3 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: استفحلت أزمة مستحقات الشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان العراق من جديد، وسط استمرار الخلافات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة أربيل بشأن صيغة تعويض الشركات وتوزيع الإيرادات النفطية.

وتبدو هذه الأزمة التي في ظاهرها قضية مالية، تخفي وراءها أبعادًا سياسية واقتصادية معقدة، تجعل من الصعب الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف.

ورفضت الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم التسعيرة التي اعتمدتها بغداد لتعويض تكاليف الإنتاج، معتبرة أن كلفة استخراج النفط في المناطق الجبلية لكردستان أعلى بكثير من تلك الموجودة في الحقول الجنوبية. ومع أن الحكومة الاتحادية اقترحت تعديلاً للمادة 12 من قانون الموازنة لمعالجة هذه الإشكالية، فإن انقسام القوى السياسية داخل البرلمان حال دون تمريره، مما أدى إلى تأجيل التصويت أكثر من مرة وسط تبادل للاتهامات بين بغداد وأربيل.

واتهمت حكومة الإقليم بغداد بعدم الالتزام بالاتفاقات المسبقة وإدخال تعديلات أحادية الجانب على نص المادة 12، الأمر الذي أثار استياءً واسعًا في أربيل. بالمقابل،

وردت الحكومة الاتحادية بالتأكيد على أن مقترحاتها تستند إلى رؤية قانونية تضمن توزيعًا عادلًا للإيرادات النفطية، مع التشديد على ضرورة التزام جميع الأطراف بالقانون والدستور. ووسط هذا التراشق، تواصل الشركات النفطية في الإقليم ممارسة ضغوطها لضمان الحصول على مستحقاتها، في وقت تبقى فيه صادرات النفط عبر تركيا متوقفة، مما يزيد من تعقيد المشهد.

ولم يقتصر الخلاف على الجانب المالي، بل امتد ليشمل الجوانب القانونية والمؤسسية، حيث تصر بغداد على أن تكون جميع عمليات تصدير النفط عبر شركة “سومو” الحكومية، بينما تسعى أربيل للحفاظ على هامش من الاستقلالية في إدارة مواردها النفطية. هذا التعارض في الرؤى جعل من مسألة تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي نقطة خلاف رئيسية، حيث يخشى العراق من أن يؤدي استمرار الخلاف إلى نزاعات قانونية مع أنقرة، قد تلزمه بدفع تعويضات ضخمة نتيجة الإخلال بالاتفاقيات السابقة.

وتوقع مراقبون أن تشهد الفترة المقبلة جولات جديدة من المفاوضات بين بغداد وأربيل في محاولة للوصول إلى حل وسط يضمن استمرار تدفق الإيرادات النفطية دون الإضرار بمصالح أي طرف. غير أن هذه المفاوضات ستواجه تحديات كبرى، أبرزها ضغوط القوى السياسية المختلفة داخل البرلمان، إضافة إلى موقف الشركات النفطية التي قد تلجأ إلى التحكيم الدولي في حال عدم تسوية مستحقاتها.

وأكد خبراء اقتصاديون أن استمرار الأزمة سيؤدي إلى خسائر كبيرة للاقتصاد العراقي، حيث تشير التقديرات إلى أن توقف تصدير نفط إقليم كردستان منذ مارس 2023 كلف العراق ما بين 19 إلى 20 مليار دولار، وهي خسائر تتجاوز بكثير المبالغ التي يدور حولها الجدل في البرلمان. كما أن الشركات التركية التي تدير وتشغل أنابيب النفط الممتدة إلى ميناء جيهان قد تطالب هي الأخرى بتعويضات في حال استمرار توقف الضخ، مما يزيد من الأعباء المالية على العراق.

وتبقى المعضلة الأساسية في أن أي حل لا يمكن أن يكون ماليًا فقط، بل يجب أن يأخذ في الاعتبار البعد السياسي للعلاقة بين بغداد وأربيل. فالملف النفطي ظل لعقود ساحة للتجاذبات السياسية، ويبدو أن أي حل مستدام لن يكون ممكنًا دون تسوية أوسع تشمل قضايا الإدارة المالية والحوكمة وتقاسم السلطات بين الطرفين. وفي ظل هذه التعقيدات، يبقى النفط أداة ضغط بيد كل طرف، فيما يدفع الاقتصاد العراقي الثمن الأكبر جراء استمرار الأزمة.

 

 

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: بین بغداد وأربیل

إقرأ أيضاً:

شعبة المستلزمات الطبية: انفراجة فى أزمة ديون الشركات لدى هيئة الشراء الموحد

أكد محمد إسماعيل عبده، رئيس الشعبة العامة للمستلزمات الطبية بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن هناك انفراجة فى أزمة الديون المتراكمة للشركات لدى هيئة الشراء الموحد، موضحًا أنه اتفق فى اجتماعه أمس الإثنين مع الدكتور هشام المتولي ستيت رئيس هيئة الشراء الموحد، على سداد المستحقات للشركات المتعاملة مع الهيئة خلال العام المالى الحالى وصرف دفعة الأسبوع المقبل.

أعرب عن تقديره لتدخل الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء وأحمد كجوك وزير المالية ورفع مخصصات هيئة الشراء الموحد إلى ١٠٠ مليار جنيه، على نحو يسهم فى سداد هذه المديونية التى تقدر بنحو 43 مليار جنيه، موضحًا أنها تنقسم إلى جزءين الأول: خاص بالعلاج المجاني الذي تقدمه مراكز ومستشفيات وزارة الصحة وهو يمثل 50 ٪ إلى 60 % من إجمالى المديونية، بينما يتعلق الجزء الثاني بالعلاج الاقتصادي المقدم من هيئتي التأمين الصحي والتأمين الصحي الشامل والمراكز والمستشفيات الجامعية حيث تم الاتفاق على سداده من خلال مخصصات هذه الجهات، على أن تنتهي عمليات السداد بالكامل بنهاية العام المالي الحالي.

الشعبة العامة للمستلزمات الطبية تبحث أزمة مديونية هيئة الشراء الموحد..الاثنين

جاء ذلك خلال اجتماع مجلس إدارة الشعبة العامة للمستلزمات الطبية مساء أمس الإثنين، لمناقشة نتائج اجتماع رئيس الشعبة محمد إسماعيل عبده وسكرتير الشعبة هشام زعزوع، مع رئيس هيئة الشراء الموحد الدكتور هشام ستيت ونائب رئيس الهيئة الدكتور عمرو مجدي.

وأوضح محمد إسماعيل عبده، ان الدكتور هشام ستيت تعهد أيضًا بانتظام الهيئة في سداد مستحقات أعضاء الشعبة العامة للمستلزمات الطبية خلال تسعين يومًا من تاريخ التوريد للمستشفيات والمراكز الطبية، وذلك بفضل النظام الإلكتروني الذي طورته الهيئة بالتعاون مع مايكروسوفت والذي يسمح للشركات المتعاملة مع الهيئة برفع مستندات التوريد إلكترونيًا علي المنظومة فور اعتمادها من المراكز والمستشفيات الطبية وبذلك نحد من احتمالات تراكم مستحقات الشركات مرة أخرى.

وأشار إلى استمرار هيئة الشراء الموحد فى مباشرة اختصاصاتها المقررة قانونًا في الإشراف علي عمليات الشراء والتوريد والتسوية المالية.

ووافق رئيس الشعبة علي اقتراح الدكتور أحمد المسلمي النائب الأول لرئيس الشعبة علي متابعة الشعبة لتنفيذ حزمة الإجراءات التي تم الاتفاق عليها مع رئيس هيئة الشراء الموحد، مطالبًا أعضاء الشعبة بإخطاره باي تأخير في تنفيذ تلك الإجراءات حتي تتدخل الشعبة لدي الهيئة.

وكشف اجتماع الشعبة العامة للمستلزمات الطبية عن مشاركة بعض أعضاء الشعبة من منتجي الأطراف الصناعية في المبادرة الرئاسية لرعاية ذوي الهمم، من خلال تقديم اطراف صناعية بسعر التكلفة للمبادرة بجانب التبرع بـ 100 طرف صناعي للمستفيدين من برنامج تكافل وكرامة، وذلك في اطار المسئولية المجتمعية لأعضاء الشعبة العامة للمستلزمات الطبية.

وفي ختام اجتماع مجلس إدارة الشعبة العامة للمستلزمات الطبية كرمت الشعبة الدكتور شريف عزت أول رئيس لشعبة الصناعات الطبية باتحاد الصناعات المصري، تقديرا لجهوده في خدمة القطاع الطبي حيث يعد أول من نظم معرضا للمستلزمات الطبية المصرية خارج مصر، مما وضع المنتجات المصرية علي خريطة المعارض الدولية، بخلاف جهوده المتواصلة علي مدي خمسة عقود لتنمية وتطوير الصناعات الطبية المصرية، لافتا إلي ان حفل التكريم حضره أعضاء شعبتي المستلزمات الطبية بالغرفة التجارية بالقاهرة وشعبة الصناعات الطبية باتحاد الصناعات.

طباعة شارك الصناعات الطبيه الغرفه التجاريه اجتماع مجلس إدارة الشعبة العامة

مقالات مشابهة