ندوة "عُمان ومصر.. وئام أزلي" تغوص في أعماق التاريخ المشترك
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
القاهرة- الرؤية
أجمع باحثون ومثقفون عُمانيون ومصريون على عُمق العلاقات التي تربط بين بلديهما، والتي تمتد لآلاف السنين وتعكس شراكة استراتيجية وموروثًا حضاريًا مشتركًا.
وأشاروا- خلال ندوة "عُمان ومصر.. وئام أزلي" التي عقدت ضمن فعاليات الدورة 56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب- إلى أن العلاقات بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية، ضاربةً في أعماق التاريخ، وتتعزز باستمرار، في ظل تنسيق المواقف إزاء القضايا المختلفة.
وتحدثت الباحثة الدكتورة بدرية النبهانية مديرة تحرير مجلة إشراق عن "اللُبان العُماني"، ودوره كجسر تجاري وثقافي بين حضارة الفراعنة وبلاد بونت (سلطنة عُمان قديمًا).
وقالت إن اللُبان كان يُستخدم في الطقوس الدينية المصرية، مؤكدة محاولات البعض السيطرة على طريق اللُبان لتحقيق أطماعهم التوسعية، مما يعكس أهمية هذه السلعة في العلاقات الحضارية بين الدول.
وتناول الباحث العُماني الدكتور بدر العبري موضوع تأثر العُمانيين بحركات الإصلاح في مصر التي قادها أعلام مثل: جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، مشيرا إلى أن وكالة "الجاموس" التي دعمت الطلاب العُمانيين في الأزهر الشريف، كانت جسرًا للتواصل العلمي والثقافي بين الشعبين.
فيما سلَّط الدكتور إبراهيم سلامة، المتخصص في تاريخ عُمان وشبه الجزيرة العربية، الضوء على شخصيات عُمانية تركت بصمات مؤثرة في التاريخ المصري، مثل يزيد بن حاتم المُهلبي العَتكي الأزدي، الذي تولى حكم مصر في العصر العباسي؛ حيث ساهم في تطوير البنية التحتية ودعم الثقافة، مؤكدًا أن هذه الشخصية تمثل رمزًا للترابط بين البلدين.
وبدوره أكد معالي الدكتور ممدوح الدمياطي وزير الآثار المصري أن هناك أثار متعددة تؤرخ للعلاقات التاريخية بين البلدين، مشيرًا إلى النقوش المصرية التي توثق رحلة "الملكة حتشبسوت إلى بلاد بونت" لجلب اللُبان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القانون الدولي ودروس التاريخ
لم يعد العالم يملك تلك القواعد التي توافق عليها بعد الحرب العالمية الثانية، وعادت إلى المشهد الدولي تلك الموازين التي تعتمد على السلاح والخطاب الإعلامي المتغوّل الذي لا يقيم أي اعتبار للقيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية. ففي غزة -كما في مناطق أخرى في العالم- تسقط العدالة سقوطا كاملا ومدويا تحت وقع التفجيرات، والإبادة الجماعية والتجويع، وتغيب الشرعية القانونية خلف جدار من المسوغات الجاهزة التي باتت منكشفة أمام العالم أجمع رغم بقائها مكتوبة في المواثيق المعلقة على جدران المنظمات الدولية.
ولا يجد القانون الدولي طريقا للتطبيق إلا حين يتوافق مع مصالح الكبار الذين يملكون القوة المطلقة في العالم، سواء القوة العسكرية أو القوة الاقتصادية، ولا عزاء للضعفاء الذين يحاولون الاحتماء بالقوانين الدولية التي لم يشاركوا حتى في وضعها.
رغم ذلك فإن العودة مرارا للحديث عن القانون وعن أهمية أن يسود بين الدول ليست عودة الضعفاء؛ فالأمر في غاية الأهمية، وضرورة واقعية لتجنب الانحدار الكامل نحو عالم تسوده شريعة الهيمنة. وأظهرت التجارب الحديثة - من غزو العراق إلى تفكيك ليبيا - أن إسقاط الأنظمة من الخارج دون مسارات شرعية لا يمكن أن نتج ديمقراطيات، ولكنه يخلّف فراغا أمنيا يستدعي الفوضى بالضرورة، ويمنح القوى المتربصة فرصة لإعادة التشكل الأمر الذي يحول الدول إلى دول فاشلة قابلة لتشكيل بؤر إرهاب وتطرف وتراكم مع الوقت قدرا كبيرا من الأحقاد والضغائن التاريخية التي لا تتآكل بسهولة، ولكنها تتراكم مع تراكم الندوب والجروح والمآسي.
كان ميثاق الأمم المتحدة بكل ما فيه من قصور محاولة لتقييد اندفاع القوة، وإرساء حد أدنى من الضوابط التي تحول دون تكرار مآسي النصف الأول من القرن العشرين. لكن غياب الإرادة السياسية، وتغوّل المصالح، أضعفا هذا الإطار وجعلاه أداة انتقائية تُستخدم أحيانا لتسويغ التدخل، وتتجاهل في أحيان أخرى الإبادة، والتجويع، والتطهير العرقي.
وأكثر ما يزيد المشهد تعقيدا هو صعود سرديات جديدة تُضفي على التدمير شرعية إعلامية تحت عناوين كـ«الدفاع عن النفس»، أو «مكافحة الإرهاب» بينما تُهمّش جرائم الإبادة الجماعية، والتهجير القسري، وتُسكت أصوات الضحايا، وتُعاد صياغة الحقيقة؛ وفقًا لما تقرره غرف الأخبار في العواصم القوية.
ورغم ما في القانون الدولي من ثغرات فالحل ليس في سقوطه، ولكن في ترميمه؛ حيث يبقى المسار الوحيد الممكن لبناء علاقات مستقرة لا تقوم على موازين السلاح، بل على موازين المسؤولية والمساءلة. لكنه بحاجة إلى إرادة جماعية؛ لتجديد شرعيته، وتوسيع قاعدته الأخلاقية، ووقف استغلاله كسلاح إضافي في يد الأقوياء.
وإذا كان التاريخ لا يُعيد نفسه فإنه يعيد تحذيراته، ومن لا يستمع لها سيجد نفسه في الدائرة ذاتها من العنف، والفوضى، وغياب الأفق. فلنتعلم هذه المرة قبل أن يُصبح القانون ذكرى من الماضي، ومجرد حلم جميل في كُتب العلاقات الدولية.