بوادر انفراج في أزمة نقص الخبز في تونس
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
جرى التوصل إلى اتفاق في تونس لإعادة إمداد المخابز غير المدعومة بالدقيق، ما يشكل بداية حل لأزمة نقص الخبز التي تفاقمت خلال الأسبوعين الماضيين، وفق ما أفادت الأحد مصادر في القطاع.
وتنقسم المخابز في تونس صنفين: الأول يشمل 3737 مخبزا يستفيد من الدقيق المدعوم الذي توفره الدولة، والثاني يشمل "المخابز العصرية" (1500 إلى 2000) التي كانت تحصل حتى بداية أغسطس على الدقيق المدعوم بثلاثة أضعاف ثمنه.
بعد احتجاجات في 7 أغسطس أعقبت إصدار مرسوم في مطلع الشهر يحرم "المخابز العصرية" من الطحين المدعوم بذريعة أنها تبيع الخبز بأسعار مرتفعة، لم تعد الأخيرة تتلقى الطحين والسميد من الدولة التي تحتكر التزويد بالمادتين.
وأكد عضو "المجمع المهني للمخابز العصرية" سالم البدري أن "90 بالمئة من المخابز المنتسبة للمجمع والبالغ عددها 1443" مخبزا توظف نحو 20 ألف شخص، اضطرت إلى إغلاق أبوابها، ما أدى إلى تشكّل طوابير أطول أمام المخابز المدعومة.
من جهتها، أعلنت وزارة التجارة التونسية، الجمعة، أنه "تقرر استئناف تزويد محلات صنع الخبز غير المصنّفة بمادتي الفارينة (الطحين) والسميد بداية من 19 أغسطس 2023 على إثر التزام هياكلها المهنيّة باحترام القوانين والتراتيب المنظّمة لصنع وبيع الخبز".
كما أكدت وزارة التجارة التونسية أنها ستنفّذ إصلاحا شاملا لنظام إنتاج الخبز وتوزيعه. وإلى جانب الخبز المدعوم، تبيع المخابز العصرية أنواعا أخرى من الخبز والمعجنات.
إلغاء اعتصام
وأوضح البدري لوكالة فرانس برس أنه بعد هذا الإعلان تقرر "إلغاء اعتصام كان مقررا الاثنين" أمام وزارة التجارة في تونس العاصمة.
وأضاف أنه سيتم استئناف المباحثات مع السلطات ابتداء من الاثنين للسماح للمخابز العصرية باستئناف إنتاج الخبز المدعوم لكن "على أساس المعايير التي وضعها الرئيس قيس سعيّد".
في نهاية يوليو، دعا الرئيس التونسي، إلى "خبز واحد للتونسيين"، مستنكرا وجود "خبز للأثرياء" و"خبز للفقراء".
وموضوع الخبز شديد الحساسيّة في بلد عانى من أعمال شغب عنيفة خلفت 150 قتيلاً في عامي 1983 و1984 وعُرفت باسم "انتفاضة الخبز".
الأسبوع الماضي، أعلن سعيّد، إقالة المدير العام "للديوان الوطني للحبوب" توازيا مع توقيف الشرطة رئيس "الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز" المدعّمة "من أجل شبهات الاحتكار والمضاربة في السوق بمواد غذائية".
ويرى العديد من الاقتصاديين أن أزمة الخبز تعزى أساسا الى نقص الحبوب، وبالتالي نقص الدقيق، لأن تونس المثقلة بالديون والتي تعاني من شحّ في السيولة غير قادرة على شراء ما يكفي في السوق الدولية.
تفاقمت هذه الصعوبات بسبب الجفاف غير المسبوق في الربيع الذي أتى على قسم كبير من محصول القمح.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات المخابز تونس الطحين الخبز وزارة التجارة أزمة الخبز الحبوب السيولة الجفاف القمح تونس اقتصاد تونس أزمة الخبز أزمة الخبز تونس أزمة الخبز في تونس المخابز تونس الطحين الخبز وزارة التجارة أزمة الخبز الحبوب السيولة الجفاف القمح أخبار تونس فی تونس
إقرأ أيضاً:
سمعة تونس في الخارج!
«ما الذي يجري عندكم في تونس ؟!»..
في نوع من البهتة، يسارع كثر إلى هذا السؤال ظنا منهم أنك قد تكون من بين من يُفترض أنهم على اطلاع أوسع من غيرهم بحقائق الأمور هناك، بل وقد يطرح السؤال نفسه بلهفة أكبر بين التونسيين أنفسهم في محاولة للفهم غالبا ما تنتهي بمزيج قاس من المرارة والفشل: مرارة استعراض العبث الجاري هناك، وفشل العثور على بصيص نور في نهاية هذا النفق.
الصحافة العربية والدولية وشبكات التلفزيون العالمية لم تقف عند هذا الحد، فقد استقرت لديها، تدريجيا وبشكل متصاعد، صورة سلبية للغاية عن تونس وحاكمها، تسندها في كل مرة ما تقوله المنظمات الدولية عن واقع الحريات وحقوق الانسان، وما تورده التقارير الاقتصادية عن حال البلاد والعباد، وما تعبّر عنه نخبة البلاد السياسية والاجتماعية بخصوص حالة اختناق لا أحد يدري متى تنتهي.
في كل ما يكتب ويقال اليوم عن تونس في مختلف المنابر العالمية، لا شيء إيجابيا على الاطلاق!! ما من صحيفة أو مجلة أو إذاعة أو تلفزيون تطرّق إلى الشأن التونسي إلا ووجد من المعطيات الصارخة ما يؤثث به صورة سلبية للغاية عن الكيفية التي تدار بها البلاد حاليا على أكثر من صعيد.. فهل كل ذلك افتراء وتجن؟! بالتأكيد لا.
لا شيء يرفع صورة أي دولة في الخارج ويجمّلها إلا ما يفعله القائمون على شؤونها في الداخل في المقام الأول، ولا شيء يشينها ويشوّهها سواه، ولا فائدة هنا في اجترار حديث سمج مفاده أن الدوائر الأجنبية لا تضمر لنا خيرا ومغتاظة من سياستنا المرتكزة على السيادة الوطنية واستقلال القرار، أو أن لوسائل الاعلام الدولية أجندة غير عادلة في تقييم ما يجري في هذا العالم ففي هذا الكلام بعض الحق الذي يراد به كل الباطل.
لقد مرت سمعة تونس العالمية بمراحل مد وجزر طوال العقود الماضية كانت أبهاها في السنوات الأولى بعد استقلالها عن الاستعمار الفرنسي عام 1956 وبروز اسم الحبيب بورقيبة زعيما كبيرا تكاد البلاد لا تُعرف إلا به، وكذلك في السنوات الأولى بعد ثورتها على نظام زين العابدين بن علي عام 2011.
من الصعب، على سبيل المثال لا غير، أن ننسى تلك الزيارة التاريخية التي أدّاها بورقيبة إلى الولايات المتحدة في مايو/ أيار 1961 وفيها حظي باستقبال حار للغاية سواء من الرئيس جون كينيدي أو من عشرات الآلاف الذين خرجوا لاستقباله في شوارع وشرفات مدينة نيويورك. من الصعب كذلك أن ننسى ما حظيت به تونس من صيت عالمي حين خاطب الرئيس محمد منصف المرزوقي البرلمان الأوروبي في فبراير/ شباط 2013، أو حصول 4 منظمات تونسية على جائزة نوبل للسلام عام 2015، أو حين حضر الرئيس الباجي قايد السبسي قمة الدول السبع في إيطاليا في مايو/ أيار 2017.
من أوجز وأوجع ما كتب عن تونس مؤخرا ما جاء في مقال بصحيفة «الشرق الأوسط» للكاتب اللبناني المعروف سمير عطاء الله في عموده اليومي المواظب عليه منذ 1987 حين كتب في 12 مايو/ أيار الحالي تحت عنوان «التونسية في السجن» أن « تونس كانت بعيدة عنا جغرافياً، وصلاتنا معها قليلة، وليس بيننا، على سبيل المثال، طيران مباشر. لكن بورقيبة أتقن كيف يجعل كل الدنيا قريبة من تونس. وفي الداخل أقام حكماً راقياً وعادلاً، وجعل التعليم إلزامياً. ولم تكن تونس دولة غنية، لكنها كانت دولة محترمة (…) وجاء من بعده زين العابدين بن علي، فلم يكن ممكناً أن يكون بورقيبة آخر، كما أنه أُحيط بحاشية أفسدت عليه الحكم. لكن بناء الدولة بقي قائماً (…) ثم مضى وقت وتونس لم تعد تونس. وفي كرسي بورقيبة، بعد 60 عاماً، حلّت أمزجة متوترة، وقلوب غاضبة، وتسامح قليل، وإدارات لا تعرف كيف تستقر على سكة الحكمة».
وأضاف الكاتب، وكأنه يعتذر عن أنه اضطر للكتابة عن تونس، خاصة بعد ما تم الزج بنساء تونسيات في السجون، لأنشطتهن الاجتماعية السلمية أو لآرائهن السياسية، بعد أن كانت البلاد نفسها تفخر بمكاسبها المختلفة في مجال المرأة، بأنه «منذ سنوات وأنا أمنع نفسي عن الكتابة في الشأن التونسي، لأن معرفتي به لا تؤهلني، ولذلك، وفي الآونة الأخيرة، تكاثرت وتراكمت وتفاقمت السياسات المسيئة لسمعة الدولة، التي كانت نموذجاً ذات يوم».
موجعة للغاية تلك الإشارة بأن تونس زمن بورقيبة «لم تكن غنية لكنها كانت دولة محترمة»، وبأن في زمن بن علي «بناء الدولة بقي قائما»، مع ما يعنيه ذلك للأسف بأنها اليوم لم تعد لا هذه ولا تلك. كلام يبقى مع ذلك أقل بكثير مما يقال اليوم في كبريات الصحف والمجلات العالمية مما رسّخ صورة قاتمة عن هذا البلد في محنته الحالية. ومع ذلك، ما من شيء يدل على أن القوم هناك مستعدّون لمراجعات تفرضهما المصلحة والحس السليم معا، قبل أن تقتضيها أصول السياسة في حدّها الأدنى.
(القدس العربي)