تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في السنوات الأخيرة، أصبحت بعض الحوادث الفردية قادرة على تغيير مسار النقاشات الاجتماعية وإشعال الجدل العام حول قضايا حساسة، لكن هل يعود ذلك إلى تأثير نفسي واجتماعي يدفع البعض إلى تقليد الجريمة الأصلية؟ أم أن زيادة التغطية الإعلامية تُبرز وقائع متكررة كانت تحدث بالفعل ولكن لم تحظَ سابقًا بالاهتمام نفسه؟ أم أن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا في انتشار هذه الظاهرة؟.

في هذا التقرير، تستعرض "البوابة نيوز" بعض الحوادث المتلاحقة التي أثارت الجدل في مصر، ونناقش ما إذا كان هناك ارتباط بين الواقعة الأولى وما تبعها من جرائم مشابهة، أم أن وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تُسهم في تسليط الضوء عليها بشكل يجعلها تبدو وكأنها موجة جديدة من الجرائم.

حوادث الانتقام العاطفي: هل محاكاة للجريمة الأصلية؟

هزت جريمة مقتل الطالبة نيرة أشرف على يد زميلها أمام جامعتها الرأي العام المصري، ليس فقط بسبب بشاعتها، ولكن أيضًا لأنها وقعت في وضح النهار وأمام المارة. لم تمضِ سوى أيام حتى شهدنا حوادث مشابهة داخل مصر وخارجها، مثل مقتل الطالبة سلمى بهجت في أكاديمية الشروق بطريقة مماثلة، وواقعة أخرى في بورسعيد حيث قُتلت فتاة على يد خطيبها السابق. وفي الأردن، قُتلت الطالبة إيمان أرشيد بإطلاق خمس رصاصات عليها داخل الحرم الجامعي، مما أثار ضجة كبيرة.

تتشابه هذه الجرائم في دافعها، وهو "الانتقام العاطفي"، وفي وحشية التنفيذ، ما دفع البعض للتساؤل: هل تُعَدّ هذه الجرائم انعكاسًا لتقليد الجريمة الأصلية نتيجة انتشار تفاصيلها على نطاق واسع؟ أم أنها مؤشر على أزمة أعمق في المجتمع تتعلق بالعنف ضد المرأة وبالتنشئة الاجتماعية؟

العنف المدرسي: من شجار فتيات التجمع إلى الطعن داخل المدارس

شهدت المدارس المصرية خلال الفترة الأخيرة سلسلة من الحوادث التي أثارت الذعر بين أولياء الأمور، وهو ما ظهر جليًا في تعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. البداية كانت مع حادثة اعتداء طالبة ثانوية عامة في مدرسة دولية بالتجمع الخامس على زميلة في المرحلة الابتدائية، ما أدى إلى إصابتها بجروح بالغة استدعت نقلها إلى المستشفى.

سرعان ما تكررت الحوادث في محافظات أخرى، أبرزها في الإسكندرية، حيث أقدم طالب في الصف الثاني الثانوي على طعن ثلاثة من زملائه بسلاح أبيض انتقامًا منهم لمنعه من مضايقة إحدى الفتيات، وفي محافظة قنا، اقتحمت ولية أمر فناء مدرسة وطعنت زميل ابنها بسبب شجار وقع بينهما.

هذه الوقائع المتكررة تثير تساؤلات حول دور الإعلام في تضخيمها، وحول ما إذا كانت بالفعل جرائم متزايدة أم أن تركيز الضوء عليها هو الذي يجعلها تبدو وكأنها ظاهرة جديدة تهدد أمن المدارس.

دور الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في تكريس الرعب المجتمعي

يقول الدكتور فتحي قناوي، أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية، لـ"البوابة نيوز"، إن المشكلة لا تكمن في ارتفاع معدل الجريمة بقدر ما تتعلق بأسلوب تناولها إعلاميًا. 

ويضيف: "نسبة الجريمة طبيعية، لكن التركيز الإعلامي المكثف عليها يصنع حالة من الذعر المجتمعي، ويُظهر المؤسسات الأمنية وكأنها عاجزة، وهو انطباع غير دقيق".

ويحذر قناوي من أن نشر تفاصيل دقيقة عن الجرائم قد يُلهم ضعاف النفوس لتكرارها، موضحًا: "عندما يتم تداول وقائع الجرائم بأسلوب درامي تفصيلي، فإن ذلك قد يُعطي أفكارًا شيطانية للبعض لتنفيذها بنفس الطريقة".

الدراما وتأثيرها على تصاعد العنف

إلى جانب الإعلام التقليدي، يرى خبراء أن الدراما والأعمال الفنية تساهم أيضًا في تعزيز ثقافة العنف، خاصة تلك التي ركّزت خلال العقود الأخيرة على مشاهد الجريمة والانتقام والأسلحة البيضاء.

ويشير قناوي إلى أن "الأفلام التي انتشرت في بداية الألفينات، والتي كانت مليئة بمشاهد الدماء والعنف المفرط، جعلت البعض، خصوصًا من المراهقين، يعتادون هذه المشاهد ويدمجونها في تصوراتهم عن التعامل مع المشاكل".

وتابع، أنه في ظل تزايد تأثير الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، قد يكون من الضروري إعادة النظر في كيفية تناول الجرائم، بحيث يتم التركيز على التحليل والتوعية بدلًا من تقديم تفاصيل قد تشجع على التكرار. فالتناول الإعلامي المسؤول قد يكون عاملًا في الحد من الجريمة، بدلًا من أن يكون وقودًا لاشتعالها.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الحوادث العنف التواصل الاجتماعي كشف الجريمة الأسلحة البيضاء التواصل الاجتماعی

إقرأ أيضاً:

امام وخطيب المسجد الحرام: وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت في الغالب مسرحًا للحياة الزائفة

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري المسلمين بتقوى الله -عز وجل- ومراقبته في السر والنجوى.

 

وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: “تشهد البشرية في عصرنا قفزة حضارية، وطفرة نوعية في مجالات التقنية والأجهزة الذكية ووسائل التواصل الرقمية، تيسرت فيها الاتصالات، وطويت المسافات، واختصرت الأوقات، وأنجزت المهمات، وطورت الخدمات، وأتيح العلم عبر المنصات، فأصبحت التقنية جزءًا لا ينفك عن حياتنا”.
وأضاف قائلًا: “لئن كانت الأمم تتسابق في مضمار التقنية، فإن مملكتنا المباركة قد تميزت برؤيتها، وسارت بخطى ثابتة، وكانت رائدة في هذا الميدان، تستثمر التقنية وتوظفها في خدمة المجتمع والإنسان، حتى صارت نموذجًا يشار إليه ويحتذى به في صورة مشرقة تثبت مكانتها العالمية في مجالات التقنيات المتقدمة، وبرهنت أن التقدم لا يتنافى مع القيم، ولا يتعارض مع المبادئ، بل ينهض بها، ويستند إليها، فارتقت دون أن تنفصل عن جذورها، وتقدمت دون أن تفرط بثوابتها”.
وحذر فضيلته من غياب الوعي في استخدام التقنية قائلًا: “فحينها تصبح الرسائل مزالق، ومن هنا برز داء ابتلي به بعض الناس على اختلاف الأعمار والثقافات والأجناس، إنه داء الإدمان المرضي على وسائل التواصل الاجتماعي، والانغماس في عالم رقمي لا ينتهي، وتحوّل الهواتف عند البعض من أدوات للتواصل، إلى وسائل للعزلة والانفصال، فترى المرء بين الناس جسدًا بلا قلب، وحسًا بلا روح، يتنقل بين المنصات، ويتصفح التطبيقات، تتقاذفه المواقع، وتتكاثر عليه المقاطع، فلا يدري ما يريد، ولا يحصد إلا القليل”.
ولفت النظر إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت في الغالب مسرحًا للحياة الزائفة، وموطنًا للمقارنات الجائرة، فدبَّ إلى البعض داء الحسد والبغضاء، وتمكنت من قلوبهم الضغائن والشحناء، وقلَّ الحمد والشكر على النعم والآلاء، مبينًا أنه من الآفات تلك الحسابات المزيفة الخبيثة التي تنفث سمومها في المجتمعات، وتنشر الفتن والاختلافات، وتذكي الضغائن والإشاعات، وتلقي على ألسنة العلماء فتاوى مكذوبة، في حملات مجحفة، وتشويهات متعمدة، لا تراعي دينًا ولا خلقًا.
وشدد الشيخ ياسر الدوسري على أن من أعظم النعم أن يدرك الإنسان خلله قبل فوات الأوان، وأن يعالج قلبه قبل أن يستحكم عليه الداء، فكم نحن بحاجة في هذا العالم الرقمي، والضجيج التكنولوجي، إلى دواء لهذا الإدمان المرضي، وذلك بعزلة قصيرة، لإطفاء صخب الأجهزة، لا لعتزال الحياة، وإعادة التوازن لما اختل من حياتنا.

 

وأكّد أن التقنية نعمة عظيمة، إذا وُجهت إلى الخير، وقُيدت بقيود الشرع والحكمة، فهي ليست شرًا محضًا، وليست مذمومة في أصلها، بل هي سيف ذو حدين، ويجب استخدامها خادمًا لا سيدًا، وجسرًا إلى الطاعة لا هاوية إلى المعصية، ولتكن وسيلة للعلم والفهم، لاأداة للهوى والجهل.

مقالات مشابهة

  • الحبيب على الجفري يشعل مواقع التواصل الاجتماعي بدعاء مؤثر لمصر وأهلها
  • قرار عاجل من النيابة ضد أم سجدة بتهمة إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي
  • فيديوهات غير لائقة و تشويه صورة المصريين… من هي أم سجدة بعد إلقاء القبض عليها؟
  • بعد التحقيق مع أم مكة.. عقوبة نشر فيديوهات خادشة عبر مواقع التواصل الاجتماعي
  • كريم محمود عبد العزيز يواجه هيمنة «التواصل الاجتماعي»
  • بعد القبض عليها .. من هي البلوجر أم مكة وتفاصيل جديدة تثير الجدل
  • امام وخطيب المسجد الحرام: وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت في الغالب مسرحًا للحياة الزائفة
  • رسالة إنسانية من شهيد في غزة تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي
  • مختصة نفسية: الذكاء الاجتماعي يصنع قدرة على إدارة الضغوط بشكل جيد
  • عبدالله آل حامد: نموذج إعلامي جديد يُعلي القيم الإنسانية