إن الجانب الأكثر أهمية في المشاركة في الخطاب السياسي هذه الأيام هو فهم الطرق التي تعمل بها الدعاية وتقنيات التحكم في التفكير.

إذا كنت لا تفهم كيف يتم التلاعب بالفكر والرأي السياسي، فسوف تكون فريسة سهلة للدعاية الخبيثة، وخاصة أن هناك جهات رئيسية تدفع ملايين أو مليارات الدولارات لتمويل الدعاية للتحكم في طريقة تفكيرك وشعورك وتصرفك.

ويجب أن تعلم أن من يتحكم في طريقة تفكيرك وإحساسك يتحكم بالضرورة في أفعالك وكيف تتصرف وتتموقع سياسيا وأخلاقيا .
يجب أن تفهم أن الفضاء السياسي مليء بالدعاية والأكاذيب والأخبار المزيفة والمبالغات وإخراج الأمور من سياقها وإخفاء أشياء معينة والتركيز على جوانب أخرى. الأكاذيب معروفة ولا تحتاج لشرح معناها المتعلق باختلاق أشياء لم تحدث أو إنكار أشياء حدثت.

ولكن التلاعب أخطر من الأكاذيب. علي سبيل المثال من الممكن أن يرتكب جيش أو مواطنين إنتهاكات في كمبو واجبة الإدانة الصارمة ولكنك تكون متلاعب أشر لانك تجاهلت مجازر الجنجويد السابقة في الجزيرة وسكت عن إنتحار عشرات المغتصبات ممن حبلن بجنا جنجويد أو علي الأقل لم تعر الأمر إدانة تساوي إدانتك لتجاوزات الجيش أو خصومك الآخرين. وفي هذا التلاعب فجاة يصبح الجنجويد هم حماة زرقة الكنابى رغم تاريخهم الطويل في إبادة زرقة الغرب والجنوب.

في هذه اللحظة أنت إنسان يتاجر بموت الآخرين للكسب السياسي ولن تخفي عورتك دموع التماسيح التي تسكبها علي ضحايا إنتهاكات حقيقية أو مفتعلة أو مزركشة. بالنسبة لك الضحية هنا مجرد فرصة إسترباح سياسي مفهوم في سياق سكوتك الكامل أو النسبي عن جرائم أخري أرتكبها حلفك المفضل.

وهذا يعني أنه يجب ألا تصدق كل ما تسمعه أو تقرأه. ولكن هذا لا يعني أن كل شيء في الأخبار السياسية كذبة. يمكن أن تكون أشياء كثيرة صحيحة ويمكن أن تكون أشياء كثيرة أكاذيب، ولهذا السبب تحتاج إلى ما يسميه نعوم تشومسكي مصفي ترشيح للتمييز بين الحقائق من ناحية وبين الدعاية والتلاعب من ناحية أخري.

هذا المصفي أساسي لغرض الدفاع عن الذات الفكرية والأخلاقية. ولكن بناء هذا المصفي صعب ومعقد ومكلف ماديا وإجتماعيا لانه سيفقدك الكثير من الأصدقاء وفرص الترقي في ميدان التنافس البرجوازي المزري. ولكنك ستكسب عقلك وإحترامك لذاتك وقد تكتشف أن خروج الأغبياء والمدلسين من حياتك نعمة وقد تكتشف ألا متعة تفوق معانقة الحقيقة. لذلك جاء في القرآن أن “مَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا”.

وقد حذر الحاج مالك الشعباز – المعروف بمالكولم إكس – من قوة وسائل الإعلام، الكيان الأقوى على وجه الأرض. لانها قادرة على تصوير الأبرياء كمذنبين وجعل المذنبين أبرياء، وهذه هي القوة التي تتيح السيطرة على عقول الجماهير .وإن لم تنتبه فإن الصحف (السوشيال ميديا) ستجعلك تكره المضطهدين، المظلومين أو تناصر المجرمين أو تحايد في قضية غزو أجنبي علي يد ميليشا همجية إقطاعية.

نتذكر جميعًا أنه في عام 2019، استأجر الجنجويد شركة دعاية كندية في عقد أولي بقيمة ستة ملايين دولار. وبهذا المعنى، فإن تمويل الكتاب والصحفيين والمؤثرين والباحثين الأجانب والسودانيين أكثر أهمية من تمويل الجنود الأغبياء ذوي الأجور المنخفضة. تخيل كم ملايين الدولارات التي يتم إنفاقها بعد اندلاع هذه الحرب بهدف التلاعب بعقلك وموقفك السياسي.

معتصم أقرع:

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

حمد الكعبي: الأخبار الإيجابية انعكاس للواقع وليس توجهاً تحريرياً فقط

دينا جوني (أبوظبي)

شهد اليوم الأول من «قمة بريدج» جلسة حوارية بعنوان «المخطط الإعلامي لمجتمع أكثر صحة»، ناقشت دور الإعلام في بناء الوعي الصحي ورفع كفاءة التغطية العلمية، بمشاركة كلّ من: الدكتورة أمينة غوريب فاكيم، الرئيسة السابقة لجمهورية موريشيوس، والدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي للتحول في شبكة أبوظبي للإعلام، والدكتورة جولي غيشورو، الرئيسة التنفيذية لمعهد الحوار والقيادة في أفريقيا.
وأكدت أمينة فاكيم أن أكبر التحديات التي تواجه الإعلام الصحي والعلمي تتمثل في ضعف التدريب المهني للصحفيين، مشيرة إلى وجود فجوة واضحة في غرف الأخبار نتيجة قلة المراسلين المتخصصين في العلوم والصحة.
وشددت على ضرورة الاستثمار في بناء قدرات الصحفيين، وتمكينهم من الأدوات والمعرفة التي تساعدهم على نقل محتوى علمي دقيق وجذاب.
ولفتت إلى أن الإعلام غالباً ما يركّز على الجوانب السلبية في تغطية القضايا الصحية، خصوصاً في أفريقيا، موضحة أن التركيز المتكرر للإعلام الغربي على أوبئة مثل «إيبولا» شكّل صورة نمطية غير منصفة، مؤكدة أهمية تعزيز السرديات الإيجابية، وإبراز النجاحات العلمية والصحية التي تصدر عن القارة.

أخبار ذات صلة «قمة بريدج 2025».. حوار عالمي حول مستقبل الإعلام «التعليم العالي» تسحب الاعتراف بالمؤهلات الصادرة عن جامعة «ميدأوشن»

وفي مداخلة للدكتور حمد الكعبي، حول كيفية الحفاظ على الخط التحريري الإيجابي في ظل قدرة الجمهور في دولة الإمارات على الوصول إلى المعلومة من مصادر لا حصر لها عبر «الإنترنت»، موضحاً أن الفضاء الإعلامي بات مفتوحاً بالكامل، إلا أن التجربة الإماراتية - وأبوظبي تحديداً - تقدم ثروة من النجاحات التي تجعل التركيز على الأخبار الإيجابية انعكاساً للواقع وليس توجهاً تحريرياً فقط.
وأضاف: كثافة الفعاليات العالمية التي تنظمها أبوظبي، وما تشهده الإمارة من حراك ثقافي وسياحي وترفيهي، يوفر محتوى غنياً يجذب الإعلام العربي والعالمي، ويمنح الصحفيين مساحة واسعة لتسليط الضوء على التطور والنمو المتحقق في مختلف القطاعات، من المتاحف إلى الفنون والمناطق الثقافية.
وردّاً على سؤال حول ما يمكن تغييره لتعزيز الثقافة الصحية في المجتمعات، شدد الدكتور الكعبي على ضرورة الاعتماد على المعلومة الدقيقة من مصادرها الرسمية، إلى جانب رفع وعي الصحفيين بالمصطلحات العلمية والطبية، وفهم البروتوكولات الصحية والالتزام بها عند تغطية الأخبار المتخصصة.
من جانبها، أشارت الدكتورة جولي غيتشورو، رئيسة ومديرة معهد القيادة والحوار في أفريقيا، إلى وجود فجوة مستمرة، موضحة أن صناع المحتوى والمؤثرين يتمتعون بمدى واسع من الوصول للجمهور، لكن الكثير منهم يفتقرون إلى الأساس العلمي الضروري للتواصل المسؤول في قضايا الصحة والعلوم.
وقالت: «لردم هذه الفجوة، نحتاج إلى تعاون أقوى بين العلماء والصحفيين وصناع المحتوى، ليس للحد من الإبداع، بل لتزويد صنّاع القصص بالأدوات اللازمة لضمان الدقة».

مقالات مشابهة

  • صديق الضحية فسخ خطوبة: الخناقة بدأت بسبب ركوب العربية مع البنت
  • الرائد يبحث عن العودة وليس تصفية الحسابات
  • هل تكون «الترامبية» نهجًا سياسيًّا؟!
  • سبب تآكل شمعات الاحتراق في السيارة.. أشياء لا تعرفها
  • حمد الكعبي: الأخبار الإيجابية انعكاس للواقع وليس توجهاً تحريرياً فقط
  • المخلافي: ما جرى في شرق اليمن انقلاب ثاني وليس انفصال
  • مجلس النواب يحذر من تسلل «هويات مزيفة» إلى قاعدة البيانات الرسمية
  • زي رئيسية الاتحاد الاردني لكرة القدم وفوتوشوب قناة المملكة ؟ مجرد سؤال
  • ليلة ما قبل الحقيقة.. هل تكون مباراة برايتون آخر ظهور لصلاح مع ليفربول؟
  • الذكاء الاصطناعي يحوّل أوامر صوتية إلى أشياء واقعية