ما بعد الصدمة.. ردود فعل عملاقة التكنولوجيا على صعود DeepSeek
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
شهدت أسواق المال العالمية يوم الاثنين تقلبات غير مسبوقة جراء الظهور المفاجئ لتطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني DeepSeek، الذي تصدر قائمة أكثر التطبيقات تحميلا في متجر آب ستور متفوقا على تطبيق ChatGPT الشهير هذا الصعود المفاجئ أحدث صدمة كبيرة في أسواق الأسهم، خصوصا في قطاع التكنولوجيا.
تقلبات غير مسبوقة في أسواق المال بسبب الصعود المفاجئ للتطبيق الصيني DeepSeekفي السنوات الأخيرة، استثمرت العديد من الشركات الكبرى في مجال التقنية والاستثمار مئات المليارات من الدولارات في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي وبناء مراكز البيانات، إضافة إلى شراء وحدات المعالجة الرسومية (GPUs) التي تعد جزءا أساسيا في هذه المراكز، مما جعل هذا التوجه شركات مثل إنفيديا الأمريكية المستفيد الأكبر من هذا التحول.
في هذا السياق، كان من الشائع أن تتمركز الاستثمارات الكبرى في بناء مراكز البيانات وجمع أكبر قدر من الرقاقات لتسريع تقدم الذكاء الاصطناعي، ومع فرض الولايات المتحدة حظرا على تصدير الرقاقات المتطورة إلى منافسيها، وعلى رأسهم الصين، بدا أن الشركات الصينية تعاني من تخلف واضح في هذا السباق، ومع ذلك، نجحت بعض الشركات مثل بايدو وعلي بابا في تطوير نماذج متواضعة وفقا للموارد المتاحة.
وفجأة، ظهر تطبيق DeepSeek الصيني الذي أطاح بكافة التوقعات، ليغير معادلة سباق الذكاء الاصطناعي. تأسست الشركة في 2023 ونجحت في جذب الأنظار بتطوير نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر باستخدام موارد مالية محدودة تبلغ نحو 6 ملايين دولار، وعدد أقل من وحدات المعالجة الرسومية مقارنةً بشركات مثل OpenAI وميتا وجوجل ومايكروسوفت.
ومع إطلاق تطبيقها الخاص، الذي حقق انتشارا واسعا، بدأ المستثمرون في بيع أسهم شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى بشكل جماعي، ما أدى إلى تراجع تاريخي في أسواق الأسهم، فقد خسرت شركة إنفيديا نحو 600 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد، وبلغت الخسائر الإجمالية لقطاع التكنولوجيا نحو تريليون دولار.
في أول رد فعل على هذه الصدمة، وصف الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ظهور DeepSeek بأنه "إنذار" لشركات التكنولوجيا الأمريكية، داعيا إلى ضرورة تسريع جهود المنافسة في هذا المجال.
من جانبها، أعربت شركة إنفيديا عن إعجابها بما حققته DeepSeek، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل تقدما بارزا في الذكاء الاصطناعي، لا سيما في استخدام منهجية متطورة تعرف باسم Test-Time Scaling.
أما في OpenAI، فقد أعلن سام ألتمان عن تسريع إطلاق نماذج أفضل لمواجهة هذا التحدي، وأشاد في منشور عبر منصة إكس (تويتر سابقا) بنموذج DeepSeek R1، مبديا إعجابه بما يقدمه من قيمة مقابل سعره.
في المقابل، علق ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، على ما حدث من زاوية اقتصادية، مشبها الظاهرة بـ "مفارقة جيفونز"، حيث يؤدي انخفاض تكلفة الذكاء الاصطناعي إلى زيادة استخدامه بشكل غير متوقع، وهو ما يمكن أن يخلق تحولات كبيرة في السوق.
ميتا تعلن حالة الطوارئمن جهته، أرجع يان ليكان، مسؤول الذكاء الاصطناعي في شركة ميتا، نجاح DeepSeek إلى طبيعة نماذجها المفتوحة المصدر، التي تتيح إمكانيات أكبر مقارنة بالنماذج الاحتكارية، وقال إن DeepSeek قد تعيد إحياء المهمة الأصلية لـ OpenAI في تطوير ذكاء اصطناعي يفيد البشرية.
في الوقت نفسه، تشير التقارير إلى أن مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، قد شكل فرقا متخصصة للتحقيق في السر وراء النجاح الكبير الذي حققته DeepSeek في وقت قياسي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي ميتا إنفيديا المزيد الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
مع تقدم الذكاء الاصطناعي وتغلغله في حياتنا على نحو متزايد، يبدو من الواضح أنه من غير المحتمل أن يخلق المدينة التكنولوجية الفاضلة ومن غير المرجح أن يتسبب في محو البشرية. النتيجة الأكثر احتمالا هي مكان ما في المنتصف ــ مستقبل يتشكل من خلال الطوارئ، والحلول الوسط، وعلى جانب عظيم من الأهمية، القرارات التي نتخذها الآن حول كيفية تقييد وتوجيه تطور الذكاء الاصطناعي.
باعتبارها الرائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، تضطلع الولايات المتحدة بدور مهم بشكل خاص في تشكيل هذا المستقبل. لكن خطة عمل الذكاء الاصطناعي التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا بددت الآمال في تعزيز الإشراف الفيدرالي، فاحتضنت بدلا من ذلك نهجا داعما للنمو في تطوير التكنولوجيا. وهذا يجعل التركيز من جانب حكومات الولايات، والمستثمرين، والجمهور الأمريكي على أداة مُـساءلة أقل إخضاعا للمناقشة، ألا وهي حوكمة الشركات ضرورة أشد إلحاحا. وكما توثق الصحفية كارين هاو في كتابها «إمبراطورية الذكاء الاصطناعي»، فإن الشركات الرائدة في هذا المجال منخرطة بالفعل في المراقبة الجماعية، وهي تستغل عمالها، وتتسبب في تفاقم تغير المناخ. من عجيب المفارقات هنا أن كثيرا منها شركات منفعة عامة (PBCs)، وهي بنية حوكمة يُزعم أنها مصممة لتجنب مثل هذه الانتهاكات وحماية البشرية. ولكن من الواضح أنها لا تعمل على النحو المنشود.
كانت هيكلة شركات الذكاء الاصطناعي على أنها شركات منفعة عامة شكلا ناجحا للغاية من أشكال الغسيل الأخلاقي. فبإرسال إشارات الفضيلة إلى الهيئات التنظيمية وعامة الناس، تخلق هذه الشركات قشرة من المساءلة تسمح لها بتجنب المزيد من الرقابة الجهازية على ممارساتها اليومية، والتي تظل مبهمة وربما ضارة. على سبيل المثال، تُـعَـد xAI التي يملكها إيلون ماسك شركة منفعة عامة تتمثل مهمتها المعلنة في «فهم الكون». لكن تصرفات الشركة ــ من بناء كمبيوتر خارق مُـلَـوِّث في السر بالقرب من حي تقطنه أغلبية من السود في ممفيس بولاية تينيسي، إلى إنشاء روبوت محادثة يشيد بهتلر ــ تُظهر قدرا مزعجا بشدة من عدم الاكتراث بالشفافية، والرقابة الأخلاقية، والمجتمعات المتضررة.
تُعد شركات المنفعة العامة أداة واعدة لتمكين الشركات من خدمة الصالح العام مع السعي إلى تحقيق الربح في الوقت ذاته. لكن هذا النموذج، في هيئته الحالية ــ خاصة في ظل قانون ولاية ديلاوير، الولاية التي تتخذها معظم الشركات العامة الأمريكية مقرا لها ــ مليء بالثغرات وأدوات الإنفاذ الضعيفة، وهو بالتالي عاجز عن توفير الحواجز اللازمة لحماية تطوير الذكاء الاصطناعي. لمنع النتائج الضارة، وتحسين الرقابة، وضمان حرص الشركات على دمج المصلحة العامة في مبادئها التشغيلية، يتعين على المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس المطالبة بإعادة صياغة شركات المنفعة العامة وتعزيز قدراتها. من غير الممكن تقييم الشركات أو مساءلتها في غياب أهداف واضحة، ومحددة زمنيا، وقابلة للقياس الكمي. لنتأمل هنا كيف تعتمد شركات المنفعة العامة في قطاع الذكاء الاصطناعي على بيانات منافع شاملة وغير محددة يُزعَم أنها توجه العمليات. تعلن شركة OpenAI أن هدفها هو «ضمان أن يعود الذكاء الاصطناعي العام بالفضل على البشرية جمعاء»، بينما تهدف شركة Anthropic إلى «تحقيق أعظم قدر من النتائج الإيجابية لصالح البشرية في الأمد البعيد». المقصود من هذه الطموحات النبيلة الإلهام، لكن غموضها من الممكن أن يستخدم لتبرير أي مسار عمل تقريبا ــ بما في ذلك مسارات تعرض الصالح العام للخطر. لكن قانون ولاية ديلاوير لا يُـلزِم الشركات بتفعيل منفعتها العامة من خلال معايير قابلة للقياس أو تقييمات مستقلة. ورغم أنها تطالب بتقديم تقارير كل سنتين حول أداء المنفعة، فإنها لا تلزم الشركات بإعلان النتائج. بوسع الشركات أن تفي بالتزاماتها ــ أو تهملها ــ خلف الأبواب المغلقة، دون أن يدري عامة الناس شيئا. أما عن الإنفاذ، فبوسع المساهمين نظريا رفع دعوى قضائية إذا اعتقدوا أن مجلس الإدارة فشل في دعم مهمة الشركة في مجال المنفعة العامة. لكن هذا سبيل انتصاف أجوف، لأن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي تكون منتشرة، وطويلة الأجل، وخارجة عن إرادة المساهمين عادة. ولا يملك أصحاب المصلحة المتضررون ــ مثل المجتمعات المهمشة والمقاولين الذين يتقاضون أجورا زهيدة ــ أي سبل عملية للطعن في المحاكم. وللاضطلاع بدور حقيقي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون نموذج «شركات المنفعة العامة» أكثر من مجرد درع للسمعة. وهذا يعني تغيير كيفية تعريف «المنفعة العامة»، وحوكمتها، وقياسها، وحمايتها بمرور الوقت. ونظرا لغياب الرقابة الفيدرالية، يجب أن يجري إصلاح هذا الهيكل على مستوى الولايات. يجب إجبار شركات المنفعة العامة على الالتزام بأهداف واضحة، وقابلة للقياس، ومحددة زمنيا، ومكتوبة في وثائقها الإدارية، ومدعومة بسياسات داخلية، ومربوطة بمراجعات الأداء والمكافآت والتقدم الوظيفي. بالنسبة لأي شركة عاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، من الممكن أن تشمل هذه الأهداف ضمان سلامة نماذج المؤسسات، والحد من التحيز في مخرجات النماذج، وتقليل البصمة الكربونية الناجمة عن دورات التدريب والنشر، وتنفيذ ممارسات العمل العادلة، وتدريب المهندسين ومديري المنتجات على حقوق الإنسان والأخلاقيات والتصميم التشاركي. الأهداف المحددة بوضوح، وليس التطلعات الغامضة، هي التي ستساعد الشركات على بناء الأساس للمواءمة الداخلية الجديرة بالثقة والمساءلة الخارجية. يجب أيضا إعادة تصور مجالس الإدارة وعملية الإشراف. ينبغي لمجالس الإدارة أن تضم مديرين ذوي خبرة يمكن التحقق منها في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والسلامة، والأثر الاجتماعي، والاستدامة. يجب أن يكون لكل شركة مسؤول أخلاقي رئيسي يتمتع بتفويض واضح، وسلطة مستقلة، والقدرة على الوصول المباشر إلى مجلس الإدارة. ينبغي لهؤلاء المسؤولين أن يشرفوا على عمليات المراجعة الأخلاقية وأن يُمنحوا سلطة وقف أو إعادة تشكيل خطط المنتجات عند الضرورة. وأخيرا، يجب أن تكون شركات الذكاء الاصطناعي المهيكلة كمؤسسات منفعة عامة مُلـزَمة بنشر تقارير سنوية مفصلة تتضمن بيانات كاملة ومصنفة تتعلق بالسلامة والأمن، والتحيز والإنصاف، والأثر الاجتماعي والبيئي، وحوكمة البيانات. وينبغي لعمليات تدقيق مستقلة ــ يديرها خبراء في الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات، والعلوم البيئية، وحقوق العمال ــ أن تعكف على تقييم صحة هذه البيانات، بالإضافة إلى ممارسات الحوكمة في الشركة وتواؤمها في عموم الأمر مع أهداف المنفعة العامة.
أكدت خطة عمل ترامب للذكاء الاصطناعي على عدم رغبة إدارته في تنظيم هذا القطاع السريع الحركة. ولكن حتى في غياب الإشراف الفيدرالي، بوسع المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس تعزيز حوكمة إدارة الشركات للذكاء الاصطناعي بممارسة الضغوط من أجل إصلاح نموذج شركات المنفعة العامة. يبدو أن عددا متزايدا من قادة التكنولوجيا يعتقدون أن الأخلاقيات أمر اختياري. ويجب على الأمريكيين أن يثبتوا أنهم على خطأ، وإلا فإنهم يتركون التضليل، والتفاوت بين الناس، وإساءة استخدام العمالة، وقوة الشركات غير الخاضعة للرقابة تشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي.
كريستوفر ماركيز أستاذ إدارة الأعمال في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب «المستغلون: كيف تقوم الشركات بخصخصة الأرباح وتأميم التكاليف»
خدمة «بروجيكت سنديكيت»