«بولتيتكو» الأمريكية: ماذا سيحدث بين ترامب والاتحاد الأوروبى فى حربهما التجارية؟
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد سنوات من تراجع صفقات التجارة وفشلها فى التقدم، كان كل ما احتاجه الاتحاد الأوروبى هو صدمة عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ليتمكن من ترتيب أولوياته.
لم يقتصر دور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس مفاوضات التجارة ماروش شيفكوفيتش على الانتظار؛ بل تحركا بسرعة بعد فوز ترامب فى الانتخابات فى نوفمبر لإتمام صفقات كانت عالقة لسنوات، بل لعقود، كما يسعيان لبناء علاقات جديدة تعويضاً عن تهديدات ترامب بفرض جدار جمركى حول الولايات المتحدة.
وقالت فون دير لاين فى كلمة رئيسية لها فى المنتدى الاقتصادى العالمى يوم الثلاثاء، بعد أقل من ٢٤ ساعة من أداء ترامب اليمين الدستورية: "أوروبا ستظل تسعى للتعاون، ليس فقط مع أصدقائنا القدامى المتفقين فى الرؤى، بل مع أى دولة نشاركها المصالح".
فى ولايتها الأولى، سعت مفوضية أورسولا فون دير لاين إلى ربط صفقات التجارة بحقوق الإنسان والشروط البيئية، وهو ما تبين أنه أكثر مما كان شركاؤها مستعدين لتقبله. ونتيجة لذلك، تم إلغاء زيارة كانت مقررة فى أواخر ٢٠٢٣ لإتمام صفقة تجارية مع دول أمريكا اللاتينية فى اللحظة الأخيرة. كما انهارت صفقة أخرى مع أستراليا بعد أن قام كبار مسئولى الاتحاد الأوروبى بجولة حول العالم من أجل مراسم توقيع لم تُعقد أبداً.
كشفت هذه الانتكاسات عن طموحات فون دير لاين التجارية فى ولايتها الأولى على أنها غير واقعية. وقد أصبح التحول فى التفكير واضحاً تماماً فى الأسابيع التى سبقت تنصيب ترامب.
قال ماروش شيفكوفيتش، فى مقابلة مع موقع "بوليتيكو" الأمريكى فى المنتدى الاقتصادى العالمي، رداً على سؤال حول ما إذا كان يلاحظ تحولاً فى سياسة التجارة لدى الاتحاد الأوروبي: "من وجهة نظرى خلال الشهرين الماضيين، وأعتقد أنه تم تأكيد ذلك بوضوح هنا فى اليومين الماضيين فى دافوس، هناك اهتمام كبير بتسريع مفاوضات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي".
لم يُنفذ ترامب بعد تهديداته التى أطلقها أثناء حملته الانتخابية بفرض تعريفات جمركية عالمية تتراوح بين ١٠ إلى ٢٠ بالمائة على بقية دول العالم، مع زيادات أكبر على كندا والمكسيك والصين. لكن مجرد احتمال تنفيذ هذه التهديدات كان له تأثير محفز.
وقال دبلوماسى من الاتحاد الأوروبي، فى تصريحات لصحيفة "بوليتيكو" الأمريكية: "ترامب يساعد - دون قصد - فى تسهيل الاتفاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبى والدول الأخرى. يمكنكم أن تلاحظوا حدوث تغيير فى العقلية، وديناميكية جديدة معينة".
الواقع يُملى التغيير بعد عقدين من التفاوض بشأن تكتل "ميركوسور" التجارى فى أمريكا الجنوبية، أتمت المفوضية الأوروبية اتفاقاً سياسياً فى أوائل ديسمبر. وفى تنازل كبير، وافقت الأطراف على أن تتمكن من طلب تعويضات عن الخسائر الناجمة عن اللوائح الأوروبية الصارمة، مثل تلك التى تهدف إلى الحد من إزالة الغابات. وقال مسئول رفيع فى الاتحاد الأوروبى إن هذه الآلية المعروفة بإعادة التوازن كانت الأولى من نوعها فى اتفاق تجارى أوروبي.
وبالمثل، قبل ثلاثة أيام فقط من تنصيب ترامب، وافقت بروكسل أخيرًا على ترقية اتفاقها التجارى مع المكسيك. كانت المفاوضات قد عانت من تعثر لسنوات، لكن تهديد ترامب بفرض تعريفات جمركية على المكسيك دفع الجانبين إلى إظهار جبهة موحدة.
وفى عجلة من أمرها لإتمام الاتفاق، اعترفت بروكسل بأنها كانت "أقل طموحًا" مما كان مخططًا له فى السابق. وقال مسئول أوروبى آخر إن "الدول الشريكة الأخرى قد تتدخل وتبرم صفقات مع المكسيك، مما قد يضع الاتحاد الأوروبى فى وضع أسوأ فى المستقبل".
وبدت سرعة بروكسل فى تحديث الاتفاق مع المكسيك مفاجئة لرئيسة البلاد، كلاوديا شينباوم. فقد قالت فى مؤتمر صحفى يوم الجمعة الماضي: "العمل مستمر، ولا يوجد اتفاق بعد. يجب أن يتماشى كل شيء مع خطتنا".
منذ ذلك الحين، سعى مسئولو الاتحاد الأوروبى إلى توضيح أن الاتفاق تم على المستوى السياسي، على الرغم من أن النص القانونى لا يزال بحاجة إلى finalize.
فى انتصارات تجارية أخرى، عمق الاتحاد الأوروبى توسيع اتفاقاته مع سويسرا، وأعاد إحياء المفاوضات بشأن اتفاق تجارى مع ماليزيا بعد توقف دام عقدًا من الزمن. كما تخطط فون دير لاين لقيادة جميع مفوضيها فى مهمة إلى الهند الشهر المقبل بحثًا عن اتفاق شراكة استراتيجية وتقدم فى المفاوضات الطويلة والمتباطئة بشأن اتفاق تجاري.
لكن هناك ما يعكر صفو الطموحات التجارية للاتحاد الأوروبي، وهو الانقسام العميق بين أكبر اقتصادين فيه، فرنسا وألمانيا، اللتين لا تتفقان على العديد من الملفات التجارية. يشمل ذلك "ميركوسور" أو موقف المفوضية المتشدد تجاه الصين، الذى أسفر عن فرض رسوم على واردات السيارات الكهربائية.
ودفاعًا عن صادرات بلاده، يريد فريدريش ميرز، الذى يُعتبر خليفة محتملًا للمستشار الألماني، أن يتحرك الاتحاد الأوروبى بسرعة لتعزيز التجارة. وفى خطاب حملته يوم الخميس الماضي، دعا بروكسل إلى إجراء صفقات تجارية حصريّة للاتحاد الأوروبى يمكن تسريعها، دون الحاجة إلى مصادقة جميع الدول الأعضاء الـ٢٧.
ميرز، الذى من المتوقع أن يفوز حزبه الديمقراطى المسيحى فى الانتخابات المبكرة فى أواخر فبراير، يتحدث أيضًا بشكل صريح عن أفضل السبل لتجنب حرب تعريفة مع الولايات المتحدة. وهو يدعو إلى إحياء المفاوضات بشأن اتفاق تجارة حرة عبر الأطلسى انهار قبل نحو عقد من الزمان.
لكن هذا لن يلقى قبولًا لدى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى تعرض على مدار العام الماضى لضعف سياسى بسبب هزائم انتخابية وترأس أربع حكومات مختلفة. ويعانى ماكرون من نقص فى أغلبية مستقرة فى البرلمان، الذى يتفق أعضاؤه على نقطة واحدة: معارضتهم للتجارة الحرة.
وهذا يعيد فون دير لاين وشيفكوفيتش إلى أكبر تحدٍ تجارى سيواجهانه: تعريفات ترامب عندما تصبح حقيقة واقعة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ترامب الاتحاد الأوروبي الاتحاد الأوروبى فون دیر لاین
إقرأ أيضاً:
تركيا تضغط لاستكمال اتفاق غزة.. ماذا يلزم للانتقال للمرحلة الثانية؟
أوضح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن تحقيق الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة يتطلب تنفيذ خطوات أساسية، مشدداً على أن جزءاً من هذه الالتزامات يقع على عاتق واشنطن والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وذكر فيدان، خلال مقابلة مع قناة الجزيرة، أن تركيا تنسّق جهودها مع مصر والسعودية وقطر والأردن والإمارات العربية المتحدة لضمان تطبيق الاتفاق، لافتاً إلى وجود بنود محورية تنتظر التنفيذ وتقع مسؤوليتها المباشرة على الولايات المتحدة وترامب.
وأشار الوزير التركي إلى ضرورة استكمال الإجراءات المطلوبة للانتقال إلى المرحلة الثانية، وفي مقدمتها تشكيل مجلس السلام وتسليم إدارة القطاع للفلسطينيين وإنشاء جهاز شرطة جديد. وأوضح أن قوات فلسطينية ستتولى مهمة حفظ الأمن في غزة ضمن مرحلة لاحقة، مؤكداً أهمية خلوّ الساحة من أي مجموعات مسلّحة.
وشدد فيدان على أن التحديات الأمنية في القطاع ستتراجع فور تفعيل الضمانات السياسية، لافتاً إلى أن واشنطن بدأت تتخذ خطوات أكثر اتزاناً نتيجة الاتصالات التركية المكثفة. واتهم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسعي إلى تهجير سكان غزة والضفة الغربية وضمّهما، مؤكداً استعداد أنقرة لتحمل أي مسؤولية تساهم في حل القضية الفلسطينية سلمياً، بما في ذلك إرسال قوات إذا اقتضى الأمر.
وأضاف فيدان: "نريد لهذا الاتفاق أن يتقدم كما هو دون تعديل"، مؤكداً أن نجاحه في إدخال المساعدات وإعادة السكان إلى بيوتهم سيجعل "قوة الاستقرار" قادرة على أداء مهامها دون عراقيل. واعتبر أن الاحتلال الإسرائيلي بقيادة نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، يستمدّ قوته من هشاشة البيئة الإقليمية المحيطة به.
كما أعرب الوزير التركي عن أمل بلاده في أن يتخلى الاحتلال الإسرائيلي عن سياساته التوسعية، محذراً من أن استمرارها سيزيد من الفوضى. وأكد رفض أنقرة للهجمات البرية على سوريا والقصف المستمر لدمشق، مشيراً إلى أن الاحتلال يرفض منح السوريين فرصة الاستقرار التي حاول المجتمع الدولي توفيرها لهم، في حين قامت الإدارة الأميركية بإزالة بعض العقبات أمام تعافي الاقتصاد السوري عبر رفع قيود "قيصر".
وفي سياق متصل، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأربعاء أن مطلع العام المقبل سيشهد الكشف عن أسماء القادة الذين سيشاركون في مجلس السلام الخاص بقطاع غزة، موضحاً أن عدداً كبيراً من قادة العالم أبدوا رغبتهم في الانضمام إلى هذا المجلس الذي جرى تأسيسه ضمن خطة غزة المنبثقة عن اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي.
وكان مجلس الأمن الدولي قد صادق في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على قرار يسمح بتشكيل مجلس للسلام، وتأسيس قوة دولية مؤقتة تشارك فيها الدول الراغبة بهدف تحقيق الاستقرار في قطاع غزة.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اقرأ ايضاًاشترك الآن