في خريف عام 1066، عبر وليام، دوق نورماندي (منطقة جغرافية وثقافية، وتقع في الشمال الغربي من فرنسا)، القنال الإنجليزي ليواجه آخر ملك أنجلوسكسوني يحكم إنجلترا هارولد الثاني في معركة هاستينغز الحاسمة. كان الانتصار النورماني إيذانًا ببدء عهد جديد في تاريخ إنجلترا، حيث تغيّرت اللغة، والثقافة، ونظام الحكم.

أعلنت الحكومة الفرنسية الجمعة أن الدولة ستشارك في إعادة تأهيل نسيج بايو وبناء متحف جديد لهذه "الحكاية المطرّزة" الشهيرة التي يبلغ طولها 70 مترا وتروي قصة غزو النورمان (وسمَّاهم العرب قديمًا الأردمانيون) لإنجلترا عام 1066.

وقالت وزيرة الثقافة رشيدة داتي إن "الدولة ستتكفل كل تكاليف ترميم المنسوجة التي تعود ملكيتها لها، وستخصص لها أكثر من مليوني يورو، من إجمالي التمويل البالغ 13 مليونا".

وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع 38 مليون يورو. ويشارك في تمويله أيضا كلّ من إقليم نورماندي ومقاطعة كالفادوس بمبلغ 10.5 ملايين يورو، إضافة إلى 7 ملايين يورو من بلدية مدينة بايو في غرب فرنسا.

رحلة تاريخية عبر خيوط الزمن

ظل النسيج محفوظًا لقرون في كاتدرائية بايو، حيث وُثّق ظهوره لأول مرة في قوائم الجرد في القرن الـ15. ومنذ ذلك الحين، مر بمراحل من الإهمال والحماية، إذ نجا من الحروب والاضطرابات السياسية التي عصفت بفرنسا. وخلال الثورة الفرنسية، كاد هذا النسيج يُستخدم كغطاء لعربة عسكرية، لكن الحظ أنقذه ليبقى شاهدًا على تاريخ مضى.

مجموعة من الزوار يتأملون "نسيج بايو" أو "نسيج الملكة ماتيلدا" في مدينة بايو غرب فرنسا، ويروي قصة غزو إنجلترا على يد وليام الفاتح عام 1066 (الفرنسية)

في عام 1803، أمر نابليون بعرضه في باريس، حيث أدرك قيمته الدعائية، إذ كان يخطط لغزو بريطانيا، فرأى في هذا النسيج إلهامًا رمزيًّا يعكس انتصار النورمان على الإنجليز. ومع فشل مشروعه العسكري، أُعيد النسيج إلى بايو، حيث ظل موضع اهتمام المؤرخين وعلماء النسيج والفن.

إعلان

وشدّد المسؤول عن حفظ المنسوجة أنطوان فيرنيه، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، على "ضرورة إعادة النظر في ظروف عرض" هذه التحفة الفنية.

وهذه المنسوجة التي طُرزت في القرن الحادي عشر والمعروضة عموديا منذ عام 1983 في ممر طويل على شكل حرف "يو" (U) في متحف في بايو، تروي قصة غزو إنجلترا على يد وليام، دوق نورماندي، الذي أصبح في ما بعد "وليام الفاتح".

إلا أن طريقة العرض العمودية الحالية تُسبِّب "ضغطا كبيرا على هذا النسيج الذي يعود تاريخه إلى ألف عام، مما يفرض عرضه من الآن فصاعدا بطريقة مائلة"، وفقا للقيّم عليه. ويتطلب ذلك "إنشاء مقر حفظ جديد له يتجاوز طوله 70 مترا".

"نسيج بايو".. محاولة غزو فرنسا لإنجلترا وذاكرة تأبى النسيان (الفرنسية)

وأشار فيرنيه إلى أن لا معطيات كافية عن طريقة حفظ هذه المنسوجة حتى نهاية القرن الخامس عشر، "عندما ظهرت في قائمة جرد محتويات الكاتدرائية".

وأفاد فيرنيه بأن المنسوجة باتت تستلزم اليوم يقظة شديدة لحمايتها من عامِلَي الضوء والهواء المحيط اللذين يضرّان بها.

وشرح أن المنسوجة المصنفة كأثر تاريخي والمدرجة من اليونسكو ضمن سجلّ "ذاكرة العالم"، ينبغي أن تُحفظ في حرارة تبلغ 19 درجة، ومستوى رطوبة بنسبة 50%، وبحد أقصى من الضوء قدره 50 لوكسا، في حين أنها معروضة اليوم في مكان شبه مظلم.

وسيُقفل المتحف لهذا الغرض في سبتمبر/أيلول 2025 على أن يُعاد فتحه في 2027، بعد استحداث امتداد مساحته 11 ألف متر مربع لمكان الحفظ الحالي.

مع مرور الزمن، أصبحت الحاجة مُلحّة للحفاظ على هذه التحفة النادرة من التلف الذي يُسببه الضوء والرطوبة والهواء، إذ إن الألياف الطبيعية المستخدمة في النسيج بدأت تتأثر بعوامل الزمن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

مجلة لوبوان الفرنسية: إسرائيل لاتزال عالقة في فخ غزة

ذكرت مجلة لوبوان الفرنسية انه بالرغم من مرور أكثر من عام ونصف على الحرب على قطاع غزة، لم تتمكن إسرائيل من حل أي من المعضلات التي تواجهها، بل على العكس تماما يزداد الوضع تأزما.

واعتبرت المجلة الفرنسية في افتتاحيتها أن الخطة الجديدة لتوسعة العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة والتي وافقت عليها حكومة نتنياهو في الخامس من مايو الجاري لاستعادة السيطرة على قطاع غزة ستجلب المزيد من الكوارث، حيث انها لا تهدد بتفاقم المحنة المأساوية التي يعيشها المدنيون الفلسطينيون فحسب، بل ستعرض حياة الرهائن للخطر أيضاً، حيث يعتقد أن عشرين منهم على الأقل ما زالوا على قيد الحياة من اجمالي 59 شخصاً ما زالوا محتجزين لدى حركة حماس، وعلاوة على ذلك، فمن المرجح أن تؤدي الخطة إلى تفاقم الانقسامات العميقة بالفعل داخل المجتمع الإسرائيلي، وزيادة عزلة إسرائيل على الساحة الدولية.

وأضافت المجلة ان استمرار الأعمال العدائية لن يرضي سوى الجناح المتطرف في الائتلاف الحاكم في إسرائيل، حيث يأمل اليمين الإسرائيلي المتطرف أن تسمح له الفوضى بتحقيق مخططاته في ضم أراضي وطرد السكان الذين يعيشون فيها.

أما بالنسبة لبنيامين نتنياهو، الذي لا يزال يرفض تحمل نصيبه من المسؤولية عن الكارثة الأمنية التي وقعت في السابع من أكتوبر، فقد سمح استمرار الحرب له باقصاء حلفائه المتشددين وهو ما جنبه اجراء انتخابات مبكرة وحال دون صدور أحكام في قضايا الفساد التي يحاكم فيها.

وترى "لوبوان" ان عودة احتلال غزة عسكرياً من شأنه أن يجعل إسرائيل تواجه مجددا صعوبات في إدارة شعب يبلغ تعداده 2.1 مليون نسمة. وهذا ما دفع في المرة السابقة رئيس الوزراء آنذاك، أرييل شارون، إلى الانسحاب من غزة في عام 2005 وهدم المستوطنات التي بنيت هناك. لذلك فان الغالبية العظمى من الإسرائيليين يرون عودة تطبيق هذه الخطة اليوم سيكون بمثابة خطوة كارثية إلى الوراء: فوفقاً لاستطلاعات الرأي فإن أكثر من 60% منهم يعارضون عودة احتلال غزة.

وتهدف خطة نتنياهو الجديدة إلى نقل السكان المدنيين الذين سيتم تشجيعهم على الهجرة طوعا الى منطقة إنسانية في جنوب القطاع، وسيتم استئناف توزيع المساعدات الغذائية التي تم حظرها منذ الثاني من مارس تحت حراسة مرتزقة أمريكيين.

وعلى النقيض من أغلب أسلافه، أراد نتنياهو أن يجعل شعبه يعتقد أن الرخاء يمكن ضمانه من دون السلام، متجاهلاً أن احتلال الأراضي واستعمارها لا يمكن إلا أن يؤدي إلى تأجيج الصراع ويؤدي إلى المزيد من الاضطرابات.

لقد تخلى نتنياهو عن ضبط النفس بفضل الدعم غير المشروط الذي يحصل عليه من دونالد ترامب. ولكن في واقع الامر ينأى الرئيس الأمريكي بنفسه عن نتنياهو. ففي الأسابيع الأخيرة، انخرطت إدارته بشكل مباشر مع حركة حماس (التي وافقت في المقابل على إطلاق سراح آخر رهينة إسرائيلي أمريكي على قيد الحياة)، وهي تتفاوض مع إيران، وتوصلت معها إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من جانب الحوثيين يستثني إسرائيل.

وخلصت المجلة الفرنسية الى انه من دون أن تضمن دعما دبلوماسيا، ومن دون رؤية لتسوية سياسية للقضية الفلسطينية، ومن دون حل لإطلاق سراح الرهائن، فإن حكومة نتنياهو تدفع الدولة العبرية إلى فخ غزة كل يوم. وهذا هو بالضبط ما أراد قائد حماس الراحل يحيى السنوار أن يأخذه إليه. فربما قضى الجيش الاسرائيلي على العقل المدبر للحرب التي تم شنها يوم السابع من أكتوبر، لكن الفخ الذي نصبه لا يزال قائما.

اقرأ أيضاًالأمم المتحدة: الوجبات اليومية المقدمة للفلسطينيين في غزة انخفض بنسبة 70%

القاهرة الإخبارية: مقترح ويتكوف يتضمن صفقة لوقف دائم لإطلاق النار بغزة

جوتيريش يجدد دعوته العاجلة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة

مقالات مشابهة

  • أيه الحكاية؟.. أحمد سعد وهاني رمزي ينطلقان إلى أستراليا
  • مجلة لوبوان الفرنسية: إسرائيل لاتزال عالقة في فخ غزة
  • انقطاع الكهرباء يسبب اختناقات مرورية في بريطانيا.. ايه الحكاية؟
  • الشباب والمستقبل: أنت صانع الحكاية
  • فرنسا: تكلفة مشروع "سيجيو" لطمر النفايات النووية ترتفع إلى 37 مليار يورو
  • المشاريع الانفصالية وتحديات الوحدة الوطنية.. قراءة قانونية في تأثيرها على النسيج المجتمعي
  • الجزائر تطرد عنصرين من جهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسية
  • حب بوسي شلبي ومحمود عبدالعزيز.. حكاية دافع عنها نجوم وشهود من قلب الحكاية
  • عرافة| سبب غريب وراء قطيعة العندليب والموجي.. إيه الحكاية؟
  • العلاقات الجزائرية- الفرنسية على صفيح ساخن