وزير التربية السوري للجزيرة نت: كلامنا ليس منزّلا وتعديلات المناهج طفيفة
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
دمشق- بعد مضي أقل من شهر على سقوط نظام الأسد في سوريا، وتسلّم إدارة العمليات العسكرية زمام السلطة، وتسمية الوزراء في حكومة تصريف الأعمال، أصدرت وزارة التربية والتعليم تعميما بإجراء جملة من التعديلات على المناهج الدراسية من الصف الأول الابتدائي حتى الثالث الثانوي.
وشملت التعديلات بشكل رئيسي حذف مادة التربية الوطنية من المناهج، واستبدال العبارات والصور والدروس المرتبطة بنظام الأسد المخلوع من كل المواد الدراسية، كما أجرت تعديلات في مادة التربية الإسلامية.
وأكد وزير التربية السوري نذير القادري، في سياق تفسير هذه الخطوة قبل تشكيل الحكومة الانتقالية المتوقع في مارس/آذار المقبل، ضرورة القيام بهذه التعديلات في هذه المرحلة، موضحا وجود الكثير من آثار النظام البائد في المناهج.
واعتبر الوزير، في حديثه للجزيرة نت، أنه من الواجب استبدال هذه الآثار في هذه الفترة، لأن الطلاب سيتابعون في المناهج ذاتها حتى نهاية العام الدراسي.
وقال المتحدث في السياق ذاته إنه "من غير المعقول أن نبقي -نحن أبناء الثورة– على آثار النظام البائد بعد أن ثرنا عليه طيلة تلك السنوات، وعليه كان لا بد من تبديل هذه الرموز والصور والشعارات التي كانت متعلقة بتلك المرحلة، إلى جانب تبديل بعض المفاهيم الخاطئة التي كانت موجودة في المناهج، والنظريات العلمية التي ثبت بطلانها".
إعلانوأشار إلى أن ما قامت به الوزارة لا يعدو أن يكون "تعديلا طفيفا" وليس تغييرا للمناهج كما أشيع، منوها إلى أن عملية تغيير المناهج لن تكون إلا بقرار من حكومة سورية دائمة.
اعتراض وجدلوكانت التعديلات، التي نشرتها وزارة التربية والتعليم على صفحتها الرسمية قبل أيام، قد أثارت جدلا واسعا بين السوريين بين معارض لها، ومستنكر لتجاوز حكومة "تصريف الأعمال" صلاحياتها المحصورة بتأمين استمرار الخدمات الأساسية، إلى اتخاذ قرار حساس كتغيير المناهج وغيرها من القرارات.
ومن أبرز التعديلات التي أثارت الجدل بين السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي، كان الحذف الذي طال نصوصا تعليمية حول شخصية "زنوبيا" ملكة تدمر التاريخية، وشخصية "خولة بنت الأزور" الشاعرة والمقاتلة مسلمة، وذلك على اعتبارهما "شخصيات خيالية" بحسب وصف الوزارة، إلى جانب حذف الفكر الفلسفي الصيني، وتاريخ الآراميين والكنعانيين، وتاريخ الآلهة في الميثولوجيا القديمة من بعض المقررات التعليمية.
كما طالت التعديلات حذف وحدة "أصل الحياة وتطورها" وفقرة "تطور الدماغ" من مقررات علم الأحياء للمرحلتين الإعدادية والثانوية، في وقت استبدلت فيه عبارات من قبيل "مبدأ الإنسانية" بـ"الأخوة الإيمانية"، و"أن يبذل الإنسان روحه في سبيل وطنه" بـ"أن يبذل الإنسان روحه في سبيل الله".
شهد "الدوار" المقابل لمبنى الوزارة في شارع الثورة بدمشق، أمس الأحد، وقفة احتجاجية نظّمها عدد من السوريين اعتراضا على التغيير الذي طال بعض المقرّرات المدرسية، وطالب المحتجون الوزارة بالتراجع عن التعديلات التي أجرتها على المناهج لأنها تعتبر "إقصائية ولا تمثل حضارة الشعب السوري"، حسب وصف أحدهم.
وقالت ماريا سليمان، وهي فنانة تشكيلية سورية ومنسقة في الاحتجاج، للجزيرة نت "نحن نتفق مع الوزارة بأهمية تعليق بعض ما ورد في المنهاج، لا سيما العبارات والرموز المتعلقة بالنظام السابق، ولكننا هنا اليوم لنطالب بلجان مختصّة لتعديل هذه المنهاج".
إعلانمضيفة "نحن نرفض بشدة التعجل والارتجال بأي تعديلات تهدّد القيم المجتمعية السورية أو السلم المدني، أو تنقص من المساواة بين جميع السوريين من حيث حقهم بالمواطنة، أو تؤدي للتمييز بينهم على أساس ديني أو مذهبي، كما نرفض المساس بالإرث الفكري والحضاري لسوريا".
ومن جهته، قال زياد الخوري، وهو إعلامي سوري وأحد المحتجين أمام مبنى الوزارة، إنه يعترض على هذه الآلية بالتفكير والتربية التي تعتمدها الوزارة، مضيفا في حديث للجزيرة نت "هذه الحكومة حكومة مؤقتة لتسيير الأعمال، ولذا ليس من صلاحياتها اتخاذ قرارات على المدى البعيد كتعديل المناهج التعليمية".
وشدد الخوري على أنه ليس من حق أحد مصادرة فكره، أو إلغاء تاريخه الذي استند إليه. وقال "الأهم أننا لا نريد تربية جيل على مفاهيم كنا نرفضها إلى حد ما بدرجات متفاوتة، فكيف الآن وقد لمسنا محاولة لفرض فكر إقصائي".
وفي سياق الرد على اتهامات المحتجين حول "الارتجال والاستعجال" بالتعديلات التي أقرّتها الوزارة على المناهج التعليمية، قال الوزير القادري في حديثه للجزيرة نت "هناك لجنة درست هذه المناهج، ثم أعطتنا المخرجات بشكل دقيق، ومن ثم تم إقرارها وأخرِجَتْ إلى العلن، والتعديلات لا تزال قائمة كما جاءت على صفحتنا الرسمية".
وعن رأيه بالمحتجين وما يطالبون به، أضاف القادري "من حق كل شخص أن يعترض، وواجب علينا أن نجيب، وإن أبوابنا مفتوحة للسؤال والاستفسار والتوضيح، وإذا أقنعنا أحد أن ما قمنا به كان خطأ فكلامنا عندئذ ليس قرآنا منزلا".
وتعد هذه الوقفة الاحتجاجية هي الثانية من نوعها، بعد أن نظّم سوريون، يوم الجمعة الماضي، وقفة مشابهة أمام مبنى الوزارة اعتراضا على التعديلات في المناهج، وحملوا لافتات كتب عليها عبارات مثل "لا لإلغاء إرث سوريا الحضاري من مناهج التدريس" و"تعديل المناهج التعليمية من صلاحية حكومة منتخبة دستوريا" و"التعليم خط أحمر".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی المناهج للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
وزير الدفاع السوري يبحث في موسكو التعاون العسكري
أجرى وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة مباحثات مع نظيره الروسي أندريه بيلوسوف عقب وصوله العاصمة الروسية موسكو، اليوم الخميس، في زيارة رسمية تهدف إلى بحث ملفات التعاون العسكري، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء السورية الرسمية.
وقالت وزيارة الدفاع الروسية إن اللقاء الذي يعد الأول من نوعه منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول العام الماضي بحث آفاق التعاون الثنائي بين وزارتي دفاع البلدين، والوضع في الشرق الأوسط.
وحضر اللقاء عن الجانب السوري أيضا وزير الخارجية أسعد الشيباني الذي يقوم بأول زيارة رسمية إلى روسيا منذ سقوط نظام الأسد، مما يعكس اتجاها نحو إعادة هيكلة وتوسيع العلاقات السورية الروسية، لا سيما في ضوء التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه سوريا داخليا وإقليميا.
وتُعد هذه الزيارة مؤشرا على رغبة دمشق في تعزيز التنسيق العسكري مع موسكو، خصوصا مع وجود قواعد عسكرية روسية في الساحل السوري، أبرزها قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية، اللتان تشكلان ركيزتين أساسيتين للدور الروسي في شرق المتوسط.
شروط جديدةوعقد الشيباني لقاء مطولا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أعلن خلاله عن اتفاق الطرفين على إعادة تقييم جميع الاتفاقيات السابقة التي أُبرمت خلال حكم النظام المخلوع، مؤكدا أن "سوريا تريد شراكة إستراتيجية مع روسيا قائمة على السيادة والاحترام المتبادل".
وأشار الشيباني إلى أن سوريا تطمح إلى "تعاون روسي كامل في دعم مسار العدالة الانتقالية وبناء دولة القانون"، مشددا على أن الحوار مع موسكو هو خطوة إستراتيجية نحو "صياغة شروط جديدة تحفظ سيادة سوريا".
من جهته، أكد لافروف على استمرار دعم موسكو لوحدة الأراضي السورية، ورفضها تحويل سوريا إلى ساحة تنافس بين القوى الكبرى، داعيا إلى دعم دولي لإعادة إعمار سوريا ورفع العقوبات المفروضة عليها.
إعلان لا عداء مع إسرائيلوقال الشيباني في تصريحاته خلال مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف: "لا نية عدوانية لسوريا تجاه إسرائيل، ولكن لا نقبل التدخل في شؤوننا ولا استخدام ورقة الأقليات".
وأكد أن ما يجري في محافظة السويداء من اشتباكات وتوترات هو نتيجة "قصف ممنهج من إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين أجبر القوات السورية على الانسحاب من بعض المواقع"، مما خلق فراغا استغلته مجموعات مسلحة مرتبطة بالخارج.
وأشار الشيباني إلى أن "الحل يقتضي أن تكون الدولة السورية هي من تحمي المنطقة وتحصر السلاح بيد الأجهزة الرسمية"، محذرا من أن أي تدخل خارجي ستكون نتيجته الفوضى.
وحول الأحداث في السويداء، قال لافروف إن بلاده "تدعم مبادرة الصليب الأحمر الدولي بالتوافق مع الحكومة السورية للمساعدة في هذه المدينة"، مشددا على ضرورة إيجاد حل من خلال سيطرة الدولة بدلا من التدخلات الخارجية.
كما أشار لافروف إلى أن "موسكو تتفهم تطلع دمشق لتوسيع تمثيل جميع المكونات السورية"، مشددا على أهمية وجود تمثيل كردي في الحكومة، كجزء من الحل الوطني الشامل.
وفي ختام تصريحاته، قال الشيباني: "نحن نبني سوريا جديدة تتذكر شهداءها وتحفظ دماءهم"، مؤكدا أن البلاد تحتاج إلى بيئة "استقرار وشركاء صادقين"، معتبرا أن صفحة جديدة بدأت عنوانها "التعاون والسيادة غير القابلة للتجزئة".