بقلم الدكتور: عبد الرحيم بن أحمد الفرحان

تُعتبر الإمارات العربية المتحدة من أكثر الدول تقدمًا في مجال العملات الرقمية في منطقة الشرق الأوسط، حيث تسعى إلى أن تكون مركزًا عالميًا للأصول الرقمية والبلوكتشين. بفضل سياساتها التنظيمية المرنة، والبنية التحتية الرقمية المتطورة، والاستثمارات الكبيرة من الشركات العالمية، باتت الدولة وجهة رئيسية للمستثمرين في العملات المشفرة.

1. اللوائح والتنظيمات

هيئة تنظيم الأصول الافتراضية (VARA)

في عام 2022، أصدرت دبي قانونًا خاصًا لتنظيم الأصول الرقمية، وأنشأت هيئة تنظيم الأصول الافتراضية (VARA)، والتي تتولى الإشراف على جميع أنشطة العملات الرقمية داخل الإمارة.
وتشمل صلاحياتها:
• منح التراخيص للشركات العاملة في المجال.
• وضع اللوائح التنظيمية لحماية المستثمرين.
• مراقبة الامتثال لقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

أما في أبوظبي، فتنظم سلطة تنظيم الخدمات المالية (FSRA) التابعة لسوق أبوظبي العالمي (ADGM) هذا القطاع، بينما يشرف مصرف الإمارات المركزي على بعض الجوانب المتعلقة بالمدفوعات الرقمية.

2. الشركات والاستثمارات الكبرى

وشهدت الإمارات دخول العديد من الشركات العالمية إلى سوق العملات الرقمية، ومن بين أهم التطورات:

أ. توكنة الأصول العقارية

في يناير 2025، أعلنت مجموعة داماك العقارية في دبي عن شراكة مع منصة البلوكتشين “مانترا” لتحويل أصول عقارية بقيمة مليار دولار إلى رموز رقمية (Tokens). هذا يتيح للمستثمرين شراء أجزاء من العقارات بسهولة أكبر، مما يزيد من سيولة السوق العقاري.

ب. دخول البنوك الكبرى

في سبتمبر 2024، بدأ بنك ستاندرد تشارترد بتقديم خدمات حفظ الأصول الرقمية في الإمارات، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة بالعملات الرقمية من المؤسسات المالية الكبرى. كان “بريفان هوارد ديجيتال” أول عميل لهذه الخدمة، مما يشير إلى اهتمام المؤسسات الاستثمارية الكبرى بالأصول الرقمية في المنطقة.

ج. العملات المستقرة المرتبطة بالدرهم

في أغسطس 2024، أعلنت شركة “تيثر” (Tether) عن إطلاق عملة مستقرة جديدة مربوطة بالدرهم الإماراتي. تهدف هذه العملة إلى تسهيل التحويلات المالية داخل الإمارات وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي في المعاملات الرقمية.

3. الإمارات كمركز عالمي للعملات الرقمية

تسعى دبي إلى أن تكون الوجهة الأولى في العالم لعالم العملات الرقمية، حيث تضم منطقة “دبي للمستقبل” التي تستقطب كبرى الشركات الناشئة في مجال البلوكتشين والعملات المشفرة. كما تم الترخيص لمنصات تداول عالمية مثل “بينانس” (Binance) و**“كريبتو.كوم” (Crypto.com)** للعمل في الدولة.

أبوظبي واستثمارات Web3

إلى ذلك أصبح سوق أبوظبي العالمي (ADGM) مركزًا مهمًا لشركات Web3 وتكنولوجيا البلوكتشين، حيث يجذب صناديق استثمارية كبيرة ومؤسسات مالية تتطلع إلى الاستثمار في الأصول الرقمية.

4. التحديات والمخاطر

رغم كل هذه التطورات، لا تزال هناك بعض التحديات في قطاع العملات الرقمية بالإمارات، مثل:
• التقلبات السعرية العالية: العملات الرقمية معروفة بتقلباتها الكبيرة، مما يشكل مخاطرة للمستثمرين.
• التنظيمات المتغيرة: مع تطور القطاع، قد تفرض السلطات لوائح أكثر صرامة في المستقبل.
• الجرائم المالية: مثل عمليات الاحتيال وغسل الأموال، وهو ما تعمل الجهات التنظيمية في الإمارات على مكافحته بصرامة.

الخلاصة: هل الإمارات مكان جيد للاستثمار في العملات الرقمية؟

بالطبع نعم، خاصةً لمن يبحث عن بيئة استثمارية منظمة وتدعم الابتكار في العملات الرقمية، ومع دعم الحكومة واستقطاب الشركات الكبرى، وإطلاق عملات مستقرة جديدة، تُعَدُّ الإمارات واحدة من أفضل الوجهات للاستثمار في الأصول الرقمية. ومع ذلك، يجب على المستثمرين إجراء أبحاثهم وفهم المخاطر قبل الدخول في هذا السوق سريع التطور.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العملات الرقمیة الأصول الرقمیة الرقمیة فی فی العملات

إقرأ أيضاً:

السوق المالية: قيمة الأصول المدارة تجاوزت للمرة الأولى حاجز التريليون ريال بنهاية 2024

الرياض

كشفت هيئة السوق المالية عن تجاوز قيمة الأصول المدارة في السوق المالية السعودية للمرة الأولى حاجز التريليون ريال بنهاية عام (2024)م، محققةً نسبة نمو بلغت (20.9)% مقارنة بالعام السابق, وارتفع عدد صناديق الاستثمار إلى (1,549) صندوقًا، فيما بلغ عدد المشتركين في الصناديق العامة والخاصة أكثر من (1.72) مليون مشترك وبزيادة قدرها (47)% عن عام (2023)م.

جاء ذلك في التقرير السنوي الذي أصدرته الهيئة لعام (2024)م، وعكس استمرار الزخم في نمو وتطور السوق المالية السعودية، محققًا نتائج استثنائية وأرقامًا قياسية في مختلف الجوانب التنظيمية والتشريعية والتطويرية، مما يعزز مكانة المملكة وجهة جاذبة للاستثمار المحلي والدولي، ويترجم التقدم المتسارع في مستهدفات رؤية المملكة (2030).

وعلى صعيد الجوانب التنظيمية والتشريعية والتطويرية للسوق، فقد اعتمدت الهيئة خلال العام 2024م، تعليمات طرح شهادات المساهمات العقارية، الهادفة إلى تنظيم تسجيل وطرح شهادات المساهمات العقارية، إلى جانب اعتماد عدد من التعديلات لمجموعة من اللوائح التنفيذية، من بينها لائحة مؤسسات السوق المالية وتعليمات الحسابات الاستثمارية، واللائحة التنفيذية لنظام الشركات الخاصة بشركات المساهمة المدرجة، بالإضافة إلى اعتماد تعديلات قواعد طرح الأوراق المالية والالتزامات المستمرة.

وأولت الهيئة عنايتها بتطوير سوق الصكوك وأدوات الدين، الأمر الذي انعكس إيجابًا على السوق من خلال اعتمادها أكبر حزمة من التحسينات التنظيمية منذ إطلاق سوق الصكوك وأدوات الدين خلال هذا العام، التي تضمنت تخفيف المتطلبات التنظيمية وتوسيع فئة المستثمرين المؤهلين.

ووفقًا للتقرير فقد بلغت قيمة الإصدارات الإجمالية للصكوك وأدوات الدين المدرجة في السوق المالية السعودية (663.5) مليار ريال بنهاية العام 2024م، مقارنة بـ (549.8) مليار ريال بنهاية العام (2023)م، وبنمو بلغ (20.6)% خلال العام.

وشهد عام 2024، نموًا في عمليات الطرح العام وتسجيل الأسهم، إذ وافقت الهيئة على (60) طلبًا، بارتفاع بلغت نسبته (36.4)% مقارنة بعام (2023)م، منها (40) طلبًا في السوق الموازية و(16) طلبًا في السوق الرئيسية، إلى جانب تنفيذ (44) إدراجًا في السوقين خلال العام، وهو ما يمثل استمرارًا للنشاط القوي في جانب الطروحات الأولية.

أما على صعيد الاستثمار الأجنبي، فقد واصلت السوق المالية السعودية تسجيل مستويات قياسية، إذ بلغ صافي الاستثمارات الأجنبية (218) مليار ريال بنهاية عام (2024)م، مقارنة بـ(198) مليار ريال في العام السابق، بارتفاع نسبته (10.1)%، كما ارتفعت قيمة ملكية المستثمرين الأجانب إلى (423) مليار ريال بما يشكل ما نسبته (11)% من إجمالي الأسهم الحرة في السوق الرئيسية.

وفيما يتعلق بالترخيص والإشراف على مؤسسات السوق المالية، فقد ارتفع عدد المؤسسات المرخصة إلى (186) مؤسسة بنهاية عام (2024)م، كما ارتفعت إيرادات مؤسسات السوق المالية عن العام السابق بنسبة 29.6% فوصلت إلى (17) مليار ريال، لتبلغ أرباحها (8.8) مليارات ريال بزيادة قدرها (39.3)% عن العام الماضي.

وأشار التقرير إلى صدارة المملكة بين دول مجموعة العشرين (G20)، في عدد من المؤشرات الدولية المرتبطة بالسوق المالية، بحسب الكتاب السنوي للتنافسية العالمية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD لعام 2024م، وهي: (مؤشر الأسواق المالية، ومؤشر رسملة السوق، ومؤشر حقوق المساهمين، ومؤشر رأس المال الجريء).

وأكد التقرير استمرار الهيئة في تفعيل أدوات حماية المستثمر، حيث تم الانتهاء من إجراءات (121) قضية، فيما تجاوزت تعويضات المستثمرين المتضررين أكثر من (389) مليون ريال موزعة على (921) مستفيدًا، في الوقت الذي انخفض فيه متوسط فترة التقاضي إلى نحو (4) أشهر مقارنة بـأكثر من (5) أشهر في عام (2023)م، فيما أصدرت الهيئة قرارات واجبة التنفيذ بحق (171) مخالفًا للأنظمة واللوائح التي تختص الهيئة بتطبيقها مع متابعة تنفيذ (45) طلبًا.

من جهته أشار معالي رئيس مجلس هيئة السوق المالية محمد بن عبدالله القويز، في تعليقه على التقرير السنوي للهيئة لعام (2024)م، إلى أن الهيئة اعتمدت خلال عام (2024)م، خطتها الإستراتيجية للأعوام (2024 – 2026م)، بما يتماشى مع التغيرات الاقتصادية المستجدة، التي اشتملت على تسعة أهداف، توزعت على ثلاث ركائز إستراتيجية، وهي: ركيزة تفعيل دور السوق المالية في التمويل والاستثمار، وركيزة تمكين منظومة السوق المالية، وركيزة حماية حقوق المستثمرين، منوهًا إلى أن الخطة أخذت في الاعتبار دارسة وتحليل قطاع السوق المالية بجوانبه كافة، والموائمة مع أصحاب المصلحة لتحديد مجالات التحسين والتطوير التي سيتم التركيز عليها.

وأوضح أن التقرير السنوي يعكس التحول الجذري الذي تشهده السوق المالية، مؤكدًا أن السوق المالية شهدت خلال العام (2024)م، تطورات أسهمت في تعزيز مكانة السوق المالية السعودية إقليميًا ودوليًا، وذلك من خلال حجم الأصول المدارة، وقيمة أصول الصناديق القابضة، وصناديق المؤشرات المتداولة، والتي سجلت ارتفاعات قياسية خلال العام (2024)م، مقارنة بالعام السابق، إضافة إلى جهود الهيئة في تعميق السوق، وإجراء تحسينات تنظيمية، لتوسيع قاعدة المستثمرين، وتعزيز السيولة، واستقرار السوق وزيادة التنافسية، وتحقيق نمو مستدام، بما يعزز من أداء السوق المالية السعودية، ويرفع من مستوى مساهمتها في الناتج المحلي، ويزيد من جاذبية السوق للمستثمرين المحليين والدوليين، بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة (2030).

مقالات مشابهة

  • “اصنع في الإمارات”.. حزمة واسعة من مُمكنات الأعمال وفرص الاستثمار
  • هيئة الاستثمار: إقبال كبير من الشركات الكبرى للدخول إلى العراق
  • «اصنع في الإمارات».. حزمة واسعة من مُمكنات الأعمال وفرص الاستثمار
  • اصنع في الإمارات.. حزمة واسعة من مُمكنات الأعمال وفرص الاستثمار
  • قيمة الأصول المدارة في السوق المالية تتجاوز حاجز التريليون ريال بنهاية العام الماضي
  • عمرو أدهم عن إعلان الأهلي: ليس من شيم الشركات الكبرى الاستهزاء
  • السوق المالية: قيمة الأصول المدارة تجاوزت للمرة الأولى حاجز التريليون ريال بنهاية 2024
  • أبو العينين: العلاقات المصرية الصينية نموذج للتكامل الاستراتيجي وفرص الاستثمار الواعدة
  • آفاق استثمارية واعدة بين سلطنة عُمان واليابان في قطاعات حيوية
  • شراكة استراتيجية لتأسيس شركة “كسوب الرقمية”