حيث ارتفعت الأسهم الصينية بنسبة 16% في سبتمبر بعد أن أظهرت الحكومة استعدادها للتحفيز الاقتصادي، إلا أن العديد من المستثمرين يعتقدون أن الدورة الاقتصادية بين الصعود والهبوط ستستمر في الصين، مما سيؤثر على الأسواق الأوروبية والآسيوية.

أما في أسواق السندات، عانى المستثمرون من خسائر هذا العام بعد أن كانت هناك توقعات بتسهيلات نقدية أكبر من قبل البنوك المركزية لم تحدث بالقدر المتوقع.. وارتفعت عوائد السندات الأمريكية لمدة 10 سنوات بنحو 70 نقطة أساس، فيما سجلت السندات البريطانية والألمانية أيضا زيادة في العوائد.

وفيما يخص الأسواق الناشئة، حققت بعض الأسواق الأكثر خطورة مكاسب كبيرة، مثل السندات الدولارية للبنان التي حققت عوائد بنسبة 100%، وكذلك السندات الصادرة عن الأرجنتين التي حققت عوائد مماثلة بسبب خطط الإصلاح الطموحة التي قدمها الرئيس الأرجنتيني.

وفي الختام، تشير التوقعات إلى أن عام 2025 سيكون عاما مليئا بالتحديات للأسواق المالية، وسط حالة من الترقب بشأن تأثير السياسات الأمريكية على الأسواق العالمية.

اقرأ أيضاًبنك مصر: شهادات الادخار تجذب أكثر من 235 مليار جنيه أول تسعة أشهر في 2024

بنك مصر يتمكن من جذب ودائع جديدة بأكثر من 460 مليار جنيه

صافي أرباح بنك مصر ترتفع إلى 60.457 مليار جنيه أول 9 أشهر من 2024

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الدولار الأمريكي أسعار الفائدة الأسواق العالمية السندات الدولارية

إقرأ أيضاً:

الحضور الجماهيري ولياقة اللاعبين.. إليك أبرز التحديات التي ستواجهها كأس العالم للأندية

(CNN) -- عندما يتم ركل الكرة في ملعب "هارد روك" في ميامي خلال مباراة بين رفاق ليونيل ميسي والأهلي المصري سوف تدخل الولايات المتحدة الأمريكية التاريخ، باعتبارها أول دولة تستضيف أهم بطولة في لعبة كرة قدم تمّ إنشاؤها في هذا القرن.

تعد البطولة الّتي ستقام من 14 يونيو/ حزيران إلى 13 يوليو/ تموز هي بلا شكّ الرهان الأكثر جرأةً للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) منذ زمن طويل، فلأول مرة، سيتنافس 32 فريقاً كلّ 4 سنوات بنظامٍ مشابهٍ للّذي استُخدم في المنتخبات الوطنية بين عامي 1998 و2022، 8 مجموعات، تضمّ كلّ منها 4 فرق، ويتأهل الفريقان الأوائل من كلّ مجموعة إلى دور الـ 16، تليها مباريات فاصلة من دور واحد.

على الصعيد الرياضي، تُعدّ هذه البطولة واعدة للغاية، سيشارك فيها 12 فريقًا أوروبيًا عملاقًا: ريال مدريد وأتلتيكو مدريد من إسبانيا، وإنتر ميلان ويوفنتوس من إيطاليا، ومانشستر سيتي وتشيلسي من إنجلترا، وباريس سان جيرمان الفرنسي، الفائز مؤخراً بدوري أبطال أوروبا، وبايرن ميونخ الألماني، كما ستشارك 10 فرق من الأمريكتين، مثل بوكا جونيورز وفلامنغو وريفر بليت وبالميراس وبوتافوغو وباتشوكا وإنتر ميامي، وتكتمل البطولة بمشاركة 4 فرق من آسيا، و4 فرق من إفريقيا، وفريق واحد من أوقيانوسيا، وهو فريق هواة.

ومع ذلك، يواجه هذا المشروع الطموح العديد من الأسئلة الّتي تستحق النظر إليها بشكل أعمق.

ملايين مضمونة وشكوك حول حضور الجماهير في الملاعب

يزعم (فيفا) أن البطولة في طريقها لتحقيق نجاح مالي كبير، كما هو متوقع في أحدث تقرير مالي له صدر في أبريل/ نيسان الماضي، ووفقاً للتقرير، من المتوقع أن تُدرّ البطولة ما يصل إلى 21.1 مليار دولار أمريكي على الناتج المحلي الإجمالي العالمي، منها 9.6 مليار دولار في الولايات المتحدة وحدها.

كما ستُوزّع البطولة جوائز إجمالية مغرية بقيمة مليار دولار أمريكي، إذ سيحصل الفائز على ما يصل إلى 125 مليون دولار أمريكي، وبالنسبة للعديد من الفرق المشاركة الّتي تفتقر إلى القوة المالية الّتي تتمتع بها نظيراتها في العالم المتقدم، تُمثّل هذه البطولة فرصةً لتعزيز مواردها المالية بشكل كبير.

على سبيل المثال، بلغ مؤخراً سعر أرخص تذكرة لحضور المباراة الافتتاحية بين إنتر ميامي والأهلي حوالي 69 دولاراً، وهو أقل بكثير من سعرها الأصلي، أما بالنسبة لمباراة باريس سان جيرمان ضدّ أتلتيكو مدريد في لوس أنجلوس، فقد بلغ أقل سعر 61 دولارًا، بينما بدأ سعر أول مباراة لريال مدريد ضدّ الهلال السعودي من 265 دولارًا، بينما بلغ سعر تذكرة حضور أول مباراة لبوكا جونيورز ضدّ بنفيكا 41 دولارًا فقط.

نظراً لعدد التذاكر المتاحة قبل أيام قليلة من انطلاق البطولة، ونظام التسعير الديناميكي في الولايات المتحدة، والّذي يتكيف مع الطلب، فمن المرجح أن يدفع من ينتظرون حتّى اللحظة الأخيرة لشراء التذاكر أسعاراً أقل، ويبدو للوهلة الأولى أن الأسعار الأولية المرتفعة ربما تكون قد أبعدت بعض المشجعين.

بالإضافة إلى ذلك، بخلاف كأس العالم التقليدية، إذ يُمثل كلّ منتخب بلداً بأكمله، تُمثل الفرق المشاركة في هذه البطولة شريحةً سكانيةً محددةً فقط، وقد لا يملك الكثيرون في هذه الفئة المال أو الوقت الكافي لحضور البطولة.

إرهاق عند اللاعبين

من التحديات الأخرى جدول المباريات المزدحم، والّذي يُعيق لاعبي أنجح الفرق، على سبيل المثال، لعب برادلي باركولا أكبر عدد من الدقائق مع باريس سان جيرمان، مسجلاً 3643 دقيقة في 58 مباراة.

في المتوسط، لعبت الفرق الأوروبية الّتي شاركت في دوري أبطال أوروبا، مثل ريال مدريد ومانشستر سيتي، 50 مباراة خلال العام في الدوري والكأس المحلية والمسابقات الأوروبية، هذا بالإضافة إلى 10-12 مباراة إضافية لعبها العديد من النجوم مع منتخباتهم الوطنية.

قال النجم البرازيلي السابق رونالدو مازحاً، خلال قرعة البطولة في ديسمبر/ كانون الأول 2024: "كنتُ أتمنى المشاركة في بطولة كهذه...مع أنني متأكد من أنها كانت ستأخذ بضعة أيام من إجازتي"، مضيفاً: "أعتقد أننا جميعاً بحاجة إلى التحدث وإيجاد حل لجدول المباريات، العديد من اللاعبين يشتكون، وهناك العديد من الإصابات، والمتطلبات كبيرة جدًا، علينا احترام اللاعبين والاستماع إليهم".

في هذا الصدد، يبدو أن الإجراء الوحيد الّذي اتخذه الفيفا لتقليل عدد المباريات هو إلغاء مباراة تحديد المركز الثالث.

خلال مقابلة مع CNN Sport في أبريل/ نيسان الفائت، قال رئيس الفيفا، جياني إنفانتينو: "لكننا نولي اهتمامًا بالغًا لجدول المباريات وصحة اللاعبين، أعني، نريد أن نبذل قصارى جهدنا ليكون اللاعبون في أفضل الظروف لأداء أفضل".

هل جميع أفضل الفرق مشاركة في البطولة؟

من جوانب التحسين الأخرى في هذه البطولة الأولى أن نظام التأهل يستبعد بعضاً من أفضل فرق العالم الحالية، على سبيل المثال، تأهل تشيلسي بصفته بطل دوري أبطال أوروبا 2021، بينما لم يتأهل آخر بطلين محليين لاثنين من أفضل الدوريات العالمية، ليفربول في الدوري الإنجليزي الممتاز وبرشلونة في الدوري الإسباني.

أنهى تشيلسي البريميرليغ في المركز الـ12 موسم 2023/2022، والـ6 موسم 2024/2023 والـ 4 في آخر موسم، وتختلف تشكيلة الفريق الحالية اختلافًا كبيرًا عن التشكيلة الّتي تُوجت بطلةً لأوروبا قبل 4 سنوات.

رغم ما قد تثيره هذه البطولة الجديدة من شكوك وتساؤلات، فإن رهان الفيفا كبير وجذاب بلا شك، ربما، بعد بضع سنوات، ستبدأ الأندية بخياطة نجوم على قمصانها لتمثيل عدد بطولات العالم الّتي فازت بها، وسيصبح هذا عاملاً مهماً في نقاشات الجماهير حول أي نادٍ هو "الأكبر" في العالم.

أمريكاكأس العالم للأنديةنشر السبت، 14 يونيو / حزيران 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • حرب إيران وإسرائيل: انقلاب موازين أسواق النفط والاقتصاد العالمي
  • بعد إغلاقها مضيق هرمز.. إيران تُربك أسواق الطاقة وتركيا في دائرة الخطر
  • الحضور الجماهيري ولياقة اللاعبين.. إليك أبرز التحديات التي ستواجهها كأس العالم للأندية
  • ضربة إسرائيلية تقلب الأسواق.. انهيار الأسهم العالمية وقفزة في الذهب والنفط
  • هزة بالأسواق العالمية بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران.. خسائر حادة وقفزة بأسعار الطاقة والمعادن
  • الهجوم الإسرائيلي على إيران يهزّ الأسواق العالمية: الذهب والنفط يحلقان، والبورصات تنهار
  • هل تصمد أسواق النفط أمام الضربة الإسرائيلية لإيران؟
  • المال يُزهر في أوروبا.. موسم كرة القدم يحقق نمواً قياسياً
  • تزايد الضغوط على أسواق السندات
  • التوترات الإقليمية المتصاعدة تقفز بأسعار النفط بأكثر من 12 %.. والذهب يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية