لماذا يتجاهل الإعلام الأميركي الإبادة الجماعية في غزة؟
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
وتناولت حلقة 2025/1/9 من برنامج "من واشنطن" -الذي يبث على منصة "الجزيرة 360"- ملف التداعيات السياسية والقانونية للاتهامات الموجهة إلى إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، في ظل تصاعد السجال بين المواقف الدولية والموقف الأميركي الرسمي.
وجاء هذا النقاش في أعقاب إعلان محكمة العدل الدولية انضمام أيرلندا رسميا إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في عام 2023، وهي القضية التي وصفتها تل أبيب بأنها "استغلال حقير ومحتقر للمحكمة".
وفي مواجهة هذه التطورات، أشار رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون إلى تحرك برلماني لفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، منتقدا بشكل خاص المدعي العام كريم خان، ومؤكدا أن المحكمة "لا تملك سلطة قضائية على إسرائيل أو الولايات المتحدة".
وعلى المستوى التنفيذي، جدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز رفض وصف ما تقوم به إسرائيل بالإبادة الجماعية.
ورغم إقراره بأن "إسرائيل لم تقم دائما بكل ما يجب أن تقوم به في توفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين" فإنه شدد على وجود "فرق كبير بين النوايا والنتائج".
تناقض أميركي
وفي موقف مماثل لفت إليه مقدم البرنامج عبد الرحيم فقرا علق فيدانت باتيل نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية على تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الذي صنف العمليات الإسرائيلية في غزة إبادة جماعية، قائلا "ليس من المفاجئ أننا لا نتفق مع ما توصل إليه التقرير".
إعلانوأضاف أن الإدارة الأميركية وإن كانت تقر بإخفاق الجيش الإسرائيلي في بعض الحالات في الوفاء بالتزاماته المتعلقة بالقانون الإنساني الدولي إلا أنها ترفض وصف هذه الأفعال بالإبادة الجماعية.
ويأتي الموقف الأميركي متناقضا بشكل واضح مع تقارير ولجان الأمم المتحدة، والتي تؤكد ارتكاب إسرائيل جرائم حرب واستخدامها أساليب ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية في غزة.
كما يتعارض مع مواقف العديد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وجرائم الحرب، والتي تصر على توصيف العمليات الإسرائيلية في غزة بأنها إبادة جماعية.
وعكس البرنامج حجم الانقسام بين الموقف الأميركي الرسمي والمواقف الدولية، مع تصاعد الضغوط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للاعتراف بطبيعة الممارسات الإسرائيلية في غزة وتداعياتها القانونية والإنسانية.
9/1/2025المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الاستهداف الأميركي لإيران وعامل الحسم في العلاقات الدولية
لا نملك، في ظل المواجهة المشتعلة بين إيران وإسرائيل عقب الهجمات التي شنّتها هذه الأخيرة، إلا أن نتحرّى الحيطة في التحليل. فالمعركة دائرة بالفعل، ولا يمكن الجزم بمآلاتها، خاصة مع مؤشرات التصعيد ومخاطر التدويل المتزايدة، في أخطر مواجهة عرفتها المنطقة. ويزداد المشهد تعقيدًا بعد الضربة الأميركية التي نُفّذت اليوم.
ففي تاريخ المواجهات التي خاضتها إسرائيل منذ قيامها، لم تواجه خصمًا أقوى يضعها أمام تحدٍّ وجودي، كما إيران، إذا استحضرنا كل المواجهات التي خاضتها إسرائيل منذ 1948، و1956، و1967، و1973، و1982، و2006.
ولم تعرف الجمهورية الإسلامية مواجهة عسكرية، كما المواجهة القائمة، لا ترقى لها الحرب العراقية الإيرانية، بالنظر للإمكانات التكنولوجية والاستخباراتية لإسرائيل، واصطفاف الدول الغربية وراءها. كلا البلدين يواجهان تحديًا وجوديًا، في خضم المواجهة. فشل طرف، يضعه أمام اختبار وجودي.
توجد القوة إلى جانب إسرائيل بإمكاناتها العسكرية الجوية والاستخباراتية والدعم الغربي، وبخاصة الولايات المتحدة، وهو ما لا يتوفر لإيران، فلم تُعبر قوة من القوى العظمى عن اصطفافها إلى جانبها، عدا عبارات الشجب، أو رغبة روسيا في الوساطة، وهو ما رفضته إسرائيل وبعض الدول الغربية، عدا موقف باكستان الداعم لإيران، لكن دعم باكستان لا يرقى لدعم مجموعة السبع إلى جانب إسرائيل.
الغاية التي لم تفتأ إسرائيل تردّدها، ليس القضاء على البرنامج النووي فقط، ولكن إسقاط النظام في إيران، وتغيير هندسة الشرق الأوسط، وهي توجهات تشاطرها الولايات المتحدة فيها، والدول الغربية التي عبّرت عن موقف مماثل في قمة مجموعة السبع الكبرى التي انعقدت في 16 من هذا الشهر، في كندا.
كل المواجهات تُفرز رابحين وخاسرين، وتُغيّر قواعد اللعبة. والحرب القائمة، مع التفوق العسكري الإسرائيلي، المدعوم من قِبل الولايات المتحدة، والمسنود من الدول الغربية، لا تجري في صالح إيران.
إعلانلقد عبّرت إيران على لسان رئيسها مسعود بزشكيان، عن أنها لا تنوي الحصول على القنبلة النووية، لكن ما هو موضع رهان، هو النظام نفسه الذي تضعه المواجهة على المحك بعد سلسلة من الكبوات، سواء على المستوى الداخلي، أو الخارجي، عبر أذرعه في المنطقة والتي تم إضعافها، واختراق مؤسساته الأمنية، وتوتر الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلد.
تسود، في ظل المواجهة، واستهداف المدنيين، مشاعر الوطنية في إيران، وشعور الغضب من العدوان، لكن هل ستثبت هذه المشاعر؟ فالراجح أن النظام الإيراني لن يخرج معافى من المواجهة.
لأكثر من أربعة عقود، ومنذ اندلاع الثورة الإيرانية، كانت إيران قوة دفع أيديولوجي وسياسي في المنطقة، يتجاوز تأثيرها محيط الجوار، والمرجح أن هذا التأثير سوف يضمحل، بل يندثر.
وعلى النقيض، تبدو إسرائيل الرابح الأكبر، على الأقل على الأمد القصير، بتحييدها عدوًا وجوديًا وإضعافه، وبإقبارها مشروع إعلان الدولة الفلسطينية من قِبل فرنسا والسعودية، وبحجب الوضع في غزة، لكن هل تستطيع إسرائيل أن تترجم تفوقها العسكري، المدعوم من قِبل الولايات المتحدة، إلى رصيد دبلوماسي؟ وبتعبير آخر، هل تقبل المنطقة، على مستوى القيادات والشعوب، بأن تكون إسرائيل قوة مهيمنة؟
النظرة إلى إسرائيل، من لدن القوى المعتدلة، سوف تتغير أمام اندحار ما كان ينظر له على أنه خطر إيراني، ورفض الدولة العبرية المطلق لحل الدولتين، ونزوعها لفرض "ديكتات"، أيْ توجه تمليه، وعلى الأطراف الأخرى أن تقبل به.
ومن شأن الوضع الجديد المترتب على الحرب، طرح فكرة مطمورة، وهي: شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي، كانت تدفع لها كل من مصر، وتركيا، ويمكن أن تنضاف إليهما المملكة العربية السعودية.
أما على مستوى الولايات المتحدة، فقد ظل الشرق الأوسط الساحة التي تُجري فيه سؤددها، إذ استطاعت بعد العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 أن تُحيّد كلًا من بريطانيا، وفرنسا من المنطقة، وأرست ما أسمته النظام العالمي الجديد بعد نهاية الحرب الباردة، عقب حرب الخليج الثانية (1991)، ورسخت الأحادية القطبية بعد الحرب على العراق سنة 2003.
في ظل تغيير التراتبيات العالمية القائمة الآن، تبعث الولايات المتحدة رسائل، من خلال الحرب التي شنتها إسرائيل على إيران، لتثبت ريادتها، مثلما أبدى الرئيس الأميركي ترامب، في تغريدة، غداة العدوان، حول تفوق السلاح الأميركي. والرسالة موجهة لكل من الصين وروسيا.
لكن القوة لم تكن العامل الحاسم في رسم هندسة العلاقات بين الدول. لم تحسم الولايات المتحدة، رغم تفوقها العسكري، الأوضاع في كل من أفغانستان والعراق، ولا يُتوقع أن يصبح الشرق الأوسط، منطقة "آمنة"، كما يُروّج الخطاب الأميركي الرسمي، بعد الحرب التي تشنها إسرائيل على إيران.
أما على مستوى الشعوب في المنطقة، فمنسوب الغضب سوف يكبر، مع ما بدا من موقف الولايات المتحدة في طمر القضية الفلسطينية، والتخلي رسميًا عن قيام دولة فلسطينية، واستفحال سياسة الكيل بمكيالين، في انتظار توجه فكري من شأنه أن يوظف الغضب، لفصل جديد من صِدام الحضارات.
إعلانوالشرق الأوسط، المعقد أصلًا، سيزداد تعقيدًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline