ترامب يشيد بما حققه لاقتصاد أميركا رغم تآكل ثقة الناخبين
تاريخ النشر: 10th, December 2025 GMT
يختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يتحدث عن "أسعار تنخفض بشكل هائل"، بينما تظهر استطلاعات الرأي ووجوه الناخبين شيئا مختلفا تماما.
في كازينو بولاية بنسلفانيا، يقف الرئيس الجمهوري أمام حشد من أنصاره ليعلن أنه لا يحمل "أولوية أعلى من جعل أميركا قابلة للعيش مجددا"، في وقت تقول فيه استطلاعات رأي إن ثقة الأميركيين بإدارته الاقتصادية تتراجع.
وبينما يحاول ترامب تحويل النقاش إلى شعاراته المفضلة عن الهجرة والرسوم الجمركية و"أميركا أولا"، تبقى أرقام التضخم، وأسعار السلع الأساسية، ومخاوف الإيجار والرعاية الصحية حاضرة في حياة ملايين الناخبين. وفي الخلفية، يتنامى قلق داخل الحزب الجمهوري نفسه من أن يتحول ملف تكاليف المعيشة إلى نقطة ضعف قاتلة في انتخابات منتصف الولاية عام 2026.
وعود وتصعيد في نبرة الإنكارويقدّم ترامب نفسه في خطابه على أنه الرئيس الذي "لا يملك أولوية أعلى من جعل أميركا قابلة للعيش مجددا"، وأكد أمام أنصاره أن "الأسعار تنخفض بشكل هائل"، وأن إدارته "تجلب الأسعار إلى الأسفل بدرجة كبيرة"، في محاولة لطمأنة الناخبين القلقين من تكاليف المعيشة المتصاعدة.
وتذكر "بي بي سي" أن الرئيس تحدث أمام تجمّع ذي طابع انتخابي، مؤكّدا أن الوقود وأسعار البيض تراجعت بالفعل، لكنه تجاهل في المقابل أن كثيرا من أسعار المواد الغذائية الأخرى، إضافة إلى السكن ورعاية الأطفال والرعاية الصحية، ما تزال مرتفعة بنظر الأميركيين.
وتوضح وكالة الصحافة الفرنسية أن ترامب، خلال الحدث نفسه في كازينو ريفي في ماونت بوكونو، سعى إلى التقليل من أهمية الخطاب الديمقراطي حول الغلاء، فوصف الحديث عن "عدم قدرة الأميركيين على تحمّل تكاليف المعيشة" بأنه "خدعة من الديمقراطيين"، قبل أن يقرّ في جملة أخرى بأن الأسعار "ارتفعت كثيرا"، ويقول للحضور: "لا يمكنني القول إن ارتفاع تكاليف المعيشة خدعة، لأنني أتفق بأن الأسعار ارتفعت كثيرا… لكنهم يستخدمون كلمة تكاليف المعيشة وهذه الكلمة الوحيدة التي يعرفونها". ويصرّ، وفق الوكالة الفرنسية، على أن "أسعارنا تنخفض بشكل هائل عن أعلى أسعار سُجّلت في تاريخ بلدنا".
أرقام لا تصدّق الرواية الرسميةوبينما يتحدث ترامب عن "أسعار تهبط بقوة"، تشير بيانات إلى أن التضخم في الولايات المتحدة بلغ في أيلول/سبتمبر نحو 3% على أساس سنوي، أي أعلى من هدف الاحتياطي الفدرالي البالغ 2%.
إعلانوخفض البنك المركزي أسعار الفائدة مرتين، لتستقر عند نحو 3.9%، في محاولة لموازنة كبح التضخم ومنع خنق النمو.
وتلفت "بي بي سي" إلى أن الأسعار الإجمالية ارتفعت بنحو 25% خلال السنوات الخمس الماضية، في حين تشير شبكة "سي إن إن" إلى أن تكاليف البقالة والإيجار تحديدا ارتفعت بنحو 30% خلال الفترة نفسها، استنادا إلى بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي. كما تنقل "بي بي سي" عن استطلاع مشترك لـ"سي بي إس نيوز" و"يوغوف" أن نسبة الموافقة على أداء ترامب الاقتصادي تراجعت بنحو 15 نقطة منذ مارس/آذار، لتصل إلى 36%. وفي استطلاع آخر لـ"بوليتيكو"، تقول "بي بي سي" إن نصف الناخبين تقريبا -بما في ذلك 4 من كل 10 ممن صوّتوا لترامب عام 2024- يرون أن تكاليف المعيشة هي "الأسوأ في حياتهم".
وتشير "سي إن إن" في تحليل سياسي إلى أن ثقة الناخبين بأداء الرئيس في الاقتصاد تتآكل، إذ تُظهر استطلاعات مختلفة أن المزاج العام "قاتم"، وأن مؤشرات الثقة الاستهلاكية تقترب من مستويات متدنية، على الرغم من اقتراب سوق الأسهم من قمم تاريخية وتوقّعات نمو تقارب 1.9% هذا العام بعد 2.8% في العام السابق.
وتضيف الشبكة أن ترامب، عندما سُئل في مقابلة مع "بوليتيكو" عن التقييم الذي يمنحه لاقتصاد بلاده، أجاب: "إيه +++++"، في عبارة تحذّر "سي إن إن" من أنها قد تتحول إلى جملة تُستعاد لاحقا إذا خسر الجمهوريون السيطرة على الكونغرس.
وتجمع تقارير ميدانية لـ"بي بي سي" و"سي إن إن" شهادات لناخبين يعيشون التوتر اليومي بين دخل لا يكفي وغلاء متصاعد. فـ"بي بي سي" تنقل عن ألينـا هانت، البالغة 37 عاما من أوكلاهوما سيتي، أنها فقدت وظيفتها في شركة إنشاءات في أبريل/نيسان، جزئيا بسبب الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على الفولاذ والألومنيوم، ما ضرب قطاع البناء مبكرا.
وتقول إنها تقدمت لما لا يقل عن 75 وظيفة بدون جدوى، وإن ارتفاع فاتورة البقالة بنحو 25 دولارا أسبوعيا يزيد الضغط على ميزانيتها، قبل أن تضيف: "كنت قادرة على تدبّر أموري بسهولة أكبر في السنوات السابقة… لا أشعر أن الحكومة الفدرالية تستمع على الإطلاق".
وفي تقرير آخر، تورد "بي بي سي" شهادة بيث ريتشاردسون (45 عامًا) من كنساس، التي تتحدّث عن صدمتها من أسعار سلع بسيطة في متجر البقالة، بما في ذلك علبة علكة وصلت إلى نحو 5 دولارات مع الضرائب، لتعلق ساخرة: "قلت لنفسي، سأذهب وأموت الآن، فهذا لا يمكن أن يكون حقيقيا". وتقول ريتشاردسون، التي فقدت عملها في شركة تكنولوجيا نقلت وظائفها إلى الخارج، إنها تدرك أن الرؤساء لا يتحكمون في كل القوى الاقتصادية، لكنها تشعر أن سياسات التعرفة الجمركية "تطلق النار على أقدامنا".
في المقابل، تنقل "بي بي سي" عن ناخبين مؤيدين لترامب أنهم "يشعرون بالضغط" لكنهم ما زالوا يمنحونه "فائدة الشك". فالعامل جون موهرينغ (60 عاما) من ولاية ويسكونسن يقول إنه يدفع الآن نحو 100 دولار أسبوعيا على البقالة لنفسه فقط، حتى مع تجنّب شراء اللحوم والتركيز على السلع الأرخص، لكنه يظل مؤيدا للرسوم الجمركية وسياسات الحدود، قائلا إنه يمنح الرئيس "فرصة أخرى".
إعلانوتشير "بي بي سي" كذلك إلى مزارع الذرة وفول الصويا براد سميث من إلينوي، الذي تضرر عندما جمدت الصين، في إطار حرب تجارية، مشتريات فول الصويا الأميركي، قبل أن يعود السوق تدريجيا بعد اتفاق تجاري واستئناف جزء من الصادرات، ليقول إنه لا يزال "يؤمن بخطط ترامب الاقتصادية" على الرغم من الضرر الذي لحق به.
وتضيف "سي إن إن" صوتا آخر من بنسلفانيا، هي لين فايدنر، المسؤولة النقابية في قطاع الرعاية الصحية، التي تقول إنها سمعت ترامب يعد بجعل الأشياء ميسورة عندما كان مرشحا، ثم تسمعه الآن يصف مسألة القدرة على تحمّل تكاليف العيش بأنها "خدعة"، لتعلق: "هذا لا يبدو منطقيا بالنسبة لي"، مؤكدة أنها تجد صعوبة متزايدة في تغطية نفقات الحياة اليومية.
وتذكر وكالة الصحافة الفرنسية أن الجمهوريين ينظرون "بعين القلق" إلى انتخابات منتصف الولاية عام 2026، في ظل شعور متزايد بأن ملف تكاليف المعيشة قد يكلّفهم السيطرة على الكونغرس. وتشير الوكالة إلى أن مرشحين ديمقراطيين حققوا نجاحات لافتة في انتخابات ولايات كفرجينيا ونيوجيرزي ومدينة نيويورك، بعدما جعلوا "القدرة على تحمّل تكاليف المعيشة" محورا رئيسا في حملاتهم. وتضيف أن شعبية ترامب وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، في وقت تخشى فيه قيادات جمهورية من أثر الغلاء على ولاء الطبقة العاملة التي ساهمت في إيصاله إلى الحكم في 2016 و2024.
وفي الداخل الجمهوري، قالت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" إن الرئيس "فشل في التركيز على قضية تكاليف المعيشة"، مضيفة أنه بالنسبة إلى رئيس شعاره "أميركا أولا"، كان ينبغي أن تكون "الأولوية الأولى هي السياسة الداخلية، وهذا لم يحصل".
وتشير "بي بي سي" من جانبها إلى أن البيت الأبيض يحاول إعادة صياغة الرسالة الاقتصادية عبر جولات ميدانية ووعود محددة، من بينها إزالة رسوم عن عشرات السلع الغذائية، والترويج لتراجع أسعار الوقود، والحديث عن حسابات تقاعدية تحمل اسم ترامب لصالح الأطفال بوصفها أدوات لتخفيف ضغط تكاليف المعيشة. لكن الشبكة تُبرز في تقاريرها أن هذه الخطوات لم تُترجم بعد إلى تحسّن واضح في شعور الناخبين، كما تعكسه استطلاعات الرأي الأخيرة.
وفي تحليلها اللاذع، تصف "سي إن إن" خطاب ترامب في كازينو بنسلفانيا بأنه أقرب إلى "عرض كوميدي" من كونه محاولة جادة للاعتراف بآلام الناخبين، إذ "يعمل الجمهور" بإيماءات مسرحية، ويسخر من آلة قراءة النصوص، ويستعيد نبرة حملاته السابقة بدل تقديم خطة واضحة لمواجهة الغلاء.
وتنقل الشبكة عنه قوله إنه لا يملك أولوية أعلى من "جعل أميركا ميسورة الكلفة مجددا"، لكنها تشير إلى أن الرئيس أمضى جزءا كبيرا من خطابه في التباهي بانتصارات انتخابية سابقة، والهجوم على طاقة الرياح، والتندر على خصومه، أكثر مما أمضى في شرح حلول ملموسة.
وتضيف "سي إن إن" أن ترامب عرض رسوما بيانية تزعم ارتفاع الأجور الحقيقية وتراجع أسعار الغذاء، لكنه "رفض عمليا الاعتراف" بأن مجمل الأسعار بقي مرتفعا مقارنة بما كان عليه قبل 5 سنوات، وأن التضخم -على الرغم من ابتعاده عن الذروة التي سُجلت في عهد بايدن- "لم ينخفض إلى مستوى يشعر معه المواطن العادي بأن الأمور عادت إلى طبيعتها".
وتذكّر الشبكة بأن ترامب نفسه وصف الاقتصاد الحالي بأنه شهد "أفضل 10 أشهر في تاريخ الرئاسة"، في وقت تقول فيه استطلاعات الرأي إن كثيرا من الناخبين لا يرون في جيوبهم ما يدعم هذه الصورة الوردية.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات حريات استطلاعات الرأی تکالیف المعیشة أن ترامب سی إن إن بی بی سی أعلى من إلى أن
إقرأ أيضاً:
مدبولي: منطقة غرب رأس الحكمة توفر فرص عمل ضخمة وترفع مستوى المعيشة
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بمقر الحكومة بالعاصمة الجديدة اليوم، اجتماعًا لاستعراض المخطط الهيكلي والرؤية التنموية لمنطقة "غرب رأس الحكمة"، بحضور المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والدكتور وليد عباس، نائب أول رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والمهندس أحمد إبراهيم، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
واستعرض الوزير بدايةً الأهمية الاستراتيجية لتنمية منطقة غرب رأس الحكمة لتصبح مدينة متكاملة سياحية مستدامة تجمع بين سحر الطبيعة، والتخطيط الذكي لمستقبل مستدام، موضحا أن هذه الأهمية تتمثل في أبعاد عديدة، ومنها الأهمية المكانية والجغرافية، من حيث إطلالتها مباشرة على البحر المتوسط بواجهة ساحلية مميزة، ووقوعها على الطريق الدولي الساحلي، فضلا عن الأهمية الاستراتيجية، من حيث تعزيز وتنمية الساحل الشمالي الغربي، ودعم الممرات البحرية بالبحر المتوسط عبر موانئ سياحية، وجعل المنطقة مركز ربط إقليمي بين أوروبا وأفريقيا.
وأضاف الوزير، أن هناك أهمية اقتصادية أيضا تتمحور حول الاستثمار العقاري والسياحي العالمي، وتنشيط الأنماط السياحية المختلفة، واستخدام الطاقة المتجددة لتغذية التنمية الحضرية. بالإضافة إلى الأهمية الاجتماعية المتمثلة في توفير فرص عمل ضخمة لأبناء مطروح وشمال الصحراء الغربية، ورفع مستوى المعيشة. كما ينطوي المشروع على أهمية بيئية تنعكس في إمكانية تحقيق تنمية مستدامة منخفضة البصمة الكربونية والحفاظ على التنوع البيئي بين الساحل والصحراء.
وأشار المهندس شريف الشربيني إلى أن موقع المشروع يمثل امتدادا وظيفيا لمشروع رأس الحكمة العالمي ويوفر أنشطة مكملة تخدم المنطقة الكبرى. كما أنه يقترب من مدينة مرسى مطروح بما يعزز التكامل مع مطروح كعاصمة إقليمية ويسهم في رفع القدرة الاستيعابية للمدينة.
ويرتبط المشروع بشبكة النقل الرئيسية، حيث يمر بالمشروع الطريق الساحلي الدولي مما يسهل الاتصال بالقاهرة والإسكندرية شرقا، والسلوم وليبيا غربا. فضلا عن وجود خط القطار السريع والمحطة النهائية بالموقع بما يدعم الاتصال اللوجستي بالموانئ والمدن الرئيسية.
وفي ضوء ذلك، تحدث وزير الإسكان عن طبيعة الموقع، موضحا أنه مثالي للتطوير والتهيئة، مستعرضا المقومات والمميزات بموقع المشروع، والقرارات التخطيطية، والرؤية والأنشطة المقترحة.
ونوه الوزير بأن الرؤية المقترحة لمنطقة غرب رأس الحكمة تتمثل في أن تكون واجهة ساحلية سياحية مستدامة تجمع بين جمال الشاطئ والأنشطة السياحية والخدمية والإنتاجية وفرص الاستثمار الواعد في بيئة خضراء آمنة.
ولفت "الشربيني"، في هذا الصدد، إلى أهم الأنشطة المقترحة، وفقا للمخطط، والمتمثلة في (أنشطة سياحية، ثقافية وتراثية، ترفيهية وخدمية، سكنية وخدمية، خدمات إقليمية، والأنشطة الصناعية واللوجستية).
وتحدث المهندس شريف الشربيني أيضا عن البدائل التخطيطية لموقع المشروع، مستعرضا عددا من البدائل والمقترحات في هذا الشأن، والتي يهدف جميعها إلى تحقيق التنمية الشاملة للموقع بما يتوافق مع الرؤية المقترحة.
وعلى صعيد متصل، تطرق وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، خلال الاجتماع، إلى خطة إعادة تسكين الكيانات الواقعة بهذا النطاق، موضحا أنه في ضوء رؤية الدولة الشاملة لتنمية الساحل الشمالي الغربي، وتحقيقا لأقصى استفادة من الأراضي الواقعة غرب رأس الحكمة، تأتي خطة إعادة تسكين الكيانات الواقعة بهذا النطاق وتعويضها بمسطحات بديلة، بما يتيح إعادة تخطيط المنطقة عمرانيا وتنمويا، بما يتماشى مع مستهدفات التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وبناءً عليه، استعرض الوزير بيانا بإجمالي الكيانات الواقعة بالنطاق، والكيانات التي تم إنهاء إجراءات التفاوض معها، والإجراءات التي تتم في هذا الشأن.