شلقم: ضمائرنا أصبحت مثقلة بالألم
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
قال عبد الرحمن شلقم وزير الخارجية ومندوب ليبيا الأسبق لدى مجلس الأمن الدولي، إن ثمة عام جديد يأتينا وليس لنا سوى الاستسلام لعداده الرهيب، والحروب الطاحنة لا تلتفت إلى الوراء، وأنانية الأغنياء الأقوياء، تتغول وتضرب وتنهب بلا حدود، وفق قوله.
أضاف في مقال بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية “نعبر الآن وسط العقد الثالث من هذا القرن، الذي يمتلك كثافة خاصة في كل شيء، وضمائرنا مثقلة بالألم مما تابعناه من إبادة وحشية، غير مسبوقة في غزة، حيث قتل الأطفال والكبار من النساء والرجال.
وتابع قائلًا “ماذا عن الحرب الكبرى في الطرف الآخر من الدنيا، حيث تدور الحرب العنيفة بين روسيا وأوكرانيا؟ مشهد غروب الوعي الإنساني، تراه العيون وإن غاب عن العقول القادرة على الفعل”.
المصدر: صحيفة الساعة 24
إقرأ أيضاً:
مشتركات حرب السويس والحرب على إيران
سالم بن محمد العبري
إذا كانت هذه حرب إسرائيل ومن ورائها على إيران تتوافق في السمت والهدف والغاية مع العدوان الثلاثي على مصر 1956م في المدى الزمني قرابة (12) يومًا؛ فإن المبررات العدوانية الاستعمارية واحدة، والغاية الاستعمارية واحدة، حيث قام المعتدي بالوكالة بهذه الحرب لبسط نفوذه في شرق أوسط يلفظه منذ وعد بلفور ويحاول التمكين لهيبته والإجهاز على كل محاولة للنهوض العلمي والاقتصادي لتبقى المنطقة كلها تحت سيطرته المباشرة العلمية والإنتاجية والتسويقية ليضمن تدفق مقدراتها وخيراتها في أسواقه بأقل كُلفة.
وإذا كان رجال ثورة يوليو 1952م، لم يبلغوا عمر الكهولة حين دفعتهم الروح الثورية الوطنية الشبابية؛ ليعطوا مبررًا للعدوان الثلاثي (الإسرائيلي البريطاني الفرنسي) ذريعة تأميم شركة قناة السويس العالمية، ولم يكن لديهم النفس الاستراتيجي الإيراني ليصبروا عامًا واحدًا حتى ينتهي عقد الشراكة بين مصر وفرنسا وبريطانيا ومن ثم استعادة القناة دون حرب -كما يقول أعداء جمال عبد الناصر أخوة يوسف- من أذناب الاستعمار، فإن العدوان المُبيّت منذ عقود بل قرون لا يحتاج إلى أسباب ولو كانت موضوعيّة من قبل الإدارات الوطنية.
لقد كشفت هذه الحرب الشبه نووية ضد إيران الإسلامية أن الاستعمار حين يقرر لا ينتظر مبررًا موضوعيًا أو قانونيًا، فهو في حرب الـ(12 يوما) ضد إيران برر لنفسه مستخدمًا روايات الكاذبة التي سوقها في الإعلام الغربيّ رشوة أو إرهابًا وتجاوز الأمم المتحدة، والقانون الدوليّ؛ بل نصَّب نفسه شرطيًا للعالم ومن ورائه أمريكا القوى الغاشمة صاحبة العصا الغليظة؛ فكان البادئ بالعدوان دون رحمة ورؤية، مستخدمًا صنيعته إسرائيل وقاعدته في الشرق الأوسط ومخازنها المكدسة بآلاف القنابل والدانات والطائرات والأسلحة الكيماوية والمحرمة دوليا، ولا أحد يستطيع مقاضاتها في انتهاك قوانين الشرعية الدولية وما تملكه من مفاعلات وقنابل نووية وهي تسير على خطى ربّتها أمريكا، أول من شرعن استخدام السلاح النووي ضد اليابان، وضرب مشاريع العراق وليبيا النووية وعادى كوريا، ودخل في صراعات مع إيران؛ إنهم يمثلون كهنة فرعون في العصر الحديث ويجيزون لأنفسهم ما لا يجيزونه لغيرهم، ويصادرون حق البشر العيش المشترك تحت لافتة كاذبة بعنوان: (شعب الله المختار) وهم شُذّاذ الآفاق الذين ألصقوا أنفسهم بالديانة اليهودية لأغراض سياسية واقتصادية وابتزاز العالم.
وإذا كانت البداية في الحربين (على إيران وحرب السويس 1956م) متماثلة وأهدافها متطابقة، فإن إنهاءهما ظاهريا كان بأدوات متماثلة أيضا في حين عندما تشعر هذه القوى العدوانية أنها (تألم كما يألم المسلمون) تسارع إلى معاونيها من تحت الطاولة ومن فوقها إلى طلب المعدات وعقد الهدنات لتلتقط أنفسها وتتجهز لجولة جديدة تسبقها عمليات تمهيدية تقوم بالاغتيالات وتوظيف المخابرات في جمع المعلومات وتغذية الإعلام الغربي والموالي بمعلومات مضللة، وبعض القنوات الإعلامية الناطقة بالعربية ولسانها صهيوني استعماري، وما زال إلى الآن يطنطن هذا الإعلام ضد جمال عبد الناصر وثورة يوليو رغم أن نظامه وثورته انتهوا من نصف قرن.
وإذا كانت حرب السويس قد أوقفها إنذار الاتحاد السوفييتي ضد دول العدوان على مصر، وتدخلت أيضا الولايات المتحدة الأمريكية لتوقف عدوان (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) بالضغط عليهم فهي كانت شريكتهم في العدوان على مصر من الباطن.
إلا أن الحرب على مصر توقفت بمؤازرة معظم دول العالم التي أبدت استعدادها لدعم مصر بالسلاح والبشر فضلا عن التفاف الأمة العربية جميعها حول مصر وأجبرت قوات الأمم المتحدة على الانسحاب من (غزة) تحت حراك شعبي غزاويّ مكافح ومجاهد وكان إرسال جمال عبد الناصر محافظ السويس ليلا إلى غزة ومع طلوع الفجر كان قد سحب البساط من تحت قوات حفظ السلام لتنتصر مصر والأمة العربية والعالم الحر، وإن يروّج بعض المحللين أنه انتصار سلمي وليس عسكري، فبعيدا عن الجدال العقيم فإننا نؤكد انتصار مصر عسكريا وسياسيا بقيادة مصر وضباط ثورتها ودعم العالم الحر الذى وقف مع مصر التي دعمت حركات الشعوب والدول الحرة في سعيها للاستقلال.
ثم جاء قرار إيقاف الحرب على إيران حين أثخنت إسرائيل جراحًا وتدميرًا وحسب المحللين الأمريكيين والغربين كانت إسرائيل على مرمى أسبوعين من التسليم وإعلان الهزيمة فأسرعت أمريكا بجسر جوي ليلي ووجهت ضربة أشعرتها بالانتشاء ليومين فقط لكن العقيدة الإيمانية التى نفثها فيها الإمام الخمنئي تحت (لينصرن الله من ينصره) جعلت القوة الايرانية القيادية لا تستسلم ولا تستكين وكان الرد تحت شعار (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) فضربت قاعدة العديد الأمريكية في قطر، وهنا تحركت دواليب الهدنة.
وأخيرا نقول احمدوا الله سرا وجهرا واستعدوا لجولة مرتقبة من بني صهيون بعد أسابيع أوسنوات، ولكن نأمل أن لا تتكرر نكسة حزيران ١٩٦٧م.