في هذا الوقت الضاغط على أعصاب اللبنانيين المتأرجحين بين استمرار العدو الإسرائيلي بالتحكّم بالبلدات والقرى التي لا تزال خاضعة لهيمنته، وبين العراقيل السياسية التي توضع على الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام، وبين العراضات الاستفزازية، التي اعتقد كثيرون بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية أنها ولتّ إلى غير رجعة، صدر بيان عن رئيس الهيئة التنفيذية في حركة "أمل" مصطفى الفوعاني عُمّم على جميع عناصرها، وقضى بمنع المشاركة أو القيام بأي تحرك أو نشاط استفزازي يتعارض مع توجيهات قيادة الحركة القاضية باحترام خصوصية اللبنانيين بكافة طوائفهم ومناطقهم وخاصة "مسيرات الدراجات النارية".

وأكدت الحركة أن مخالفة هذا التعميم تعرض المخالفين له لطائلة المساءلة التنظيمية وصولا الى الطرد من صفوف الحركة.

وما يميز هذا البيان هو التذكير بمقولات للإمام المغيب السيد موسى الصدر الذي اعتبر "أن الوحدة الداخلية أفضل وجوه الحرب مع العدو"، وللرئيس نبيه بري الذي يقول بأن "الوحدة الوطنية والعيش الواحد أساس بقاء لبنان."

ولكن ما جاء في هذا البيان في هذا التوقيت بالذات يحمل أكثر من معنىً وأكثر من عنوان رئيسي لا يسع المرء إلا أن يتوقف عنده مليًا ليكتشف ما يخبئه المستقبل من تطورات قد كشف جزءًا منها ما جاء في بيان حركة "أمل" من مضامين كثيرة، ومن أبرزها التالي:

أولًا، يعكس ما جاء في حرفية البيان والأهمّ ما فيه من معانٍ وطنية بدت واضحة في ما أُمكن قراءة ما بين السطور من تململ متصاعد لدى الرئيس بري شخصيًا من الحالة العامة، التي وصلت إليها الطائفة الشيعية بسبب "حرب الاسناد"، التي أدّت إلى أفسحت في المجال أمام العدو الإسرائيلي الذي أقدم على القتل الجماعي من دون رادع، وإلى تخريب القرى الحدودية، ومعظمها شيعية، عن بكرة أبيها، وهو مستمر حتى هذه اللحظة في استباحة السيادة اللبنانية عبر التفجيرات التي يقوم بها في البلدات والقرى، التي لا يزال يحتلها، أو عبر استهداف مناطق خارج جنوب الليطاني كالنبطية مثلًا، التي استهدفها بغارات موجعة.

ثانيًا، على رغم أن الرئيس بري، الذي شارك عبر حركة "أمل" في جزء من "حرب الاسناد"، فإنه لم يذهب بعيدًا في خياراته الوطنية كما فعل "حزب الله"، وتصرّف بالفعل وليس بالقول بأنه "الأخ الأكبر" ليس لـ "الحزب" فحسب، بل لجميع اللبنانيين، وذلك انطلاقًا من حرصه على الوحدة الوطنية، وهو الذي تخّلى في يوم من الأيام عن وزير شيعي من حصته لتأمين انطلاقة سليمة لإحدى حكومات الرئيس سعد الحريري.

ثالثًا، يمكن اعتبار هذا البيان بمثابة جرس انذار بما يُخشى أن يؤسس لمرحلة مفصلية في الحياة السياسية القائمة على توازنات دقيقة للغاية لا يمكن التلاعب فيها بطرق مختلفة، مرّة عبر "القمصان السود"، وطورًا عبر تخريب خيم ساحة الشهداء أيام "انتفاضة 17 تشرين الأول"، وأخيرًا "العراضات الاستفزازية" في مناطق تُعتبر سياسيًا على تناقض جوهري مع "حزب الله".
رابعًا، لقد أرد الرئيس بري من خلال هذا البيان توجيه رسائل مزدوجة إلى كل من "حزب الله"، الذي يتشارك معه "على الحلوة والمرّة"، وإلى شريكه الآخر في المواطنة على رغم الاختلاف بينه وبين هذا الشريك في أمور كثيرة.

بالنسبة إلى مضمون الرسالة الأولى التي وجهها الرئيس بري إلى "حزب الله"، والتي شاءها واضحة المعالم يمكن وضعها في خانة المطالبين بعودة "الحزب" إلى الداخل اللبناني بعد كل هذه المآسي، التي تعرّضت لها الطائفة الشيعية عن طريق رهن قرارها بالخارج. وما يقوله الرئيس بري لـ "أخيه الصغير" لا يمكن لغيره قوله، لأنه لا يسعى سوى إلى توحيد الجهود من أجل النهوض بالبلد، خصوصًا أن ما أظهره الآخرون، مسيحيين وسنّة ودروزًا، خلال فترة النزوح من التضامن العفوي والطبيعي، يثبت أن لا غنى للبنانيين عن بعضهم البعض، وإن باعدت بينهم ظروف خارجية ضاغطة.

أمّا الرسالة الثانية فقد أرادها الرئيس بري أن تصل إلى الآخرين المختلفين في نظرتهم إلى القضايا الوطنية مع نظرة "حزب الله" وحركة "أمل"، ليقول لهم بأن السلم الأهلي خط أحمر بالنسبة إليه، وأنه يرفض أي أمر قد يقوّض هذا الاستقرار حتى ولو جاء من القريب قبل البعيد.

وعليه، فإن الرئيس بري استطاع أن يتجاوز بعض الشكليات الظرفية لينتقل إلى جوهر العلاقات اللبنانية – اللبنانية من خلال رفضه كل شيء يمكن أن يعكّر صفو هذه العلاقات، على أمل إقناع "حزب الله" في مرحلة متقدمة بالسير نحو الأمام بعد أن يطوي صفحة من صفحات الماضي غير المشرق.  
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: هذا البیان الرئیس بری حزب الله

إقرأ أيضاً:

مغردون يرحبون بصواريخ الحوثي التي ضربت إسرائيل

شهدت منصات التواصل الفلسطينية والعربية تفاعلات واسعة مع تطور الأحداث في إسرائيل، فقد أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية صباح اليوم الأربعاء عن اعتراض صاروخ أُطلِق من اليمن باتجاه إسرائيل، ليكون بذلك الصاروخ الثالث خلال 24 ساعة فقط، وهو ما يعد مؤشرا واضحا على تصاعد وتيرة الهجمات، خاصة بعد إعلان جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) استثناء إسرائيل من الاتفاق مع الولايات المتحدة.

ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، توقفت حركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون الدولي أثناء اعتراض الصاروخ، وسط حالة من الاستنفار الأمني الواسع، مشيرة إلى أن الصاروخ اليمني كان قريبا من الوصول إلى هدفه قبل نجاح عملية الاعتراض.

بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن عمليتي استهداف مطار اللد "بن غوريون" بصاروخ باليستي "ذو الفقار" وصاروخ باليستي آخر "فرط صوتي" يُعدّ الصاروخُ الثالثُ خلال أقلّ من 24 ساعة – 14 مايو 2025م pic.twitter.com/ax9ujzQnkN

— العميد يحيى سريع (@army21yemen) May 14, 2025

وأدى الهجوم إلى تعليق مؤقت لعمليات الهبوط والإقلاع في مطار بن غوريون، في أجواء مشحونة بالقلق والتأهب، لا سيما بعد تكرار هذه الضربات خلال فترة قصيرة.

سماء القدس قبل قليل
صاروخ يمني pic.twitter.com/Yz3XcWeILv

— همام شعلان || H . Shaalan (@osSWSso) May 14, 2025

إعلان

 

وتفاعلا مع استهداف إسرائيل -للمرة الثالثة- بصواريخ يمنية، قال مدونون "نحن أهل غزة، لقد نصرنا الله بجند اليمن. لم يثبت معنا في الميدان إلا جند اليمن. ثلاثة صواريخ عربية يمنية في 24 ساعة زلزلت كيان العدو الإسرائيلي".

نحن أهل غزة لقد نصرنا الله بجند اليمن
ولم يثبت معنا في الميدان إلا جند اليمن
ثلاثة صواريخ عربية يمنية في 24 ساعة، زلزلت كيان العدو
ولا غالب إلا الله

— د. فايز أبو شمالة (@FayezShamm18239) May 14, 2025

كما أوضح مدونون أن مأساة غزة منسية عالميًا، في حين تضرب صواريخ اليمن في عمق وكر عصابة الإجرام الإسرائيلي، وكان تأثيرها أشد وقعًا على مجرم الحرب نتنياهو من أي ضغط دبلوماسي أو اقتصادي.

صواريخ اليمن عندنا بالقدس!
هلا باليماني! pic.twitter.com/vEkSHnrsGm

— CosmoTrade | تجارة الكون (@Cosmos_politic) May 14, 2025

وأشار آخرون إلى أن صواريخ القوات المسلحة اليمنية تجاوزت حدود الجغرافيا، فضربت عمق إسرائيل المكشوف، وأربكت اقتصاده ومجتمعه، وفضحت هشاشة منظوماته الأمنية التي تباهى بها لعقود، كما أحرجت قيادته أمام الداخل الإسرائيلي.

صواريخ القوات المسلحه اليمنية تجاوزت الجغرافيا، فضربت عمق الكيان الصهيوني المكشوف، وأربكت اقتصاده ومجتمعه، وفضحت هشاشة منظموماته التي تباها بها عقود وكذلك اربكت قيادته أمام شعبه..

— جنود الله (@KungStar370074) May 13, 2025

وقال أحد المغردين "اليمن وصواريخ اليمن تثير ذعرا كبيرا في إسرائيل، ومطارات إسرائيل تحت قصف الصواريخ اليمنية".

صواريخ اليمن تزمجر في سماء فلسطين المحتلة

ثلاثة صواريخ خلال 24 ساعة

— مصطفى الخطيب (@mustafa_khatiib) May 14, 2025

وأجمع نشطاء على أن اعتراض الصاروخ اليمني في أجواء مطار بن غوريون لا ينقص من نجاحه، بل يعد في المفهوم العسكري "ضربة دقيقة" لما خلفه من خسائر اقتصادية وإرباك وهلع وإصابات بسبب الشظايا وحالات التدافع نحو الملاجئ، وهي تأثيرات تُعادل تمامًا وصول الصاروخ إلى هدفه.

إعلان

ويستهدف الحوثيون إسرائيل بالصواريخ -بحسب قولهم- نصرة للفلسطينيين في غزة، ويقولون إنهم مستمرون في ذلك طالما تواصل إسرائيل حرب الإبادة في القطاع الفلسطيني.

والأحد الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين، بعد وساطة قادتها سلطنة عمان، وهو ما وصف في إسرائيل بـ"المفاجئ". غير أن الحوثيين أكدوا أن الاتفاق مع واشنطن لا يشمل إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • «مصطفى بكري»: السيسي هو الرئيس الوحيد الذي قال «لا » لـ ترامب
  • حول البلطجة التي تعرض لها ابراهيم نقد الله في القاهرة! 
  • أهم حدث في الساحة حاليا هو العدوان الذي يتعرض له السودان من تحالف دولي يدمر في بنيته التحتية
  • حماس: تقويض نتنياهو لجهود الوسطاء يكشف العقلية الإجرامية لهذا الكيان
  • أذكار الصباح اليوم الخميس 15 مايو 2025.. «بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيء»
  • ما الذي قد تفعله إيران بـسلاح حزب الله؟ تقريرٌ يكشف
  • الرئيس أحمد الشرع: وخلال الستة أشهر الماضية، وضعنا أولويات العلاج للواقع المرير الذي كانت تعيشه سوريا، وواصلنا الليل بالنهار، فمن الحفاظ على الوحدة الداخلية والسلم الأهلي، وفرض الأمن وحصر السلاح، إلى تشكيل الحكومة واللجنة الانتخابية.
  • المصالحة أو الانهيار التام… الخيار لكم
  • الأوقاف: الزلازل من جنود الله وآياته التي تقرع بها القلوب
  • مغردون يرحبون بصواريخ الحوثي التي ضربت إسرائيل