الشهيد القائد ومشروع الهوية الإيمانية
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
في كل ذكرى سنوية لاستشهاد سيدي ومولاي حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” أجد نفسي عاجزًا عن الكلام، ولا أدرى ماذا أكتب عنه؟! وأعلم أنني مهما كتبت عنه فلن أفيه حقة، تعجر كلماتي وتخجل حروفي وتنحني مشاعري وتختنق عباراتي وأنفاسي، وتتساقط دموعي من حدقاتي حينما أتذكر مأساته.
تحرك “رضوان الله عليه” رحيمًا بالمستضعفين، فقد عزّت عليه أوجاع هذه الأمة، فقوبل تحركه بالنكران، بل تحرك الأعداء لقتاله وقتله.
لا أبالغ هنا حينما أتحدث عن تأوهاتي، بل أجد نفسي مجبرًا على الانحناء أمام عظمة ذلك الإنسان الذي جسّد معاني الإنسانية في حياته قولًا وفعلًا، وجسد كل معاني الرجولة التي تجلت فيه بأسمى آياتها.
لقد بلغ الشهيد القائد بمشروعه القرآني أعلى مستويات الكمال الإيماني والإنساني في زمن التراجع والارتداد والارتهان، وكان صاحب الموقف الحر والمسؤول في زمن الذل والعبودية والخنوع.
لذلك فإن الحديث عنه وعن مشروعه القرآني هو حديث عن السمو في أمثلته العليا، بل هو حديث عن القرآن الذي من خلاله تتحلى لنا بصائره وبيناته، وهو حديث عن البذل التضحية والفداء في سبيل الله؛ من أجل نصرة دينه ونصرة المستضعفين، إنه باختصار حديث عن العظماء الذين قل أن يجود بهم الزمان.
لقد كان “رضوان الله عليه” رجل المرحلة، استطاع أن يدرك ما يحيط بشعبه وبأمته عمومًا من مخططات ومؤامرات، ووعى مخاطرها وتداعياتها وما يجب أن يكون عليه شعبنا اليمنى، وتكون عليه الأمة من أجل مواجهة أعدائها، ومن أجل تجاوز كل الأزمات والخطورات والتحديات.
كان رجل المسؤولية، عمل من أجل النهوض بالأمة؛ لتواجه من حولها من المتآمرين والطامعين والمفترسين، وتواجه ما تمر به من واقع أليم ومرير، لقد حمل هموم الأمة وقضيتها، وظل مدافعًا عن الحق والمظلومين والمستضعفين حتى استشهد.
تحرك الشهيد القائد “سلام الله عليه” في أوساط الأمة، وظل يدعوها بدعوة الله يتلو آيات الله عليها، وكانت رؤيته للأحداث رؤية هوية إيمانية قرآنية بحتة؛ لأنه كان يقدم النص القرآني، ثم ينطلق من جوهره ودلالاته ومضامينه إلى الواقع، ويشخص هذا الواقع، ويحدد الموقف الذي يجب عمله، كل ذلك كان بواسطة النص القرآن، هكذا كانت رؤيته “عين على القرآن وعين على الأحداث، وأرسى قاعدة أساسية هي حاكمية القرآن وهيمنته الثقافية أساسًا قويًا ومتينًا للهوية الإيمانية، ولتكون فوق كل ثقافة فوق كل فكر ومنطق.
لقد كان يحق قائدًا استثنائيًا وما يزال كذلك بالنظر إلى ما تركه من دروس ومحاضرات وملازم يقف المتأمل فيها منبهرًا من عظمة تلك الرؤية القرآنية النيرة والتشخيص الدقيق لمجمل المشاكل التي تعد أساس معاناة الأمة اليوم، بل إن الحصيف يجد أن الشهيد القائد عالمي الرؤية والنظرة والاهتمام، حرص أشد الحرص على وضع المعالجات اللازمة لمختلف القضايا التي تعاني منها الأمة، كل تلك المعالجات كان أساسها تأصيل وترسيخ الهوية الإيمانية الصحيحة والسليمة في ضوء تعاليم وتوجيهات وأوامر ونواهي القرآن الكريم التي انطلقت منه المسيرة القرآنية.
لقد صنع الشهيد القائد بواسطة القرآن الكريم أمة عزيزة كريمة مؤمنة، تفتخر بدينها وقيمها وهويتها الإيمانية والإسلامية والحضارية، عرفت من هي ومن هو عدوها بعد أن عاشت مدة طويلة تحت مفاهيم الذل والهوان والتيه والضياع، فمن يقرأ ملازم ومحاضرات الشهيد القائد يلاحظ تحذيراته للجميع من عواقب ومخاطر سيئة ستتعرض لها الأمة قبل حدوثها، مثل خطر دخول أمريكا ومخطط التقسيم وزرع الفتنة الطائفية والمذهبية وغيرها من المخاطر التي حذر من وقوعها الشهيد القائد قبل حدوثها بمدة طويلة.
كان الشهيد القائد “رضوان الله عليه” أول من أطلق صرخته المدوية في وجه الطغاة والمستكبرين في زمن الذل والهون والخنوع، رافضًا للذل والهوان والخنوع، أطلق صرخته المدوية ضد المستكبرين، وحطم بذلك غرور وغطرسة أمريكا وما تعيشه من وهم الشعور أنها دولة لا تهزم، وأظهره حقيقتها أنها مجرد قشة ضعيفة ومهزومة في مقابله القوة الإيمانية.
ولعل خير دليل على ذلك ما تتكبده أمريكا وإسرائيل اليوم في معركة طوفان الأقصى والجهاد المقدس من هزائم نكراء على أيدي القوة الصاروخية اليمنية والطيران المسير، وصارت صيدًا للجيش اليمني في البحر، إضافة إلى فشل كل مؤامراتها وخططها أمام قوة إيمان الجيش اليمني بالله وبالقيم والمبادئ المنبثقة عن المشروع القرآني وعشق الشهادة في سبيل الله.
واستطاع الشعب اليمني بفضل الله ثم بفضل المسيرة القرآنية أن يصنع الصواريخ والطائرات المسيرة، ويضرب العدو الإسرائيلي في عقر داره المحتلة، بل أصبحت الصواريخ والمسيرات اليمنية ببأسها الشديد كابوسًا يؤرق الملايين من الصهاينة ويذهب بهم إلى الملاجئ، وهذه نعمة بفضل الله تعالى تشفي صدور المؤمنين.
تلك هي الأهداف والمبادئ والقيم الأخلاقية التي تحرك في ضوئها المجاهدون من أبناء الجيش واللجان والشعبية، واستطاعوا من خلالها صنع الانتصارات المتتالية.
الحديث يطول ويطول عن الشهيد القائد وعن ومشروعه العظيم، لكنني أقول في الختام: نم قرير والعين يا سيدي، يا أسد المسيرة القرآنية، يا سبط النور؛ فقد بنيت أمة قوية عزيزة شامخة أحييتها بدمائك الطاهرة الزكية وبثقافة الجهاد، فجزاك الله عنا خير الجزاء يا سيدي، والسلام عليك حين ولدت، وحين استشهدت، ويوم يقوم الأشهاد وحين نلقاك في الجنة بإذن الله.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي في عدد من مديريات صنعاء
الثورة نت/..
دشنت في مديريات صنعاء الجديدة وسنحان وبني بهلول وهمدان وجحانة والحيمة الداخلية بمحافظة صنعاء، فعاليات الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
ففي فعالية التدشين بمديرية صنعاء الجديدة بحضور وكيل المحافظة أحمد الصماط، ومدير شؤون الأحياء أحمد راجح ورئيس محكمة المديرية القاضي خالد شمس الدين، أشار عضو رابطة علماء اليمن مجاهد الشليبي، إلى أن ذكرى المولد النبوي مناسبة عظيمة تتجدّد فيها معاني الولاء لرسول الله – صلوات الله عليه وعلى آله، وتترّسخ فيها قيم الهداية والرحمة التي جاء بها، خير خلق الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم .. مؤكداً أن الذكرى تُحيي في النفوس معاني العزة والكرامة.
من جهته أوضح مدير مكتب الاقتصاد والصناعة بالمديرية إبراهيم السلامي، أن التمسك بالنهج المحمدي ضمانة لبقاء الأمة عزيزة وقوية .. لافتًا إلى أن ذكرى المولد النبوي الشريف هذا العام تأتي واليمن يخوض معركة الدفاع عن أرضه وكرامته، وبالتوازي مع موقفه الثابت في دعم الشعب الفلسطيني ومواجهة الغطرسة الصهيونية.
بدوره حث الناشط فارس المطري جميع أبناء المديرية على إحياء هذه المناسبة في المجالس والمساجد والمدارس .. مشيراً إلى أن هذه الفعاليات تغيظ أعداء الأمة.
وفي فعالية التدشين بمديرية سنحان وبني بهلول التي حضرها مدير المديرية أحمد عثمان وقيادات المكاتب التنفيذية والشخصيات الاجتماعية، أشار أمين عام رابطة علماء اليمن طه الحاضري إلى أهمية إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف بإقامة الفعاليات والأنشطة التي تجسد الارتباط الإيماني بالرسول الأعظم محمد صلوات الله عليه وآله.
وأكد أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف محطة إيمانية تجتمع من خلالها الأمة في تعظيم الرسول صلوات الله عليه وآله، مشيراً إلى أن الاحتفال العظيم بالمناسبة هو ما يتميز به الشعب اليمني في تمسكه بمحبة الرسول الأعظم وفي الدفاع عن قضايا الأمة.
وشدد على أهمية إقامة الأنشطة والفعاليات الاحتفالية بالمناسبة وإبراز مظاهر الإبتهاج والفرحة والاستفادة من برامج وأنشطة المولد النبوي في كافة عزل وقرى وأحياء المديرية، كون المناسبة محطة تعبوية وايمانية تعزز الصمود والتلاحم والثبات في مواجهة الأعداء.
وفي التدشين بمديرية جحانة أكد مسؤولا قطاع التعليم الفني والتدريب المهني بالمحافظة عزيز الرجالي والإرشاد في المحافظة أحسن العبَّادي ومدير المديرية صالح معيض، أهمية إحياء هذه الذكرى لاستلهام الدروس والعبر من حياة معلم البشرية وهاديها إلى سواء السبيل الرسول الكريم محمد صلوات الله عليه وآله وسلم.
وحثوا على استغلال هذه الأيام للإعداد والتجهيز للاحتفاء بالذكرى بما يليق بصاحبها عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، ويجسد مستوى ارتباط الشعب اليمني برسوله وحبه له.
وفي مديرية همدان نظمت مكاتب الأشغال والنقل والإعلام والمبادرات والضرائب، فعالية تطرق خلالها الناشط إبراهيم حميد الدين، إلى دلالات إحياء هذه المناسبة الدينية العظيمة، في تجديد وترسيخ الولاء والارتباط الوثيق بالرسول الكريم والاقتداء به قولًا وعملًا.
وأشار إلى خسارة من لا يوالي الله ورسوله، ويوالي أعدائه من اليهود والمشركين في الدنيا والآخرة، مرجعاً السبب فيما يحدث اليوم في فلسطين ودول المنطقة إلى تولي اليهود، وتخاذل الأنظمة العربية والإسلامية المطبعة إزاء جرائم التجويع والإبادة الجماعية الممنهجة بحق الشعب الفلسطيني.
بدوره، أكد الناشط الثقافي مهدي النجار، أهمية إحياء ذكرى المولد النبوي لاستحضار سيرة الرسول الأعظم واستلهام دروس العزة والكرامة والقوة منها في مواجهة الطغاة والمستكبرين.
وفي الحيمة الداخلية أقيمت فعالية خطابية بجامع القدوم بمركز المديرية جسدت فقراتها عظمة المناسبة وأهمية إحيائها لترسيخ العلاقة والحب والولاء لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وأكد مدير إدارة تعليم القرآن الكريم بالمحافظة عبدالكريم الخباط أن إحياء هذه المناسبة فرصة يتميز من خلالها الخبيث من الطيب، وتكشف عن وجوه المنافقين الذين يتشدقون بالإسلام وحب النبي وتعظيمه، فتأتي المناسبة في كل عام لتفضح مزاعمهم، وتكشف عن حقد فريق منهم، وضلالة أتباعهم ومرتزقتهم ضمن الفريق الآخر.
ولفت إلى أن شاهد الحال يكفي للدلالة عليهم، من حيث اعتراضهم على إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، وسكوتهم عن الأعياد والمناسبات الأخرى التي ما أنزل الله بها من سلطان.
فيما اعتبر مسؤول الإرشاد بالمديرية رزق زايد هذه المناسبة محطة تربوية تعزز في القلوب الضياء المتجدد والنور المتوهج للرسالة المحمدية، وما يترتب عليها من الدروس والعبر المستفادة في حياة الأمة الإسلامية من مراحل الدعوة المحمدية وما صاحبها من الصبر والنضال والكفاح المسلح حتى بلغ مداها أقصى الأرض.
من جهته أكد مدير فرع مكتب الاقتصاد والصناعة والاستثمار عبده الدغشي أن إحياء هذه المناسبة يغيظ الكفار والمنافقين ويجمع شتات الأمة الإسلامية.
ودعا إلى التفاعل الجاد مع مختلف الأنشطة والفعاليات واستلهام الدروس والعبر المستخلصة منها وتجسيدها في الواقع العملي، باعتبار الحب الحقيقي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يتمثل في الاقتداء به والاهتداء بنوره، والامتثال لأوامره ونواهيه قولًا وعملاً.
تخللت الفعالية التي حضرها قيادات محلية وتنفيذية وأمنية وعسكرية وتربوية، قصيدة شعرية.