القدس المحتلة - خاث صفا

ما أن أشرقت شمس صباح يوم الخميس الموافق 21 آب/أغسطس 1969، حتى كان المسجد الأقصى المبارك على موعد مع حدث مؤلم وقاس في تاريخ الأمة العربية والإسلامية.

ففي الساعة السادسة وعشرون دقيقة، تسلل يهودي متطرف أسترالي الجنسية يدعى مايكل دينيس إلى المسجد الأقصى، وأشعل النيران عمدًا في جناحه الشرقي، ما أدى إلى حرق وتدمير منبر صلاح الدين الأيوبي، ومعظم خشب السقف الجنوبي منه، حتى أوشكت أن تصل النار إلى قبته.

وما هي إلا دقائق حتى شاهد المقدسيون لهيب النار ينبعث من المسجد الأقصى وفي سماء المدينة المحتلة، وهب الجميع لإطفاء الحريق وعلت مكبرات الصوت بالمناداة لنجدة المسجد، مع تصاعد الدخان من قبة المصلى القبلي.

تفاصيل الحريق

هرع المقدسيون رجالًا ونساءً وأطفالًا وكبار السن، إلى المسجد وهم يصرخون "احترق الأقصى.. احترق الأقصى"، إلا أن سلطات الاحتلال أغلقت جميع أبوابه، وخاصة باب الأسباط الذي يعد الطريق الوحيد المؤدي لساحاته، ولإدخال سيارة الإطفاء.

حاولت شرطة الاحتلال منع الشبان الذين هبوا لإطفاء الحريق، إلا أن الكثير منهم تمكن من الدخول إلى المسجد عنوةً، وتسلقوا سلمًا حديديًا منصوبًا على الجدار القبلي من الناحية الجنوبية الشرقية، وبنوا سلسلة بشرية كبيرة وبدأوا بمناولة بعضهم البعض الماء لإطفاء الحريق، الذي استمر لعدة ساعات متواصلة.

كان الناس يصطفون في صفوف طويلة ينقلون التراب في أوان يدوية، ويجلبون المياه على أكتافهم من البيوت المجاورة للمسجد الأقصى من أجل المساعدة بإطفاء الحريق، وسط أجواء من الحزن والألم والصراخ على ما حلّ بمسجدهم المبارك.

في الساعة العاشرة صباحًا، حاولت سيارات الإطفاء التي جاءت من بلديات الخليل، ورام الله وبيت لحم بالضفة الغربية المحتلة الوصول إلى مدينة القدس، لكن سلطات الاحتلال عرقلت وصولها لبعض الوقت، ما أدى لإشعال النيران في منبر صلاح الدين.

وبينما عرقلت شرطة الاحتلال دخول سيارات الإطفاء وقطعت المياه عن محيط المسجد الأقصى، نجح المقدسيون في إخماد الحريق، الذي طال أجزاءً كبيرة من المسجد القبلي، ودمر إرثًا إسلاميًا عظيمًا، وهو المنبر الذي أحضره القائد الناصر صلاح الدين الأيوبي عندما حرر القدس من أيدي الصليبين عام 1187.

وامتدت النيران إلى محراب زكريا ومسجد عمر ومقام الأربعين المجاور للمحراب، وطالت ثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال، وعمودان رئيسيان وقبة خشبية و74 نافذة خشبية وجميع السجاد العجمي، وغيرها.

وبالإضافة إلى تضرر أجزاء من القبة الخشبية الداخلية المزخرفة والجدران الجنوبية، فقد تحطمت 48 نافذة من نوافذ المسجد المصنوعة من الجبص والزجاج الملون، واحترق كثير من الزخارف والآيات القرآنية.

وبلغت المساحة المحترقة من المسجد أكثر من ثلث مساحته الإجمالية (ما يزيد عن 1500 متر مربع من أصل 4400 متر مربع)، وأحدثت النيران ضررًا كبيرًا في بناء المسجد وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة.

ولولا يقظة المرابطين في المسجد الأقصى بأن أخلوا جميع السجاد المفروش بأرضيته لكانت الكارثة أكبر، والتهمت النيران باقي أنحاء المسجد.

مشهد مؤلم

ذلك المشهد بدا مؤلمًا وحزينًا جدًا، فلم تقم صلاة الجمعة في اليوم التالي، حرصًا على سلامة المصلين، بل تم وضع ساتر من الطوب لمنعهم من الوصول إلى تلك المنطقة.

وحينها كانت الصلوات تقام خلف منطقة الطوب، وبقي الأمر على هذا الحال لفترة من الوقت، حتى إتمام عملية التنظيف والشروع في الترميم.

زعمت "إسرائيل" حينها أن الحريق كان بفعل تماس كهربائي، وبعد أن أثبت المهندسون العرب أنه تم بفعل فاعل، زعمت أن شابًا أستراليًا اسمه دينيس مايكل روهان هو المسؤول عن الحريق وأنها ستقدمه للمحاكمة، ولم يمض وقت طويل حتى ادعت أن هذا الشاب "معتوه" ثم أطلقت سراحه، وجرى ترحيله إلى أستراليا.

وأثار الحريق استنكارًا دوليًا، واجتمع مجلس الأمن الدولي وأصدر قراره رقم 271 لسنة 1969 بأغلبية 11 صوتًا وامتناع أربع دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة الأميركية، الذي أدان فيه "إسرائيل"، ودعاها إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها تغيير وضع القدس.

وعمت حالة من الغضب العارم العالم الإسلامي، وخرجت المظاهرات في كل مكان، واجتمع قادة الدول العربية والإسلامية في الرباط يوم 25 سبتمبر/أيلول 1969 وقرروا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي ضمت في حينها 30 دولة عربية وإسلامية، وأنشأت صندوق القدس عام 1976.

وبعد عام من حريق المصلى القبلي، بدأت أعمال الترميم فيه بتشكيل لجنة إعمار الأقصى، ووضع حاجز من الطوب يفصل ربع المصلى القبلي المحروق عن باقي الأروقة التي لم تتأذَّ.

ووضع بدل منبر نور الدين زنكي منبر حديدي، واستمرت أعمال الترميم حتى عام 1986، فأزيل الطوب واستؤنفت الصلاة في الجزء الجنوبي من المسجد، وبقي المنبر الحديدي حتى عام 2006، ريثما يُصنع منبر على شاكلة الذي حرق، حتى أعدت الأردن منبرًا مشابه له وُضِع مكانه في الأقصى، فيما لم يتبق من المنبر التاريخي سوى قطع معدودة، يُحتفظ بها داخل المتحف الإسلامي بالمسجد.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: حريق الأقصى المسجد المسجد الأقصى من المسجد منبر ا

إقرأ أيضاً:

براءة من الخونة ونصرةً لغزة .. قبائل محافظة صنعاء تستمر في وقفات الغضب القبلي (تفاصيل)

يمانيون /

خرج أبناء عدد من مديريات محافظة صنعاء اليوم في 15 ساحة وميداناً، لإعلان البراءة من الخونة والعملاء، واستمرار دعم ونصرة غزة تحت شعار “فاحذرهم هم العدو”.

ورفع المشاركون في مسيرات راجلة ووقفات قبلية مسلحة غاضبة في عزل سعوان والرونة مديرية بني حشيش، وقروى مديرية جحانة وقروى العليا مديرية الطيال، وتوعر مديرية الحصن، وبني جرين وبني إسحاق مديرية صعفان، والمخلاف وضابي والمحيام والحطب والصوفة وبيت العليي والأعروش والربع مديرية الحيمة الخارجية، وغربي مسار مديرية مناخة، العلمين اليمني والفلسطيني وشعار البراءة من أعداء الله.

ورددوا هتافات منددة بالمجازر الصهيونية بحق أبناء غزة، ومعبرة عن استنكارهم للمواقف العربية والإسلامية المخزية من الجرائم والانتهاكات الإنسانية التي يرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة، وازدادت مع تواطؤ الدول العربية المتخاذلة مع العدو الأمريكي.

كما رددوا في الوقفات التي حضرها مديرو المديريات ومسؤولو التعبئة وشخصيات اجتماعية، هتافات معبرة عن الجهوزية القتالية والاستعداد الكامل لأي مواجهة أو تصعيد يستهدف الوطن وأمنه وسيادته واستقلاله.

وأعلن المشاركون، البراءة من الخونة والعملاء وكل من يشارك أو يتخابر مع العدوان الأمريكي، الإسرائيلي على الوطن، مؤكدين وجوب العقوبات المتعارف عليها في الوسط القبلي على الخونة والعملاء، الذين قدموا مصالحهم الشخصية على المصلحة الوطنية، وباعوا أنفسهم للشيطان، حتى أصبحوا مهدورو الدم ومقطوعون من الصحب والقرابة.

وطالبوا بتنفيذ قانون الخيانة العظمى وتطبيق الأحكام القانونية ضد الخونة والعملاء، مجددّين التأكيد بالوقوف إلى جانب القيادة الثورية والقوات المسلحة في نصرة الأقصى والانتصار للشهداء والدفاع عن الدين والأرض والعرض وخوض معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” بكل إصرار وثبات.

وثمنت بيانات صادرة عن الوقفات، مواقف قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في نصرة المستضعفين في غزة، مباركين عمليات القوات المسلحة التي تستهدف عمق كيان العدو الصهيوني وتقض مضاجع اليهود المغتصبين.

وأكدت البيانات، استمرار التحشيد والتعبئة للالتحاق بالدورات العسكرية المفتوحة والتعبئة والتدريب والتأهيل ورفد مراكز التدريب بالمقاتلين استعدادًا للمواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني، أو أي طارئ أو أي خيارات تتخذها القيادة الثورية في إطار معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”.

ودعت إلى الاستمرار في الخروج للساحات والمشاركة في المسيرات والوقفات لإعلان النفير الشامل لمواجهة تصعيد العدوان الصهيوني الوحشي على أبناء غزة.

ولفتت البيانات إلى أن جرائم العدو الصهيوني على الوطن لن ترعب الأحرار، بل تزيدهم عزيمة وإصرارًا وثباتًا على الموقف الإيماني والأخلاقي المساند للمظلومين في غزة.

وأعلنت الجهوزية الكاملة لخوض معركة تحرير الأراضي المحتلة والتحدي للعدو الصهيوني وكل من يشارك معه في العدوان على الوطن ويرتكب الجرائم بحق الأشقاء في غزة.

وجدّدت البيانات، التأكيد على موقف قبائل بني حشيش والحيمة ومناخة والطيال والحصن وصعفان وجحانة، على تحصين الجبهة الداخلية، والبراءة من الخونة والعملاء .. مؤكدين استمرار إسناد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في مواجهة العدو الصهيوني وكل من تسوّل له نفسه خدمة للصهاينة والأمريكان، والمساس بأمن واستقرار الوطن.

مقالات مشابهة

  • براءة من الخونة ونصرةً لغزة .. قبائل محافظة صنعاء تستمر في وقفات الغضب القبلي (تفاصيل)
  • لوسيو ينشر «تحديث حالة» بعد «الحريق»!
  • بحماية قوات الاحتلال.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
  • القدس: تحذيرات من دعوات منظمات "الهيكل" لاقتحام الأقصى
  • مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى ويؤدون جولات استفزازية في باحاته
  • منظمات الهيكل المتطرفة تبدأ بالحشد لاقتحام المسجد الأقصى يوم الإثنين
  • مستوطنون يدنسون المسجد الأقصى المبارك
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية أمنية مشددة (شاهد)
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى