جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-26@15:58:34 GMT

الظواهر الاجتماعية والعولمة السلبية

تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT

الظواهر الاجتماعية والعولمة السلبية

 

د. أحمد بن موسى البلوشي

العولمة هي عملية تُعبر عن التداخل المُتزايد بين المجتمعات في مختلف أنحاء العالم؛ حيث يتم تبادل الأفكار، والثقافات، والمنتجات بشكل متسارع، ورغم ما تقدمه من فرص وإيجابيات، إلّا أنَّ لها جانبًا سلبيًا يتمثل في تأثيرها على العادات والتقاليد المحلية.

هذا التأثير السلبي قد يُؤدي إلى تآكل الهوية الثقافية، وتشويه القيم الاجتماعية الأصيلة، وتعمل العولمة على نشر ثقافة موحدة عالميًا تُعرف بـ"الثقافة الشعبية"، والتي تُهيمن عليها القيم والأنماط الحياتية القادمة من الدول الأكثر تأثيرًا اقتصاديًا وإعلاميًا.

وهذا التوحيد الثقافي يؤدي إلى تهميش العادات المحلية، مما يجعل الأجيال الشابة تنجذب أكثر نحو الأنماط الغريبة.

ومن أبرز الآثار السلبية للعولمة انتشار ما يُعرف بـ"التقليد الأعمى"؛ حيث يميل الأفراد أو المجتمعات إلى تبني أنماط ثقافية وسلوكية جديدة دون إدراك عميق لخلفياتها التاريخية أو القيم التي تمثلها. ويؤدي هذا التقليد العشوائي إلى ضعف ارتباط الأفراد بثقافتهم الأصلية، مما يسهم في تآكل القيم والعادات التي تُشكل الهوية المحلية. فعلى سبيل المثال، قد يتم تقليد أنماط اللباس أو الاحتفالات، رغم تعارضها مع العادات والتقاليد المحلية، وذلك بدافع الرغبة في مواكبة ما يُعد "موضة" أو تطورًا، دون اعتبار للانسجام مع السياق الثقافي والاجتماعي. هذه الظاهرة لا تُهدد فقط استمرارية التراث المحلي، بل تفتح الباب لظهور مشكلات اجتماعية، مثل تضارب القيم بين الأجيال أو فقدان الشعور بالانتماء الثقافي.

وتمارس وسائل الإعلام والتقنيات الحديثة دورًا كبيرًا في تسريع تأثير العولمة السلبية؛ حيث تُروِّج المحتويات الإعلامية التي تُركِّز غالبًا على الثقافة الغربية، ما قد يؤدي إلى تقليل قيمة العادات والتقاليد المحلية وجعلها تبدو قديمة أو غير متوافقة مع العصر. لكن تظل الأسرة العنصر الأساسي في الحفاظ على هذه العادات والتقاليد من خلال تعليم الأبناء أهمية القيم الثقافية والمحافظة عليها. إضافة إلى دور المدارس والجامعات في نشر الوعي الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية، إذ يمكنها أن تكون بيئة داعمة لتعليم الشباب عن تاريخهم وثقافتهم، وبالتالي المساهمة في تعزيز الانتماء والاعتزاز بالهوية الوطنية في ظل العولمة.

ويُشكِّل الشباب القوة الأساسية التي تدفع المجتمع نحو التقدم والتغيير؛ لذلك، من الضروري دعمهم وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة التي تعزز فهمهم لثقافتهم وتقاليدهم؛ مما يُساعدهم على الحفاظ على هويتهم الثقافية في ظل التحديات المعاصرة. ومن خلال هذه المشاركة، يتعلم الشباب قيمة عاداتهم وأصولهم الثقافية، مما يساهم في تعزيز الانتماء والاعتزاز بالتراث الوطني. كما إنَّ هذه الأنشطة تُساعد في بناء مجتمع قوي ومتماسك يوازن بين التحديث والحفاظ على القيم الثقافية.

وهناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن تبنيها لمحاربة العولمة السلبية منها: إدراج المواد التي تعزز الهوية الوطنية والقيم الثقافية في المناهج الدراسية، مما يزرع في الأجيال الناشئة حب العادات والتقاليد، تنظيم مهرجانات ومعارض تبرز التراث المحلي وتشجع المشاركة المجتمعية، إنتاج محتوى إعلامي يسلط الضوء على العادات والتقاليد بأسلوب عصري وجذاب، استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر المحتوى الذي يروج للهوية الثقافية المحلية، دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعمل على إنتاج الحرف التقليدية، تعزيز السياحة التي تركز على التراث المحلي، مما يسهم في إبراز الهوية.

ورغم التحديات التي تفرضها العولمة السلبية على العادات والتقاليد المحلية، إلا أنَّ هناك فرصًا كبيرة لمواجهتها من خلال تعزيز الهوية الثقافية، واستخدام الإعلام بشكل إيجابي، وتشجيع الصناعات الثقافية.

وأخيرًا.. إنَّ الحفاظ على العادات والتقاليد ليس مجرد واجب ثقافي؛ بل أيضًا ضرورة للحفاظ على تنوع العالم وثقافاته، ومن خلال تضافر جهود الأسرة، والمؤسسات التعليمية، والمجتمع ككل، يُمكِنُنا ضمان استمرارية عاداتنا وتقاليدنا للأجيال القادمة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

محافظ القاهرة يلتقى وزير الثقافة لبحث التعاون المشترك لاستعادة المكانة التاريخية للعاصمة الثقافية

إلتقى الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، بديوان عام المحافظة الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، لبحث سبل التعاون المشترك بين الوزارة والمحافظة، لإعادة القاهرة إلى مكانتها التاريخية كعاصمة للثقافة والفنون، في ظل انتقال الوزارات إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وما تشهده العاصمة من أعمال تطوير متواصلة في مناطق القاهرة التاريخية، والقاهرة الفاطمية، والقاهرة الخديوية.

وخلال اللقاء، ناقش الجانبان الخطة التنفيذية لتحويل حديقة الأندلس إلى مركز إشعاع ثقافي وفني برعاية وزارة الثقافة، لتكون منارة للفنون والأنشطة الثقافية تخدم أبناء الوطن والزوار على حد سواء، وذلك من خلال إعادة توظيف الحديقة كوجهة ثقافية فريدة تحتفي بالتراث والفنون، في إطار رؤية متكاملة تمزج بين عبق التاريخ وجمال الطبيعة، بما يسهم في تقديم تجربة ثرية ومتكاملة للزوار، ويجعل منها منصة حيوية لاحتضان الفعاليات الثقافية والمجتمعية المتنوعة، بما يعزز من دور القاهرة كمركز للإبداع والتراث.

كما تطرق الاجتماع إلى خطة إحياء منطقة المسارح بميدان العتبة، وربطها بحديقة الأزبكية، بما يسهم في تقديم تجربة ثقافية وترفيهية متكاملة لرواد الحديقة المزمع افتتاحها قريبًا بعد الانتهاء من أعمال التطوير الجارية بها، في إطار جهود استعادة الحيوية لقلب القاهرة وتحويله إلى مركز جذب ثقافي وسياحي.

كما تناول اللقاء سبل تعزيز التعاون بين وزارة الثقافة ومحافظة القاهرة لتكثيف الفعاليات الثقافية والفنية التي تسهم في رفع الوعي المجتمعي لدى شباب ومواطني العاصمة، وتنفيذ مزيد من الأنشطة المتنوعة التي تندرج ضمن رؤية الدولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتدعم بناء الإنسان المصري على المستويين الثقافي والفكرى.

وأكد الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، على أهمية الدور المحوري الذي تضطلع به وزارة الثقافة في تنمية الفكر ورفع الوعي بالقضايا المجتمعية، والعمل على ترسيخ الهوية الثقافية والحضارية، مشددًا على حرص المحافظة على تقديم كافة سبل الدعم للأنشطة والفعاليات الثقافية التي تنفذها الوزارة في مختلف أنحاء العاصمة.

ومن جانبه ثمّن الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، التعاون المثمر مع محافظة القاهرة، مؤكدًا أن العاصمة المصرية بما تحمله من إرث حضاري وثقافي تستحق أن تعود مركزًا للإشعاع الثقافي والفني، مشيرًا إلى أن وزارة الثقافة تضع تنفيذ مشروعات فنية وثقافية نوعية في قلب القاهرة ضمن أولوياتها، بالشراكة مع مختلف الجهات المعنية، وعلى رأسها محافظة القاهرة.

شهد اللقاء حضور كل من اللواء إبراهيم عبد الهادي، نائب المحافظ للمنطقة الغربية، والدكتور حسام الدين فوزي، نائب المحافظ للمنطقة الشمالية، والمهندس أشرف منصور، نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية، والمهندسة منى البطراوي، نائب المحافظ للمنطقة الشرقية، واللواء يحيى الأدغم، السكرتير العام لمحافظة القاهرة و المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وأحمد عبيد، مستشار وزير الثقافة للاستثمار.

مقالات مشابهة

  • جمال فرويز يوضح عوامل تكوين الشخصية السلبية الاعتمادية بالأسرة.. فيديو
  • بدء التقدم للدورة الـ21 من جائزة ساويرس الثقافية - تفاصيل
  • سيف بن زايد: الأسرة خط الدفاع الأول في حماية الأبناء من السلوكيات السلبية
  • محافظ القاهرة يلتقى وزير الثقافة لبحث التعاون المشترك لاستعادة المكانة التاريخية للعاصمة الثقافية
  • 5 عادات سيئة قد تُدمر الكبد.. تعرَّف عليها واحذرها
  • طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة حتى الاثنين المقبل وتحذيرات من هذه الظواهر
  • جلسة أساسيات ريادة الأعمال الثقافية تسلط الضوء على بناء اقتصاد إبداعي متجذر في الهوية العُمانية
  • لست أرضى سوى بأدوار البطولة…
  • غياب دعم الجمعيات الثقافية بالحوز سنة 2024 يثير مخاوف حول مستقبل الثقافة بالإقليم :
  • تحذير صحي: 5 عادات يومية تُدمّر كبدك بصمت.. اكتشفها الآن قبل فوات الأوان!