جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-12@03:52:45 GMT

أصحاب الأخدود

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

أصحاب الأخدود

 

راشد بن حميد الراشدي

 

ما يحدث اليوم في غزة وفلسطين قد حدث في أمم مُؤمنة سابقة قارعت الظلم والطغيان والعبودية التي أراد فرضها طواغيت الضلال الذين يعيثون في الأرض فسادًا وظلمًا وبهتانًا وفجورًا لم تعهده البشرية على مر التاريخ، ولم يُردعهم الخوف من الله أو من أي بشر؛ فمضوا في طغيانهم وظلمهم وقتلهم الأنفس بغير حق.

قصة أصحاب الأخدود ليست ببعيدة عنَّا، وقد رواها القرآن الكريم في محكم التنزيل؛ حيث قال تعالى في سورة البروج: "قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ. النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ. إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ. وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ. وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ".

وهذه القصة تنطبق اليوم على إخواننا في غزة الذين يبادون ويحرقون بشتى أنواع الأسلحة التي اخترعها البشر من أجل سيطرتهم على الكون ومن أجل من قال كلمة لا إله إلا الله ومن أجل من دافع عن الحق ووقف في وجه شياطين الأرض وأعوانهم الذين اتحدوا لنصرة الظالم على المظلوم.

وفي ظل صمت عالمي مُطبق لم تعهده الفطرة السوية ومع تكالب الأمم الظالمة عليهم، أصبح إخواننا في فلسطين في ديارهم كأصحاب الأخدود الذين تمسكوا بدينهم، ولم ترمش لهم عين مؤمن ولا أحد من البشر، خوفًا مما حلَّ بهم أن يحل بمن قال كلمة الحق، لكن جنود الله في غزة وفلسطين قالوا كلمة الفصل في وجه الظالمين وهم يستبشرون بما عند الله من نعيم مُقيم وفوز ونصر مبين قريبًا بإذن الله.

أطفال غزة وفلسطين ونساؤها وشيبتها وشبابها يُحرقون ويرمون في أخاديد العدو، والكل يُشاهد قصتهم بلا حراك ولا إيقاف من قبل أنظمة الجهل والخيانة ومن شايع المعتدي الظالم.

أصحاب الأخدود العظيم اليوم، هم أهل غزة وفلسطين الذين يتضورون جوعًا وعطشًا، ويتألمون مرضًا، وتُباد وتزهق أنفسهم وأجسادهم وتُحرق حتى تكون رمادًا في الأرض من أجل نزوات عدو غاشم مُعتدٍ أثيم، لن ينال سوى الخزي والعار وخسارة الدنيا والآخرة بإذن الله، وسينتصر أهل الحق وأصحاب الأرض قريبًا، بفضل ثباتهم وصبرهم، فقد اقترب الوعد الحق بإذن الله، وما هي إلا مسألة وقت وسيُولي الجمع الدبر.

أصحاب الأخدود اليوم يُقدِمون فرحًا نحو الشهادة وتقديم الغالي والنفيس من أجل حريتهم ونيل الجنة التي أعدها الله لعباده المتقين المجاهدين، ونُصب أعينهم هدف واحد: إما النصر أو الشهادة؛ فلله در هذه الفئة الباقية على عقيدة الإسلام الناصعة البياض، وهذه القلة من المُؤمنين الذين أثبتوا للعالم أجمع أنَّ الأوطان لا تُباع ولا تُشترى، وأن الإيمان بالله ورسوله هو جوهر المؤمن الصالح التقي.

نسأل الله في هذه الأيام المباركة النصر والتأييد من عنده لعباده المؤمنين، فكفى بغزة ما آلت إليه من جراح وما فقدته من شهداء فهم القابضون على دينهم كالجمر؛ فأصحاب الأخدود في غزة وفلسطين هم الفائزون.

‏اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، اللهم لا تُبقي لليهود ومن ناصرهم من باقية، وشرد بهم في البلاد واهزمهم كما هزمت ثمود وعاد. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ماذا قال الذين صوروا غزة المنكوبة من داخل طائرات المساعدات؟

نقلت مجلة "سي جي آر" الصحفية الأميركية رسائل صحفيين أجانب قاموا بتصوير قطاع غزة المنكوب من داخل الطائرات التي تلقي مساعدات جوية على السكان المجوّعين، متجاوزين الحظر الإسرائيلي تصوير مشاهد الدمار خلال رحلات الإنزال الجوي.

وهددت إسرائيل بوقف عمليات إسقاط المساعدات من الجو في حال نُشرت فيديوهات أو صور توثق حجم الكارثة في القطاع.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"غزة فاضحة العالم".. بين ازدواجية المعايير ومصير شمشونlist 2 of 2إقالة مدير إذاعة صوت أميركا بعد رفضه تولي منصب أدنىend of listبدون صور.. لا توجد ذاكرة

ونقلت المجلة التابعة لكلية الصحافة في جامعة كولومبيا عن المصور المستقل دييغو إبارا سانشيز، الذي يعمل لحساب صحيفة نيويورك تايمز، ظروف التقاطه للصور التي كانت من بين عدد قليل من الصور التي التقطت من ارتفاع 15 ألف قدم وكشفت عن آثار عامين من القصف، ولقيت انتشارا واسعا خلال الأسبوع الفائت.

حيث لم يكن أمام إبارا سوى دقيقة واحدة تقريبا لالتقاط صور للمناظر المحاصرة أسفل منه، أثناء وجوده على متن طائرة عسكرية أردنية كانت تلقي مساعدات جوية على غزة نهاية الشهر الماضي.

ويقول إبارا، وهو مصور إسباني، وأظهرت صوره تحول أحياء بأكملها إلى أنقاض، "أحاول تصوير عواقب الحرب.. بدون صور، لا توجد ذاكرة".

وتقول إيما مورفي، المحررة الدولية لقناة "آي تي في نيوز" البريطانية، والتي سافرت على متن إحدى طائرات الإغاثة، ”كان المشهد جحيما، بدا الأمر وكأنه من عالم آخر.. ومع ذلك، لم يكن من عالم آخر، فقد كان على بعد رحلة قصيرة جدا من الأمان".

تجاوزنا الحظر الإسرائيلي دعما لزملائنا في غزة

وكانت مورفي قد سجلت لقطات لواقع القطاع الكارثي باستخدام هاتفها الآيفون، وعلقت على عدم التزامها بحظر إسرائيل نشر الصور بالقول "شعرنا أن طلب الإسرائيليين بعدم تصوير الأضرار في الأسفل كان طلبا مريبا للغاية، وشعرنا أن هناك التزاما مطلقا علينا بإظهار ما تبدو عليه غزة".

وأضافت مورفي "أظن أن إسرائيل لا تريد أن ترى وسائل الإعلام العالمية ما يحدث هناك لأنها تعلم أن ذلك سيثير تساؤلات جدية للغاية"، وزادت: "لقد صورنا ذلك من أعلى، وأعتقد أن هذا مهم لدعم زملائنا في غزة والعمل الذي يقومون به".

إعلان

ونقلت المجلة الأميركية عن أحد الصحفيين المشاركين بتوثيق المساعدات الجوية قوله إن الإسرائيليين يهتمون بالتركيز فقط على الطبيعة الإنسانية للمساعدات، وليس على المكان الذي يتم إسقاط المساعدات فيه.

كارثة علاقات عامة لإسرائيل

وقال جيريمي بوين، محرر الشؤون الدولية في "بي بي سي" في تقريره من طائرة المساعدات، إنه تمكن من النظر من النوافذ ولكن لم يتمكن من التصوير.

صورة الطفل الغريق ايلان (الإطار) التقطتها المصورة الصحفية التركية نيلوفير ديمير وكانت من المشاهد المؤثرة (الجزيرة)

ووصف المشاهد: "أستطيع أن أقول لكم إن المجتمعات في شمال غزة أصبحت أرضا مستوية، لم يتبق منها شيء"، وفي تصريح خاص للمجلة الأميركية، قال بوين "أعتقد أن الأمر كان كارثة علاقات عامة بالنسبة للإسرائيليين".

ولم يرد المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي على أسئلة الصحفيين حول هذه القيود الواضحة على وسائل الإعلام.

تاريخيا.. الصور أكثر تأثيرا

وتقول ماري أنجيلا بوك، الأستاذة في جامعة تكساس، والباحثة في مجال التصوير الصحفي، إن هناك تاريخا طويلا من الصور التي تخترق الوعي العام، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالصراعات والكوارث الدولية، مضيفة: "نميل إلى استيعاب المعلومات المرئية بسرعة أكبر، ونستجيب للصور بشكل أكثر عاطفية".

واستشهدت بوك بالصورة الشهيرة لـ"فتاة النابالم" من حرب فيتنام، وصورة إيلان الكردي، الطفل السوري ذي الثلاثة أعوام، والذي دفع البحر جثمانه إلى شاطئ بتركيا بعد أن توفي أثناء محاولته الهجرة إلى اليونان عام 2015.

ووفقا لكارين كابلان، الأستاذة الفخرية في جامعة كاليفورنيا، يمكن أن يكون للصور الجوية لمناطق الحرب تأثير ملحوظ على الجمهور، مشيرة إلى أنه وخلال الحرب العالمية الثانية، ساهمت الصور الجوية للدمار الذي لحق بلندن جراء الحملة الجوية الألمانية، في زيادة استعداد الأميركيين للانخراط في الصراع، على حد قولها.

وفي وقت لاحق -تتابع كابلان- ساعدت الصور التي تظهر تأثير القنابل الذرية في اليابان على إثارة الحركة المناهضة للأسلحة النووية.

وتقول كابلان إن الصور الأخيرة لغزة تذكرها بالصور من الحرب العالمية الأولى التي تظهر الأرض المدمرة في أوروبا.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وطوال فترة الحرب الإسرائيلية على غزة، لم يُسمح لوسائل الإعلام الأجنبية بدخول المنطقة لتوثيق الأحداث وآثار الحرب، في حين سُمح لعدد محدود من الصحفيين بالانضمام إلى وحدات عسكرية إسرائيلية، مع قيود صارمة على ما يمكنهم رؤيته وعرضه.

وحتى اليوم، استشهد 232 صحفيا منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، مما يجعلها أكثر الحروب دموية في تاريخ الصحافة.

مقالات مشابهة

  • حزب الله وسياسة الانكار: ماذا عن الذين يحرثون البحر؟
  • نور على نور
  • اليمن في عيون العالم .. كيف ينظر العرب والغرب إلى الموقف اليمني من غزة وفلسطين؟
  • مسيرة طلابية حاشدة في الحديدة تضامنا مع غزة وفلسطين
  • علي جمعة: المؤمن الحق يمر باللغو كريماً ويبدأ بإصلاح نفسه قبل غيره
  • كونيا سبور يقترب من حسم انتقال كرامر إلى الأخدود
  • الأخدود يقترب من ضم المهاجم السلوفيني بلاز كرامر
  • الحق لا يقايض: بين الاستسلام والمقاومة.. غزة ترفض أن تهزم
  • هاشم معزيا بشهداء الجيش: سقطوا ليبقى لبنان وطن الحق والسيادة
  • ماذا قال الذين صوروا غزة المنكوبة من داخل طائرات المساعدات؟