إسماعيل عبدالمعين (2-10): وإذا تفرّق شمل قومك فأجمعن..!
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
كان إسماعيل عبدالمعين كما هو معلوم مبدعاً غاية الإبداع في تلحين وأداء أناشيد وأهازيج النضال الوطني والتطلّع للانعتاق من ربقة الاحتلال:
صه يا كنار وضع يمينك في يدي (الصاغ محمود أبوبكر)
صرخة روّت دمي (محي الدين صابر)
للعلا...للعلا (خضر حمد)
يقول عبدالمعين عن "صه يا كنار": (سنة 37 ظهر مؤتمر الخريجين..سمع صاحبي مصطفى خليل بأنو الصاغ محمود أبوبكر عمل "صه يا كنار".
صفدونا ليه..صفدونا ليه..؟
غربونا ليه..غربونا ليه..؟
يا بلادي آه.. يا بلادي آه..
يا بلادي ليه؟.. يا بلادي ليه..؟ قبل ما نخش في "صه يا كنار وضع يمينك في يدي".. ولامن لاقيت الصاغ محمود أبوبكر قال لي: دا اللحن الكنت بدوِّر عليهو زمن..وما لاقيهو)..!
ودّع بدمعك من تحب فإنما..
أنا إن دعوتك لن تعيش إلى غدِ
وألحق بقومك في القيود فإنني
أيقنتُ ألا حر غير مقيّدِ..!
**
فإذا وجدت من الفكاك بوادراً
فابذل حياتك غير مغلول اليدِ
وإذا سفرت فكن وضيئاً نيّراً
مثل اليراعة في الظلام الأسودِ
وإذا تبدّد شـمل قومك فاجمعن
وإذا أبوا..فاضرب بعزمة مُفـردِ
صه يا كنار ملحمة نغمية من العيار الثقيل ومن الأعمال الطليعية التي تعبّر بصورة إجمالية خالصة عن الشعور الوطني والاستنهاض عامة بطابع قومي خالص.
في هذه القصيدة العجيبة يتحوّل تحوّل الصاغ محمود أبوبكر إلى "فلكي" حيث يقول إنه أصبح يعرف (أخلاق النجوم):
أنا يا كنار مع الكواكب ساهدٌ... أسرى بخفق وميضها المُتعددِ
وعرفت أخلاق النجوم فكوكبٌ... يهب البيان وكوكبٌ لا يهتدى
وكويكبٌ جمّ الحياءِ وكوكبٌ... يعصى الصباح بضوئه المتمردِ..!
**
وهناك تسجيل رائع لهذه الأغنية الوطنية الباذخة شارك فيه عمالقة من الفنانين: (عبيد الطيب/ أبو داؤود/ احمد المصطفي /عثمان الشفيع /سيد خليفة /صلاح مصطفي/ محجوب عثمان /عبد الماجد خليفة/ يوسف السماني/ وعبدالقادر سالم).
**
وقع في يدي مقال عن "سيد درويش" في ذكراه السادسة والتسعين.. ذلك الموسيقار العجيب الذي يضعه إخوتنا المصريون في عداد بيتهوفن وباخ وموزارت وقبيلهم من الجهابذة الذين أحدثوا انقلابات عبقرية في مسيرة الموسيقى والألحان..فتذكرت كيف نتناسى نحن هنا في بلادنا عبقرياتنا العابرة لحواجز السائد..ونشبعهم سخرية وإهمالاً ونحن جلوس في (ضل الضحي)..!
كان عبدالمعين موسيقاراً بحق...فهو يغرف من الإيقاعات والألحان والميلوديات الشعبية ويخرج بها إلى الدنيا (يأخذها من أفواه (الحبوبات) والرعاة والمزارعين والسواقين والمساعدية والمراكبية والصنايعية والشغيلة والعتّالة، ومن الجلالات والمارشات والفولكلور، ويلتقط الشوارد من صميم البيئة المحلية ويمزجها بأصول الموسيقى وعلومها الحديثة مع إتقان عجيب للعزف والتلحين..!
كل ذلك مع مقدرة فائقة في تلمّس المزاج الشعبي والإفادة الواعية من تنوّع البيئات اللحنية السودانية، مع معرفة وشغف كبير باستلهام التراث ودمج مخرجاته مع العلم الموسيقى والإبتكار الفني، وتوظيف خصائص الآلات الموسيقية بصرامة، ولكن مع رحابة كبيرة في اكتشاف طاقاتها الكامنة..! ولهذا لم يكن من الغريب أن تلفت ألحانه وتوزيعاته وتنويعاته الموسيقية انتباه الآخرين من العوالم الشرقية والغربية..!
**
ما يماثل سيد رويش عندنا وربما يتفوّق عليه هو إسماعيل عبدالمعين..ويقول المصريون عن سيد درويش إن ما فعله بالموسيقى الشرقية هو ذات مافعله (برومثيوس) بالنار، في إشارة لسرقة برومثيوس للنار رمز الحياة والمعرفة من جبال الأولمب حسب الأسطورة..! وقد خطف درويش الموسيقى ووضعها على قائمة الحياة اليومية للشعب، وشيّد بناء الموسيقى المصرية الحديثة وتغني مثل عبدالمعين بالأهازيج الوطنية وأغاني العمل، وعَبَرت موسيقاه وأغانيه وأهازيجه وأوبريتاته وموشحاته وأدواره وطقاطيقه إلى العمال والفلاحين ونساء الحقول والبرّادين والحدادين والسقايين وجرسونات المقاهي وعمال اليومية والتراحيل..!
لا ينقضي النهار إلا وتكون على ألسنة الأهالي في كل مكان؛ غناءً وسمراً..فما أسرع أن تصبح افتتاحيات أغنياته في كل الأفواه، أشجان وتنغيمات وهتافات وطنية..وقد كان عبدالمعين على ذات النسق من حيث واستلهام الهموم الشعبية والوطنية والأنغام التراثية التي تتعدد فيها الأصوات والخطوط اللحنية والهارموني..إلخ
أين عبدالمعين من ها الاعتبار.. وسيد درويش في المناهج وفي تماثيل الميادين والساحات، واسمه على المسارح والقاعات و الشوارع والأحياء والحدائق وذكراه تتردد كل يوم في الأفلام والبرامج والحوارات والمنتديات .؟!
**
ومثلما كان سيد درويش تعبيراً فنياً عن مناخات ثورة 1919 الشعبية في مصر، كان عبدالمعين في بعض جوانب إبداعه تعبيراً عن الحركة الوطنية التي كان يمثلها آنذاك (مؤتمر الخريجين)...!
أما دعوة إسماعيل عبدالمعين الفنية الموسيقية الغنائية إلى (الهوية السودانية الجامعة) فهذا معترك آخر..كان فيه عبدالمعين الحادي الأمين..والفارس الذي لا يدرك مسابق غبار فرسه..!
مرتضى الغالي
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: سید درویش
إقرأ أيضاً:
بعد تعاونها مع كبار صناع الموسيقى..صوفيا تطرح أحدث أغانيها "زى الجبل"
طرحت المطربة صوفيا أحدث أغانيها بعنوان زى الجبل من كلمات وألحان حماده فراويلة وتوزيع وميكس وماستر أحمد وجيه وإشراف عام سعيد امام وإنتاج روتانا ومنتج فني وليد قنديل ومدير انتاج احمد عبدالهادى.
وتأتي أغنية زى الجبل بعد تعاون صوفيا مع عدد من كبار صناع الموسيقى من الشعراء والملحنين والموزعين منهم تامر حسين وملاك عادل ومحمد يحيي وغيرهم في أغانيها السابقة.
كلمات أغنية زى الجبلوتقول كلمات أغنية زى الجبل: أنا أبان تمام بس جوايا متكسر مدمر مفيش غير خراب، وبالليل بالذات في بيني وبين الذات عاركة تتعب الاعصاب، القلب مدينة مافيها سكان، النار ماسابت مكان والحلو اللي باقي منه مش هتلاقي غير حبة تراب، بس زى الجبل زى الجبل وبصبر جمل معرفش مالي معمولي عمل، ولا طب اي جرالي طب اي اللي حصل، وانا طيب زى أبويا متعودتش أخون والناس بوشوش كثيرة على كل لون تتلون، الله يسامحك يابا ليه مقولتليش من الأول وزرعت فيا طيابة، والدنيا غير الأول، سيبوني في حالي معرفش عين مين دى اللي راشقة في حياتي وقالبة كياني، شيفني من برة بس انا من جوة والله بعاني، لو فاكرين حياتي جميلة تعالوا عيشوا مكاني، ده عينكم صابتني على الأرض وربي نجاني، بس زى الجبل زى الجبل ويصبر جمل، معرفش مالي معمولي عمل.
وتأتي أغنية زى الجبل بعد طرح المطربة صوفيا عدة أغانى مع روتانا منهم يازعلانين من كلمات تامر حسين وألحان مصطفى شكرى وتوزيع أحمد وجيه، وأغنية بتحكي في إيه من كلمات ملاك عادل وألحان محمد يحيي وتوزيع جيزو، وأغنية ربنا استجاب كلمات محمد الغنيمي وألحان راعي وتوزيع شريف قاسم، وأغنية لفة كلمات حماده فراويلة.