دمشق- بعد مضي أقل من شهر على سقوط نظام الأسد في سوريا، وتسلّم إدارة العمليات العسكرية زمام السلطة، وتسمية الوزراء في حكومة تصريف الأعمال، أصدرت وزارة التربية والتعليم تعميما بإجراء جملة من التعديلات على المناهج الدراسية من الصف الأول الابتدائي حتى الثالث الثانوي.

وشملت التعديلات بشكل رئيسي حذف مادة التربية الوطنية من المناهج، واستبدال العبارات والصور والدروس المرتبطة بنظام الأسد المخلوع من كل المواد الدراسية، كما أجرت تعديلات في مادة التربية الإسلامية.

وأكد وزير التربية السوري نذير القادري، في سياق تفسير هذه الخطوة قبل تشكيل الحكومة الانتقالية المتوقع في مارس/آذار المقبل، ضرورة القيام بهذه التعديلات في هذه المرحلة، موضحا وجود الكثير من آثار النظام البائد في المناهج. 

واعتبر الوزير، في حديثه للجزيرة نت، أنه من الواجب استبدال هذه الآثار في هذه الفترة، لأن الطلاب سيتابعون في المناهج ذاتها حتى نهاية العام الدراسي.

وقال المتحدث في السياق ذاته إنه "من غير المعقول أن نبقي -نحن أبناء الثورة– على آثار النظام البائد بعد أن ثرنا عليه طيلة تلك السنوات، وعليه كان لا بد من تبديل هذه الرموز والصور والشعارات التي كانت متعلقة بتلك المرحلة، إلى جانب تبديل بعض المفاهيم الخاطئة التي كانت موجودة في المناهج، والنظريات العلمية التي ثبت بطلانها".

إعلان

وأشار إلى أن ما قامت به الوزارة لا يعدو أن يكون "تعديلا طفيفا" وليس تغييرا للمناهج كما أشيع، منوها إلى أن عملية تغيير المناهج لن تكون إلا بقرار من حكومة سورية دائمة.

اعتراض وجدل

وكانت التعديلات، التي نشرتها وزارة التربية والتعليم على صفحتها الرسمية قبل أيام، قد أثارت جدلا واسعا بين السوريين بين معارض لها، ومستنكر لتجاوز حكومة "تصريف الأعمال" صلاحياتها المحصورة بتأمين استمرار الخدمات الأساسية، إلى اتخاذ قرار حساس كتغيير المناهج وغيرها من القرارات.

ومن أبرز التعديلات التي أثارت الجدل بين السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي، كان الحذف الذي طال نصوصا تعليمية حول شخصية "زنوبيا" ملكة تدمر التاريخية، وشخصية "خولة بنت الأزور" الشاعرة والمقاتلة مسلمة، وذلك على اعتبارهما "شخصيات خيالية" بحسب وصف الوزارة، إلى جانب حذف الفكر الفلسفي الصيني، وتاريخ الآراميين والكنعانيين، وتاريخ الآلهة في الميثولوجيا القديمة من بعض المقررات التعليمية.

كما طالت التعديلات حذف وحدة "أصل الحياة وتطورها" وفقرة "تطور الدماغ" من مقررات علم الأحياء للمرحلتين الإعدادية والثانوية، في وقت استبدلت فيه عبارات من قبيل "مبدأ الإنسانية" بـ"الأخوة الإيمانية"، و"أن يبذل الإنسان روحه في سبيل وطنه" بـ"أن يبذل الإنسان روحه في سبيل الله".

تجمع الوقفة الاحتجاجية أمام وزارة التربية للاعتراض على التعديلات (الجزيرة) وقفة احتجاجية

شهد "الدوار" المقابل لمبنى الوزارة في شارع الثورة بدمشق، أمس الأحد، وقفة احتجاجية نظّمها عدد من السوريين اعتراضا على التغيير الذي طال بعض المقرّرات المدرسية، وطالب المحتجون الوزارة بالتراجع عن التعديلات التي أجرتها على المناهج لأنها تعتبر "إقصائية ولا تمثل حضارة الشعب السوري"، حسب وصف أحدهم.

وقالت ماريا سليمان، وهي فنانة تشكيلية سورية ومنسقة في الاحتجاج، للجزيرة نت "نحن نتفق مع الوزارة بأهمية تعليق بعض ما ورد في المنهاج، لا سيما العبارات والرموز المتعلقة بالنظام السابق، ولكننا هنا اليوم لنطالب بلجان مختصّة لتعديل هذه المنهاج".

إعلان

مضيفة "نحن نرفض بشدة التعجل والارتجال بأي تعديلات تهدّد القيم المجتمعية السورية أو السلم المدني، أو تنقص من المساواة بين جميع السوريين من حيث حقهم بالمواطنة، أو تؤدي للتمييز بينهم على أساس ديني أو مذهبي، كما نرفض المساس بالإرث الفكري والحضاري لسوريا".

ومن جهته، قال زياد الخوري، وهو إعلامي سوري وأحد المحتجين أمام مبنى الوزارة، إنه يعترض على هذه الآلية بالتفكير والتربية التي تعتمدها الوزارة، مضيفا في حديث للجزيرة نت "هذه الحكومة حكومة مؤقتة لتسيير الأعمال، ولذا ليس من صلاحياتها اتخاذ قرارات على المدى البعيد كتعديل المناهج التعليمية".

وشدد الخوري على أنه ليس من حق أحد مصادرة فكره، أو إلغاء تاريخه الذي استند إليه. وقال "الأهم أننا لا نريد تربية جيل على مفاهيم كنا نرفضها إلى حد ما بدرجات متفاوتة، فكيف الآن وقد لمسنا محاولة لفرض فكر إقصائي".

وزير التربية: أبوابنا مفتوحة للسؤال والاستفسار والتوضيح (الجزيرة) انفتاح

وفي سياق الرد على اتهامات المحتجين حول "الارتجال والاستعجال" بالتعديلات التي أقرّتها الوزارة على المناهج التعليمية، قال الوزير القادري في حديثه للجزيرة نت "هناك لجنة درست هذه المناهج، ثم أعطتنا المخرجات بشكل دقيق، ومن ثم تم إقرارها وأخرِجَتْ إلى العلن، والتعديلات لا تزال قائمة كما جاءت على صفحتنا الرسمية".

وعن رأيه بالمحتجين وما يطالبون به، أضاف القادري "من حق كل شخص أن يعترض، وواجب علينا أن نجيب، وإن أبوابنا مفتوحة للسؤال والاستفسار والتوضيح، وإذا أقنعنا أحد أن ما قمنا به كان خطأ فكلامنا عندئذ ليس قرآنا منزلا".

وتعد هذه الوقفة الاحتجاجية هي الثانية من نوعها، بعد أن نظّم سوريون، يوم الجمعة الماضي، وقفة مشابهة أمام مبنى الوزارة اعتراضا على التعديلات في المناهج، وحملوا لافتات كتب عليها عبارات مثل "لا لإلغاء إرث سوريا الحضاري من مناهج التدريس" و"تعديل المناهج التعليمية من صلاحية حكومة منتخبة دستوريا" و"التعليم خط أحمر".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی المناهج للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

وزير المالية السوري: إعفاءات وحوافز لأصحاب المصانع المتضررة

كشف وزير المالية السوري محمد يسر برنية أن الحكومة تعمل على تقديم حزمة واسعة من الإعفاءات والحوافز المخصصة لأصحاب المصانع المتضررة أو المدمرة بهدف إعادة تأهيلها وتشغيلها من جديد.

وأوضح، في حديث لوكالة الأنباء السورية (سنا)، أن إعادة دوران عجلة الإنتاج في هذه المنشآت تمثل إحدى الأولويات في المرحلة الحالية، بالنظر إلى أثرها المباشر على الاقتصاد السوري وتشغيل اليد العاملة.

ولفت الوزير إلى أن قطاع الصناعة السوري تعرض لدمار كبير، وأن الدولة اليوم تفتح صفحة جديدة مع الصناعيين، وتعمل معهم على طريق إعادة بناء ما تهدم وإحياء الصناعات التقليدية والتخصصية معا.

وقال برنية "نرفض وضع أي عوائق أمام الصناعيين، ونسعى إلى توفير التسهيلات وجميع أنواع الممكنات التي تسمح لهذا القطاع بالنمو".

كما أكد الوزير السوري على أهمية الشراكة بين الدولة والقطاع الصناعي، ورفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق المزيد من فرص العمل وتحسين الدخل.

وتحدث الوزير عن خطط لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، وتسهيل حصولها على التمويل اللازم.

وقال برنية أيضا إن النظام الضريبي الجديد جاء متضمنا العديد من الإعفاءات والحوافز التي تساعد المنشآت الصناعية في التغلب على التحديات التي تواجهها، مؤكدا أن هذا النظام صمّم ليكون داعما للنمو وليس عبئا على المجال الصناعي.

وشهدت الصناعة السورية في الفترة الأخيرة نشاطا متزايدا مع الإعلان عن عودة أكثر من ألف خط إنتاج للعمل، وافتتاح خطوط إنتاج جديدة في عدة مجالات صناعية، في خطوة يرى خبراء أن من شأنها زيادة القدرة الإنتاجية وتوسيع نطاق التشغيل الصناعي في مرحلة التعافي الاقتصادي للبلاد.

وتشير تقديرات مختلفة إلى أن القطاع الصناعي السوري تكبّد خسائر واسعة خلال سنوات الحرب (2011-2024)، وتراجع عدد المنشآت الصناعية من حوالي 130 ألف منشأة قبل عام 2011 إلى ما يقارب 70 ألف منشأة فقط، في حين أكدت تقارير دولية أن 70% من الصناعات السورية تعرضت للتدمير أو التوقف خلال هذه السنوات.

إعلان

مقالات مشابهة

  • وزارة التربية والتعليم تشكل لجنة لإدارة مدارس النيل الدولية
  • وزير السياحة السوري يفتتح السوق الميلادية في طرطوس
  • تعيين جبريل أنور مشرفًا على الإدارة المركزية لتطوير المناهج بالتربية والتعليم
  • تعيينات جديدة بوزارة التربية والتعليم لتطوير المناهج والمبادرات الرئاسية
  • قانون التقاعد لموظفي التربية.. وزير العمل يكشف الجديد
  • وزير المالية السوري: إعفاءات وحوافز لأصحاب المصانع المتضررة
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • غنائم الانسحاب.. وثائقي للجزيرة يكشف حجم الأسلحة الأميركية التي استولت عليها طالبان
  • بعد حادث مأساوية.. وزارة التربية المغربية تطالب بتحديث أسطول سيارات المفتشين فورا
  • عاجل | وزير خارجية لبنان للجزيرة: وصلتنا تحذيرات من جهات عربية ودولية أن إسرائيل تحضر لعملية عسكرية واسعة ضد لبنان