هل نحن فى حاجة إلى اجتهاد فقهى جديد.؟!
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
بداية هل نحن فى حاجة لاجتهاد فقهى جديد يتواءم ويتماشى من متغيرات ومتطلبات العصر، يتماشى مع التطور العلمى والتقنى الحديث ويتوافق مع مستجدات الحياة وما يطرأ على الساحة فى كافة مناحى ومجالات الحياة المعيشة اقتصاديا وثقافيا وسياسياً واجتماعياً ودينيا، دون إخلال بثوابتنا وقيمنا ومبادئنا ودون إخلال بالنص الدينى قرآنا وسنة.
بمعنى اجتهاد لا يقوم على لى عنق النصوص من أجل إرضاء مطلب معين يقودنا إلى إخراج النص من دلالته الحقيقية لا أقول إلى دلالته المجازية وإنما إلى دلالة إرضائية دنيوية نخسر معها الرضا الأخروى.
ما معنى الاجتهاد ؟ إعمال العقل فى قضية معينة فقهية واستنباط أحكامها من القرآن والسنة بما فيه تقديم فتوى صائبة لا ضآلة ولا مضلة.
حاجتنا ملحة فى عصرنا إلى تجديد الفقه وفى ذلك يقول: محمد إقبال إن الاجتهاد يكسب الدين ديناميكية وحركية، وهذا ما ذهب إليه مصطفى عبد الرازق فى كتابه تمهيد لتاريخ الفلسفة الاسلامية من أن مبدأ الإجتهاد نشأ عنه علم الفقه وأصوله والذى يعنى استنباط حكم مجهول من حكم معلوم.
فالقرآن فتح باب الإجتهاد فى كثير من الآيات فمثلا ذكر القرآن اعتزال النساء فى المحيض وأن دم الحيض أذى لكن لم يزد على ذلك اللهم إلا نهانا عن قربهن إلا بعد التطهر فلم يوضح الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة وترك المجال مفتوحا للاجتهاد الفقهى والطبى فى هذه المسألة،وهذا موضوع استمرارى .
وإذا كان الرسول صل الله عليه وسلم فقيه الأمة الأول ومعلمها الذى كان المرجع فى الحيرة قد علم أصحابه كل شيء حتى دخول الخلاء وأنه انتقل إلى الرفيق الأعلى وأنه عندما بعث معاذا قاضيا على اليمن قال له يا معاذ بما تحكم قال بكتاب الله وإن لم تجد، قال بسنة النبى قال له النبى وإن لم تجد قال أجتهد رأيى يا رسول الله .
فدعا له النبى صل الله عليه وسلم ، وها هو الصديق رضى الله عنه فى مسألة مانعى الزكاة بعد النبى صل الله عليه وسلم وهؤلاء مسلمون فأفتى بقتالهم قائلا: والله لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه للنبى لقاتلتهم عليه أليس هذا اجتهاد .
وعبد الله بن عباس فقيه الأمة ألم يدعو له الرسول صل الله عليه وسلم بأن يفقهه فى الدين ويعلمه التأويل.
وحينما طرح سؤال على جمال الدين الأفغانى شيخ المجددين هل أغلق باب الاجتهاد بعد موت الفقهاء الأربعة، قال سبحان الله لكل عصر ضروراته ومستجداته ولو خرج هؤلاء الأئمة من قبورهم ورأوا حالنا لطوروا فتواهم بما يتوافق وما يعج به العصر من مستجدات (فقه الضرورة أو فقه الواقع) وهذا ما نتعرض له الآن فى أيامنا هذه من أمور لم تكن موجودة قديما.
فلم يكن قديما التبرع بالأعضاء لإنقاذ مريض من باب التصدق من ناحية والحصول على الأجر والثواب من الله من ناحية أخرى .
أو حتى أن يبيع الإنسان جزءًا من جسده كبيع إحدى كليتيه من أجل الإنفاق على ابنه الذى أصيب بمرض عضال وسدت كل الأبواب أمامه فلم يجد بد من فعل ذلك.
كذلك نجد إخراج صدقة الفطر فى رمضان والحديث صحيح صاع من بر وصاع من تمر إلى آخر الحديث ألسنا بحاجة إلى تجديد الفقه فى هذه المسألة فلم ونظرا للضوائق المادية التى يمر بها الناس فلما لا تجمع أموال ليشترى بها الفقير احتياجاته من ملبس ومأكل وانفاق على من يعولهم.
لكن السؤال المهم من الذى يملك زمام الفتوى من الذى يتولى الإجتهاد واستنباط الأحكام هل كل من حفظ حديثا أو آية أو أطلق لحيته بهذا الشكل الذى نراه على كثير من المرئيات،هل كل من ارتدى جلبابا قصيرا وأمسك بسواك بيده وأم الناس فى صلاة يتصدى للاجتهاد والفتوى وهو أبعد ما يكون وقد يصدر أحكاما قد تودى بصاحبها إلى الهلاك .
فذات مرة وكنت جالسا فى أحد المساجد وأتى رجل لمن يسمى بالشيخ يقول له لقد حلفت على زوجتى بالطلاق فرد عليه قائلا قد وقع طلاق عليك دون أن يسأله هل كانت نيتك تطليق زوجتك وخرج الرجل حزينا وخرجت خلفه وأوقفته يا أخى ما حالك مع زوجتك قال أحبها حبا كبيرا سألته هل كنت تنتوى طلاقها فعلا قال كنت أهددها فقلت له هو يمين وكفارته صيام ثلاثة أيام أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعم به أهل بيتك ولكن نصحته أن يستوثق من كلامى فلست فقيها وطلبت منه أن يذهب إلى لجنة الفتوى فى مشيخة الأزهر.
ثم ضوابط ينبغى أن تتوافر فيمن يتصدى للاجتهاد والفتوى.
1-أن يكون حافظا لكتاب الله تعالى.
2-أن يكون على دراية وفهم وحفظ لاحاديث النبى صلى الله عليه وسلم.
3- أن يكون على علم ومعرفة بسير الصحابة والسلف والتابعين.
4-أن يكون ذا سمعة طيبة ويتميز بالصدق والأمانة والتواضع والشجاعة فى الفتوى.
5- أن يكون ممن يراقبون الله سرا وعلنا ولا يخشى فى الحق لومة لائم.
6- أن يكون من أهل الحل والعقد.
ما أحوجنا فى واقعنا المعاصر إلى تجديد فقهنا بما يتماشى مع مستحدثات الأمور ومستجداتها.
أتمنى أن ينال هذا المقال قبولكم، إذ لو نال حظوة لديكم سنكمل الإجتهاد فى علوم الدين وتجديد الخطاب الدينى وموقف الفقه من التصوف والفلسفة.
وموقف الفقه من الإتجاهات الفكرية المختلفة التى قد يكون فى ظاهرها معارضة للدين لكن بكثير من التأمل والتفكير نجد أنه ليس ثم تعارض.
كذلك الإجتهاد فى مجال الاقتصاد ونظام الحسبة فى الإسلام ما له ما عليه، وغيرها من القضايا الحيوية التى تمس حياتنا المعاصرة.
لعلنا نصل معكم إلى حلول لكثير من قضايانا التى يظن البعض أنها عصية الحل، وإن كنت أرى أنه ليس ثم داء إلا وجعل الله له دواء.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: اقتصاديا وثقافيا صل الله علیه وسلم أن یکون
إقرأ أيضاً:
ما هي صحة حديث شاوروهن وخالفوهن؟.. عالم أزهري يوضح
قال الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، إن البعض سأل عن شبهة ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم( شاوروهن وخالفوهن ).
ليرد عبد الرحيم موضحا: أن الجواب عن هذه الشبهة يكون بما يلي حديث: ((شاوروهنَّ وخالفوهنَّ - يعني النساء)). حديث لا أصل له من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
فجاء في المصنوع في الحديث الموضوع: لا يثبت بهذا اللفظ ، حيث جاء في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة رقم 430 : لا أصل له مرفوعا قال : ومعنى الحديث ليس صحيحا فقد ثبت عدم مخالفته صلى الله عليه وسلم لزوجته أم سلمة حين أشارت عليه بأن ينحر أمام أصحابه في صلح الحديبية حتى يتابعوه.
وكانت مشورتها بركة على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قيامهم باتباع المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم.
وفى مثل هذه الروايات التي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم يتخذها أعداء المسلمين شبهة على أن الإسلام يعادي المرأة.
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه فيما ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، إن العلاقة الزوجية علاقة تكاملية بين الرجل والمرأة، وهما شريكان في بناء الأسرة.
وأوضح « الأزهر» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال: «هل مشاورتي لامرأتي ينافي الرجولة؟ وما مدى صحة حديث: " شاوروهن وخالفوهن"؟ »، أنه يجب أن تكون إدارة شؤون الأسرة قائمة على التشاور بينهما، ويجب نبذ عنصر التسلط أو الندّية بين الزوجين؛ فإن النديَّة بين الزوجين هي أول معاول هدم الأسرة.
وأضاف أن مبدأ المشاورة في الحياة الأسرية جاء في القرآن نصًّا، وفي السنة النبوية تطبيقًا وعملًا، فقال الله تعالى: « فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا» الآية 233 من سورة البقرة، وقال مجاهد: التشاور فيما دون الحولين، إن أرادت أن تفطم [أي: الزوجة] وأبى [أي: رفض الزوج]، فليس لها، وإن أراد هو [أي: الزوج]، ولم تُرد [أي: الزوجة]، فليس له ذلك حتى يقع ذلك عن تراض منهما وتشاور، يقول: غير مسيئين إلى أنفسهما وإلى صبيهما.
وتابع: وشاور رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أم المؤمنين السيدة أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ يوم الحديبية، وعمل بمشورتها وقولها، منوهًا بأنه في قصة صاحبة المَزادتين أن قومها قد أسلموا بفضل مشورتها وقولها؛ ففي الحديث أنها قالت لهم ناصحة: "فَهَلْ لَكُمْ فِي الإِسْلاَمِ؟ فَأَطَاعُوهَا، فَدَخَلُوا فِي الإِسْلاَمِ". والحديث في الصحيحين؛ البخاري ومسلم.
واستطرد: أما حديث: "شاوروهن وخالفوهن..." فلا يصح، وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (ص: 400):"لم أره مرفوعا". أي إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وبناء على ما سبق؛ فإن مشاورة الرجل المرأةَ لا يقدح في رجولته، بل هو من كمال الرجولة، ومبدأ شرعي أصيل، ولم يرد حديث صحيح في النهي عن مشاورة المرأة.