“الإيكونوميست”: الغرب يخلط الأوراق بشأن عقوباته على سوريا
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
سوريا – أفادت مجلة “الإيكونوميست” في تقرير مطول نشرته، امس الجمعة، إن شهر ديسمبر كان محيرا بالنسبة للعديد من السوريين فقد شاهدوا المبعوثين الغربيين يندفعون إلى دمشق احتفاء بسقوط بشار الأسد.
وتضيف المجلة “ومع ذلك، أثناء مغادرتهم يصر هؤلاء المبعوثون أنفسهم على أنه من السابق لأوانه تخفيف العقوبات المعقدة المفروضة على الاقتصاد السوري، ويبدو أن أمريكا وأوروبا حريصتان على مقابلة حكام سوريا الجدد ولكن ليس على مساعدتهم”.
وتوضح “الإيكونوميست” أنه وفي السادس من يناير أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن تغيير بسيط ولكنه كان محل ترحيب، حيث أصدرت ترخيصا يسمح للشركات بالتعامل مع الحكومة السورية الجديدة وتزويد البلاد بالكهرباء والوقود، علما أن الترخيص صالح لمدة ستة أشهر ولا يزيل أي عقوبات.
وتبين المجلة أن الترخيص بالتعامل مع الحكومة السورية الجديدة وتزويد البلاد بالكهرباء والوقود كان له تأثير فوري.
وذكرت أنه وبعد يوم من إعلان وزارة الخزانة الأمريكية، قال مسؤول سوري إن قطر وتركيا سترسلان محطات طاقة عائمة إلى الساحل السوري، ومن المتوقع أن تولد المراكب 800 ميغاواط وهو ما من شأنه أن يعزز إنتاج الكهرباء في سوريا بنسبة 50٪ ما سيخلف ارتياحا كبيرا في بلد توفر فيه الدولة أقل من أربع ساعات من الطاقة يوميا.
كما دخلت دول الخليج في محادثات بشأن تمويل الزيادة التي طرأت على رواتب موظفي القطاع العام والتي تعادل 400% بما أن الحكومة السورية المؤقتة تعهدت بذلك منذ الأيام الأولى لسقوط النظام، على الرغم من عجزها عن تحقيق ذلك من دون مساعدة.
وتشير المجلة إلى أن “هذه بداية جيدة، ولكن إذا كان لسوريا أن تتعافى من عقد من الحرب الأهلية فسوف تحتاج إلى أكثر من مجرد إعفاءات تدريجية ولكن حتى الآن يبدو أن هذا هو كل ما يبدو أن العديد من صناع السياسات الغربيين على استعداد لتقديمه”.
وتفيد “الإيكونوميست” في السياق بأن “تاريخ العقوبات الأمريكية على سوريا يعود إلى عام 1979، عندما صنفت البلاد على أنها دولة راعية للإرهاب، وفي العقود اللاحقة أضافت واشنطن كومة من الإجراءات الأخرى لمعاقبة نظام الأسد لإرساله مقاتلين إلى العراق، والتدخل في السياسة اللبنانية، وقتل عدد لا يحصى من السوريين”.
ووفق التقرير “يجب أن تظل بعض هذه القيود قائمة إذ يجب أن يظل الأسد ورفاقه منبوذين إلى أجل غير مسمى.. ولكن من الصعب أن نقول إن هذا البلد هو الآخر يجب أن يظل منبوذا”.
ويرى مؤيدو نهج البطء والتدرج بأنه ينبغي على أمريكا وأوروبا أن تستعينا بالعقوبات كوسيلة للضغط من أجل تشكيل حكومة قائمة على المشاركة في سوريا، بيد أن رفع هذه العقوبات لن يتسبب بخسارة أمريكا وأوروبا لهذه الوسيلة بما أن بوسعهما إعادة فرض العقوبات في أي وقت.
وعلى الرغم من أن الشمول هدف جدير بالثناء إلا أنه هدف اسفنجي، فإذا كان صناع السياسات في الغرب يريدون أن تكون الحكومة الجديدة شاملة، فيتعين عليهم أن يوضحوا بالضبط ما يعنيه ذلك.
أوروبا
تقدم أحد الدبلوماسيين الأمريكيين بحجة إجرائية لتعليل ذلك لأن جو بايدن لم تعد أمامه في السلطة سوى أيام قلائل، لذا فعليه ترك القرارات المهمة بشأن سوريا لمن سيخلفه، بيد أن دونالد ترامب سيحتاج لوقت حتى يعين المسؤولين ويحصل على موافقة مجلس الشيوخ على تعييناته، أي أن سوريا قد لا تكون أولوية بالنسبة له، ما يعني أن واشنطن قد تحتاج لأشهر قبل أن تصدر تخفيفا كبيرا للعقوبات المفروضة على دمشق.
أما أوروبا فقد تكون حركتها أسرع من أمريكا إذ في الثالث من الشهر الجاري، التقى وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا بأحمد الشرع حاكم سوريا الحالي في دمشق، ومن هناك أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، بأنه من المبكر رفع العقوبات عن سوريا، غير أن الدبلوماسيين الألمان تداولوا سرا مقترحا يقضي برفع العقوبات فعليا.
وهنا فإن الاتحاد الأوروبي قد يبدأ برفع العقوبات المفروضة على بعض القطاعات المهمة مثل قطاع المصارف في سوريا والخطوط الجوية التابعة للدولة، وذلك لأن العودة لربط المصارف بالشبكة العالمية يمكن أن يسهل على السوريين الموجودين في أوروبا إرسال الحوالات إلى سوريا والتي أصبحت شريان الحياة بالنسبة لكثيرين في الداخل السوري، ومن المتوقع للاتحاد الأوروبي أن يناقش هذا المقترح الألماني في اجتماع لوزراء الخارجية الذي سيعقد في وقت لاحق من هذا الشهر.
وهنالك جدل آخر قد يقوم حول هيئة تحرير الشام التي ترأست العملية العسكرية التي أطاحت بالأسد، بما أن كلا من واشنطن وبريطانيا والاتحاد الأوروبي صنفوا الهيئة ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية، وكذلك فعلت هيئة الأمم المتحدة، ويعود تاريخ بعض هذه التصنيفات إلى أكثر من عشر سنوات، أي عندما كانت هيئة تحرير الشام تعرف باسم “جبهة النصرة” وكانت وقتئذ فرعا من فروع تنظيم القاعدة في سوريا، إلا أنها تخلت منذ ذلك الحين عن الفكر الجهادي وتبنت الآراء المعتدلة التي نراها اليوم.
غير أن رفع العقوبات عملية معقدة وشائكة، إذ بوسع وزير الخارجية الأمريكي أن يخرج الهيئة من قائمة التنظيمات الإرهابية، لكن قد تترتب عوائق سياسية على ذلك، وقد توافق دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 بالإجماع على هذا القرار، في حين أن إخراج الهيئة من قوائم الإرهاب لدى الأمم المتحدة قد يستغرق وقتاً يزيد عن سنة، وحتى لو حلت هيئة تحرير الشام نفسها كما وعد الشرع، لن ترفع العقوبات عن سوريا عقب ذلك مباشرة.
لذا ينبغي على حكومات الدول الغربية أن تجعل كل تلك الأمور أولوية بالنسبة لها، لأنه يمكن للإعفاء الذي يمتد لستة أشهر أن يسمح للجهات المانحة بإرسال بوارج الطاقة إلى سوريا، غير أن المستثمرين يحتاجون لتأكيدات أكبر وتطمينات أقوى قبل أن يتعهدوا ببناء محطات طاقة جديدة، وفي حال بقيت العقوبات مفروضة على دمشق، فإن سوريا ستبقى دولة تعتمد على إحسان غيرها من الدول، وفق المجلة التي أكدت أنه “ينبغي للغرباء أن يكونوا أكثر وضوحا بشأن كيفية رفع القيود ومتى”.
المصدر: “الإيكونوميست”
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: رفع العقوبات فی سوریا
إقرأ أيضاً:
وضع يصعب على تل أبيب تحمّله.. نتنياهو يخشى المواجهة مع ترامب بشأن بيع “إف-35” للسعودية وتركيا
إسرائيل – كشف بن كاسبيت كبير المحللين في صحيفة “معاريف” العبرية أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يخشى المواجهة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن بيع طائرات “إف-35” للسعودية وتركيا.
وأفاد بن كاسبيت أن نتنياهو يفضل الضغط الهادئ خشية الإضرار بالتفوق العسكري الإسرائيلي وعلاقاته بالبيت الأبيض.
وذكر أنه لو كان أي رئيس آخر غير دونالد ترامب في البيت الأبيض، لكانت إسرائيل ستبذل قصارى جهدها لدرجة المخاطرة بالتحالف مع الولايات المتحدة، لإحباط عملية بيع طائرات إف-35 المقاتلة المخطط لها إلى المملكة العربية السعودية وأي عملية بيع محتملة إلى تركيا.
ومع ذلك، لا يرغب رئيس الوزراء في المخاطرة بإثارة غضب الرئيس ترامب، ويبدو أن تصريحات الأخير الحادة تُخيف نتنياهو أكثر من بيع أسلحة متطورة لتركيا، التي وجه رئيسها رجب طيب أردوغان، تهديدات صريحة ضد إسرائيل في السنوات الأخيرة.
في هذا التقرير، ذكر مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى أنه من المشكوك فيه أن يدرك ترامب مدى نفوذه على نتنياهو، وأن رئيس الوزراء اتخذ قرارا استراتيجيا لتجنب أي مواجهة مع الرئيس الأمريكي.
وفي مساء الأول من ديسمبر 2025، عقد نتنياهو اجتماعا سريا في مكتبه بالقدس مع فرانك سانت جون الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة “لوكهيد مارتن” المقاول الرئيسي لإنتاج طائرات “إف-35”.
وكان الإشكال الرئيسي هو كيفية الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في الشرق الأوسط في حال حصول دول أخرى في المنطقة على هذه المقاتلات المتطورة.
ووصفت مصادر مطلعة على تفاصيل الاجتماع بأنه كان “مطولا ومحبطا” للجانب الإسرائيلي.
وأزالت الولايات المتحدة تركيا من برنامج “إف-35” خلال ولاية ترامب الأولى، بعد أن اشترت أنقرة منظومة الدفاع الجوي “S-400” من روسيا، ولكن في ضوء التقارب الأخير بين ترامب وأردوغان، قد يعمل الرئيس على رفع الحظر بشأن المقاتلات “إف-35” تحديدا.
وفي الوقت نفسه، أكد ترامب أن الولايات المتحدة ستعرض بيع الطائرات للرياض.
وفي الثالث من نوفمبر، قاد سانت جون وفدا كبيرا من شركة لوكهيد مارتن لزيارة المملكة العربية السعودية.
ووفق “معاريف”، يبقى مصدر القلق الأكبر لنتنياهو هو استعداد ترامب لتزويد تركيا بالسلاح الحاسم، حيث يعد تحكم أردوغان في جيش قوي معزز بمقاتلات “إف-35″، مصدر قلق حقيقي لسلاح الجو الإسرائيلي.
وتشير مصادر عبرية إلى خطاب ألقاه أردوغان في يوليو 2024 قال فيه إن على تركيا أن تكون قوية حتى “لا تستطيع إسرائيل القيام بهذه الأعمال العبثية بحق فلسطين”، مضيفا: “كما دخلنا قره باغ، وكما دخلنا ليبيا، قد نفعل شيئا مماثلا معهم”(الإسرائيليين).
وأوضح مصدر عسكري إسرائيلي رفيع أن القلق الرئيسي ينبع من قدرة التخفي المدمجة في طائرة إف-35 وأنظمة التحكم المستقلة الخاصة بها.
وهذه القدرة التي مكنت إسرائيل من مباغتة الإيرانيين، يمكن أن تستغل ضد إسرائيل التي تحتاج إلى إنذار مسبق طويل الأمد بدخول عناصر معادية إلى مجالها الجوي.
وبين التقرير أن قدرة الطائرات على الإقلاع من أي مكان في الشرق الأوسط والظهور فجأة في سماء إسرائيل وضع يصعب على تل أبيب تحمّله أو قبوله.
وكتب معلق بارز بصحيفة “معاريف” في موقع “المونيتور”، أنه قبل اجتماعه المتوقع مع ترامب في 29 ديسمبر في مارالاغو، من المتوقع أن يحاول نتنياهو التأثير على قرار الرئيس وشرح المخاوف الإسرائيلية بشأن التغيير في السياسة الأمريكية طويلة الأمد.
وبحسب التقرير، يمارس نتنياهو ضغوطا خفية على مساعدي ترامب المؤيدين ضمنيا لإسرائيل، بمن فيهم جاريد كوشنر، وستيف ويتكوف، وسفير الأمم المتحدة المعين مايك والز، والمتبرعين الجمهوريين مثل ميريام أديلسون.
ومع ذلك، أشار مصدر إسرائيلي رفيع إلى أنه على عكس الإدارات الديمقراطية التي مارس نتنياهو ضغوطا مكثفة ضدها في الكونغرس وبمساعدة لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك)، فإن هذه الخيارات غير متاحة الآن في مواجهة ترامب، إذ يُعدّ الحفاظ على إسرائيل إلى جانبه أمرا بالغ الأهمية.
إلى جانب قضية الطائرات، من المتوقع أن تُثار قضايا أخرى في الاجتماع مع ترامب، بما في ذلك مساعي الرئيس لتنفيذ المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة، والجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لخفض التصعيد بين إسرائيل وسوريا، وجهود نزع سلاح حزب الله في لبنان. يُولي ترامب اهتمامًا بالغًا لهذه القضايا، ولا يرغب نتنياهو في أن يكون عائقًا أمامها، إلا أن تضييق الفجوات يُمثل تحديًا كبيرًا أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي.
المصدر: “معاريف”