دروس من تجربة الحرب الراهنة
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
دروس من تجربة الحرب الراهنة
تاج السر عثمان بابو
1أشرنا سابقا إلى أن الحرب اللعينة الراهنة، جاءت بهدف الصراع على السلطة وتصفية الثورة، وبدعم إقليمي ودولي لطرفي الحرب بالمال والسلاح بهدف نهب ثروات البلاد، وإيجاد موطئ قدم لها على ساحل البحر الأحمر.
فهي حرب كما أكدت التجربة بين مليشيات الإسلامويين وصنيعتهم الدعم السريع، كما في التهجير والنزوح الواسع الجاري لسكان ولايات الخرطوم، الجزيرة، دارفور، وبقية الولايات، وتدمير المصانع ومواقع الإنتاج الزراعى والخدمي و البنية التحتية، والنهب الكبير للأسواق والبنوك وممتلكات المواطنين ومنازلهم وعرباتهم، ومحاولات محو آثار البلاد الثقافية، وإضعاف البلاد ومواقع القوى الثورية المؤثرة في الحراك الجماهيري، فهى حرب ضد المواطنين وقوى الثورة كما في القمع وحملات الاعتقالات والاغتيالات والتعذيب الوحشي والمحاكمات الجارية، والبلاغات الكيدية التي يقوم بها طرفا الحرب ضد المعارضين السياسيين ولجان المقاومة والناشطين في لجان الخدمات.
إضافة لخطر المجاعة وتحويل الحرب، الى أهلية وعرقية واثنية تهدد أمن المنطقة والسلام الإقليمي والدولي، ودعوات تكوين الحكومة الموازية في مناطق الدعم السريع التي تهدد بتقسيم البلاد، وأدت إلى انقسام في تحالف “تقدم” بسببها ووجدت الدعوة رفضا واسعا من المواطنين، فلا بديل لوقف الحرب، والسماح بمرور الاغاثة والدواء للمتضررين، وخروج الدعم السريع والجيش من السياسة والاقتصاد ومن المدن.
انفجرت الحرب اللعينة بعد تصاعد المقاومة لانقلاب 25 أكتوبر، ومجازر دارفور والمناطق الطرفية الأخرى، وبعد أن أصبحت سلطة انقلاب 25 أكتوبر قاب قوسين أو أدنى من السقوط، وعقب الصراع الذي انفجر في الاتفاق الإطاري حول الإصلاح الأمني والعسكري في قضية الدعم السريع حول مدة دمج الدعم السريع في القوات المسلحة، فضلا عن توفر الظروف الموضوعية لإسقاط الانقلاب، كما في الثورات والانتفاضات السابقة التي أسقطت الأنظمة العسكرية الديكتاتورية بسلاح الاضراب السياسي العام.
3 وتبقى أهم دروس الحرب اللعينة في الآتي:– طرفا الحرب ارتكبا جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وعنف جنسي وجرائم ضد الانسانية، وهي امتداد للجرائم السابقة كما في مجزرة فض الاعتصام، والابادة الجماعية والتهجير القسري في دارفور وبقية المناطق، وجرائم الانقاذ ضد الانسانية لأكثر من 30 عاما.
ضرورة المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، لمنع تكرار تلك الجرائم.
– خطر المليشيات وضرورة حلها وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، كما في (الدعم السريع، مليشيات الإسلامويين، الحركات المسلحة، درع البطانة. الخ)، فهى خطر على وحدتها واستقرارها وأمنها وسيادتها الوطنية، فكان من شعارات ثورة ديسمبر “حرية سلام وعدالة- الثورة خيار الشعب”، و”السلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل”.
– أكدت التجربة خطل الاتفاقات الهشة بتدخل دولي واقليمي لقطع الطريق أمام الثورة، فضلا عن تكريسها للمليشيات وجيوش الحركات كما في الوثيقة الدستورية 2019 التي انقلب عليها تحالف اللجنة الأمنية ومليشيات الإسلامويين والدعم السريع وجيوش حركات جوبا في 25 أكتوبر 2021 الذي تدهورت بعده الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية، ووجد مقاومة باسلة.
وجاء الاتفاق الإطاري ليكرر خطأ “الوثيقة الدستورية” الذي كرّس وجود الدعم السريع واتفاق جوبا، وهيمنة العسكر، مما أدى لانفجار الأوضاع في البلاد والحرب، وهو في جوهره صراع على السلطة ونهب ثروات البلاد، وانعكاس لصراع المحاور الاقليمية والدولية في السودان، والتدخل الدولي الكثيف فيه.
– بعد وقف الحرب بعد هذه التجربة المريرة لا عودة للاتفاقات الهشة لتقاسم السلطة التي تعيد إنتاج الحرب بشكل اوسع، وتهدد استقرار ووحدة البلاد، كما في الدعوات وورش العمل الجارية برعاية دولية للعودة للاتفاق الإطاري بعد وقف الحرب، ولا بديل عن كامل الحكم المدني الديمقراطي، واستدامة الديمقراطية والتنمية المتوازنة والسيادة الوطنية.
إضافة لمواصلة توسيع قاعدة النهوض الجماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة، ومقاومة جماهير المدن والريف للتهجير والنزوح، ومواصلة المطالبة بالعودة لمنازلهم وقراهم، عدم ترك أراضيهم وممتلكاتهم لمليشيات الدعم السريع و”الكيزان”. وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية والأمنية التي تدهورت بشكل لا مثيل له.
– مواصلة الوجود والمقاومة في الشارع في الداخل والخارج بمختلف الأشكال، حتى وقف الحرب والانتفاضة الشعبية والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لإسقاط الانقلاب، وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية للتوافق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي يفضي لانتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، وتحقيق بقية أهداف الثورة..
الوسومالإسلامويين الاتفاق الإطاري الجنجويد الدعم السريع السودان اللجنة الأمنية انقلاب 25 اكتوبر 2021 تاج السر عثمان بابو ثورة ديسمبرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإسلامويين الاتفاق الإطاري الجنجويد الدعم السريع السودان اللجنة الأمنية انقلاب 25 اكتوبر 2021 ثورة ديسمبر الدعم السریع کما فی
إقرأ أيضاً:
منشقون عن المجلس الاستشاري للدعم السريع: شهدنا على انتهاكات وفظائع
بورتسودان- أعلن خمسة من أعضاء المجلس الاستشاري بقوات الدعم السريع انشقاقهم عنها، واتهموها بارتكاب انتهاكات "تجاوزت كل الخطوط الوطنية والأخلاقية".
وأدلى المنشقون ببيان في مؤتمر صحفي بمدينة بورتسودان أقامته وزارة الثقافة والإعلام بالشراكة مع وكالة السودان للأنباء، اليوم الأحد، جاء فيه "نعلن انشقاقنا الكامل والنهائي عن ما يسمى مليشيا الدعم السريع، وذلك بعد أن تبين لنا بالدليل القاطع أن هذه المليشيا قد تجاوزت كل الخطوط الوطنية والأخلاقية، وأصبحت أداةً لتدمير السودان وتمزيق نسيجه الاجتماعي، وانتهاك كرامة مواطنيه..".
والمنشقون هم:
مودبو إبراهيم بابجي، رئيس دائرة الحكم والإدارة بالمجلس الاستشاري لقائد الدعم السريع، الأمين العام المؤسس للإدارات المدنية بمناطق سيطرة الدعم السريع. الشيخ محمد أحمد عليش، رئيس الدائرة القانونية بالمجلس الاستشاري لقائد الدعم السريع، رئيس تحالف "قمم" بولاية الخرطوم. عبد العظيم سليم محمد علي، عضو المجلس الاستشاري لقائد الدعم السريع، رئيس الدائرة القانونية بتحالف "قمم". عباس محمد عبد الباقي، عضو المجلس الاستشاري لقائد الدعم السريع، مستشار محلية شرق النيل. بابكر خليفة محمد، عضو المجلس الاستشاري لقائد الدعم السريع، ومستشار سياسي له.وقالت المجموعة المنشقة في بيانها، إن انشقاقها جاء بعد أن كان أعضاؤها "حضورا وشهودا لكثير من المواقف والوقائع ورسم السياسات التي ظلت تنسجها المليشيا وشركاؤها من بعض القوى السياسية والتي كانت تهدف إلى تدمير السودان وتشريد شعبه وطمس هويته وتاريخه ونهب ثرواته".
كما أعلنت عزمها مخاطبة الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي بوقف الدعم غير المباشر لمن وصفتها بـ "المليشيا المتمردة" وفضح محاولات شرعنتها.
يقول رئيس الدائرة القانونية لقائد الدعم السريع الشيخ محمد أحمد عليش، إن ارتباطهم بقوات الدعم السريع كان قبل الحرب؛ حيث كانوا أعضاء بالقطاع السياسي وأعضاء مؤسسين للمجلس الاستشاري، وبعد شهرين من قيام الحرب كان الخيار بين مغادرة الخرطوم والبقاء إلى جانب أهلهم وحمايتهم قانونيا.
إعلانوأضاف أنهم كانوا شهودا على الانتهاكات التي تحدث، وأنهم اتخذوا قرارا بصفتهم قانونيين بأن يكون لهم دور واضح في مناطق سيطرة الدعم السريع، حيث تواصلوا مع قيادتها وقدموا رؤية قانونية متكاملة تبدأ بتجفيف كافة المعتقلات في ولاية الخرطوم، وتغطية الفراغ القانوني الموجود بها.
ويقول عليش "بعد مشاورات تمت الموافقة على بعض الأعمال، بينما رفضت أخرى وهي تجفيف المعتقلات والسجون". وكان هناك نوعان من المعتقلات:
"معتقلات سرية " تتبع لأشخاص وليس لمؤسسة الدعم السريع القدرة على السيطرة عليها، حيث كان يديرها قادة الدعم السريع. وكان هناك سجن كبير وهو "سجن سوبا".أوضح عليش أن سجن سوبا كان يحتوي على نحو أربعة آلاف سجين منهم أسرى من المواطنين و"آخرين". وقال في شهادته إن السجن "به جرائم ترقى إلى جرائم حرب، لم يكن هناك أكل أو شراب ولا رعاية صحية.."، وأن "عدد الوفيات تجاوز (40 ـ 50) شخصا في اليوم بسبب غياب الرعاية الصحية، وتبقى الجثة أحياناً خمسة أو ستة أيام قبل دفنها".
يضيف عليش عن المعتقلات الموجودة في ولاية الخرطوم "كنا نمر عليها ولكن لم تكن لدينا عليها سُلطة لأنها كانت تخص قادة الدعم السريع؛ حيث كان القادة يبتزون الأهالي لإطلاق سراح ذويهم، وأصبح الأمر موضوعا للتكسب المادي".
أما إبراهيم بابجي، رئيس الإدارة والحكم المنشق عن المجلس الاستشاري للدعم السريع، فقال إن الدوافع الحقيقية وراء انشقاقهم هو ممارسات هذه القوات والتهديد الوجودي الذي شكلته على الدولة السودانية.
وقال بابجي في تصريح خاص للجزيرة نت، إن من أهم أسباب انشقاقهم "عن المليشيا المتمردة" هي الحمولة الأخلاقية العالية نتيجة الانتهاكات الواسعة التي طالت المدنيين من الدعم السريع، والتدخل الأجنبي السافر، وأن الدعم السريع صارت "مجرد أداة لقوى خارجية" وأن "مجتمعاتهم تم استغلالها لتفتيت البلاد".
وأوضح بابجي، أنه لإقناع قيادة الدعم السريع بالموافقة على وجود إدارة مدنية، اشترطت فرض رسوم وضرائب غايتها توريد سلاح. وقال إن قيادة الدعم السريع حاولت إجهاض تجربة الإدارات المدنية بحجة الشركاء وكانوا يقصدون القوى السياسية السودانية من "تقدم، وصمود، وتأسيس، والحرية والتغيير..".
في حديثه اليوم ببورتسودان قال العضو المنشق عبد العظيم سليم محمد علي، إن الحرب في السودان لم تقم مصادفة "بل قامت لأن هناك قوى سياسية حاولت استغلال بندقية الدعم السريع للوصول للحكم، وهي لا تزال حتى الآن تنسق مع مليشيا الدعم السريع..".
وأشار في حديثه إلى انتهاكات فظيعة حتى الموت في المعتقلات. وأكد أن عمليات النهب التي مارستها قوات الدعم السريع تمت بصورة ممنهجة ومقصودة لإفقار الناس، وهو ما حدث في الخرطوم والجزيرة.
من ناحيته، قال وزير الثقافة والإعلام السوداني خالد الإعيسر، في المؤتمر الصحفي "نرحب بالذين جاؤوا وهي إشارة إلى أنهم أدركوا أن الخط الذي كانوا يسيرون عليه في السابق هو خط مخادع ولا يخدم القضية الوطنية المركزية..".
وأضاف "أن مثل هذه الأحداث المهمة ستفتح باب التنوير لبقية حاملي السلاح..". واتهم قوات الدعم السريع بمخادعة شعوب ومواطنين وقبائل المناطق التي سيطرت عليها، وغررت بعدد كبير من الشباب.
وطالب المنشقين بضرورة تكثيف العمل الإعلامي لمخاطبة "المغرر بهم في تلك المناطق حتى يعودوا إلى الصواب"، وقال إن "الدولة السودانية المركزية تستوعب كل أبناء السودان..".