لجريدة عمان:
2025-05-11@10:33:17 GMT

انتصار غزة.. الفضل ما شهدت به الأعداء

تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT

«وشمائلٌ شهِد العدو بفضلها .. والفضل ما شهدت به الأعداء» بيت شعر عربي شهير ينسب وفقًا لمصادر متعددة للشاعر العباسي السرِيّ الرّفّاء المَوصِلي وتنسبه مصادر أخرى إلى الشاعر اللبناني إبراهيم الأحدب في مدح مفجر الثورة الجزائرية على المحتل الفرنسي عبدالقادر الجزائري حيث يقول: «وعِداك قد شهدوا بفضلك في العلا.

. والفضل ما شهدت به الأعداء». ورغم تعدد نسب عجز البيت، فإن شهرته تعود إلى الحكمة التي يحملها وهي أنه إذا اعترف العدو لشخص بفضائل، فإن ذلك دليل على صحة هذا الاعتراف لأن العدو دائمًا لا يذكر لعدوه سوى العيوب والسلبيات، وهو الأمر نفسه عندما يعترف على نفسه، ويقر نقائصه وعيوبه.

فور الإعلان عن توقيع اتفاق الهدنة بين المحتل الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية حماس، لم أهتم كثيرًا بما كانت تنقله وسائل الإعلام العربية على اختلاف توجهاتها، وذهبت مباشرة إلى المواقع الإلكترونية للصحف الإسرائيلية، لمعرفة ردود أفعالها على الصفقة. وتوقفت طويلًا أمام مقالاتها الافتتاحية التي تعبر فيها عن رأيها في الاتفاق والحرب بشكل عام.

المحطة الأولي كانت مع الصحيفة اليسارية الشهيرة «هآرتس» وتعني «الأرض»، والتي تعد أقدم الصحف الإسرائيلية، إذ يعود تاريخ إصدارها إلى عام 1918، صحيفة عبرية برعاية الحكومة العسكرية البريطانية في فلسطين، ثم آلت ملكيتها في العام التالي إلى بعض اليهود ذوي التوجه الاشتراكي. وبسبب مواقفها المعارضة لحكومة نتنياهو اليمنية المتطرفة والحرب على غزة والانتهاكات الإنسانية التي يرتكبها الجيش في هذه الحرب، حرمتها الحكومة في نوفمبر العام الماضي من الإعلانات الحكومية، وأمرت المسؤولين الحكوميين بمقاطعتها.

الصحيفة العبرية التي يصدر منها نسخة كاملة باللغة الإنجليزية، ونسخة مختصرة باللغة العربية، كانت أكثر إنصافا وأكثر جرأة في تغطيتها لأحداث الحرب الطويلة في غزة وصفقة إنهاء الحرب، من بعض الصحف ووسائل الإعلام العربية التي تحول بعضها خلال الحرب وبعد الاتفاق إلى أبواق للدعاية الصهيونية الفجة. صحيح أنها ما زالت تنظر إلى حركة حماس باعتبارها منظمة إرهابية وإلى المقاومين في غزة باعتبارهم مسلحين إرهابيين، ولكن مع ذلك كان ما تنشره على مدار أيام الحرب يدعو إلى وقف الإبادة الجماعية للمدنيين في غزة، وتسهيل دخول المساعدات الغذائية والطبية.

أكتفي هنا للدلالة على ما تفوقت فيه صحيفة الأعداء على صحف وتلفزيونات من يصفون أنفسهم بالأهل والأصدقاء، بالإشارة إلى عدد من المقالات الافتتاحية التي نشرتها «هآرتس» قبل وبعد توقيع الاتفاق. عندما بدأ الحديث عن احتمال عقد صفقة مع «حماس» لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الأسري الإسرائيليين رحبت الصحيفة بذلك في افتتاحية التاسع من يناير، وقالت: إن هذا الاحتمال «يخلق حالة من التفاؤل في أوساط الإسرائيليين»، واتهمت نتنياهو وحكومته بالفشل في إدارة ملف الأسرى بسبب حالة الخلط التي يقوم بها بين مصالحه السياسية الداخلية الضيقة وبين مصالح الدولة»، وأكدت أن نتنياهو «لديه مصلحة في استمرار الحرب بناءً على اعتبارات لا تتعلق بالوضع الأمني، بل بوضعه السياسي». وطالبت الصحيفة بتكثيف الدعوة لوقف الحرب، خاصة بعد أن امتدت لسنة وثلاثة أشهر، «قتلت فيها إسرائيل ليس فقط جميع قادة حماس، بل أيضًا دمرت مناطق كاملة في قطاع غزة، وتسببت في قتل غير مسبوق للأطفال والنساء وكبار السن، وتدمير شامل سيصعب على أجيال من الفلسطينيين التعايش معه».

ومع تزايد الآمال بعقد الاتفاق قالت «هآرتس» في افتتاحية نشرتها في الرابع عشر من يناير إنه «لا يجب السماح لليمين المتطرف بإفشال الفرصة الوحيدة لوقف الحرب وإنقاذ الأسرى»، وأكدت أن «المعارضين للصفقة من وزراء الحكومة وأعضاء الكنيست لا يتحركون بدافع الالتزام بتحرير الأسرى، بل بدافع رغبتهم في مواصلة الحرب، بهدف تحقيق خطط تتعلق بالاحتلال والاستيطان في قطاع غزة، وأن هؤلاء «على استعداد للتخلي عن الأسرى من أجل تعزيز ما أسموه «إنجازات استراتيجية»، لذلك يجب رفض قلقهم الزائف على جميع الأسرى رفضًا قاطعًا».

وهاجم مقال ثالث للصحيفة وزير الأمن القومي المتطرف، بن غفير، وقالت: «إن معارضته للصفقة ليس من قبيل اهتمامه بحياة الأسرى، ولكن باستعداده لتقديم ضحايا من أجل إقامة الهيكل الثالث في قلب إمبراطورية الفصل العنصري التي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة. وأكدت أن موقفه في تعطيل الصفقة لمدة عام كامل يكشف «عن الانحلال الذي استشرى في قيادة الدولة، وأن إعادة جميع الأسرى وإنهاء الحرب هما الخطوة الأولى فقط في الطريق الطويل لإعادة بناء إسرائيل بعيدًا عن أفعال نتنياهو وعصابته».

وفي تحليلها للاهتمام الإسرائيلي بما حدث في غزة في اليوم التالي للحرب وظهور كتائب القسام في الشوارع أكدت «هآرتس» كذب المزاعم الإسرائيلية بأن كل أهل غزة كانوا ضالعين في الحرب، مشيرة إلى أن أفراد المقاومة لا تتجاوز نسبتهم اثنين بالمائة من سكان القطاع، وأن «حوالي مليونيّ إنسان هم لاجئون كل ما يريدونه هو أن يعيشوا حياتهم بأفضل ما في وسعهم». وقد وصفت هذه المزاعم بأنها «إحدى أكثر الخدع فائدة للحكومة الإسرائيلية من بين العديد من الأكاذيب، والمغالطات التي تحيط بهذه الحرب الدنيئة. وقالت: إن «خلف هذه الخدعة التي تقول إن أهل غزة جميعهم حماس وجميعهم قتلة وجميعهم نازيون معادون للسامية، يجري إخفاء كل شيء وتبرير كل شيء، من القتل العشوائي لنحو 50 ألف إنسان، غالبيتهم الساحقة من النساء والأطفال، والسحق التام للجهاز الطبي، والدمار الشامل لجميع المؤسسات الدينية، والثقافية، والتعليمية، والاجتماعية، والتدمير المنهجي والتسوية بالأرض لكل البنى التحتية اللازمة للحد الأدنى من الحياة. وأضافت الصحيفة متهكمة: «كل ذلك، في ظاهر الأمر، من أجل تطهير قطاع غزة من غير اليهود وتهيئته ليكون صالحًا لسكن اليهود الأطهار فقط. ويفضَّل أن يكونوا من المتدينين الملائمين».

المجتمع الإسرائيلي الذي يتهم الفلسطينيين بالإرهاب، هو مجتمع إرهابي. لم تقل هآرتس ذلك صراحة، ولكن اقرأوا هذه العبارة المأخوذة من المقال الذي يدحض مقولة: «إن كل أهل غزة ضالعون في الحرب»، والتي تقول عن إسرائيل: «سيكون من الصعب جدًا العثور في العالم كله على دولة أخرى كلها، كل ما ومَن فيها، من مواطنيها، وجنودها، ورجال شرطتها، ومستوطنيها، وصناعاتها، وإعلامها، وثقافتها ومجمل وجودها وكينونتها، مُجنَّدون ومُسخّرون لقواتها المسلحة إلى هذا الحد. «ضالعون» ناشطون إلى هذا الحدّ في القتال، في الاحتلال، في النهب وفي الشرّ. بالفكر وبالعمل، بالقول وبالفعل، بالأجر وبالتطوع، بالتجنيد الرسمي وبالتطوع الفردي، من أجل السماء ومن أجل الجشع. كل الإسرائيليين ضالعون، منذ الحمل ومنذ الولادة. من الختان وحتى الذبول. مُرَبَّون، مُدرَّبون، مُرَوَّضون، مُذعِنون، مثل الدلافين في حوض الدلافين، مثل الخيول في السيرك، مثل الجنود في الموكب العسكري. مثل الدمى تحركها الخيوط».

هل تصدق أن هذه المقالات نشرت في صحيفة كبيرة تصدر في كيان محتل يخوض حربًا منذ أكثر من عام وعلى جبهات متعددة؟ هكذا شهدت «هآرتس على إسرائيل.. الكيان، والحكومة، والمجتمع، والشعب. لذلك يمكننا أن نعدل عَجُز بيت الشعر العربي الذي أوردناه في مقدمة المقال ليكون «والحق ما شهد به الأعداء على أنفسهم».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی غزة من أجل

إقرأ أيضاً:

بالصور.. روسيا وأوروبا تحييان ذكرى الانتصار على النازية

أحيت دول أوروبا وروسيا والمملكة المتحدة الذكرى 80 لانتهاء الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء على ألمانيا النازية، وسط أجواء يخيّم عليها التوتر السياسي والنزاعات المسلحة، لا سيما في شرق أوكرانيا.

احتفالات واسعة شهدتها أوروبا بمناسبة هذا الحدث التاريخي (غيتي)

وشهدت العواصم فعاليات رسمية وشعبية لإحياء هذه المناسبة التاريخية، في حين امتنع أغلب قادة الاتحاد الأوروبي عن تلبية دعوة موسكو للمشاركة في احتفالاتها الرسمية، احتجاجا على ما يصفه الغرب "بالدور الروسي في النزاع الأوكراني".

المملكة المتحدة نظمت احتفالات ملكية وشعبية بمناسبة يوم النصر (غيتي)

كما أحيت المملكة المتحدة الذكرى 80 ليوم النصر في أوروبا بسلسلة من الفعاليات الرسمية والشعبية التي امتدت من 5 إلى 8 مايو/أيار، وعبّرت عن رمزية اليوم في الذاكرة البريطانية، من خلال المشاركة الواسعة للعائلة المالكة والمؤسسات الرسمية والعسكرية.

الاحتفالات في بريطانيا شهدت حضور الأمراء والعائلة المالكة (غيتي)

وانطلقت الاحتفالات بحضور الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا في عرض عسكري رسمي أقيم في لندن، إيذانا ببدء 4 أيام من الفعاليات الوطنية لإحياء مناسبة استسلام ألمانيا النازية في 8 مايو/أيار 1945.

الأسرة المالكة كانت حاضرة على شرفة قصر باكنغهام لمتابعة الاحتفالات الجوية والعسكرية (غيتي)

وفي قاعة وستمنستر التاريخية، أقيم حفل موسيقي خاص شارك فيه النائب برنارد جينكين، إلى جانب جوقة البرلمان وسيمفونية سميث سكوير، في مناسبة مزجت بين الموسيقى والتأمل الوطني في تضحيات الحرب.

برنارد جينكين وأعضاء جوقة البرلمان شاركوا في حفل موسيقي مميز في قاعة وستمنستر بلندن بمناسبة الذكرى 80 (غيتي)

وظهر الأمير وليام برفقة زوجته الأميرة كاثرين وأطفالهما جورج وشارلوت ولويس على شرفة قصر باكنغهام خلال الموكب العسكري الرسمي، في لحظة رمزية جسدت امتداد الإرث الملكي في هذه المناسبة التاريخية.

الأمير وليام والأميرة كاثرين شاركا في الاحتفالات بمناسبة الذكرى 80 ليوم النصر في بريطانيا (غيتي)

وتجمعت الحشود في شوارع لندن لمشاهدة التحليق الجوي الاستعراضي التابع لسلاح الجو الملكي، في مشهد احتفالي أعاد التذكير بيوم حاسم في التاريخ الأوروبي والعالمي.

الحشود تجمعوا خارج قصر باكنغهام في لندن لمتابعة العرض الجوي العسكري بمناسبة الذكرى 80 ليوم النصر (غيتي)

وفي روسيا، تجسدت الذكرى 80 ليوم النصر من خلال سلسلة من الفعاليات الكبرى التي استمرت منذ بداية مايو/أيار 2025.

الشوارع في موسكو زُينت بالتركيبات الزخرفية احتفالًا بهذا الحدث التاريخي (غيتي)

وزيّنت الشوارع في موسكو بالتركيبات الزخرفية احتفالا بهذه المناسبة التاريخية، حيث كانت المدينة على موعد مع عرض عسكري ضخم في الميدان الأحمر.

موسكو نقطة انطلاق للفعاليات الكبرى التي تستمر طوال شهر مايو/أيار 2025 (الأناضول)

وفي السابع من مايو/أيار الجاري، جرت البروفة العامة للعرض العسكري بمشاركة القوات المسلحة الروسية، تمهيدا للاحتفال الرسمي غدا الموافق 9 مايو/أيار، والذي سيشهد مشاركة واسعة من العسكريين والمدنيين في مسيرة حاشدة.

روسيا شهدت عروضا عسكرية في الميدان الأحمر بموسكو (الأناضول)

وفي الوقت نفسه، شهدت سول في كوريا الجنوبية مسيرة نظمها أكثر من 200 عضو من مجلس تنسيق منظمات الروس في الخارج، بالإضافة إلى المقيمين الروس في كوريا الذين شاركوا في استعراض خاص بمناسبة يوم النصر أمام السفارة الأميركية.

كوريا الجنوبية شهدت مسيرة شارك فيها الروس والمقيمون (غيتي)

وتعكس هذه الاحتفالات الروح الوطنية الروسية وعزيمة الشعب في إحياء ذكرى الانتصار على ألمانيا النازية، الذي شكل تحولا حاسما في مسار الحرب العالمية الثانية.

القوات الروسية تتجه نحو الساحة الحمراء لحضور البروفة العامة للعرض العسكري ليوم النصر (الأناضول)

وفي روما، أحيت إيطاليا الذكرى 80 لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، من خلال احتفالية "الفوج الخالد" التي تجمع خلالها الشعب الروسي والمتعاطفون معه في ساحة أوغو لا مالفا.

إيطاليا شهدت احتفال "الفوج الخالد" في روما لتكريم قدامى المحاربين (غيتي)

وقد شهد الاحتفال حضورا واسعا للمجتمع الروسي في إيطاليا، إلى جانب الإيطاليين الذين شاركوا في إحياء هذا اليوم التاريخي تعبيرا عن التضامن مع روسيا والاعتراف بتضحيات شعوب العالم في سبيل القضاء على الفاشية.

روما احتضنت مسيرة "الفوج الخالد" بمشاركة الجالية الروسية إحياء لذكرى النصر على النازية (غيتي)

وفي فرنسا، كانت مدينة ريمس في شمال شرقي البلاد محورا رئيسيا للاحتفالات بمناسبة نهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا.

مدينة ريمس الفرنسية شهدت مراسم إحياء الذكرى 80 لاستسلام ألمانيا النازية عام 1945 (الفرنسية)

وكانت المدينة التي شهدت استسلام ألمانيا النازية الأولي عام 1945 أقامت فعاليات مهيبة، منها إشعال شعلة الذكرى.

وزيرة الذاكرة الفرنسية باتريشيا ميراليس أشعلت شعلة الذكرى إلى جانب رئيس بلدية ريمس أرنو روبينيت (الفرنسية)

وخلال هذه المناسبة، شارك العديد من الشخصيات البارزة، كما شهدت المدينة استعراضا لعدد من الممثلين العسكريين الذين ارتدوا زي الحرب العالمية الثانية.

ممثل يرتدي زي جندي مظلي أميركي من الحرب العالمية الثانية شارك في إحياء الذكرى 80 (الفرنسية)

ومن خلال الاحتفالات التي أقيمت في روسيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة وغيرها من الدول، تجدد المناسبة التأكيد بأهمية الاستمرار في تعزيز السلام وتذكر بدروس الحرب العالمية الثانية التي شكلت ملامح التاريخ الحديث.

إعلان

مقالات مشابهة

  • ‏موقع "والا" الإسرائيلي: استعدادات إسرائيلية لشن هجمات على غزة بشكل لم يشهده القطاع منذ أشهر
  • هآرتس: ترامب سيبحث في الخليج قضيتين تتعلقان بقطاع غزة
  • ‏وسائل إعلام فلسطينية: سقوط قتيل وعدد من المصابين في قصف إسرائيلي على خان يونس جنوبي قطاع غزة
  • ‏الجيش الإسرائيلي: إصابة 9 جنود بجروح نتيجة انفجار عبوة ناسفة في حي الشجاعية شمالي غزة
  • غزة.. لا تقدم في محادثات التهدئة بالدوحة
  • هآرتس: حملة إسرائيل الجديدة على غزة محكوم عليها بالفشل
  • إعلام عبري: واشنطن تضغط لإبرام اتفاق في غزة قبل زيارة ترامب إلى المنطقة
  • هآرتس: ضغوط أميركية كبيرة على إسرائيل لعقد صفقة مع حماس قبل 13 مايو
  • إعلام عبري: حياة 3 أسرى بغزة في "خطر جسيم"
  • بالصور.. روسيا وأوروبا تحييان ذكرى الانتصار على النازية