من رماد الرأسمالية.. هل يولد عصر جديد؟
تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT
التاريخ ليس مجرد سلسلة من الأحداث أو حكايات تُروى عن الماضي، بل هو حركة متواصلة من التحولات، تنبض بالحياة وتعيد تشكيل العالم على مر العصور. إنه كيان جدلي، يدفعه صراع القوى وتناقضاتها، حيث لا يمكن فهمه إلا من خلال عدسة التحول المستمر. وكما تعاقبت الأنظمة الكبرى من العبودية إلى الإقطاعية وصولًا إلى الرأسمالية، فإن كل نظام يحمل في داخله بذور نهايته، ليصبح نقطة انطلاق لنظام جديد أكثر تعقيدًا.
في النظام الإقطاعي، كانت الأرض هي مصدر السلطة والثروة، ولكن مع نمو التجارة وازدهار المدن، ظهرت طبقة البورجوازية التي أطاحت بهذا النظام. وهكذا، ظهرت الرأسمالية، التي أطلقت العنان للإنتاجية البشرية، مستبدلة سيطرة النبلاء بهيمنة رأس المال. لكن، كما كان الإقطاع يحمل تناقضاته، فإن الرأسمالية، على الرغم من قوتها الظاهرة، تُظهر اليوم تصدعات عميقة.
ما يميز حركة التاريخ هو أنها ليست خطية بل تأخذ شكلًا دائريًا أو حلزونيًا. فكل نظام جديد لا يُلغي القديم بالكامل، بل يعيد تشكيله في سياق أكثر تعقيدًا. التناقضات التي تُسقط الأنظمة القديمة تصبح المادة الخام لبناء أنظمة جديدة، وكأننا في كل مرحلة نرتقي درجة في سلم التطور، نعيد صياغة ما كان، لكن بوعي أكثر نضجًا.الرأسمالية ليست مجرد نظام اقتصادي، بل هي مرحلة من مراحل التاريخ، تحمل في جوهرها تناقضات تهدد وجودها.
أبرز هذه التناقضات:
1 ـ الاستلاب الإنساني: تحولت العلاقة بين الإنسان والعمل إلى علاقة استغلالية؛ فقد أصبح الإنسان مجرد أداة لإنتاج الربح، فاقدًا لجوهره الإنساني.
2 ـ الفجوة الطبقية: في ظل تركيز الثروة بيد قلة، تتسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، مما يزيد من حدة الصراع الاجتماعي.
3 ـ أزمة البيئة: السباق المحموم نحو الربح أدى إلى استنزاف موارد الأرض، وخلق أزمة بيئية تهدد مستقبل الكوكب.
الرأسمالية، التي كانت رمزًا للابتكار والتقدم، تبدو اليوم وكأنها تدخل مرحلة الشيخوخة الجدلية، غير قادرة على تلبية تطلعات الإنسانية أو مواجهة تحديات العصر.
ما يميز حركة التاريخ هو أنها ليست خطية بل تأخذ شكلًا دائريًا أو حلزونيًا. فكل نظام جديد لا يُلغي القديم بالكامل، بل يعيد تشكيله في سياق أكثر تعقيدًا. التناقضات التي تُسقط الأنظمة القديمة تصبح المادة الخام لبناء أنظمة جديدة، وكأننا في كل مرحلة نرتقي درجة في سلم التطور، نعيد صياغة ما كان، لكن بوعي أكثر نضجًا.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: ما النظام الذي سيأتي بعد الرأسمالية؟ السيناريوهات متعددة، وكل منها يحمل رؤى مختلفة للمستقبل:
1 ـ اشتراكية مرنة: قد نرى نظامًا يتبنى العدالة الاجتماعية دون التضحية بالإبداع والحرية الفردية، متجاوزًا أخطاء الاشتراكية التقليدية.
2 ـ اقتصاد الذكاء الاصطناعي: مع تقدم التكنولوجيا، قد ننتقل إلى مجتمع تُصبح فيه الإنتاجية تلقائية، مما يُحرر الإنسان من عبء العمل التقليدي.
3 ـ رأسمالية خضراء: الضغط البيئي قد يدفع نحو نظام اقتصادي مستدام، يوازن بين الربح وحماية البيئة، وإن كان هذا الخيار يبدو محاولة لإطالة عمر الرأسمالية.
4 ـ إنسانية كونية: قد يدخل العالم مرحلة جديدة تتجاوز الحدود الوطنية، حيث يصبح الوعي الجمعي الإنساني القوة المحركة للتاريخ.
ما يجعل التاريخ جديرًا بالتأمل هو قدرته على التجدد. إنه ليس مسارًا ينتهي عند نقطة، بل حركة دائمة تعيد تشكيل نفسها بشكل أعقد وأكثر شمولية. وكما قال هيغل، "العقل يسير عبر التاريخ"، فإن هذا السير ليس خاليًا من الألم والصراع، بل هو اختبار مستمر لإرادة الإنسان وقدرته على تجاوز أزماته.
المستقبل ليس قدرًا محتومًا، بل مشروع يُصاغ بإرادة الإنسان ووعيه. نحن اليوم في لحظة فارقة من التاريخ، حيث تواجه البشرية مسؤولية إعادة تشكيل العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وبين الفرد والمجتمع. النظام الذي سيأتي بعد الرأسمالية لن يكون وليد الصدفة، بل نتيجة لتفاعل وعي الإنسان مع تناقضات الحاضر.
ما يجعل التاريخ جديرًا بالتأمل هو قدرته على التجدد. إنه ليس مسارًا ينتهي عند نقطة، بل حركة دائمة تعيد تشكيل نفسها بشكل أعقد وأكثر شمولية. وكما قال هيغل، "العقل يسير عبر التاريخ"، فإن هذا السير ليس خاليًا من الألم والصراع، بل هو اختبار مستمر لإرادة الإنسان وقدرته على تجاوز أزماته.إذا كان التاريخ معلمًا، فهو بالتأكيد ذاك النوع من المعلمين الذي يعيد نفس الدرس مرارًا، ليس لأنه يريدك أن تفهم، بل لأنه يعتقد أن رؤيتك تتعثر في نفس النقطة ممتعة للغاية. وربما يبتسم الآن، كما لو كان يقول: "لا تقلقوا، لدي المزيد من الأزمات والمفاجآت في جعبتي!"
ولكن لنكن صريحين، ربما نحن البشر لسنا أفضل طلاب في صفه. نعيد الأخطاء نفسها، فقط مع تعديلات عصرية: اليوم نحارب من أجل الموارد الرقمية بدلًا من الأراضي الزراعية، ونتجادل حول من يملك البيانات بدلًا من الذهب.
وربما الحل يكمن في أن نغير موقفنا: بدلًا من محاولة هزيمة التاريخ أو تجاوزه، فلنضحك معه. وإذا استمر في كتابة نفس السيناريوهات، فلنجرب نحن أن نرتجل نهاية مختلفة… أو على الأقل نطلب استراحة كوميدية وسط هذه الدراما المتكررة!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التحولات العالم اقتصادي اقتصاد العالم رأي تحولات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نظام ا
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي.. وصياغة التاريخ الموازي
منذُ أن بَزغَ فجرُ الخوارزميّات الذكيّة القادرة على إنتاج اللغة والصورة والمرئيات بقدراتٍ تُحاكي مخيّلة الدماغ البشريّ، انفتحتْ لنا نافذةٌ غير مسبوقة على ما يمكن أن نسمّيه «مجرَّة الاحتمالات التاريخيّة» الذي نقصد به الفضاء اللامتناهي من السيناريوهات التي لم تقع، ولكنها -لو وقعَتْ- لكان بوسعها أن تُبدِّل من مسار الحضارات الإنسانية وصورتها، ولعلّ ما نطلق عليه بـ«التاريخ الموازي» أو بـ«التاريخ المضاد» (Counterfactual History) يثير شغفنا باعتباره حقلًا نظريًّا ينشطُ حِينًا ويخبو أحايينَ؛ فيستهوي بعضَ المؤرِّخين والفلاسفة عبر طرح أسئلة تخالف أبجديات التاريخ وقواعده الثابتة، مثل: ماذا لو لم يُقتل يوليوس قيصر؟ ماذا لو انتصر العربُ في بلاط الشهداء؟ ماذا لو أُجهِضت الثورةُ الصناعيّة في مهدها؟ ماذا لو انتصر العربُ في حرب 1967 أو قبلها في حرب 1948؟ بيدَ أنّ هذه التساؤلات ـ قبل ظهور الذكاء الاصطناعي ـ كانت تنتمي إلى ضربٍ من العبث العقلي أو التأمّل الفلسفي غير الخاضع للقياسات المنطقية؛ إذ يفتقر الباحثُ إلى أدواتٍ تجريبية تمنحه القدرة على إخضاع مثل تلك الفروض لاختبارٍ شبه علمي.
لكننا اليوم، ومع تطوّر نماذج المحاكاة القائمة على خوارزميات التعلّم العميق والشبكات العصبيّة، أضحى بإمكاننا أن نزوّد هذه الخوارزميات الذكيّة بمكتباتٍ ضخمة من الوقائع، والمعطيات الاقتصاديّة، والديموغرافيّة، ونُطلقها لتُنجِزَ ملايينَ المحاكاة التي تتعقّبُ التغيّر البنيويّ لحدثٍ واحدٍ إذا انحرفَ عن مساره قيدَ أنملة؛ ليغدو الذكاءُ الاصطناعي أداةَ «إحياء» لا للتاريخ كما كان، ولكن للتواريخ الممكنة التي لم تكن؛ فيمدّنا بسرديّاتٍ بديلة تُظهِر مآلاتٍ تقترن بزمنٍ متخيَّل، ولكنها مُرتكَزةٌ علميًّا على نماذج سببيّة واحتمالات دقيقة. من المعلوم أن المؤرِّخَ التقليديّ يعتمد على الوثائق والشهادات والآثار المادّيّة، وبمعنى عام، يكون اعتماده على ما تبقّى من الأثر في الزمن، ولكنّ الخوارزميّات تُضيفُ إلى هذا الثالوث بُعدًا رابعًا، سنطلق عليه «الاحتمال المُحاكَى»؛ لتُرَكِّب بُنيانًا من البيّنات وتنسج خريطة علاقات سببيّة، ثمّ تُعطى حرّيّة تعديل عقدةٍ واحدة من عقد هذه الشبكة لترى كيف سيُعاد ترتيب الأنماط؛ فإذا أبدلنا نتيجةَ معركةٍ حاسمة أو قُيِّض لقائدٍ ما أن ينجو من الاغتيال؛ تدحرجت التأثيراتُ كسلسلة «دومينو» في نموذج رياضيّ يمكن تتبّعه عدديًّا وصُوَريًّا.
لا أستبعد أن يقول قائلٌ: أليست هذه مُغالاة في الثقة بقدرة الآلة -الذكاء الاصطناعي- في إعادتها لصياغة الأحداث ومساراتها المستقبلية؟ بلى، ويبقى الحذرُ واجبًا؛ فلا يملك الذكاء الاصطناعي معرفةً واعيةً بالماضي، وإنما يتوقّع تركيب الأنماط ويعيد تصميمها وفقًا لما لُقِّنَ من بيانات. غير أنّ قيمته الحقيقية لا تكمن في المطابقة القطعيّة ولا في النبوءة الغيبيّة، ولكن في أنّه يوفّر لنا «مِرآةً مُفترَضة» نعكس عليها تصوّراتنا؛ فنقارن بينها وبين الوقائع الحقيقيّة؛ لنفهمَ بشكل أعمق قانونَ الصدفة والضرورة في التاريخ.
تفترض التصوراتُ العقلية أنه حين تُمنح المجتمعاتُ الإنسانية فرصةَ الاطّلاعِ على سرديّات بديلة وفق المحاكاة العلمية؛ فإن بنيةَ الوعي تتغيّر وفقَ عدة سُبل، وأول هذه السبل أن ينكسر وَهْمُ الحتميّة التاريخيّة؛ إذ يدرك الفرد الإنساني أنّ المسارات الكبرى ليست قدَرًا محتومًا، وإنما حصيلةُ قراراتٍ بشريّة قابلةٍ لأن تُسلكَ أو تُستبدَل وتتفاعل مع قانون السببية والاحتمالات الكونية المتعددة، ويُحرّر مثل هذا الإدراك طاقاتٍ سياسيّة جديدة، لأنّ الفرد يرى في الحاضر مفصلًا مفتوحًا، لا ذيْلًا مقطوعًا من ماضٍ مكتوبٍ على حجر. ثاني هذا السبل أن تُسهم هذه «الواقعات المضادّة» في توسيع مخيّلة «المظلوميّات التاريخيّة»؛ فيمكن للشعوب التي تعرّضت للاستعمار أو الإبادة أن تجد ـ عبر المحاكاة ـ صورًا من التاريخ النزيه الذي حرمها إيّاه المنتصرون «المعتدون»، ولا يعني ذلك استبدال الماضي بحلم منزوع الواقعية، وإنما يكون عن طريق توزيع حسّ العدالة الرمزيّة؛ ليُعطي الضحيّةَ أفقًا روحيًّا للتعافي الجمعيّ. ثالث هذه السبل، نراه فيما يخص حقل علوم السلوك السياسيّ؛ حيثُ توفّر هذه النماذج مختبرًا افتراضيًّا لاختبار السياسات قبل تطبيقها؛ فيمكن لمحاكاةٍ مستندةٍ إلى تاريخٍٍ بديلٍ أن تكشفَ مخاطرَ أو فرصًا ما كانت لتظهر بالتنبّؤ الاستنباطيّ وحده.
يُعيدنا هذا كلّه إلى سؤالٍ جوهري: ما مفهومنا للتاريخ؟ هل هو تسلسلُ ضروراتٍ تحدّدها بنيةُ الأنظمة الاقتصاديّة والطبيعيّة؟ أم أنّه رقصة الاحتمالات حول محورٍ من القرارات الإنسانيّة الحرّة؟ لا أملك إجابات حتمية لهذه الأسئلة، ولكن جلَّ ما أدركُه أنّ الذكاءَ الاصطناعي ذو قدرةٍ على تمثيل آلاف الشُعَب الزمنيّة؛ ليوغل بنا في رؤيةٍ «كوسمولوجيّة»، حيثُ يتجاور الماضي الواقعيّ مع أطيافٍ لا تُعدّ من الأزمنة المحتملة، وتصبح سلسلة الوقائع أشبهَ بمتعدِّدٍ «طوبولوجيّ»، لا خطًّا مستقيمًا. هنا يلتقي العلمُ بالرياضيات الإحصائيّة مع الفلسفة القاريّة في نقدها لفكرة «التقدّم الخطيّ»، ويلتقي أيضًا مع قواعد الفيزياء الكوانتمية التي ترى الواقعَ «دالة موجيّة» تتقلّص إلى حدثٍ واحدٍ يعكس الوجود اللحظي الذي نعيش فيه؛ فالاحتمالات وفقَ النظام الكوانتمي متعددة ولها عوالمها الموازية التي تشمل ما نسميّه بالتاريخ الموازي.
في حالة مغايرة تستدعي يقظة وعينا، نجد أنّ فتح بوّابة «التواريخ البديلة» ليس فعلًا عادلا محضا؛ فيمكن لبعض الأنظمة السياسيّة أو الاقتصاديّة أن توظّفها لصنع سرديّات ترويجيّة تتلّبس بلباس العلم؛ فتختار المعطيات وتُعيد وزنها لتصيغ مستقبلًا مرغوبًا؛ فتدّعي أنّه المسار «الأكثر ترجيحًا»؛ فتتقاطع -حينها- المحاكاة مع تصورات الرأي العام، وتصبح الخطورةُ كامنةً في قدرة الخوارزميّة على إنتاج قصصٍ «مقنِعةٍ» بصريًّا ولسانيًّا تؤثّر في اللاوعي الجمعيّ أكثرَ من الخُطب والشعارات، وحينها يتطلب الأمر صياغة مواثيق أخلاقيّة تُنظّم استعمال هذه التقنيات؛ لتوثّقَ مصادرَ البيانات، وتُعلن افتراضات النموذج، وتمنح الباحثين تدقيق التصوّر الخوارزمي للمسار التاريخي ونموذجه المستوحى والمُحاكَى؛ لنتجنب عدم تحوّل المحاكاة من مختبرٍ معرفيّ إلى «مصنع أوهام» تخدم مصالح مجتمعات على حساب مجتمعات أخرى.
لابد أن نقرَّ أن الإنسان -بإرادته وتفوّقه العلمي- منح الذكاءَ الاصطناعي قدرةً غير مسبوقة على تفكيك الزمن وإعادة ترتيبه وفقَ رغبات الإنسان نفسه، لا لنهرب من الماضي، ولكن لنعيد تأويله ونكشف هشاشته، ولهذا من العدالة أن نتصور أنّ إحياء الواقعات المضادة ليس تمرينًا سرديًّا فحسب؛ ولكنّه مشروعٌ معرفيٌّ يعيد الإنسانَ إلى مركز الفعل التاريخيّ بعد أن ظنّ أنّه أسيرُ قَدَرٍ اقتصادي أو سياسي أو جينيّ، وإذا كانت الفلسفة ـ كما يقول الفيلسوف الألماني هوسرل ـ «علم البدايات المطلقة»؛ فإنّ هذه التقنية يمكن أن تمنحنا بدايةً جديدةً للتفكير في التاريخ: لا باعتبارها تراكم ما حدث، ولكن باعتبارها فضاء لما كان يمكن أن يحدث، ولا يزال بعضُه ممكنًا في مستقبلٍ لم يحن موعده بعد. هكذا، حين نجعل من الخيال المُحاكَى مختبرًا للعقل؛ فإننا نستعيد القدرةَ على السؤال، ونوسّع مساحةَ الحريّةِ العقلية ومخيّلته، ونمنح الأجيالَ القادمة وعيًا أكثر مرونةً واستعدادًا لكتابة فصولٍ أقلّ بؤسًا؛ فالذكاء الاصطناعيُّ، إن حَسُن استعماله؛ فإنه يُعيدنا إلى تلك اللحظة «البروميثيوسيّة» الأولى حين سرق الإنسانُ الأول النارَ من الآلهة -وفقَ خيالات الأدب الأسطوري القديم-؛ ولكنّ نارَ الاحتمالات -كما في معرض مقالنا وفرضياته المذكورة- لا تحرق، وإنما تُضيء ممرات التاريخ المظلمة؛ فترشدنا إلى دروبٍ ما كانت لتُعرفَ لولا رياضيات الخيال الخوارزميّ وملاحمه التاريخية القابلة لإعادة أحداثها ومساراتها.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني