عام على قضية الإبادة الجماعية بغزة أمام العدل الدولية.. إلى أين وصلت؟
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
نشر موقع "موندويس" تقريرًا يتناول فيه القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، مشيرًا إلى أن القضية لم تغير الأوضاع على الأرض، لكنها تمثل انتصارًا رمزيًا لقضية فلسطين وللقانون الدولي.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه قد مر سنة على رفع جنوب أفريقيا تهمة الإبادة الجماعية ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية، حيث جادلت بأن "إسرائيل" ارتكبت إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، مما يعد انتهاكًا لاتفاقية 1948 الخاصة بمنع الإبادة الجماعية.
ويذكر الموقع أن رد الفعل المبتهج الفوري من حركة التضامن مع فلسطين لم يكن مفاجئًا، ورغم محدودية قدرة العالم على فرض القانون الدولي، كان الأمل قائمًا في أن تؤثر القضية الرمزية التي رفعتها جنوب أفريقيا بشكل ملموس على الفلسطينيين في غزة.
وشدد الموقع أنه يجب أن نواجه حقيقة أن قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" بعد عام لم توقف هجماتها على غزة. وكان آخر تطور في القضية هو تقديم جنوب أفريقيا لبيان الأدلة في 28 تشرين الأول/ أكتوبر، والذي كان أمام "إسرائيل" مهلة حتى 28 تموز/ يوليو 2025 للرد عليه. وفي حين تراجع الاهتمام بالقضية، فإن غزة لا تزال تتعرض للعدوان.
وأضاف الموقع أن الأفعال المزعومة في القضية استمرت دون انقطاع، بدعم رمزي ومادي من القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة. وهذا يثير التساؤل عن جدوى القضية وتأثيرها المحدود على الفلسطينيين في غزة في ظل استمرار الفظائع لأكثر من 12 شهرًا على مسمع ومرأى من العالم.
للإجابة على هذا السؤال، يجب أن نأخذ في الاعتبار الخلفية التاريخية الأعمق للقضية، ولماذا تم الاحتفال بها باعتبارها انتصارًا من قبل العديد في حركة التضامن مع فلسطين، وما الذي تمثله في المستقبل.
انتصار محدود للحركة
وأوضح الموقع أنه بعد سنة من النظر في قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل"، يظهر أن لها إرثًا متباينا. ورغم أنها لم تُحدث تغييرًا في الأوضاع بغزة، إلا أنها تمثل انتصارًا حقيقيًا وإن كان محدودًا للمشروع الذي استمر لعقود، حيث سعى الفلسطينيون وحلفاؤهم من خلاله إلى بناء شرعية دولية للقضية الفلسطينية وتأكيد النكبة المستمرة التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني.
ومنذ ظهور حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في 2005، حقق الناشطون نجاحًا كبيرًا في النضال من أجل حرية فلسطين، ما أدى إلى تغيير التصورات حول الاحتلال الإسرائيلي وفتح الطريق لتحول في الدعم لنضال فلسطين. وفي هذا السياق، يمكن اعتبار قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" انتصارًا حقيقيًا بفضل الشرعية الدولية التي تضفيها على الاتهام. ومع ذلك، يجب الاعتراف بحدود هذا النهج ودوره في خدمة دوافع أنانية لبعض الناشطين الغربيين للحفاظ على سلطتهم الأخلاقية.
وأفاد الموقع أن هناك تهمة أخرى مدرجة في قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل"، التي تم التعتيم عليها بسبب التركيز على انتهاكات "إسرائيل" في غزة، وهي أن "إسرائيل" تمارس الفصل العنصري. وتعود حركة المقاطعة نفسها إلى حملات المقاطعة ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وقد استندت دائمًا إلى تشبيه سياسات "إسرائيل" بالفصل العنصري. وهذا التشبيه كان بمثابة إدانة أخلاقية لسياسات "إسرائيل"، وكذلك كدليل على انتهاكها للقانون الدولي. ومن خلال تضمين هذه الحجة، عززت جنوب أفريقيا الجانب الخطابي من التشبيه بين سياسات "إسرائيل" العنصرية تجاه الفلسطينيين وسياسات جنوب أفريقيا العنصرية تجاه الأغلبية السوداء فيها، مطالبة بإدانة "إسرائيل" بارتكاب جريمة الفصل العنصري. وإذا تمت إدانة "إسرائيل"، فإن حلفاءها والمجتمع الدولي ملزمون بالتدخل.
وأشار الموقع إلى أن هناك ديناميكية بلاغية حيث يعارض المدافعون عن "إسرائيل" استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" لوصف تصرفاتها في غزة، رغم استعدادهم للاعتراف ببعض تجاوزاتها واحتلالاتها غير الأخلاقية. وهذه الظاهرة تكشف عن أهمية إصرارنا على استخدام المصطلحات الصحيحة والضغط على "المجتمع الدولي" للوفاء بالتزاماته تجاه الفلسطينيين، مع التأكيد في الغرب على أن حكوماتنا تنتهك قوانينها الداخلية دون محاسبة.
القانون الدولي على المحك
وبعد عام من المداولات في القضية، أصبح واضحًا رفض الولايات المتحدة الكامل لاختصاص القانون الدولي، بما في ذلك ردها على مذكرات التوقيف ضد بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت. ويعد ازدراء إدارة بايدن لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية دليلاً على أن أمريكا لا يمكن أن تخضع للقانون الدولي أو أن يتم محاسبتها كما هو الحال مع حكومة نتنياهو.
وشدد الموقع على أن الفارق بين "المجتمع الدولي" وسياسات الولايات المتحدة أصبح واضحًا للعالم، فقد أظهرت قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" أن القوى الكبرى لا تعتبر نفسها ملزمة بنفس المعايير التي تفرضها على الآخرين، مما يثير تساؤلات حول شرعية القانون الدولي والمجتمع المدني العالمي برمته. إن ما هو على المحك في القضية هو مفهوم الإجماع الدولي الذي تستند إليه حركة التضامن مع فلسطين. وكما اتضح، فإن القانون الدولي لا يملك قوة بحد ذاته ويعتمد على أفعال الموقعين على المعاهدات.
وبينما تمثل قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" انتصارًا سرديًا لحركة التضامن مع فلسطين، فإنها في الأساس انتصار للمجتمع المدني العالمي وشرعية نظام روما الأساسي ومحكمة العدل الدولية. ومن المهم لحلفاء القضية الفلسطينية أن يسألوا أنفسهم ما إذا كانت لحظات الاحتفال تتماشى مع انتصارات حقيقية للفلسطينيين، أم أنهم فقط دافعوا عن مؤسساتهم من تجاوزات حكوماتهم.
واختتم الموقع تقريره موضحًا أنه يجب على المشاركين في حركات التضامن مع فلسطين في الغرب أن يراجعوا عادتهم في الاحتفال بالانتصارات الرمزية بينما تواصل "إسرائيل" حملة الإبادة في غزة. ومن خلال متابعة إجراءات المحكمة وتفحص التهم، ندرك أن فرص المحكمة الدولية في وقف تدمير غزة كانت ضئيلة. بينما تتواصل الجهود، يجب أن نبني على الانتصارات السردية، لكن دون أن تحل محل التقدم المادي الحقيقي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية العدل الدولية إبادة جماعية غزة القانون الدولي غزة إبادة جماعية القانون الدولي العدل الدولية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قضیة جنوب أفریقیا ضد الفلسطینیین فی غزة الإبادة الجماعیة القانون الدولی العدل الدولیة الموقع أن فی القضیة انتصار ا
إقرأ أيضاً:
فصائل المقاومة: مراكز توزيع المساعدات بغزة مصائد موت تهدف لتصفية القضية
قالت فصائل المقاومة الفلسطينية إن مراكز توزيع المساعدات الأميركية تحولت لمصائد موت تستهدف أبناء الشعب الجياع في قطاع غزة، وتهدف إلى إنهاء مهمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وتصفية القضية الفلسطينية.
ودعت فصائل المقاومة الفلسطينية -في بيان اليوم الأحد- إلى الضغط على إسرائيل والإدارة الأميركية للعودة إلى توزيع المساعدات عبر المؤسسات الأممية، كما طلبت من جميع المنظمات الحقوقية الدولية والعربية ملاحقة الشركة الأميركية التي تنفذ -حسب البيان- دورا أمنيا مشبوها وتسببت في استشهاد أكثر من 126 فلسطينيا.
وحذرت الفصائل أبناء الشعب الفلسطيني من استدراجهم بوعود وهمية من الاحتلال أو -ممن وصفتهم بمرتزقته- من العملاء واللصوص، وحذرت العائلات والمؤسسات من التجاوب مع مخططات العدو الإسرائيلي في خلق بدائل مشبوهة عن الأونروا.
وحذرت مراكز حقوقية فلسطينية على نحو متكرر من مراكز توزيع المساعدات المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، التي تحولت إلى "مصائد للموت" يتم فيها استهداف الفلسطينيين وتعمد قتلهم.
ويقول الفلسطينيون إنهم يسلكون هذا الطريق المحفوف بالمخاطر، وسط انعدام الخيارات للحصول على الطعام، في ظل مجاعة تهدد حياة أطفالهم بالموت.
إعلانوبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة، دفعت إسرائيل 2.4 مليون فلسطيني في غزة إلى المجاعة، بإغلاقها المعابر منذ مطلع مارس/ آذار الماضي بوجه المساعدات الإنسانية، لا سيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.
بن غفير يطالب بتوضيحاتوفي إسرائيل، طالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإجراء نقاش وتوضيح بشأن مصدر تمويل "المساعدات" التي يتم نقلها إلى قطاع غزة.
وذكرت القناة السابعة العبرية، اليوم الأحد، أن بن غفير بعث برسالة لنتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية– اعترض فيها على "تمويل الغذاء والإمدادات" للفلسطينيين في غزة، مشيرا إلى أن تلك المساعدات تقدم "على حساب دافعي الضرائب الإسرائيليين".
وأكد وزير الأمن القومي أنه سبق أن أعلن معارضته لنقل أي مساعدات إلى غزة، بزعم أنها "خطوة تُضعف العملية العسكرية وتُبعد نصرنا وعودة رهائننا".
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت إسرائيل يوم 27 مايو/أيار الماضي تنفيذ مخطط مشبوه لتوزيع مساعدات عبر ما تُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية".
وتتم عملية التوزيع وفق آلية وُصفت من منظمات حقوقية وأممية بأنها "مهينة ومذلة"، إذ يُجبر المحتاجون على المرور داخل أقفاص حديدية مغلّفة بأسلاك شائكة.
ولم تسمح إسرائيل إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط، بينما يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى مُنقذ للحياة.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 180 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وكارثة إنسانية غير مسبوقة.