بوابة الوفد:
2025-08-01@00:41:49 GMT

هل نحن فى حاجة إلى اجتهاد فقهى جديد.؟!

تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT

بداية هل نحن فى حاجة لاجتهاد فقهى جديد يتواءم ويتماشى من متغيرات ومتطلبات العصر، يتماشى مع التطور العلمى والتقنى الحديث ويتوافق مع مستجدات الحياة وما يطرأ على الساحة فى كافة مناحى ومجالات الحياة المعيشة اقتصاديا وثقافيا وسياسياً واجتماعياً ودينيا، دون إخلال بثوابتنا وقيمنا ومبادئنا ودون إخلال بالنص الدينى قرآنا وسنة.

بمعنى اجتهاد لا يقوم على لى عنق النصوص من أجل إرضاء مطلب معين يقودنا إلى إخراج النص من دلالته الحقيقية لا أقول إلى دلالته المجازية وإنما إلى دلالة إرضائية دنيوية نخسر معها الرضا الأخروى.

ما معنى الاجتهاد ؟ إعمال العقل فى قضية معينة فقهية واستنباط أحكامها من القرآن والسنة بما فيه تقديم فتوى صائبة لا ضآلة ولا مضلة.

حاجتنا ملحة فى عصرنا إلى تجديد الفقه وفى ذلك يقول: محمد إقبال إن الاجتهاد يكسب الدين ديناميكية وحركية، وهذا ما ذهب إليه مصطفى عبد الرازق فى كتابه تمهيد لتاريخ الفلسفة الاسلامية من أن مبدأ الإجتهاد نشأ عنه علم الفقه وأصوله والذى يعنى استنباط حكم مجهول من حكم معلوم.

فالقرآن فتح باب الإجتهاد فى كثير من الآيات فمثلا ذكر القرآن اعتزال النساء فى المحيض وأن دم الحيض أذى لكن لم يزد على ذلك اللهم إلا نهانا عن قربهن إلا بعد التطهر فلم يوضح الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة وترك المجال مفتوحا للاجتهاد الفقهى والطبى فى هذه المسألة،وهذا موضوع استمرارى .

وإذا كان الرسول صل الله عليه وسلم فقيه الأمة الأول ومعلمها الذى كان المرجع فى الحيرة قد علم أصحابه كل شيء حتى دخول الخلاء وأنه انتقل إلى الرفيق الأعلى وأنه عندما بعث معاذا قاضيا على اليمن قال له يا معاذ بما تحكم قال بكتاب الله وإن لم تجد، قال بسنة النبى قال له النبى وإن لم تجد قال أجتهد رأيى يا رسول الله .

فدعا له النبى صل الله عليه وسلم ، وها هو الصديق رضى الله عنه فى مسألة مانعى الزكاة بعد النبى صل الله عليه وسلم وهؤلاء مسلمون فأفتى بقتالهم قائلا: والله لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه للنبى لقاتلتهم عليه أليس هذا اجتهاد .

وعبد الله بن عباس فقيه الأمة ألم يدعو له الرسول صل الله عليه وسلم بأن يفقهه فى الدين ويعلمه التأويل.

وحينما طرح سؤال على جمال الدين الأفغانى شيخ المجددين هل أغلق باب الاجتهاد بعد موت الفقهاء الأربعة، قال سبحان الله لكل عصر ضروراته ومستجداته ولو خرج هؤلاء الأئمة من قبورهم ورأوا حالنا لطوروا فتواهم بما يتوافق وما يعج به العصر من مستجدات (فقه الضرورة أو فقه الواقع) وهذا ما نتعرض له الآن فى أيامنا هذه من أمور لم تكن موجودة قديما.

فلم يكن قديما التبرع بالأعضاء لإنقاذ مريض من باب التصدق من ناحية والحصول على الأجر والثواب من الله من ناحية أخرى .

أو حتى أن يبيع الإنسان جزءًا من جسده كبيع إحدى كليتيه من أجل الإنفاق على ابنه الذى أصيب بمرض عضال وسدت كل الأبواب أمامه فلم يجد بد من فعل ذلك.

كذلك نجد إخراج صدقة الفطر فى رمضان والحديث صحيح صاع من بر وصاع من تمر إلى آخر الحديث ألسنا بحاجة إلى تجديد الفقه فى هذه المسألة فلم ونظرا للضوائق المادية التى يمر بها الناس فلما لا تجمع أموال ليشترى بها الفقير احتياجاته من ملبس ومأكل وانفاق على من يعولهم. 

لكن السؤال المهم من الذى يملك زمام الفتوى من الذى يتولى الإجتهاد واستنباط الأحكام هل كل من حفظ حديثا أو آية أو أطلق لحيته بهذا الشكل الذى نراه على كثير من المرئيات،هل كل من ارتدى جلبابا قصيرا وأمسك بسواك بيده وأم الناس فى صلاة يتصدى للاجتهاد والفتوى وهو أبعد ما يكون وقد يصدر أحكاما قد تودى بصاحبها إلى الهلاك .

فذات مرة وكنت جالسا فى أحد المساجد وأتى رجل لمن يسمى بالشيخ يقول له لقد حلفت على زوجتى بالطلاق فرد عليه قائلا قد وقع طلاق عليك دون أن يسأله هل كانت نيتك تطليق زوجتك وخرج الرجل حزينا وخرجت خلفه وأوقفته يا أخى ما حالك مع زوجتك قال أحبها حبا كبيرا سألته هل كنت تنتوى طلاقها فعلا قال كنت أهددها فقلت له هو يمين وكفارته صيام ثلاثة أيام أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعم به أهل بيتك ولكن نصحته أن يستوثق من كلامى فلست فقيها وطلبت منه أن يذهب إلى لجنة الفتوى فى مشيخة الأزهر. 

ثم ضوابط ينبغى أن تتوافر فيمن يتصدى للاجتهاد والفتوى.

1-أن يكون حافظا لكتاب الله تعالى.

 2-أن يكون على دراية وفهم وحفظ لاحاديث النبى صلى الله عليه وسلم.

3- أن يكون على علم ومعرفة بسير الصحابة والسلف والتابعين.

4-أن يكون ذا سمعة طيبة ويتميز بالصدق والأمانة والتواضع والشجاعة فى الفتوى.

 5- أن يكون ممن يراقبون الله سرا وعلنا ولا يخشى فى الحق لومة لائم.

6- أن يكون من أهل الحل والعقد. 

ما أحوجنا فى واقعنا المعاصر إلى تجديد فقهنا بما يتماشى مع مستحدثات الأمور ومستجداتها.

أتمنى أن ينال هذا المقال قبولكم، إذ لو نال حظوة لديكم سنكمل الإجتهاد فى علوم الدين وتجديد الخطاب الدينى وموقف الفقه من التصوف والفلسفة.

وموقف الفقه من الإتجاهات الفكرية المختلفة التى قد يكون فى ظاهرها معارضة للدين لكن بكثير من التأمل والتفكير نجد أنه ليس ثم تعارض.

كذلك الإجتهاد فى مجال الاقتصاد ونظام الحسبة فى الإسلام ما له ما عليه، وغيرها من القضايا الحيوية التى تمس حياتنا المعاصرة.

لعلنا نصل معكم إلى حلول لكثير من قضايانا التى يظن البعض أنها عصية الحل، وإن كنت أرى أنه ليس ثم داء إلا وجعل الله له دواء.

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: اقتصاديا وثقافيا صل الله علیه وسلم أن یکون

إقرأ أيضاً:

عندما يكون هناك «خداع بصري وتلوث صوتي»!

بدر بن صالح القاسمي

أحتاج في بعض الأحيان إلى حالة صمت طويلة، وإلى سكون أشبه بجمود نفسي وعقلي من أجل أن أستوعب ما يأتي به بعض البشر أو بالأحرى ما يروجونه من أفكار مسمومة وحديث لبق منمق، لكنه عبارة عن «خداع بصري وتلوث صوتي» لا يسمن ولا يغني من جوع.

عندما أستفيق مما أنا فيه، أشرع في صب أعمدة الأسئلة في مكانها الصحيح، هل الذين يدعون معرفة كل شيء في هذا الوجود هم أشخاص عقلاء مثل بقية البشر أم أن حديث الوهم والخداع الذي يلفظونه بألسنتهم الطويلة، يأتي من أدمغة غسلت تماما من أي فكر مستنير؟! في بعض الأحيان أعلن ما بيني وبين نفسي، أن ثمة خطأ بشريا يرتكبه البعض عندما يدعون الناس إلى الاستسلام والتخلص من كل طاقتهم وتحطيم إرادتهم بأيديهم، معربين لهم عن ثقتهم بأن «الحياة ليس بها مستقبل»، وبأن الذي منحهم الله إياه من نعم، عليهم التخلص منه وأن يذروه بعيدا عنهم لأنهم «سيموتون»!.

لا أعتقد بأن حتمية الموت هي من يجب أن تدفعنا نحو اعتزال كل شكل من أشكال الحياة، وأعتقد بأن مثل هذه النداءات مضللة وإن كان أصحابها ينعقون فوق كل شجرة وحجر، الحياة لم توجد من أجل جلب التعاسة للبشر، بل هي أرض خصبة للعمل والجد والاجتهاد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ثم توضع الموازين ويثاب المجد ويعاقب المخطئ، أما حتمية الموت فهي الحقيقة التي لا مناص منها وهي القدر الذي يلاقيه كل البشر والكائنات الحية الأخرى، فلما نرمي كل شيء على هذه الحقيقة أي «الموت»!.

تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مجموعة من المقاطع الصوتية والمرئية لبعض الأشخاص الذين يدعون المعرفة بالحياة، ويدعون الناس إلى التراخي والاستسلام للقدر المحتوم، بل يطالبونهم بان يكبلوا أنفسهم بالأغلال والأصفاد، ويصطفون في طابور انتظار لحظة خروج الروح.

الموت هو اللحظة التي لا نعرف متى ستأتي لاي شخص منا، أما الترويج للأفكار السوداء فهي فعل شيطاني لا يمت للواقع بصلة، وما الذين يرفعون أصواتهم ويدعون المعرفة ويلبسون ثوب النصح والإرشاد ما هم إلا زوابع تأتي وتذهب مع الوقت!.

والبعض يهرف بما لا يعرف، يفتي في كل الأمور دون وعي أو يقين أو دراية علمية أو دينية، يصدحون ليل نهار فقط من أجل أن يتابعهم الملايين، ويتأثر بحديثهم الناس، يجدون في البحث عن «ضحايا» يصغون إلى تخاريفهم ومسرحياتهم الهزلية.

منذ فترة زمنية ماضية سمعنا عن شخص فارق الحياة، ثم اكتشف أمره بأنه أنفق كل ما كان يملك من مال، تاركا أبناءه في عوز ومشقة وبلاء، لكنه لم يترك الدنيا مديونا لأحد، بل ترك أبناءه يطلبون العون والمساعدة من الآخرين!.

عندما بحث الأبناء عن أموال أبيهم التي كان يدخرها على مدى سنوات طويلة، اكتشفوا أن ثمة شخص «أفتى له بأن الإنسان يعذب على المال الذي يتركه بعد موته حتى وإن كان حلالا»، وعليه صدق الرجل حديثه، وقام بإنفاق كل ما يملك لوجه الله، ولم يترك شيئا لأولاده!.

وهذا الذي أفتى بهذه الفتوى، نسي ما ورد في السيرة النبوية الشريفة: فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال: «يا رسول الله، أنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنه لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: أفأتصدق بشطره ؟ قال: لا، قلت: أفأتصدق بثلثه؟ قال: الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس» متفق عليه.

قرأت ذات مرة حديثا يقول: «الدنيا لا تستحق أي حرب نفسية سواء كانت مع نفسك أو مع أي شخص آخر، لأنها تتقلب من لحظة إلى أخرى، صحتك قد تخونك واحبابك سيتركونك لا محالة، لا يوجد ضمان لا يشي ولو لدقيقة واحدة، فالأحوال كلها تتبدل في ثوان معدودة، لذا لا داعي مطلقا لإشعال الصراعات في حياتك»..، كلام جميل، ولكن هذا ليس معناه أن يتخلى الإنسان عن أي رابط يربطه بالحياة، ويلقي بكل الهزائم على القدر أو الآخرين.

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: «لقد خلقنا الإنسان في كبد»، فمكابدة الحياة ليس معناها الاستسلام والانهزام من مواجهة الأزمات والصعوبات، ولكن طالما أن الانسان لا يزال على قيد الحياة عليه بالعمل، وأن يصارع رغباته ونزواته من أجل أن يخرج من دار الفناء إلى دار القرار آمنا مطمئنا.

هناك الكثير من الحقائق التي لا يتحدث عنها الناس، بل يركزون على نقطة سواء واحدة، يلفون حولها الحبال غليظة، وينصبون المشانق في رقاب البسطاء، يخرجوهم من رحلة الكفاح والنجاح إلى طرق المظلمة التي لا ترى فيها شمسا ولا قمرا.

مقالات مشابهة

  • حكم الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة .. الإفتاء توضح
  • أمين الفتوى: الاتفاق على مبلغ «من تحت الترابيزة» في عقد الإيجار لا يجوز شرعًا
  • عندما يكون هناك «خداع بصري وتلوث صوتي»!
  • غرف في الجنة يدخلها من فعل 4 أمور.. حاول أن تكون منهم
  • هل الأفضل تأخير صلاة العشاء عن وقتها؟.. الإفتاء ترد
  • سنة الفجر قبل أم بعد؟ .. اعرف فضلها ووقتها
  • فضل الصلاة في جوف الليل .. الأفضل بعد الفريضة
  • التنوع الثقافي لدى الشباب الرياضي
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • الاعتصام بحبل الله.. اعرف كيف يكون وماذا يتضمن وما ثمراته