وسط أجواء من التفاؤل الحذر، تشهد الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة موجة من الأمل بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للبلاد. فقد ارتفع مؤشر التفاؤل لدى هذه الشركات إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2018، مع توقعات بسياسات اقتصادية أكثر ملاءمة في ظل الإدارة الجديدة.

هذا الارتفاع يعود إلى التوقعات بتحسن الظروف الاقتصادية ووضوح الرؤية بشأن المسار السياسي المستقبلي، وبينما يواصل أصحاب الأعمال التعبير عن مخاوفهم بشأن التضخم وجودة العمالة، يبدو أن هناك استقراراً في قضايا التوظيف والأسعار.

ولكن، هل يعكس هذا التفاؤل حقبة جديدة من النمو الاقتصادي في أميركا؟ وهل ستسهم سياسات ترامب في تعزيز هذا الانتعاش المأمول؟

وبحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" واطلعت عليه سكاي نيوز عربية، مدد التفاؤل بين الشركات الصغيرة الأميركية ارتفاعه في ديسمبر الماضي إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2018، مدفوعاً بتوقعات سياسات مواتية في ظل الرئيس المنتخب دونالد ترامب.

وارتفع مؤشر الأمل في الاتحاد الوطني للأعمال التجارية المستقلة 3.4 نقطة الشهر الماضي إلى 105.1، بعد أكبر زيادة شهرية قياسية في نوفمبر الماضي. تحسن سبعة من بين عشرة مكونات للمؤشر، بقيادة قفزة قدرها 16 نقطة في صافي حصة الشركات التي تتوقع ظروفاً تجارية أفضل - مما رفع هذا المقياس إلى أعلى مستوى في البيانات الشهرية منذ عام 2002.

 ثقة الشركات الصغيرة في ارتفاع مستمر  

الزيادة الشهرية البالغة 11.4 نقطة هي الأكبر في البيانات الشهرية التي تعود إلى عام 198، بحسب الاتحاد الوطني للأعمال التجارية المستقلة، وفي الوقت نفسه، انخفض مؤشر عدم اليقين التابع للمجموعة 12 نقطة أخرى - وهو ما يمثل أكبر انخفاض متتالي على الإطلاق - نظراً لزيادة الوضوح بشأن المسار الاقتصادي بعد الانتخابات الرئاسية وسيطرة الجمهوريين على الكونغرس.

وقال كبير الاقتصاديين في NFIB بيل دونكلبرغ في بيان: "يستمر التفاؤل في الشارع الرئيسي في النمو مع تحسن الآفاق الاقتصادية بعد الانتخابات. يشعر أصحاب الأعمال الصغيرة بمزيد من اليقين والأمل بشأن الأجندة الاقتصادية للإدارة الجديدة".

كما تعززت توقعات المبيعات، حيث ارتفعت حصة المستجيبين الذين يتوقعون ارتفاع المبيعات 8 نقاط إلى أعلى مستوى لها منذ يناير 2020. كما كان لدى الشركات رغبة أكبر في التوسع بسبب المناخ السياسي، في حين لا يزال أصحاب الأعمال يعتبرون التضخم القضية الأكثر أهمية بالنسبة لهم، يبدو أن التغييرات الأخيرة والمخطط لها في الأسعار تستقر عند مستويات مرتفعة إلى حد ما.

وفيما أظهرت بيانات حكومية ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 2.9 بالمئة على أساس سنوي خلال ديسمبر الماضي، مقابل 2.7 بالمئة في نوفمبر، وعلى أساس شهري، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في أميركا بنسبة 0.4 بالمئة، مقابل 0.3 بالمئة في نوفمبر، مما يؤكد تفضيل الاحتياطي الفيدرالي للحفاظ على أسعار الفائدة دون تغيير في الوقت الحالي، طبقاً لتقرير الوكالة الأميركية.

كما تستقر أيضاً القضايا المتعلقة بجودة العمالة، لا سيما فيما يتعلق بصعوبة الشركات في العثور على متقدمين مؤهلين وعدم قدرتها على ملء الوظائف الشاغرة.

واستندت نتائج مسح NFIB إلى 513 استجابة من عينة من 5000 مالك - مما يجعل معدل الاستجابة 10.3بالمئة.

تنافسية أفضل

في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" قال الخبير الاقتصادي الدكتور نضال الشعار، كبير الاقتصاديين في شركة "ACY": "إن الشركات الصغيرة والمتوسطة ستكون الفائز الأول من السياسات الحمائية التي وعد ترامب بتطبيقها في ولايته المقبلة". وأوضح أن هذه السياسات ستخفف من حدة المنافسة التي تواجهها هذه الشركات، نظراً لعدم قدرتها الاقتصادية على مواجهة المنافسة القادمة من الصين، والاتحاد الأوروبي، وحتى الدول الناشئة الأخرى.

وأضاف: "إن فرض رسوم جمركية على البضائع المستوردة، سواء من الصين أو الاتحاد الأوروبي أو غيرهما، سيضع هذه الشركات في موقع تنافسي أفضل، مما يمنحها هامش ربح أكبر يساعدها على التوسع والنمو وتحقيق أرباح أعلى، بالإضافة إلى زيادة أسعار أسهمها في الأسواق المالية إذا كانت مدرجة".

وأشار الدكتور الشعار إلى أنه من بين الشركات المستفيدة ستكون شركات التكنولوجيا والشركات التي تتعامل في العملات الرقمية، خاصة مع التوجه نحو الاقتصاد الرقمي الذي ظهر خلال حملة ترامب. كما أشار إلى أن الشركات العملاقة مثل شركات البترول والوقود الأحفوري ستستفيد أيضاً".

ومع ذلك، حذر الخبير الاقتصادي الدكتور الشعار من أن ارتفاع سعر صرف الدولار، نتيجة السياسات الحمائية، قد يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم، مما قد يدفع البنك المركزي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة. وأوضح أن هذا الارتفاع سيؤثر على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تعتمد بشكل كبير على الاقتراض للنمو، حيث ستزداد تكلفة الاقتراض، وستصبح السلع الأميركية أكثر تكلفة، مما يقلل من قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية.

وأكد الشعار أن تنفيذ هذه السياسات يعتمد على مدى جدية ترامب، مشيراً إلى أنه من المرجح أن يسعى إلى حلول وسطى بدلاً من تطبيق الرسوم الجمركية المرتفعة بالكامل، مما قد يوفر للشركات الصغيرة والمتوسطة فرصة جيدة للاستفادة والنمو.

تفاؤل كبير بتكرار نجاحات ترامب

بدوره، أكد طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي لمركز "كروم للدراسات الاستراتيجية"، في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن هناك تفاؤلاً كبيراً بين الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى السلطة. وأشار إلى أن الفترة السابقة من ولاية ترامب بين عامي 2016 و2020 شهدت نمواً قوياً في الاقتصاد الأميركي، إلى جانب انخفاض في الضرائب ونمو ملحوظ في سوق العمل.

وأضاف الرفاعي: "إن هذا التفاؤل ينبع من الاعتقاد بقدرة ترامب على تكرار نجاحاته السابقة، خاصة في ظل الأداء المتواضع لولاية الرئيس جو بايدن فيما يتعلق بنمو قطاع الشركات الصغيرة".

وأوضح أن الشركات الصغيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة تستعد الآن لاستقبال سياسات ترامب مرة أخرى، خصوصاً فيما يتعلق بارتفاع الرسوم الجمركية التي أثبتت نجاحها سابقاً للشركات الأميركية، لا سيما في القطاع الصناعي.

مكاسب تجارية

وأشار الرئيس التنفيذي لمركز "كروم للدراسات الاستراتيجية"، إلى أن هناك من يرون في ارتفاع الرسوم الجمركية تهديداً بالتضخم وحروباً اقتصادية غير مثمرة، لكنه يرى أن هذه التهديدات تأتي كوسيلة ضغط من ترامب، موضحاً أن الدول الأوروبية وبعض الدول الآسيوية ستأخذ هذه التهديدات بجدية، ما سيدفعها إلى البحث عن حلول تجارية تناسب الولايات المتحدة، وهو ما سيصب في صالح الاقتصاد الأميركي.

واختتم الرفاعي حديثه بالقول: "إن هذا النهج قد يكون له تأثير سلبي على بعض الدول، خاصة في القارة الأوروبية، ولكنه سيؤدي إلى تحقيق مكاسب تجارية ممتازة للولايات المتحدة".

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات أميركا الولايات المتحدة أميركا دونالد ترامب أميركا الولايات المتحدة اقتصاد الولایات المتحدة الشرکات الصغیرة

إقرأ أيضاً:

محافظ أسيوط: تعاون جديد مع المؤسسة الوطنية الهندية للصناعات الصغيرة

أكد اللواء دكتور هشام أبوالنصر، محافظ أسيوط، أن زيارته الرسمية للهند شهدت محطة مهمة مع المسئولين بالمؤسسة الوطنية الهندية للصناعات الصغيرة والمتوسطة (NSIC)، موضحًا أنها مؤسسة ذات تاريخ ممتد مع مصر منذ أكثر من 20 عامًا، ولها تعاون وثيق مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، يأتي ذلك في إطار جهود المحافظة لفتح آفاق جديدة أمام التدريب المهني، وتعزيز قدرات الشباب، وجذب فرص تصنيع واستثمار تخدم رؤية مصر 2030.

وقال محافظ أسيوط إنه عقد اجتماعًا موسعًا مع رئيس المؤسسة الهندية، الذي استعرض خلال اللقاء المشاركة الناجحة للمؤسسة في معرض "تراثنا" 2024 الذي افتتحه دولة رئيس مجلس الوزراء بالقاهرة، والذي شهد توقيع مذكرة تفاهم بين المؤسسة الهندية وجهاز تنمية المشروعات بمصر، وأسفر عن تنفيذ برنامج تدريبي متخصص في الغزل والنسيج بالهند لـ15 متدربًا مصريًا، في خطوة هدفت إلى دعم نقل الخبرات وصقل المهارات الفنية.

أضاف المحافظ أنه أعرب خلال اللقاء عن تقديره لحرص المؤسسة الهندية على التعاون مع مصر، مؤكدًا استعداد محافظة أسيوط لتوسيع هذا التعاون ليشمل تنفيذ برامج تدريبية جديدة لأبناء المحافظة في مجالات الغزل والنسيج والأنشطة الحرفية، إلى جانب إمكانية تنظيم برامج تدريب مماثلة للجانب الهندي داخل محافظة أسيوط. كما شدد على أهمية التعاون في مجالات التصنيع المشترك وتأسيس مراكز تدريب هندية بالمحافظة لتعزيز القدرات الفنية ورفع كفاءة الكوادر المحلية.

وأوضح المحافظ أن رئيس المؤسسة الهندية رحّب من جانبه بالتعاون مع محافظة أسيوط، وتم الاتفاق على عدد من مسارات العمل المشتركة، أبرزها الإعلان عن إطلاق منصة إلكترونية خاصة بمصر على الموقع الرسمي للمؤسسة الوطنية الهندية للصناعات الصغيرة والمتوسطة، بما يتيح للشركات المصرية التسجيل عليها والترويج لمنتجاتها ووضع بيانات التواصل الخاصة بها، ومنصة لمحافظة أسيوط أيضًا بما يسهم في تعزيز الترابط بين الشركات الصغيرة والمتوسطة في البلدين فضلا عن دراسة افتتاح مراكز تدريب متخصصة وإطلاق برامج حاضنات أعمال في عدد من المجالات الحيوية مثل الغزل والنسيج، الرقمنة، الحرف اليدوية وغيرها داخل محافظة أسيوط، مع تبادل المشاركة في المعارض التي تقام في الهند وأسيوط، ودراسة فرص التصنيع المشترك، كما تم الاتفاق على تقديم طلب رسمي من خلال السفارة المصرية يتضمن أولويات محافظة أسيوط لبدء التنفيذ.

وأشار المحافظ إلى أنه تم على هامش الاجتماع تنظيم مائدة مستديرة جمعت وفد رجال الأعمال المصري المرافق له بعدد من رواد الصناعات الصغيرة والمتوسطة الهنود، مما أتاح فرصة مهمة لتبادل الخبرات وبحث فرص الشراكات والتشبيك بين الجانبين، وأعقب ذلك زيارة ميدانية لمقر المؤسسة الهندية للاطلاع على منظومة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في الهند وآليات التدريب والتأهيل التي تعتمد عليها.

واختتم المحافظ تصريحاته مؤكدًا أن التعاون مع المؤسسة الوطنية الهندية يمثل خطوة جديدة نحو تعزيز القدرات المحلية وتوسيع مجالات التدريب والتصنيع المشترك، مشيرًا إلى استعداد محافظة أسيوط لاحتضان المزيد من المبادرات التي تعزز التنمية الاقتصادية وتفتح المجال أمام مشروعات جديدة قادرة على خلق فرص عمل وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار.

مقالات مشابهة

  • ضمن مبادرة صحح مفاهيمك.. أوقاف دمياط تنظّم ندوة توعوية لنشر التفاؤل ومواجهة التشكيك
  • مؤسسة النفط تستعرض الشراكات التي تقيمها مع الشركات الأوروبية وسبل تطويرها
  • محافظ أسيوط: تعاون جديد مع المؤسسة الوطنية الهندية للصناعات الصغيرة
  • ندوة توعوية حول «التشكيك والحيرة ونشر روح التشاؤم» بكلية علوم الرياضة المنصورة
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • الرياض تتحرك من جديد لاحتواء التصعيد شرق اليمن وتطالب بعودة الأمور لنصابها
  • على صلة بحزب الله وايران.. اليكم آخر المعلومات عن ناقلة النفط التي احتجزتها أميركا في الكاريبي
  • فى اطار فعاليات معرض فوود افريكا انطلاق جلسة نقاشية حول استدامة الشركات الصغيرة والمتوسطة
  • ارتفاع قياسي للفضة والذهب يستقر مع ترقب خفض الفائدة بأميركا