قراءة لدبلوماسية بغداد..جواز السفر العراقي نحو العالمية
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
22 يناير، 2025
بغداد/المسلة:
سلام عادل
توصف الدبلوماسية العراقية هذه الأيام بكونها (دبلوماسية منتجة)، ويأتي هذا بعد مكاسب تحققت خلال سنتين مدعومة بحالة استقرار سياسي وأمني في الداخل، صارت رافعة لموقع العراق في الخارج، الذي يبدو أنه وصل لمرحلة (صفر مشاكل خارجية)، سواء في محيطه الإقليمي، أو العلاقات الممتدة عبر القارات.
ومن هنا تراجعت حدة الانتقادات، التي كانت تلاحق كبير الدبلوماسيين العراقيين وزير الخارجية (فؤاد حسين)، من كونه ينحاز لصالح أربيل وليس بغداد في عمله، باعتبار أن الرجل قدم للحكومة الاتحادية ما يمكن أن يلعبه وزير خارجية فاعل ومحترف بغض النظر عن انتمائه الحزبي، بدليل دوره وسط ظروف صعبة كادت أن تشتعل فيها حرب شامل في الشرق الأوسط، تجعل من العراق، في اغلب التصورات، حلبة النار، وهي مخاوف حقيقية تغذيها النزعات بالوكالة.
وتكشف الكواليس عن فاعلية أخرى يقوم بها مستشار العلاقات الخارجية لرئيس الوزراء (فرهاد علاء الدين)، في إطار سعيه مع العواصم لتثبيت مبدأين في العلاقات الدولية، (العراق أولاً + المصالح المشتركة)، وهي ثنائية براغماتية سائدة في العلاقات الخارجية يتاح لها النجاح في الغالب، خصوصاً في هذه المرحلة المزدحمة بتحديات التنمية والبحث عن الموارد، وفي ظل اختناقات اقتصادية متزايدة تعيشها البلدان الكبرى.
ولعل الفاعل الأكبر في رسم السياسة الخارجية العراقية خلال هذه المرحلة هو رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني)، الذي أدار عملاً وظيفياً متكاملاً على مستوى الجهاز التنفيذي، فضلاً عن التوافق السياسي الداخلي مع جميع المكونات والقوى، مما جعل منسوب الثقة بالدولة والنظام يرتفع لمستويات خلقت مصداقية خارجية.
ولهذا صار العراق نقطة جذب، بل وحتى مركز اتصالات دولية، ففي الاونة الأخيرة استخدم السودانية (دبلوماسية الهاتف)، بشكل فاعل، حين اشتدّت احداث طوفان الأقصى وما رافقها من تداعيات شملت سوريا بعد لبنان، في نفسه الوقت تستعد بغداد في غضون الأشهر القليلة القادمة إلى عقد قمة عربية واسعة التمثيل، يتزامن معها، ربما، نسخة جديدة من مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة بطلب تقدم به وزير خارجية فرنسا (جان – نويل بارو).
ومن الواضح أن علاقات بغداد مع الدول العظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن تشهد ربيعاً غير مسبوق، عززتها اتفاقيات استراتيجية ثنائية مع واشنطن وموسكو ولندن وباريس، وكذلك العاصمة الصينية بكين، التي اشاد سفيرها في بغداد (تسوي وي) قبل ايام في مؤتمر صحفي عن تطور اتفاقية الحزام والطريق بشكل تصاعدي خلال السنوات الماضية رفع التبادل التجاري إلى نحو 50 مليار دولار.
وفي مؤتمر صحفي آخر اعلن السفير الفرنسي في بغداد (باتريك دوريل) عن زيادة منح التأشيرات للعراقيين، بهدف تعميق العلاقات بين بغداد وباريس بحسب قوله، وكانت بريطانيا هي الأخرى أعلنت رفع جواز السفر العراقي من القائمة الحمراء إلى البرتقالية والصفراء تمهيداً للخضراء، وهذا يعني تعزيز قوة وحظوظ جواز السفر العراقي في الحصول على تأشيرة الدخول إلى المملكة المتحدة.
ومن جانبها أعربت السفيرة الألمانية في بغداد (كربستيانه هومان) عن سعادتها، من كون المانيا موجودة في جيب كل عراقي، في إشارة إلى كون جواز السفر العراقي الإلكتروني والبطاقة الوطنية الموحدة من صنع الماني، وبمواصفات عالمية عالية الدقة تظاهي جواز السفر الأوربي، الأمر الذي سيفتح مسارات السفر والسياحة نحو دول الاتحاد بتسهيلات لم تكن موجودة في السابق، أكدتها سفيرة إسبانيا لدى العراق (أليثا ديل بولغار) في لقاء نخبوي نظمته مؤخراً مؤسسة نارامسين للحوار والتنمية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: جواز السفر العراقی
إقرأ أيضاً:
أرقام تهوي وثقة تتبخر.. الاقتصاد العراقي يواجه اختبار الركود الأكبر منذ 2003
25 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: تمضي الأسواق العراقية في هبوط حاد نحو حالة من الكساد شبه الكلي، وسط انهيار غير مسبوق في حجم المبيعات وانكماش واضح في الدورة التجارية، ما بات يهدد النسيج الاقتصادي برمته ويثير قلق الأوساط الاستثمارية والمالية، في ظل غياب واضح لإجراءات طارئة تسهم في فرملة هذا التراجع.
وتكشف غرفة تجارة بغداد أن معظم القطاعات، وفي مقدمتها الإنشاء والعقار، تمر بشبه شلل كامل، ما أدى إلى تداعيات خطيرة طالت شركات التموين والنقل وحتى مكاتب الصيرفة التي أصيبت هي الأخرى بالركود نتيجة التذبذب الحاد في سعر صرف الدولار. ويعد تراجع الفارق بين السعر الرسمي والموازي سبباً إضافياً في إضعاف محفزات الإنفاق والسفر.
وتبدو الأزمة ذات بعد بنيوي أكثر مما هي ظرفية، إذ أن انكماش السوق لا يعود فقط إلى سعر الصرف، بل يرتبط بتدهور القوة الشرائية وتراجع الإنفاق العام، وهي مؤشرات تعكس أزمة ثقة متفاقمة في المناخ الاقتصادي برمته. ورغم أن التضخم لا يتجاوز 2.2% بحسب بيانات الربع الأول من 2025، فإن ذلك لم يمنع الأسواق من التباطؤ الحاد، خاصة في القطاعات غير الأساسية.
ويذهب مراقبون إلى أن الأزمة الحالية ترتبط بمنظومة أوسع من المشكلات المتراكمة، تبدأ من غياب السياسات الإنتاجية وتنتهي بضعف الأداء المؤسسي واستمرار هيمنة قوى غير اقتصادية على القرار المالي، وهو ما يشير إلى غياب الفعل الاقتصادي الحقيقي وافتقار الإدارة المالية إلى الحيوية المطلوبة.
ويؤكد اقتصاديون أن العراق، رغم امتلاكه لاحتياطيات مالية تفوق 97 مليار دولار، يواجه تحدياً حقيقياً في تحويل هذه الوفرة إلى قوة دفع للأسواق. فغياب التحفيز الاستثماري الداخلي، وغياب الموازنات التنموية ذات الرؤية الواضحة، وتأخر إقرار المشاريع الكبرى، كلها عناصر ساهمت في تكريس حالة الجمود.
ويبدو أن رهان الحكومة على أدوات كلاسيكية كالإنفاق العام والسياسة النقدية لم يعد كافياً. فالكساد الحالي ليس أزمة سيولة، بل أزمة ثقة وفعالية وإدارة.
ولا يمكن كسر هذا الجمود إلا بخطة إصلاح هيكلي واسعة، تبدأ من تحرير السوق تدريجياً، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، وتعزيز دور القطاع الخاص النظامي في إدارة عجلة الاقتصاد.
وتتطلب المرحلة القادمة تجاوز الشعارات، والانخراط في إجراءات فعلية لمكافحة الفساد، وإعادة رسم العلاقة بين المؤسسات النقدية والحكومة على أسس مهنية، بما يضمن استقرار السوق وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة لا تظل مرهونة بتذبذب أسعار النفط أو تقلبات الدولار.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts