إيكونوميست: شراء ترامب المحتمل لغرينلاند قد يكون صفقة القرن
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
سلط تقرير بمجلة إيكونوميست الضوء على إمكانية شراء الولايات المتحدة لجزيرة غرينلاند، مقارنا ذلك بصفقات تاريخية مشابهة مثل شراء لويزيانا من فرنسا في 1803، وألاسكا من روسيا 1867، وكلاهما ينظر إليهما الآن على أنهما نجاحات هائلة.
وقد لمّح الرئيس المنتخب دونالد ترامب بنيته استخدام القوة أو الضغط الاقتصادي للاستحواذ على غرينلاند، وهو ما ينتقده تقرير الإيكونوميست بشدة، ويرى أن الحصول على المنطقة بالإكراه سيضر بسمعة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي.
وبدلا من ذلك، يدعو التقرير إلى اتباع نهج دبلوماسي، والتفاوض مباشرة مع سكان غرينلاند، إذ أن ذلك يحترم استقلالهم الذاتي ويتماشى مع قانون دنماركي صدر عام 2009 يمنح الجزيرة الحق في إعلان استقلالها عن طريق الاستفتاء.
ويقدر التقرير قيمة غرينلاند بـ 50 مليار دولار أميركي، ما يمثل حوالي 5% من الإنفاق الدفاعي السنوي الأميركي، ويمكن أن يربح كل ساكن حوالي مليون دولار من الصفقة.
وبالنظر إلى موارد غرينلاند الهائلة وأهميتها الاستراتيجية، قد تعرض الولايات المتحدة أكثر من ذلك مع المحافظة على تحقيق مكاسب كبيرة، حسب التقرير.
إعلان صفقة مفيدةويقترح التقرير أن مثل هذه الصفقة يمكن أن تكون مفيدة للطرفين، فمع أن إمكانات غرينلاند الاقتصادية هائلة، إلا أن قلة عدد سكان الجزيرة البالغ عددهم 57 ألف نسمة واعتمادها على الدنمارك لتمويلها قد يعيق قدرتها على النهضة باقتصادها، وتزيد مخاطر الحوكمة والفساد والصعوبات اللوجستية الناجمة عن العمل في بيئة المنطقة القاسية من تعقيد الأمور.
التفاوضوبالتالي، يمكن أن يخفف بيع غرينلاند إلى الولايات المتحدة من هذه التحديات عبر الاستفادة من الأنظمة الإدارية والأمنية الأميركية، كما سيحصل سكان غرينلاند على الأمن المالي وفرص التنمية .
وفسر التقرير جاذبية غرينلاند بمواردها الطبيعية الهائلة ومعادنها النادرة، والتي تشمل 43 من 50 معدنا تعتبرهم الولايات المتحدة مهمين للغاية، ما يجعل المنطقة موردا حيويا لصناعات التكنولوجيا والطاقة الخضراء.
كما تقدّر احتياطيات النفط قبالة سواحلها بنحو 52 مليار برميل، أو 3% من الاحتياطيات العالمية، ورغم أن الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 3 مليارات دولار فقط، فإن الإمكانيات الاقتصادية الكبيرة تعد بنمو كبير إذا استُغلت الموارد بفعالية.
ومع ذلك، نوه التقرير إلى أن أهمية غرينلاند الحقيقية لترامب تكمن في موقعها الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وروسيا، ومن شأن ذلك أن يعزز الأمن العسكري الأميركي خصوصا في مراقبة ممرات الغواصات.
ولجعل تحقيق هذه المكاسب أمرا ممكنا، يرى التقرير أنه سيتحتم على ترامب التراجع عن التهديدات وتقديم عرض بيع طوعي مقنع.
ويخلص المقال إلى أن عملية شراء سلمية متفاوض عليها يمكن أن تكون "صفقة القرن"، وتعزز الرخاء والأمن لكل من غرينلاند والولايات المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية
نيويورك: إسلام الشافعي
في خطوة تعيد رسم خريطة تنظيم الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا جديدًا بعنوان «ضمان إطار وطني للسياسة الخاصة بالذكاء الاصطناعي»، يهدف إلى ترسيخ هيمنة واشنطن في هذا القطاع عبر تقليص سلطة الولايات في سنّ قوانينها المنفردة. يأتي الأمر استكمالًا لمسار بدأه ترامب في يناير 2025 بالأمر التنفيذي 14179 «إزالة العوائق أمام قيادة أمريكا في الذكاء الاصطناعي»، الذي ألغى عددًا من سياسات الإدارة السابقة واعتبر أنها تعرقل صناعة الذكاء الاصطناعي وتكبّل الابتكار.
يقدّم الأمر التنفيذي الجديد رؤية واضحة: الولايات المتحدة تخوض سباقًا عالميًا على الريادة في الذكاء الاصطناعي، وأي «ترقيع تنظيمي» على مستوى الولايات من شأنه إضعاف الشركات الأميركية في مواجهة منافسيها الدوليين. الإدارة ترى أن تعدد القوانين بين ٥٠ ولاية يخلق عبئًا تنظيميًا معقدًا، خاصة على الشركات الناشئة، ويحوّل الامتثال القانوني إلى متاهة مكلفة تهدد الاستثمارات التي تقول الإدارة إنها بلغت تريليونات الدولارات في هذا القطاع داخل الولايات المتحدة.
يلفت الأمر التنفيذي النظر بشكل خاص إلى تشريعات بعض الولايات، وعلى رأسها قانون في كولورادو يستهدف «التمييز الخوارزمي» في أنظمة الذكاء الاصطناعي. ترامب يهاجم هذا النوع من القوانين بوصفه محاولة لفرض «انحياز أيديولوجي» على النماذج، بل يذهب إلى القول إن متطلبات تجنّب «الأثر التفاضلي» على الفئات المحمية قد تجبر الأنظمة على تقديم نتائج خاطئة أو غير دقيقة من أجل استيفاء الاعتبارات القانونية.
لتنفيذ هذه الرؤية، يكلّف الأمر التنفيذي وزارة العدل بإنشاء «فريق تقاضٍ للذكاء الاصطناعي» تكون مهمته الوحيدة الطعن في قوانين الولايات التي تتعارض مع السياسة الفدرالية الجديدة، سواء بحجة انتهاك سلطة الحكومة الاتحادية في تنظيم التجارة بين الولايات، أو بحجة تعارضها مع اللوائح الفدرالية القائمة، أو أي أسباب قانونية أخرى تراها الوزارة مناسبة. بالتوازي، يطلب من وزارة التجارة إعداد تقييم شامل لقوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات، مع تحديد تلك التي تُلزم النماذج بتعديل مخرجاتها الصحيحة أو تجبر المطورين على إفصاحات يُحتمل أن تصطدم بالتعديل الأول للدستور الأمريكي وحماية حرية التعبير.
أحد أكثر بنود الأمر إثارة للجدل هو ربطه بين موقف الولايات التشريعي من الذكاء الاصطناعي وبين إمكانية حصولها على تمويل اتحادي في مجالات حيوية، مثل برنامج «الإنصاف في النطاق العريض وإتاحته ونشره» (BEAD) المخصص لتوسيع الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة. فالأمر التنفيذي يفتح الباب أمام حرمان الولايات ذات القوانين «المُرهِقة» من بعض التمويل غير المخصص للبنية التحتية المباشرة، بذريعة أن البيئة التنظيمية المجزأة تهدد انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي المعتمدة على الشبكات فائقة السرعة وتعطّل هدف تحقيق اتصال شامل للمواطنين.
ويمضي الأمر أبعد من ذلك، إذ يدعو هيئات فدرالية مثل لجنة الاتصالات الفدرالية ولجنة التجارة الفدرالية إلى بحث وضع معايير وطنية ملزمة للإبلاغ والإفصاح عن نماذج الذكاء الاصطناعي، تكون لها الأسبقية على القوانين المتعارضة في الولايات، وإلى توضيح متى تُعتبر قوانين الولايات التي تفرض تعديل المخرجات «الحقيقية» للنماذج نوعًا من الإلزام بالسلوك المضلِّل المحظور بموجب قانون التجارة الفيدرالي.
في الخلفية، تلوّح الإدارة أيضًا بمسار تشريعي طويل الأمد؛ إذ يوجّه الأمر المستشار الخاص بالذكاء الاصطناعي والتشفير، ومستشار الرئيس للعلوم والتكنولوجيا، لإعداد مشروع قانون يضع إطارًا فدراليًا موحدًا للذكاء الاصطناعي يَسمو على قوانين الولايات المتعارضة مع هذه السياسة، مع استثناءات تتعلق بحماية الأطفال، والبنية التحتية للحوسبة، واستخدام الحكومات المحلية للذكاء الاصطناعي.
بهذا، لا يقتصر الأمر التنفيذي على كونه وثيقة تنظيمية تقنية، بل يتحول إلى محطة جديدة في الصراع بين الحكومة الفدرالية والولايات حول من يملك الكلمة العليا في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي في أميركا، بين من يرى أن التساهل التنظيمي شرطٌ للحاق بالسباق العالمي، ومن يخشى أن يتحول ذلك إلى فراغ رقابي يترك الحقوق المدنية والبيانات الحساسة دون حماية كافية.
و بينما تصف إدارة ترامب هذه الخطوة بأنها ضرورية لحماية الابتكار الأميركي وتفادي “فسيفساء تنظيمية” تعطل الاستثمار، ترى حكومات ولايات ومجموعات حقوقية أن الأمر التنفيذي يضعف طبقة الحماية المحلية التي فُرضت استجابة لمخاوف حقيقية تتعلق بالتمييز الخوارزمي والخصوصية، ما يفتح جولة جديدة من الجدل القانوني والسياسي حول من يملك حق رسم قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
حذّرت حكومات عدد من الولايات من أن الأمر التنفيذي يعتدي على سلطاتها الدستورية في تنظيم شؤون مواطنيها، خصوصًا في مجالات حماية الخصوصية والتمييز في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد مسؤولون في هذه الولايات أن القوانين المحلية لا تستهدف عرقلة الابتكار، بل وضع حدّ لاستخدامات قد تضر بالحقوق المدنية أو تعزز التحيّز ضد مجموعات بعينها.
ومن جانبها، سارعت المجموعات الحقوقية إلى انتقاد القرار، معتبرة أنه يمنح الشركات التكنولوجية حرية واسعة على حساب آليات المساءلة والشفافية، ويُضعف قدرة الضحايا المحتملين على مواجهة الأضرار الناجمة عن أنظمة خوارزمية متحيزة أو غير شفافة.
وترى هذه المنظمات أن ربط التمويل الفيدرالي بمواقف الولايات التشريعية قد يتحوّل إلى أداة ضغط سياسي تُستخدم لثني المشرّعين المحليين عن سنّ قوانين لحماية المستهلكين.