حرب إيران وإسرائيل: انقلاب موازين أسواق النفط والاقتصاد العالمي
تاريخ النشر: 15th, June 2025 GMT
في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط واحدة من أكثر فتراته اضطرابا خلال السنوات الأخيرة، اندلع نزاع عسكري مباشر بين إيران وإسرائيل خلّف آثارا فورية على الأسواق العالمية، خاصة سوق الطاقة. فالهجمات المتبادلة التي وقعت خلال الساعات الماضية حرّكت الأسعار والأسواق بطريقة تُذكّر بالأزمات النفطية الكبرى في العقود الماضية.
وكما كان متوقعا، اشتعلت الأسواق العالمية نتيجة القلق المتزايد من تعطل إمدادات الطاقة، وخصوصا تلك التي تمر عبر مضيق هرمز الحيوي.
فقد ارتفع سعر خام برنت بنسبة 5.9 في المئة ليصل إلى 74.2 دولارا للبرميل، مع توقعات بصعود الأسعار إلى ما بين 90 و120 دولارا للبرميل إذا استمرت الحرب أو شملت منشآت نفطية داخل إيران، أو في حال إغلاق مضيق هرمز، الذي تمر عبره نحو 20 في المئة من إمدادات النفط العالمي المنقول بحرا.
من المتوقع أن يتعرض سوق النفط لهزة هي الأعنف منذ غزو العراق للكويت عام 1990. وفي المقابل، إذا ما تم احتواء الأزمة دبلوماسيا خلال أسابيع، فإن الأسعار قد تهدأ تدريجيا، لكن من غير المتوقع أن تعود إلى مستويات ما قبل حزيران/ يونيو.
كما امتدت تأثيرات الحرب إلى الأسواق المالية والاقتصادات العالمية، إذ سجلت مؤشرات الأسهم العالمية تراجعا. فعلى سبيل المثال، انخفض مؤشر داو جونز بنسبة 1.8 في المئة، وقفز سعر الذهب بنسبة 1.7 في المئة ليصل إلى مستويات تفوق 3,400 دولار للأونصة، مدفوعا بمخاوف المستثمرين من فقدان الاستقرار المالي. وارتفعت أسعار البنزين في عدة دول، أبرزها أستراليا التي شهدت زيادة قدرها 12 سنتا للتر الواحد، وهو ما يُتوقع تكراره في أوروبا والولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يتسبب استمرار الأزمة في رفع معدلات التضخم الأمريكية إلى 5 في المئة أو أكثر، وهو ما قد يدفع البنوك المركزية إلى إعادة النظر في سياساتها.
وأيضا، بلا شك سترتفع تكاليف الشحن نتيجة تحوّل طرق الملاحة وزيادة أقساط التأمين، مما سيؤثر على أسعار السلع الاستهلاكية. كما أن المخاطر الجيوسياسية العالمية ستشكّل ضغطا إضافيا على الاستثمار والنمو الاقتصادي العالمي.
أين ليبيا من كل ذلك؟
في هذا المشهد الاقتصادي المعقد، تبرز ليبيا ذات الاقتصاد المنكشف على الخارج كلاعب يمكن أن يملأ جزئيا الفجوة التي قد تتركها صادرات إيران. بقدرة إنتاج تتجاوز 1.2 مليون برميل يوميا، بإمكان ليبيا بلا شك أن تقدم جزءا من الحل، ما سيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد الليبي.
النفط الليبي قد يحقق مكاسب مباشرة من ارتفاع الأسعار، مما يعني دخولا إضافية قد تتجاوز 10–15 في المئة مقارنة ببداية العام. وإذا ما استغلت ليبيا هذه الفرصة بتحسين كفاءة التصدير، وتثبيت الاستقرار، ودعم قطاع النفط، وتعزيز الشراكات الاستثمارية الليبية-الأجنبية في القطاع، وتجاوزت القيود البيروقراطية، فقد تكون الأزمة مصدرا نادرا للتحفيز الاقتصادي وفرصة لاستدعاء رؤوس الأموال الأجنبية، وداعما نسبيا لقوة الدينار الليبي الذي تهاوى خلال الأشهر الأخيرة.
ختاما
الصراع الإيراني-الإسرائيلي لا يدور فقط في سماء طهران وتل أبيب، بل تمتد تداعياته إلى جيوب المستهلكين، وخزائن الدول، ومؤشرات الأسواق في طوكيو ونيويورك وطرابلس.
وفي حين أن الحرب تجلب معها الخوف والدمار، فإنها تفتح أحيانا نوافذ نادرة لبعض الدول للاستفادة الاقتصادية، إذا ما أحسنت إدارة الموقف. ويبقى النفط، كما كان دائما، ليس مجرد سلعة، بل سلاحا سياسيا ومحرّكا خفيا لعالم لا يعرف الاستقرار.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء إيران الأسعار النفطية الاقتصادي ليبيا الإسرائيلي إيران ليبيا اقتصاد إسرائيل النفط قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المئة
إقرأ أيضاً:
وسط مخاوف من انخفاض الطلب العالمي.. تراجع أسعار النفط وارتفاع الغاز المسال
تراجعت أسعار النفط بمقدار دولارين للبرميل، وسط مخاوف متزايدة من احتمال قيام أوبك وحلفائها بزيادة الإنتاج، في وقت عزز فيه تقرير الوظائف الأمريكية الضعيف نسبياً القلق بشأن تراجع الطلب العالمي.
وذكرت مؤسسة العطية في تقريرها الأسبوعي أن خام برنت أنهى تعاملاته الجمعة عند مستوى 69.67 دولار للبرميل، منخفضاً بمقدار 2.03 دولار أو ما يعادل 2.83%. أما خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي فقد تراجع إلى 67.33 دولار للبرميل، بانخفاض قدره 1.93 دولار. ورغم هذا الهبوط، حقق الخامان مكاسب أسبوعية بنحو 6%، حيث ارتفع برنت 6%، فيما صعد غرب تكساس 6.29%.ويشير محللون إلى أن أعضاء أوبك وشركاءهم ضمن تحالف «أوبك بلس» قد يتوصلون إلى اتفاق، ربما اعتباراً من اليوم الأحد، لزيادة الإنتاج بمقدار 548 ألف برميل يومياً خلال سبتمبر.
وفي سياق متصل ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي المسال في السوق الآسيوية بشكل طفيف الأسبوع الماضي، بعد أسبوعين متتاليين من التراجع، مدعومة بتزايد المخاوف الجيوسياسية، لاسيما تهديدات الولايات المتحدة بفرض عقوبات على روسيا، إلى جانب استمرار القلق بشأن الإمدادات.
ووفقاً لتقديرات مصادر في القطاع، بلغ متوسط سعر الغاز الطبيعي المسال الذي سيسلم في سبتمبر إلى شمال شرق آسيا حوالي 12.10 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة بـ11.90 دولار في الأسبوع الماضي.
وقد عادت الجغرافيا السياسية إلى الواجهة، مع تصاعد التهديدات بفرض عقوبات على مستوردي النفط والغاز الروسي، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الضغط على الأسواق في حال تم التوجه لشراء الغاز الطبيعي المسال من مصادر بديلة. إلا أن الصورة لا تزال غير واضحة، بحسب تحليلات السوق، خصوصاً مع اقتراب المهلة التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لموسكو للتقدم خطوات ملموسة نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا، وإلا فإن العقوبات ستطول روسيا والمشترين على حد سواء.