عبد الله علي إبراهيم
رحل عنا فبل ايام البروفسير ادوارد سعيد (1935)، الأمريكي الفلسطيني واستاذ اللغة الانجليزية بجامعة كولمبيا بنيويورك. وسعيد شيخ مدرسة أكاديمية اشتهرت باسم "دراسات ما بعد الاستعمار". وهي مدرسة لا تصوب نقدها لتركة ومغزى الاستعمار فحسب، بل هي خصم ألد لصفوة الوطنيين التي أخرجت المستعمرين أيضاً.
خصص سعيد كتابه "الثقافة والإمبريالية" (1993) ليتلافى نقصاً معيباً في معرفتنا بالاستعمار. فهو يري أن ضوضاء الجيل الوطني لم تنفذ لمعرفة كيف تقتحم الامبريالية ثقافة الذين تستعمرهم، وكيف تطبعهم بقيمها في حين يظنون أنهم قد صرعوا الاستعمار ونجوا من شره. فقد نقرأ رواية "مانسفيلد بارك" للكاتبة الانجليزية جين اوستن كواحدة من عيون الأدب العالمي الذي لا شاغل له بالسياسة. ومن رأي سعيد أن هذه غفلة. وكشف بصفاء كيف أن الثقافة والسياسية تناصرتا في المشروع الاستعماري. فلم يقتصر المشروع على السيطرة عن طريق العسكر والسلاح، بل عن طريق "استعمار" خيالنا والقبض على زمام الصور والأشكال في حياتنا. وبفضل هذه القبضة المزدوجة خلص المستعمرون لا إلى حقهم في استعمارنا وترقيتنا فحسب، بل إلى أن ذلك واجبهم وقدرهم أيضاً.
لم يكن مثل هذا النقد غائباً في بواكير نشأة الحركة اليسارية في بلدنا. وهي الحركة التي زاحمت جيل الوطنيين إلى عقل وخيال المواطنين. ولتوضيح فكرة سعيد اضرب مثلاً من أدب اليسار الباكر في نقد الاستعمار كنظام ثقافي. وأردنا بضرب هذا المثل التقريب لا المماثلة. فقد زار أحمد علي بقادي متحف بيت الخليفة وكتب عنه في جريدة الميدان (3 يونيو 1957). وقال إنه انقبض لأن المتحف هو رواية الانجليز لفتحهم للسودان. فالصور كلها عن هجوم كتشنر واندحار الخليفة. وتتحدث البطاقات عن "فلول الدراويش" و"هجوم فرقة الكامرون هايلاندرز في موقعة عطبرة". أما القطع الأثرية فهي غنائم أخذها جيش كتشنر من الدراويش. وقصاصات الصور المعلقة تنقل أيضاً خبر نصر الانجليز على الخليفة أو الاستعدادات التي جرت لاستقبال كتشنر فاتح الخرطوم. وانتهي بقادي إلى القول أن "هذا المتحف مكانه لندن. هذا متحف لهزائمنا".
لا اعرف إن كان ما يزال هذا التلقين الاستعماري قائماً في بيت "التبشيع" بالخليفة. ولكنه معرض انطبع به ناشئة السودان طويلاً على هوان شأنهم. وقد أطلعني أحدهم على مشروع فني يسترد بالكومبيتر وجه الخليفة قائماً من رقدته العسيرة المفروضة المشهورة. كما قرأت لأحدهم رسالة قديمة انتقد فيها اللوحات التي "خلد" بها المستعمرون مواجهاتهم مع المهدية مثل صورة طعنة غردون وهو يحتل أعلى الصورة ويبدو الأنصار في السفح كقطيع من الجرذان الدموية.
لقد جعل سعيد من هذه الخاطرات الباسلة علماً رصيناً يسترد به المستضعفون كبرياءهم وخيالهم المستباح.
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
تأجيل دعوى بطلان الحجز على ممتلكات اللاعب إبراهيم سعيد
قررت محكمة مدنى القاهرة الجديدة، تأجيل دعوى بطلان الحجز على ممتلكات اللاعب إبراهيم سعيد، لجلسة 28 أكتوبر للحكم.
وخلال نظر الجلسة الماضية، طالب محمد رشوان محامي اللاعب إبراهيم سعيد، التصريح باستخراج شهادة من إدارة الكمبوند، الذي يسكن فيه اللاعب تفيد بأن الوحدة التي تم الحجز عليها مملوكة للشركة التي تملك الكمبوند
وأضاف "رشوان"، أن العين التي يسكن فيها اللاعب مؤجرة مفروشة ولا يملكها، المنقولات التي تم الحجز عليها مملوكة للشركة.
يذكر أنه تم القبض على إبراهيم سعيد لامتناعه عن دفع مصاريف مبلغ النفقة لأبنائه، بعد أن قامت مطلقته بالحصول على أحكام قضائية صادرة من محكمة الأسرة لصالحها في 9 دعاوى ما بين النفقة، ودعاوى أخرى فيما يخص مصاريف المأكل والمشرب والملبس والمسكن، وزيادة المصاريف الدراسية لأبنائه من طليقته الأولي.
بعد كل هذه الدعاوى القضائية التي أقامتها مطلقة اللاعب إبراهيم سعيد، تمكنت من الحصول على أحكام قضائية صادرة من محكمة الأسرة، إلا أن اللاعب استخدم حقه القانوني في دراجات التقاضي، وتقدم بطلب استئناف على الأحكام القضائية الصادرة ضده، إلا أن المحكمة أيدت تلك الأحكام وأصبحت أحكام نهائية واجبة النفاذ.