25 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: تمضي الأسواق العراقية في هبوط حاد نحو حالة من الكساد شبه الكلي، وسط انهيار غير مسبوق في حجم المبيعات وانكماش واضح في الدورة التجارية، ما بات يهدد النسيج الاقتصادي برمته ويثير قلق الأوساط الاستثمارية والمالية، في ظل غياب واضح لإجراءات طارئة تسهم في فرملة هذا التراجع.

وتكشف غرفة تجارة بغداد أن معظم القطاعات، وفي مقدمتها الإنشاء والعقار، تمر بشبه شلل كامل، ما أدى إلى تداعيات خطيرة طالت شركات التموين والنقل وحتى مكاتب الصيرفة التي أصيبت هي الأخرى بالركود نتيجة التذبذب الحاد في سعر صرف الدولار.

ويعد تراجع الفارق بين السعر الرسمي والموازي سبباً إضافياً في إضعاف محفزات الإنفاق والسفر.

وتبدو الأزمة ذات بعد بنيوي أكثر مما هي ظرفية، إذ أن انكماش السوق لا يعود فقط إلى سعر الصرف، بل يرتبط بتدهور القوة الشرائية وتراجع الإنفاق العام، وهي مؤشرات تعكس أزمة ثقة متفاقمة في المناخ الاقتصادي برمته. ورغم أن التضخم لا يتجاوز 2.2% بحسب بيانات الربع الأول من 2025، فإن ذلك لم يمنع الأسواق من التباطؤ الحاد، خاصة في القطاعات غير الأساسية.

ويذهب مراقبون إلى أن الأزمة الحالية ترتبط بمنظومة أوسع من المشكلات المتراكمة، تبدأ من غياب السياسات الإنتاجية وتنتهي بضعف الأداء المؤسسي واستمرار هيمنة قوى غير اقتصادية على القرار المالي، وهو ما يشير إلى غياب الفعل الاقتصادي الحقيقي وافتقار الإدارة المالية إلى الحيوية المطلوبة.

ويؤكد اقتصاديون أن العراق، رغم امتلاكه لاحتياطيات مالية تفوق 97 مليار دولار، يواجه تحدياً حقيقياً في تحويل هذه الوفرة إلى قوة دفع للأسواق. فغياب التحفيز الاستثماري الداخلي، وغياب الموازنات التنموية ذات الرؤية الواضحة، وتأخر إقرار المشاريع الكبرى، كلها عناصر ساهمت في تكريس حالة الجمود.

ويبدو أن رهان الحكومة على أدوات كلاسيكية كالإنفاق العام والسياسة النقدية لم يعد كافياً. فالكساد الحالي ليس أزمة سيولة، بل أزمة ثقة وفعالية وإدارة.

ولا يمكن كسر هذا الجمود إلا بخطة إصلاح هيكلي واسعة، تبدأ من تحرير السوق تدريجياً، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، وتعزيز دور القطاع الخاص النظامي في إدارة عجلة الاقتصاد.

وتتطلب المرحلة القادمة تجاوز الشعارات، والانخراط في إجراءات فعلية لمكافحة الفساد، وإعادة رسم العلاقة بين المؤسسات النقدية والحكومة على أسس مهنية، بما يضمن استقرار السوق وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة لا تظل مرهونة بتذبذب أسعار النفط أو تقلبات الدولار.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

لا يوجد بدائل محلية .. خطوات جادة لحل أزمة الأدوية المستوردة

قال الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، إن الأدوية الاستراتيجية متوفرة بشكل كامل في السوق المصري، مشيرًا إلى أن الأزمة الحالية تتركز فقط في بعض الأصناف المستوردة أو تلك التي لا يوجد لها بدائل محلية.

 نقص السيولة اللازمة

وأضاف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية خلال مداخلة مع الإعلامي مصطفى بكري ببرنامج «حقائق وأسرار»، والمذاع على قناة صدى البلد، أن نقص السيولة اللازمة لاستيراد المواد الخام يعد السبب الرئيسي وراء تأخر تصنيع بعض الأدوية، مشيرًا إلى أن هناك تحركات جادة لحل الأزمة.

هل تشهد مصر أزمة في نقص الأدوية؟.. الغرف التجارية تكشفالدواء: 62% من الصيدليات سجلت بمبادرة سحب المستحضرات منتهية الصلاحية

وأكد "عوف"، أن مصر تمتلك مخزونًا استراتيجيًا من الأدوية يكفي من 6 أشهر إلى عام كامل، ما يضمن تلبية احتياجات المواطنين خلال الفترة المقبلة، لحين تجاوز الأزمة الخاصة بتوفير السيولة.

طباعة شارك الأدوية شعبة الأدوية الغرف التجارية اتحاد الغرف التجارية الأدوية الاستراتيجية علي عوف

مقالات مشابهة

  • الأولمبي العراقي يواجه شبيبة القيروان التونسي اليوم استعدادا لبطولة آسيا
  • لا يوجد بدائل محلية .. خطوات جادة لحل أزمة الأدوية المستوردة
  • لبنان يواجه تحديات تنموية حاسمة بعد سنوات من الأزمات المتراكمة.. فيديو
  • المغرب يتوقع تسارع النمو الاقتصادي إلى 4.5% خلال 2025
  • ممثل تركي شهير يواجه أزمة مالية طاحنة بسبب شقيقه
  • روبيو يجرّ الحشد إلى مائدة الاشتباك الأميركي – العراقي المفتوح
  • مهنة التجميل تهبط من مشرط الجراح إلى كوميديا السوق الرقمية
  • أزمة السودان على طاولة القاهرة والرياض
  • واشنطن تدين استهداف منشآت الطاقة في كردستان… وروبيو يحذر من زعزعة الاقتصاد العراقي