رأي الوطن: إقبال استثماري لافت نحو جنوب الشرقية
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
يرتكز التوجُّه نَحْوَ إقامة اللامركزيَّة على ما تملكه المحافظات المختلفة من مُقوِّمات ذاتيَّة، تجعلها قِبلة لرؤوس الأموال المستثمرة، وتفتح الطريق لإقامة مُجتمع اقتصاديٍّ واعد، يُحقِّق القِيمة المحليَّة المضافة، ويُعطي للسكَّان المحلِّيين فرصًا استثماريَّة ووظيفيَّة جيِّدة، خصوصًا في قِطاع المؤسَّسات الصغيرة والمتوسِّطة، فالتطبيق الناجح للامركزيَّة يؤدِّي حتمًا إلى الحدِّ من البيروقراطيَّة، وقَدْ أثبتت العديد من التجارب الناجحة على مستوى العالَم أنَّ التنمية الاقتصاديَّة أصبحت في ضوء تطوُّرات القرن الحادي والعشرين لا تتمُّ على المستوى الكُلِّيِّ للدولة، وإنَّما على مستوى وحدات الحُكم المحلِّي الجزئيِّ؛ كونها الأكثر دراية بما تحتاجه من إمكانات وما تملكه من مُقوِّمات تجعلها قادرة على تحقيق المتطلبات الدافعة نَحْوَ تحقيقه أهداف التنمية الشاملة المستدامة.
ولقَدْ أدرك حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الدَّور المُهمَّ والحيويَّ الذي ستُحقِّقه اللامركزيَّة في طريق تجديد عهد النهضة المباركة، وحرص على أنَّ تطبيقه شكلٌ جديد للتعامل مع المحافظات باعتبارها نواة للامركزيَّة، وتعهَّد قائد البلاد المُفدَّى بوجود حزمة من الصلاحيَّات الجديدة للمحافظين، ما وضع الحجر الأساس التنظيميَّ للإدارة المحليَّة، وقام بإرساء بنية إداريَّة لا مركزيَّة للأداء الخدميِّ والتنمويِّ في المحافظات، كما تعهَّد جلالته ـ أيَّده الله ـ بمتابعة مستمرَّة لمستوى التقدُّم في هذا النظام الإداريِّ الجديد، والعمل على دعمه وتطويره، لتمكين المُجتمع من القيام بِدَوْره المأمول في البناء والتنمية، إيمانًا من جلالة السُّلطان ـ أعزَّه الله ـ بما يُمكِن أنْ تقدِّمَه اللامركزيَّة من تقدُّم يطول كافَّة محافظات وولايات البلاد، إذا أُحسن تطبيقها.
وتُعدُّ محافظة جنوب الشرقيَّة من المحافظات التي أثبتَتْ قدرة تطبيق اللامركزيَّة على تحقيق النُّمو المستدام، حيث أكَّدت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أنَّ المحافظة جاهزة لإقامة العديد من المشاريع الاستثماريَّة والاقتصاديَّة، سواء المحليَّة أو الأجنبيَّة؛ كونها تتمتع بتطوُّر كبير في البنية الأساسيَّة. وللتأكيد على حجم الإقبال الاستثماريِّ الذي تحظى به محافظة جنوب الشرقيَّة فقَدْ بلغ عدد المشاريع الأجنبيَّة المُسجَّلة لدى الإدارة بالمحافظة حتى نهاية النِّصف الأوَّل من العام الحالي 2023م (124) مشروعًا استثماريًّا بقِيمة أكثر من (108) ملايين ريال عُماني، وأشارت الإحصائيَّات إلى أنَّ عدد السجلَّات التجاريَّة التي تمَّ إنجازها في الإدارة خلال النِّصف الأوَّل من العام الحاليِّ بلغ (19470) سجلًّا تجاريًّا، وبلغتِ السجلَّات الصناعيَّة المنجزة (1153) سجلًّا صناعيًّا.
إنَّ هذا الإقبال الاستثماريَّ الذي حظيت به المحافظة يعتمد في الأساس على ما تتميَّز به من طبيعة فريدة ومواقع تاريخيَّة وأثريَّة مهمَّة، حيث تُعدُّ مقصدًا تجاريًّا وسياحيًّا في سلطنة عُمان وذلك من خلال تمتُّعها بالمُقوِّمات الجغرافيَّة البحريَّة وديموغرافيَّة المُجتمع، حيث تمتدُّ سواحل المحافظة مرورًا بأربع ولايات من أصل خمس ولايات، ما يجعلها واحدة من أهمِّ مراكز توفير وتصدير الثروة السمكيَّة، بالإضافة إلى العديد من المُقوِّمات التي تجعل مِنْها وجهة مُحفِّزة للاقتصاد تتَّسم بالتنوُّع، خصوصًا مع وجود مشروع ميناء صور البحري والذي يُعدُّ رافدًا اقتصاديًّا حيويًّا، وأحَدَ أهمِّ المشاريع التنمويَّة للمحافظة التي تُسهم في زيادة تدفُّق الاستثمارات، لذا تحرص الجهات المسؤولة في المحافظة على تسهيل الإجراءات لتوطين الاستثمارات.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
عُمان تُطلق أول صندوق استثماري متخصص في تحول الطاقة برأسمال 77 مليون ريال
◄ المرشدي: نستقطب أفضل الممارسات العالمية لنكون مصدرا رائدا للوقود الأخضر
◄ زانغ: عمان وجهة مثالية للاستثمار في صناعات تحول الطاقة
◄ تعزيز مكانة السلطنة لتكون مركزا إقليميا للطاقة المتجددة
◄ الاستثمار في مشاريع مبتكرة تدعم أهداف الحياد الصفري
الرؤية- سارة العبرية
أعلن جهاز الاستثمار العُماني، الأربعاء، إطلاق أول صندوق استثماري متخصص في تحول الطاقة في سلطنة عُمان، وذلك بالشراكة بين "صندوق عُمان المستقبل" وشركة "تمبل ووتر" من جمهورية الصين الشعبية، إحدى الشركات الرائدة في إدارة الأصول البديلة.
ويهدف الصندوق المشترك إلى تسريع وتيرة التحول في قطاع الطاقة في سلطنة عُمان، وتعزيز الجهود الرامية إلى تنويع مصادر الدخل بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040"، وذلك من خلال الاستثمار في مشروعات مبتكرة تدعم أهداف الحياد الصفري وتفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي المستدام.
ويبلغ رأس مال الصندوق 77 مليون ريال عُماني؛ أي ما يعادل 200 مليون دولار أمريكي، بمساهمة متساوية من "صندوق عُمان المستقبل" و"تمبل ووتر" بنسبة 50% لكلا الطرفين. ويعد هذا الصندوق من المبادرات الرائدة في مجال الطاقة النظيفة والتحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، بما يتماشى مع التزام سلطنة عُمان بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ويهدف رأس المال الأولي إلى تحفيز جذب رؤوس أموال إضافية واستقطاب فرص استثمارية نوعية وذات قابلية للتوسع، وستكون جميع فرص الاستثمار داخل سلطنة عُمان، بما يدعم طموحها في أن تصبح مركزًا إقليميًا لحلول الطاقة المتجددة.
ويستهدف الصندوق الاستثمار في قطاعات حيوية ومشروعات إستراتيجية تشمل الوقود الأخضر، ومراكز البيانات منخفضة الانبعاثات، وتخزين الطاقة، والتنقل الذكي، والطاقة المتجددة بجميع أشكالها، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما سيولي اهتمامًا خاصًا بتطوير حلول وتقنيات مبتكرة في مجالات كفاءة الطاقة والابتكار الصناعي، بما يواكب احتياجات السوق العُمانية والأسواق الإقليمية.
وجرى إنشاء الصندوق ليكون منصة لتحفيز تدفق الاستثمارات المشتركة، حيث يهدف إلى تطوير مشروعات ذات جدوى تجارية بالشراكة مع مؤسسات القطاعين العام والخاص، إلى جانب العمل على استقطاب المزيد من الاستثمارات من داخل السلطنة وخارجها لتوسيع نطاق برامجه ومبادراته المستقبلية.
وسوف تتيح هذه الشراكة لصندوق "تمبل ووتر" تسخير شبكتها العالمية وشراكاتها التقنية لنقل وتوطين حلول مبتكرة قابلة للتوسع داخل سلطنة عُمان، بما يتماشى مع دور صندوق عُمان المستقبل الرامي إلى تحفيز الاقتصاد الوطني، وتعزيز الشراكات الإستراتيجية، وتحقيق قيمة اقتصادية مضافة للسلطنة والمستثمرين.
وأكد معالي عبدالسلام بن محمد المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العُماني، أن هذه الشراكة تمثل خطوة إستراتيجية مهمة ضمن جهود الجهاز لترسيخ مكانة سلطنة عُمان كمركز إقليمي وعالمي لحلول الطاقة النظيفة والمتجددة، مضيفا: "يسعى الجهاز إلى استقطاب الخبرات وأفضل الممارسات العالمية لدعم جهود سلطنة عُمان لتكون مصدرًا رائدًا للوقود الأخضر وحلول الطاقة المتجددة".
من جانبه، قال ملهم بن بشير الجرف نائب رئيس جهاز الاستثمار العُماني للاستثمار: "إن إعلان هذا الصندوق يأتي بالتزامن مع تسارع الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي والبحث عن مصادر طاقة نظيفة ومستدامة؛ إذ تسعى سلطنة عُمان إلى أن تكون من الدول الرائدة في إنتاج وتصدير الوقود الأخضر، وتهيئة بيئة استثمارية جاذبة، والصندوق سيسهم في نقل أفضل الممارسات العالمية وتطوير منظومة الابتكار بما يضمن تحقيق عوائد مستدامة على المستويين الاقتصادي والبيئي".
من جهته، قال كليف زانغ رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "تمبل ووتر": "يعكس هذا الصندوق التزامنا بالاستثمار في حلول تسهم في تحقيق منافع مناخية واضحة وعوائد قوية، وتعزز أمن الطاقة وثقة المستثمرين، وسلطنة عُمان تُعد ببيئتها التنظيمية الداعمة وتركيزها على الاستثمارات المستقبلية وجهةً مثاليةً للصناعات المرتبطة بتحول الطاقة وتنويع الاقتصاد".
ومن المتوقع أن يُسهم الصندوق في استقطاب شركاء إستراتيجيين ومستثمرين من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الشركات الكبرى العاملة في مجالات الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، ليكون منصة متكاملة تدعم الابتكار والاستدامة وتمكين المشروعات الناشئة في هذا القطاع الحيوي.
ويُعد هذا التعاون خطوة جديدة ضمن سلسلة المبادرات التي يقودها "صندوق عُمان المستقبل" منذ تأسيسه مطلع عام 2024م، برأسمال إجمالي يبلغ 5.2 مليار دولار أمريكي، حيث يخصص 90% من رأسماله للمشروعات المحلية الإستراتيجية و10% لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة. ويجسد هذا الصندوق التزام جهاز الاستثمار العُماني بتوجيه رؤوس الأموال نحو مشروعات تسهم في تعزيز التنويع الاقتصادي، ورفع معدلات القيمة المحلية المضافة، ودعم التحول الرقمي والتكنولوجي.
وسيعمل الصندوق المشترك على بناء شراكات فعالة مع مؤسسات القطاعين العام والخاص، وتوفير فرص جديدة للتدريب وبناء القدرات في قطاع الطاقة المتجددة، إلى جانب دعم البحث والتطوير في هذا المجال الحيوي. كما سيسهم في نقل أفضل الممارسات العالمية وتطوير منظومة الابتكار بما يضمن تحقيق عوائد مستدامة على المستويين الاقتصادي والبيئي.
ويأتي هذا الإعلان بالتزامن مع تسارع الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي والبحث عن مصادر طاقة نظيفة ومستدامة، حيث تسعى سلطنة عُمان إلى أن تكون من الدول الرائدة في إنتاج وتصدير الوقود الأخضر، وتهيئة بيئة استثمارية جاذبة، وذلك في إطار التزامها بأهداف اتفاقية باريس للمناخ وتحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050م.